كريمة أبو العينين تكتب: العالم يتهاوى
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
تحدثت أحدث دراسة لأحد المراكز السياسية والاستراتيجية الغربية ، عن أن السنوات القادمة سوف تشهد تغييرا كبيرا فى المعايير الدولية والشكل الحالى لكبريات الدول .
وأكد التقرير الغربى أن دولا برمتها ستختفى من الواجهة العالمية ، وتحل مكانها دولا جديدة . وأسهب التقرير بدراسته الطويلة المدعومة بنتائج وأبحاث أجراها طاقم إستكشافى مخضرم ، فى الحديث عن القطب الأوحد الحالى ألا وهى الولايات المتحدة الاميركية.
وذكرت الدراسة أن الامتداد الأمريكى الكبير والذى يضم خمسين ولاية يمثلون الولايات المتحدة الأمريكية ، يشكلون إقتصادا قويا مرنا ، قادرا على إمتصاص الصدمات والتحديات والأزمات العالمية ، مما يمكن واشنطن من مواصلة الهيمنة الاقتصادية والزعامة العالمية ، إلا أن الدراسة البحثية أوضحت أن الوهن الأمريكي المتوقع لن يكون إقتصاديا ولكنه مجتمعيا ، وأن إنهيار الامبراطورية الامريكية سيكون من الداخل ، كما نقول نحن فى مجتمعاتنا الشرقية "كدود المش ، منه فيه ".
واستشهدت الدراسة بالتركيبة المجتمعية الأمريكية التى تجمع كافة الاطياف والاعراق والاصول ، مركزة على معاناة السود فى الولايات المتحدة وشعورهم بأنهم بناة البلد الأصليين ورغم ذلك فهم غير مرحب بهم فعليا رغما عما يظهر على الساحة ، وذكروا فى ذلك تاريخ الافارقة السود فى بلد العم سام ؛ ومعاناتهم الطويلة حتى حصولهم على وضعهم الحالى المنقوص .ويشهد بذلك ماخلفه رصاص رجل الشرطة الأبيض من قتلى سود كل ذنبهم اختلاف بشرتهم ؛ مع انهم يحملون نفس الجنسية القطبية الواحدة . تاريخ المواطن الامريكى الاسود البشرة محفوظ فى ذاكرته ، وذاكرة اجداده الذين حرموا من دخول المطاعم وفقا ليافطة خارج المطعم مكتوب عليها " ممنوع دخول الكلاب والسود ".
تاريخ مظلم يطفو على السطح من حين لاخر بتجاوزات من رجال الشرطة ضد المواطن الاسود البشرة ؛ ويقع فى اعقابها قتلى ، ومصابين ، وتندلع مظاهرات تحتوى السلطات آثارها ؛؟الا أن الواقع يؤكد أن تحت الرماد نارا توشك ان يرتفع لهيبها فيأخذ بالأخضر واليابس . ليس السود فقط من يشكلون قنابل موقوته فى انهاء وهم الحلم الأمريكى ،بل هناك أنسجة مجتمعية أخرى ؛ على رأسها بقايا الهنود الحمر ابناء الوطن الاصليين الذين اغتالتهم أيادى الغرب عندما جاءوا مستوطنين الارض الجديدة على حساب ابناءها الاصليين ، أضف الى ذلك الأقليات التى عظمت وتنامت وأصبحت ذات وضع مؤثر فى الولايات المتحدة ؛ ومن بينهم الهنود ، والايطاليين والصينيين ، وعدد كبير ايضا من النازحين من القارة العجوز واختها السمراء .
الانهيار الامريكى المتوقع وان لم يكن قريبا الا أنه قادم لامحالة ، فاتحا أمامه باب التربع لدول أخرى على عرش العالم ، وعلى رأس هذه الدول ، الصين ، التى تسابق الزمن بأن تصبح ماردا عالميا مسيطرا على مجريات المجتمع الدولى كله ، ويزاحم الصين بشدة ، اليابان ، العدو اللدود لبكين والفارض أفكاره الاستراتيجية الحديثة على العالم بهدوء وكياسة ، وتعزز الدراسة التكتل الغربى لابعاد روسيا عن العودة الى مكانتها القديمة كقطب ثانى مواجها للولايات المتحدة ، وبأن واشنطن زجت بأوكرانيا مدعومة بالغرب فى حرب ضد روسيا من أجل استنزاف روسيا على المدى البعيد وارهاقها اقتصاديا ؛؟لتصبح عاجزة عن دخول المنافسة ، ومحاولة العودة الى روسيا القديمة الرابضة امام الكيان الامريكى ؛ والتى تتعامل معه رأسا برأس مع الأخذ فى الاعتبار تاريخ القياصرة الروس ؛ وبأن روسيا دولة قديمة ولها جذور تاريخية ؛ بعكس الولايات المتحدة ذات القرون التاريخية الثلاثة الحديثة كحد أقصى . إذن ووفقا لهذه الدراسة فان العالم الجديد القادم ولو بعد عقود ؛ سيختلف عن عالمنا الحالى وسيصبح فيه الشرق مؤثرا وصاحب كلمة وتأثير ..فقط علينا الترقب والانتظار .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بريطانيا وأمريكا: تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية!
