عودة الدولة اللبنانية هى الحل
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كما كان متوقعًا، صرفت حرب إسرائيل الوحشية على لبنان، كل الأنظار عن حربها المماثلة فى غزة والضفة الغربية، ولم يكن مفاجئًا ألا تحظى مثلها بالتعاطف العالمى، لأن الأغلب أنها حظيت بدعم أمريكى وأوروبى لخوضها. وكما كان متوقعًا، تحقق لنتينياهو ما أراده من توسيع دائرة الحرب ورفضه توقفها إلا عندما يصبح شمال إسرائيل مناطق آمنة، وهو سبب لا سقف له، بعد مرور نحو عام من تهجير مواطنيه، منذ أعلن حسن نصرالله فى الثامن من أكتوبر الماضى بمشورة من إيران، عن مشروع وحدة الساحات، وأكد أن حربه ضد إسرائيل لن تتوقف طالما حرب غزة لاتزال قائمة.
أوقفت الحرب على لبنان المظاهرات الواسعة النطاق، المنددة بفشل نتيناهو والمطالبة بتنحيته عن الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، ومواصلة الإلحاح على مطالبته بالجنوح نحو تسوية لوقف حرب غزة من أجل إعادة بقية الأسرى لدى حماس. وساهمت الحرب فى زيادة شعبيته، وتراجع الانقسامات المعلنة فى صفوف حكومته ومع قادة جيشه عن صدارة الأحداث.
وجاء اغتيال الجيش الإسرائيلى زعيم حزب الله "حسن نصر الله" وتصفية نحو 50% من القيادات الرئيسية العليا فى الحزب، وتقليص قدراته الميدانية وإرباكه بتدمير وسائل اتصالاته، وتخفيض قدرة الصواريخ التى يطلقها الحزب من حين لآخر على عدد من المدن الإسرائيلية، على إحداث أضرار جسيمة بها، ليعزز من مكانته.
من المعروف أن نظام الدفاع الجوى الصاروخى المتقدم، الذى طورته إسرائيل فى أعقاب حربها على لبنان عام 2006، والمتمثل فى القبة الحديدية، فضلًا عن أنظمة أخرى بينها مقلاع داود، بات بإمكانه اعتراض صواريخ حزب الله، برغم أن بعضها تمكن من الإفلات من نظم الدفاع والوصول إلى تل أبيب، وإشعال الحرائق وتدمير خطوط كهرباء عدد لايستهان به من المستوطنات فى مدينة القدس. كما لم يكن النظام الدفاعى فاعلًا فى هجمات المقاومة الفلسطينية فى غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، التى شكلت خرقًا لتحصينات الأمن الإسرائيلى.
دمار شامل لحق مدن وقرى الجنوب اللبنانى، وانتقل منها إلى بيروت، وحول نحو مليون لبنانى إلى نازحين إلى العاصمة والمدن اللبنانية الأخرى، وأجبر كثيرين منهم، على العيش فى الطرقات وعلى الجسور بلا مأوى. وصار لبنان محاصرًا فى الجو والبحر والطرق البرية التى تربطه بسوريا لمنع تدفق الأسلحة الإيرانية على حزب الله!
معظم التوقعات ترجح الاستعدادات الإسرائيلية لغزو برى محدود للبنان، لاسيما وأن افتتان نتنياهو بنشوة النصر الذى حققه باغتيال زعيم حزب الله، ووصف وزير دفاعه الاغتيال بالضربة الأكثر أهمية منذ تأسيس إسرائيل، قد دفعه للإعلان أن الحرب لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها التى حددها فى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، وتغيير ميزان القوى فى الشرق الأوسط، وبناء تحالفات جديدة فى المنطقة، وتهديده الصفيق، بأنه لا يوجد مكان فى إيران والشرق الأوسط بات بعيدًا عن أذرع إسرائيل الطويلة! .
كشفت الحرب على لبنان ثغرات أمنية خطيرة فى صفوف حزب الله، مكنت إسرائيل من اختراق أنظمة اتصالاته المشفرة وتجنيد الموساد لعملاء لها بين صفوفه، كان بينهم من أبلغ عن تحركات نصر الله وعدد من قادة الحزب وممثلين للحرس الثورى الإيرانى والعراقى وللحوثين للاجتماع فى مبنى كان محصنًا بعمق نحو 70 مترًا تحت الأرض، تمكنت طائرات إسرائيلية خارقة للتحصينات من تفجيره.
فى يد نبيه برى رئيس مجلس النواب اللبنانى، اتخاذ الخطوة التى من شأنها حفز المجتمع الدولى على التدخل لفرض قرار وقف الحرب على إسرائيل، بدعوة المجلس للانعقاد والتوافق الفورى على انتخاب رئيس للجمهورية، والانعطاف نحو تشكيل حكومة جديدة. فتلك خطوات ضرورية للتأكيد على أن بلبنان دولة يمكن التفاوض معها للتوصل لحل سياسى، وحتى لانتهاز الفرصة لإنهاء التهميش الذى فرضه حزب الله طوال ثلاثة عقود على حركة أمل التى يتزعمها.
