تعد حزما بلدة مقدسية لكنها خارج القدس جغرافيا، نتيجة جدار الفصل العنصري والحواجز، وهي معزولة عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل بحواجز وبوابات حديدية ومستوطنات وشوارع التفافية، كأنها زنزانة صغيرة.

وتقع حزما إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس، وتبعد عنها مسافة 8 كيلومترات، وفي منتصف الطريق بين جبع من الشمال والشرق، وعناتا من الجنوب، وأراضي بيت حنينا من الغرب، فيما تبلغ مساحة أراضيها الأصلية 10,438 دونما.




                                تخنقها 4 مستوطنات وجدار وحواجز فصلتها عن القدس.

وتتعدد تأويلات في معنى اسم حزما، إذ يرجح أهالي القرية معناها إلى العزيمة والحزم وقوة الإدارة، بينما يرجح باحثون أن اسم قرية حزما آرامي، وقد تكون مأخوذة من العربية، من كلمة حزم، وهو المكان المرتفع عن الأودية الكثير الحجارة، وهو ما يلائم المكان إذ تحيط بالقرية الأحزمة الصخرية من كل جانب، وفي الجزيرة العربية أمكنة عديدة تحمل اسم حزم، بمعنى المرتفع المليء بالحجارة الغليظة، وهو ما يؤكد الهوية العربية لاسم المكان .

كان عدد سكان حزما في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي ما يقارب 521 نسمة، أما اليوم، فيسكن حزما ما يقارب 10 آلاف نسمة. واعتمدت القرية في معيشتها على زراعة القمح والشعير كمحصولين أساسيين في فصل الشتاء، والحبوب في فصل الصيف، بالإضافة إلى الزراعة، كانت المهنة الأكثر انتشارا في القرية هي قص الحجر من المحاجر.

وتتبع للقرية عين فارة ذات المياه الغزيرة، والتي كانت تعد إلى فترة الحكم الأردني، أي قبل احتلال القرية عام 1967، مصدرا مهما من مصادر المياه لمدينة القدس، إذ كانت تسحب المياه منها باتجاه المدينة منذ عشرينيات القرن الماضي.

 وعين فارة هي إحدى عيون وروافد وادي القلط الذي يمتد من شرق القدس إلى غرب أريحا على مسافة 45 كم. ووادي القلط هو أحد الروافد الغربية لنهر الأردن، ويحمل مياه الأمطار والعيون من السفوح الشرقية لجبال القدس والبيرة باتجاه النهر ويشكل مقصدا لهواة المشي والمغامرة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية، وتسيطر "سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية" على عين فارة وعلى مسار وادي القلط والأراضي المحيطة به، مما يعني حرمان أهالي حزما من أهم المعالم الطبيعية الواقعة في أراضيهم والتي اعتادوا دخولها يوميا دون عوائق.

ووفقا لاتفاقية أوسلو، قسمت الأراضي في حزما إلى مناطق (ب) و(ج)، يقع ما يقارب 90% من أراضي القرية في منطقة (ج) أي ما بعادل 9500 دونم، مما يعني أنها تحت الإدارة العسكرية والمدنية لسلطات الاحتلال.

وشأن باقي أراض الضفة الغربية فقد أقيمت على أراضيها عدة مستعمرات وفي مرحلة مبكرة، فقد أنشأ الصهاينة في عام 1924 مستعمرة "كفار عبري" التي تعرف بـ"نفيه يعكوف" على أراضي بيت حنينا وحزما، والتي صادرت من أراضيها 385 دونما.

وفي بداية وأواسط ثمانينات القرن الماضي، صادر الاحتلال أراضي القرية لبناء مستعمرة "جيفع بنيامين/آدم"، ، و"بسجات زئيف"، و"بسجا تعمير"، ومستعمرة "ألمون/أناتوت" (علمون).

وصادرت قوات الاحتلال مساحات من حزما لشق طريق التفافية لربط مستعمراتها بعضها ببعض.

