بالفرشاة عزفت أغنية الألوان خديجة الشملية .. تغوص فـي تفاصيل الفكرة لترسم ملامح أعمالها الفنية
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
كتب ـ خالد بن خليفة السيابي:
خديجة بنت محمد الشملية خريجة كلية إدارة الأعمال جامعة صحار، فنانة تشكيلية تغوص في قاع الفكرة لتصطاد تفاصيل وملامح أعمالها الفنية وتقدمها للمتلقي بالفرشاة، لكي تعزف من خلالها أغنية (الألوان) لتطرب نفوس محبي ومتذوقي الفن التشكيلي، وتتشكل غيمة الفن في ذائقتهم لتمطر قصصا وروائع الفن التشكيلي، ينهلون من جمالها لحظاتهم الحياتية، التي تمنحهم متنفسا للحياة والأمل، وكما يقال (الألوان هي القوة الوحيدة التي يمكنها التأثير مباشرة على الروح)، وحول تجربتها الفنية وعوالم الفن التشكيلي أبحرنا معها من خلال هذا الحوار الفني.
✱ عوالم الفن واسعة وبها الكثير من الأسرار ماذا يمثل لك فن الرسم ؟
الرسم هو منفذ ومدخل لعالم شاسع لامتناه، وهو متنفس آخر للرسام يخلق فيه عالمه الخاص، و دائما ما تجد الرسام صامتا وهادئا؛ بينما هو يغوص في أعماق عالمه ليُبدع ويُخرج أجمل ما لديه من أعمالٍ فنية غاية في الروعة والجمال.
✱ حدثينا عن بداية دخولك عالم الفن التشكيلي؟
بداية دخولي عالم الفن التشكيلي كانت منذ الصغر؛ حيث اكتشفت في الصف الرابع الأساسي أن لدي قدرات ممتازة في رسم الأشكال بطريقة تتفوق عن بقية الأطفال من نفس عمري، فقد كنت اخصص دفترا خاصا للرسم ارسم فيه شخصيات الرسوم المتحركة بعد متابعتها من التلفاز، وكانت مادة الفنون التشكيلية في المدرسة تمثل لي عنصرا هاما لإبراز قدراتي و تطويرها من خلال الدروس العملية التى كانت معلمات الفنون تقدمها لنا، والتى تنوعت إلى عدة أفرع بداية من تعليمنا رسم الطبيعة والرسم على الزجاج و صناعة الخزف والفسيفساء واستخدام الجبس وأيضا عجينة السيراميك والطباعة على القماش، وكيفية توظيف الخط العربي في اللوحات والرسم باستخدام الحاسب الآلي وتوظيف الخامات البيئية في أعمالنا الفنية، فقد لاحظت أن أعمالي الفنية كانت تحظى بإعجاب زميلاتي ومعلماتي.
✱ كيف صقلت وطورت تجربتك الفنية ؟
بعد انتقالي إلي المرحلة الجامعية و دراستي لتخصص بعيد عن الجانب الفني أحببت أن اواصل مشواري في الرسم فانضممت إلى جماعة الفنون التشيكلية بجامعة صحار وكانت تجربة جميلة ومفيدة لي، فقد كنت القائد في جماعة الفنون وبالتعاون بين أفراد الجماعة خضنا عدة دورات وحلقات من أجل تطوير مستوانا الفني ومن أبرز هذه الحلقات كانت بمرسم الشباب بوزارة التراث والثقافة وهي حلقة (تعلم أساسيات الرسم) بمتابعة من الفنان التشكيلي محمد البلوشي، الذي كان مشجعا لنا ويتابع أعمالنا باهتمام كبير ويوجه لنا النصح ويقدم لنا تدريبات ونماذج عديدة ساعدت كثيرا على نقل مستوانا من ناحية رسم (الطبيعة الصامتة) وكيفية تحديد (الظل) و(الضوء) و(أساسيات رسم البورتريه) التى لازلتُ اتعلم و اتدرب واكتشف مع كل صورة ارسمها شيئا جديدا وتعبيرا جديدا عن الملامح البشرية بكل حالاتها واختلافاتها فكل صورة تحمل معنى وقيمة في تفاصيلها فنحن كرسامي بورتريه يأخذنا رسم الصورة إلى فهم تعبير وطبيعة وتفاصيل كل وجه وما يحمله من أحاسيس.