إنقاذ لبنان من أن يظل ساحة لحرب إيرانية - إسرائيلية يستدعى الحضور القوى للدولة ومؤسساتها الرسمية وجيشها الوطنى، وفرض سيطرته على كل المدن والضواحى اللبنانية، وحصر كل أنواع السلاح فى يده دون غيره، وتحويل حزب الله من مليشيا مرهونة القرار بحسابات إيرانية إلى حزب سياسى لبنانى.
هل ذلك ممكن؟.. التطورات المقبلة وحدها هى من تملك إجابة ذلك التساؤل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حزب الله حسن نصر الله نتنياهو الجنوب اللبناني الجيش الإسرائيلي غزة على لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": هناك أفخاخ عدة زرعها بنيامين نتنياهو في صلب الورقة التي يعمل هوكشتاين على تسويقها، وأبرزها على الإطلاق شرط احتفاظ إسرائيل ب »حقّها » فيرصد أجواء لبنان بالطيران الحربي والمسيّرات، وبأن تكون لها صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، في أي لحظة، إذا اكتشفت أنّ«حزب الله » أو أي طرف آخر يقوم مجدداً بالتسلح أو الانتظام عسكرياً.طبعاً،المفاوض اللبناني هرب من هذا البند باعتماد صيغة «حق كل من الطرفين في الدفاع عن النفس »، إذا اكتشف أنّ الطرف الآخر يخرق الاتفاق. ووفق الصيغة المتداولة، يتقدّم الطرف المشتكي باعتراضه إلى الهيئة المعنية بمراقبة الاتفاق،التي يرئسها جنرال أميركي، وهي تتولّى المعالجة. ولكن السؤال هو: ماذا لواعتبر الطرف الشاكي أنّ المعالجة لم تتمّ كما يجب؟ هل سيحصّل حقه بيده؟ أيهل يلجأ إلى القوة في التعاطي مع الطرف الآخر؟ هذه الصيغة التي طرحها لبنان، كبديل من النص القاسي الذي كان قد صاغه الإسرائيليون، تبقى أيضاً قاسية، وهي عملياً تخدم المصلحة الإسرائيلية في التنفيذ. فإسرائيل لا تحتاج إلى خرق القرار 1701 لتحافظ على قوة ردعها. وأما «حزب الله » فمضطر للحصول على السلاح من الخارج وتخزينه من أجل البقاء كقوة عسكرية، وإّ لّافإنّه سيصبح حزباً سياسياً لا أكثر. وكذلك، الإسرائيليون مؤهلون أكثر من«الحزب » لإقناع أركان الهيئة بوجهة نظرهم. فهي برئاسة أميركي وتضمّ دولاً أطلسية، بعضها يعتبر الجناح العسكري ل »الحزب » منظمة إرهابية، ما يعني أنّ احتمال تحرّك الهيئة ضدّ«الحزب » يفوق بكثير احتمال تحركها ضدّ إسرائيل. وللتذكير أيضاً، إسرائيل تمتلك قدرة عملانية كبيرة على ضرب أهداف لـ «الحزب » في لبنان، إذا قرّرت ذلك، فيما قدراته على القيام بالمثل ضدّها هي اليوم محدودة، وستكون محدودة أكثر بعد تنفيذ الاتفاق وتوقفه عن التزود بالسلاح.
في أي حال، ربما تكون صيغة «الدفاع عن النفس » هي أفضل ما استطاع المفاوض اللبناني تحقيقه، كبديل من الطرح الإسرائيلي القاضي بالتدخّل العسكري، في أي لحظة، علماً أنّ إيراده ضمن ملحق خاص بينهم وبين الأميركيين يشكّل إلزاماً إضافياً لواشنطن. والتدقيق في هذا الشرط يكشف أبعاداً بالغة الخطورة حاول المفاوض اللبناني تجنّبها .
في أي حال، قرار لبنان الرسمي ليس عنده. والمفاوض الفعلي هو إيران. فهل ستترك لإسرائيل أن تهزم «الحزب » نهائياً؟ وهل تعتبر أنّ «الحزب » في موقع ضعف في لبنان يفرض عليها الاستسلام؟ المطلعون على أجواء «الحزب » يقولون إنّ إيران لن توافق في أي شكل على انكسار «الحزب » أمام إسرائيل في لبنان، كما لم توافق على انكسار «حماس » في غزة، وستقاتل حتى النهاية سعياً إلى تدارك الخسارة. وهي تراهن على أنّ إسرائيل قد تتعب وتدفعها الظروف الدولية إلى تسوية أكثر توازناً تسمح ل «الحزب » بأن يحتفظ بقوته، وأن يبقى لها نفوذ من خلاله على حدود إسرائيل وشاطئ المتوسط. ففي الواقع،لن توافق طهران بأي ثمن على نهاية «حزب الله ». وفي الموازاة، لن توافق إسرائيل على نهاية الحرب الدائرة حالياً. ولذلك، سيراوح هوكشتاين طويلاً في الدوامة باحثاً عن تسوية. وسيناور بنيامين نتنياهو وشركاؤه في حكومة اليمين واليمين المتطرف ويرفضون أي تسوية حتى يبلغوا أهدافهم المرسومة، في المراحل المقبلة من الحرب. وهذه الأهداف ستؤدي على الأرجح إلى إحداث تحولات جديدة في لبنان والمنطقة كلها.