وصادر جدار الفصل العنصري مساحات من أراضي حزما فهو يحيط القرية من الجهة الغربية والشمالية، كما يخترق الجدار مساحات واسعة من الجزء الشمالي للقرية. وفي المجمل، أدى الجدار إلى عزل 4000 دونم، ما يشكل 40% من أراضي حزما، عن مركز القرية، كما أن الحاجز العسكري يحول ما بينها وبين مدينة القدس.

كما أن بعض العائلات من حزما، وقعت بيوتها بعد بناء الجدار على الطرف الإسرائيلي من الجدار، وبالقرب من مستعمرة "بسجات زئيف"، مما يعني عزل تلك العائلات عن امتدادها المجتمعي الأساسي في مركز قرية حزما.


                                       الماء النقي في وادي وعين الفارة بلدة حزما.

ولم يعد لسكانها إلا نحو 950 دونما فقط، من أصل 18 ألف دونم أي أن الاحتلال نهب قرابة 95% من أراضيها، وتبقى نحو 5% للمخطط الهيكلي للبلدة، الذي يسمح الاحتلال للبلدية بالعمل فيه، لخدمة سكانها.

وكحال أغلب القرى في حرب عام 1967، لجأ سكان حزما والقرى المجاورة لها إلى عين فارة، ومكثوا فيها لفترة ثم عادوا بعدها إلى قريتهم. وشهدت هذه الفترة استشهاد 3 جنود أردنيين لم تعرف هويتهم ودفنوا في مقبرة حزما، وتطوع الكثير من شبان حزما مع الجيش الأردني، وكثيرون منهم استقروا في الأردن بعد نكسة67.

وقد شاركت حزما في المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني، و قدمت شهداء ارتقوا بدايةً من ثورة عام 1936 ضد الاحتلال البريطاني، وما زالت تقدم الشهداء والمعتقلين والجرحى خلال الاحتلال الإسرائيلي المستمر.

ويقيم الاحتلال حواجز دائمة عند مدخلي حزما الشمالي والجنوبي، وبوابات حديدية تقطع أي طرق تؤدي إلى البلدة، ويتواجد الجنود بشكل دائم على هذه الحواجز، وهم دائما مستعدون لعمليات الاقتحام والاعتقال التي تتم بشكل شبه يومي في حزما. إضافة إلى هدم بعض المنازل والمنشآت وتوزيع إخطارات لعدد آخر، ومحاولات تغيير جغرافيا البلدة عبر الاستيلاء على الأراضي.

المصادر:

ـ أنس عدنان، "بلدة حزما..السجن الكبير"، وكالة الصحافة الوطنية (نبأ)، 29/5/2021.
ـ مصطفى الدباغ، "بلادنا فلسطين" . ـ
ـ "دليل قرية حزما"، معهد الأبحاث التطبيقية (أريج).
ـ فادي العصا، "حزما بلدة مقدسية بلا تواصل جغرافي ومحاصرة بجدار وأسلاك وحواجز وطرق"، الجزيرة نت، 16/6/2021.
ـ "بلدة حزما تحت مجهر مخططات الاحتلال"، شبكة قدس الإخبارية، 18/2/2017.
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية الفلسطيني الهوية فلسطين تاريخ هوية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أراضی

إقرأ أيضاً:

رحلة إنتاج «كوب اللبن» من القرية والمزرعة لمراكز «التجميع والتصنيع»

تواجه التحديات الصعبة«كوب اللبن» الذى يلعب دوراً كبيراً فى غذاء المصريين وبناء أطفال مصر، واعتبرته الحكومة ضمن «السلع الاستراتيجية»، وراءه حكاية أكبر بكثير من حجم الكوب الصغير.. حكاية كان لا بد، للتعرف على بدايتها، من العودة للقرية، حيث الفلاح الذى لا يزال، وفقاً للخبراء، هو المسئول الأول عن إنتاج اللبن، بنسبة لا تقل عن 80% من إجمالى الكمية المنتجة حالياً، والمقدرة بنحو 7.5 مليون طن سنوياً، وسط مطالبات بزيادة الدعم الموجه له، فى صورة أعلاف وخدمات بيطرية وإرشاد.