✱ هل أقمت معرضا لأعمالك، وهل تتابعين الدروس الفنية؟
نعم شاركت مع بقية جماعات الأنشطة الطلابية بعرض أعمالي داخل حرم الجامعة في الأسبوع الطلابي على مدار عدة سنوات وتنظيم المعرض الخاص بنا، بعد المرحلة الجامعية حرصت على رسم الوجوه (البورتريه) وأحببت أن أطور مستواي، فاعتمدت أولا طريقة التعليم الذاتي فكنت أنقد أعمالي وأعمل على تطويرها وكنت أرسم بطريقة الرسم الحر، وبعد ذلك أخذت اتابع الدروس عبر قنوات اليوتيوب مع فنانين من جنسيات مختلفة.
✱ في أي خانة تضعين تجربتك الفنية وهل كان المحيط الأسري عاملا مساعدا لنجاح مشوارك الفني؟
لا زالت تجربتي الفنية اعتبرها مجرد بدايات ومفاتيح لأبواب كثيرة لم اكتشفها ولم أتعمق فيها بعد مجرد هاوٍ للرسم اطمح ان اصل الى مستوى الفنانين التشكيليين المحترفين، أيضا لا بد من وجود الدعم المعنوي لأي شخص وكان لا بد من وجود الثقة بالنفس، كما كانت و مازالت عائلتي مساندا ومساعدا ومشجعا لي على الاستمرار، و دائما تُثني على رسوماتي و تقدم لي كل ما يلزمني سواء كان دعما معنويا أو ماديا لأجل أن استمر.
✱ هل شغف المنافسة يستهويك وهل يدفعك لتقديم الأجمل ؟
المنافسة الشريفة بيني وبين زملائي من جماعة الفنون بالجامعة لعب دورا كبيرا في تطوير موهبتي وصقلها، كما تلعب البيئة المحيطة دورا هاما في تطوير قدرات الشخص ليس فقط من الناحية الفنية حتى المجالات الأخرى التي تستهوينا سواء كانت الشعرية أو الكتابة بكافة أنواعها أو حتى الموسيقية.
✱ المعروف أن الفنان ابن بيئته، في رأيك هل الفنان الذي يقطن في القرى والمناطق البعيدة عن مركز المدينة، تواجهه عقبات تمنعه من صقل تجربته وهل محيطه الأسري عامل مساعد له؟
من وجهة نظري أن النشاط الفني في بعض المناطق لا يوجد عليه إقبال كبير من المجتمع، حيث تجد أن لديهم اهتمامات أخرى بحكم البيئة المحيطة، لذلك تجد الفنان هناك لا توجد لديه إنتاجات كثيرة أو متواصلة ويعود ذلك لعدم وجود التحفيز والتشجيع من قبل المحيط الأسري رغم أنه في الفترة الأخيرة أصبح هناك تغير طفيف يجد من خلاله الفنان عالمه الذي يتمناه.
✱ الفن التشكيلي في سلطنة عمان يحظي باهتمام كبير، وهذا الاهتمام أوجد حراكا كبيرا لدى الفنانين التشكيليين، بنظرك في أي خانة تضعين التجربة التشكيلية العمانية؟
أضعها في خانة المرحلة المتقدمة التي تستحق أن يشاد بها وهي حاضرة في كافة الميادين الخليجية والعربية وحتى العالمية، فهناك قامات فنية كبيرة وعريقة لها أعمالها الفنية التى لا يشوبها غبار والتى لها أسلوبها وطريقتها التعبيرية الخاصة بها، وكل فنان يتميز عن غيره من الفنانين بمجرد النظر إلى لوحاتهم، فالفن التشكيلي في سلطنة عمان يشهد تنوعا فنيا كبيرا بدءا من الفن المعاصر إلى المدارس الفنية بكل أنواعها؛ مثل رائد الفن التشكيلي العماني الفنان انور سونيا وهو فنان غني عن التعريف لوحاته تتحدث بكل لغات العالم، كما أن هناك مجموعة من الفنانين المخضرمين والفنانين الناشئين تلعب الآن دورا كبيرا في إبراز الجانب الفني في عمان، واتمنى لها كل التوفيق سواء بتمثيل سلطة عمان داخليا وخارجيا.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الفن التشکیلی من الفن
إقرأ أيضاً:
تحليل الأعمال الفنية التي تتناول موضوعات الذاكرة والنسيان: تداخل بين الماضي والحاضر