صلاح المقداد
لعلّ من سوء الطالع، وحظ العرب الأكثر تعاسة وتعثّرًا، أن هؤلاء القوم ما كادوا يتنفّسون الصعداء لفترة زمنية وجيزة، ويحتفلون بتحرّرهم – في الظاهر – من الاستعمار البريطاني البغيض، الذي احتلت قواته الغاشمة عددًا من البلدان العربية والإسلامية لفترة ليست بالقصيرة، حتى فوجئوا بمحتلٍّ جديد، أشدّ ضراوة وعنجهية وغطرسة ووحشية، ممثلًا هذه المرة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي حلّت محل بريطانيا الملعونة في التآمر على العرب والعالم، ونهب خيرات الدول وثرواتها، واستعباد أبنائها دون وجه حق.
ومع صعود أمريكا كقوة غاشمة وإمبراطورية استعمارية، ظلّت بريطانيا الخبيثة تعمل في الظل، بعد أن سلّمتها الدور الذي كانت تؤديه سابقًا، وهو دور المحتلّ والمستعمر البغيض. فأصبحت بريطانيا الجديدة، التي منحت مستعمراتها استقلالًا صوريًا، رديفًا لأمريكا، تدعم بلا تحفظ كل ما تفعله وترتكبه سيدة العالم الجديد من جرائم بحق الدول والشعوب المضطهدة، لا سيما العربية والإسلامية، تحت شعارات وحجج باطلة وذرائع متعدّدة، كما حدث في الفلبين، وأفغانستان، والعراق، وليبيا، وسوريا وغيرها.
وفي الحقبة الاستعمارية الأمريكية للمنطقة والعالم، ذاق العرب الويلات، ولا يزالون يدفعون أثمانًا باهظة من حياتهم واستقرارهم وكرامتهم وحقوقهم وسيادة أوطانهم ومستقبل أبنائهم. ولا يزال الحساب مفتوحًا ليدفعوا المزيد وهم مُرغمون. ولو استعرضنا تاريخ هاتين القوتين الاستعماريتين الغربيّتين، بريطانيا وأمريكا، منذ ظهورهما وحتى اليوم، لوقفنا أمام سجلٍّ مظلم، حافل بالجرائم البشعة بحق الشعوب والإنسانية جمعاء.
لقد كانت بريطانيا الملعونة سبّاقة في ارتكاب الفظائع بحق الأمة والإنسانية، فنهبت خيرات الشعوب التي استعمرتها، وتآمرت عليها، وخلقت لها مشاكل واضطرابات ما زالت تعاني منها حتى اللحظة. ورغم ادّعاءاتها بالقيم والمُثل الزائفة، لم تتوقف عن ممارساتها الاستعمارية، ولم يكن لديها أيّ خُلق أو وازع يمنعها من الإجرام بحق شعوب العالم الثالث.
ثم جاءت الولايات المتحدة الأمريكية، التي برزت كقوة عالمية عظمى وإمبراطورية دولية غاشمة، فحذت حذو بريطانيا، وواصلت مسيرتها الإجرامية، بل وتفوقت عليها بالإبادات الجماعية لملايين البشر. وما ارتكبه المستوطنون الأمريكيون من مذابح بحق الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأصليين، يبقى شاهدًا حيًا على التأسيس الدموي لذلك الكيان الأمريكي البغيض.
إنّ سجلّ أمريكا الملطّخ بالدماء لا يمكن حصره في مقال، بل يحتاج إلى مجلدات تكشف الوجه الحقيقي لهذه الدولة المارقة، التي لم تترك بقعة في العالم إلا وتركَت فيها بصمات الإجرام والدمار.