ومن «الفلاح» أخذتنا الحكاية لـ«مزارع الأبقار»، التى لا تزيد مساهمتها على 20% من إجمالى إنتاجية الألبان، وسط مطالبات أخرى من القائمين عليها بتذليل الصعاب أمامها، ومن بينها ما يتعلق بالأعلاف، والتحصينات، والتراخيص، وإعادة النظر فى طريقة تحديد أسعار بيع إنتاجهم للمصانع الكبرى، والتى يرونها مسئولة عن تعثرهم.

ومن المنتجين ذهبنا لـ«مراكز تجميع الألبان المطورة» التى دعت الدولة لإنشائها ضمن مشروع قومى لتحسين جودة الألبان، وشملت حتى الآن نحو 300 مركز، وتنتظر تطوير وإنشاء المزيد منها ونشرها بين القرى ومناطق إنتاج الألبان، لتعظيم الاستفادة من كميات الإنتاج الحالية والحيلولة دون فسادها أو إضافة مواد ضارة صحياً إليها لحفظها.

وعند مرحلة التصنيع تظهر مشكلة أخرى تتمثل فى شكاوى المنتجين ومراكز التجميع من إحجام المصانع والشركات الكبرى عن شراء ألبانهم خلال موسم الإنتاج الغزير فى الشتاء، بحجة أن القوة الشرائية لا تستوعب زيادة معدلات الإنتاج، وهو ما يترتب عليه إهدار هذه الألبان، وسط مطالبات بالتوسع فى إنشاء مزيد من المصانع لاستيعاب وفرة الإنتاج فى الشتاء.

وفى كل محطات الرحلة كان هناك إجماع على ضرورة تدخل الحكومة لضبط منظومة إنتاج وتصنيع الألبان، بداية من ضمان توافر الأعلاف بأسعار معقولة، وإنشاء هيئة موحدة للتسعير العادل، بما يضمن تحقيق المنتجين لأرباح تحفزهم على الاستمرار والتوسع، وتشجيع إنشاء مصانع أخرى تستوعب الإنتاج وفى مقدمتها «مصنع لبن بودرة»، ورعاية حوار بين جميع أطراف المنظومة هدفه المصلحة العامة.

هكذا حاولت «الوطن» تتبع رحلة إنتاج كوب اللبن، عبر 4 محافظات (المنوفية والقليوبية، والجيزة، وكفر الشيخ)، فيما بين القرى ومزارع الأبقار، ومراكز التجميع، وصولاً للمصانع الحكومية والخاصة، والمراكز البحثية المسئولة عن التحسين الوراثى وزيادة الإنتاجية، فى محاولة للتعرف على المشكلات التى تعرقل هذه الرحلة، وحلولها، وسد الفجوة الحالية، بين الإنتاج والاحتياجات، والتى يقدرها خبراء بنحو 2.5 مليون طن سنوياً، ليظل «كوب اللبن» دوماً فى متناول المصريين.

مقالات مشابهة

  • قرى الجنوب شيعت شهداءها
  • رحلة إنتاج «كوب اللبن» من القرية والمزرعة لمراكز «التجميع والتصنيع»
  • العدو الصهيوني يجرف أراضي فلسطينية لفصل ومحاصرة بلدة سنجل
  • بؤرة استيطانية جديدة على أراضي الخضر في بيت لحم
  • العدو الصهيوني يقتحم بلدة سلوان جنوب القدس ويُغلق مدخل بلدة العيزرية شرقها
  • الاحتلال يقتحم حي البستان ويغلق مدخل العيزرية
  • الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه يواصلون أعمالهم الوحشية بحق الشعب الفلسطيني
  • الاحتلال يعتقل شابين من بلدة عناتا
  • أمل الحناوي: لبنان تحولت إلى أرض الدم والنار