في عالم الفن المعاصر، تتكرر بشكل لافت الأعمال الفنية التي تتناول موضوعات الذاكرة والنسيان، حيث يتم استكشاف هذه القضايا ليس فقط من منظور نفسي ولكن أيضًا من خلال التفاعل مع التاريخ والثقافة والهويات الجماعية والفردية. من خلال هذه الأعمال، يُطرح جريدة وموقع الفجر في هذا المقال السؤال الأكثر إثارة للجدل: هل الفن قادر على "استرجاع" الذاكرة بشكل دقيق، أم أنه في الواقع يعيد تشكيل الماضي عبر الأبعاد الإبداعية للنسيان؟
الأعمال الفنية التي تتناول الذاكرة والنسيان تثير الجدل في العديد من الأوساط الثقافية والفكرية. فالبعض يرى أن الفن يستطيع أن يعيد الحياة للذكريات ويمنحها شكلاً ملموساً، في حين يرى آخرون أن هذه الأعمال لا تسعى إلا لإخفاء أو تشويه الحقيقة، خاصة عندما تكون الذاكرة الجماعية للثقافات مليئة بالصراعات السياسية أو التاريخية التي لم يتم حلها بعد. قد تثير بعض الأعمال الفنية غضب جمهورها لأنها تقدم سرديات بديلة عن تلك التي يتم تعليمها في المدارس أو تنقل روايات تاريخية مشوهة.
من الأمثلة البارزة على هذا الاتجاه، يمكن الإشارة إلى الأعمال التي تركز على أحداث الذاكرة الجماعية، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية. هذه الأعمال لا تقتصر على مجرد إعادة سرد التاريخ، بل هي غالبًا ما تطرح تساؤلات حول كيفية تأثير الذاكرة على تشكيل الهويات الثقافية والسياسية، وكيف يمكن للأفراد والمجتمعات أن ينسوا أو يختاروا أن يتذكروا. الفن هنا يتحول إلى أداة لإعادة تقييم ما يتم "نيسانه" عمداً أو ما يتم "استعادته" من خلال الغموض والتلاعب البصري.
لكن السؤال الأكبر الذي يثيره هذا النوع من الفن هو: هل يُعد النسيان عملية ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية، أم أنه مجرد آلية دفاعية تؤدي إلى مسح الأثر الفعلي للماضي؟ هذه الأسئلة تزداد تعقيداً في الأعمال التي تتلاعب بالزمن والذاكرة باستخدام التقنيات الحديثة مثل الفيديو والتركيب، حيث يتم عرض الماضي بطرق غير خطية وغير تقليدية. بهذه الطريقة، يطرح الفنانون معضلة فلسفية: هل الذاكرة تتحكم بنا، أم أننا نحن من نتحكم في كيفية تذكرنا للأشياء؟
وفي سياق آخر، يتعامل بعض الفنانين مع مفهوم النسيان كعملية من عمليات التطهير الثقافي أو الشخصي. ربما يكون النسيان في هذه الحالة نوعاً من الحرية، من دون التعلق بالذكريات السلبية أو المحزنة. ولكن، وعلى النقيض، يرى بعض النقاد أن هذه الفكرة قد تكون خطراً يهدد الذاكرة التاريخية للأمم والشعوب. في هذه النقاشات، نجد أن الفن لا يقدم إجابات، بل يفتح المجال لتساؤلات مستمرة حول ما يجب تذكره وما يجب نسيانه.
أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في هذه الأعمال هو استخدام الذاكرة الجماعية في سياقات اجتماعية وسياسية. في بعض الأحيان، يتم تقديم أعمال فنية تحاول إعادة كتابة التاريخ عبر تفسيرات فنية خاصة، مثلما يحدث في بعض البلدان التي تشهد صراعات عرقية أو دينية. في هذا السياق، يمكن أن تكون الأعمال التي تتناول الذاكرة والنسيان مجالًا لتحدي السرديات الرسمية، ولكن قد تكون أيضًا ساحة للصراع الثقافي، حيث يتم تكريس أو تفكيك الهويات الجماعية.
في النهاية، تظل الأعمال الفنية التي تعالج موضوعات الذاكرة والنسيان محط اهتمام ونقاش طويل. بين من يرى أنها تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية، ومن يعتبرها مجرد محاولة للتلاعب بالواقع والماضي، يبقى السؤال مفتوحاً حول حدود الذاكرة، وما إذا كان النسيان يعد حلاً أم خيانة لتاريخنا المشترك.