المدينة التي لا ترحم: ارتفاع الإيجارات يدفع البغداديين نحو المجهول
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
30 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: يشهد سوق العقارات في العاصمة العراقية بغداد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الإيجارات، مما دفع الكثير من السكان للانتقال إلى الأطراف أو محافظات أخرى.
وهذا التوجه يعكس حالة اقتصادية ضاغطة تتركز في بغداد، ويُظهر عدم توازن بين الطلب والعرض على الوحدات السكنية.
وتشهد بغداد ارتفاعات مختلفة حسب المناطق؛ فالإيجارات في مناطق مثل الكرادة تتراوح بين 800 و1500 دولار، بينما تصل في مناطق أخرى كحي اليرموك إلى 3 آلاف دولار شهريًا، مما يجعل بغداد متفردة من حيث ارتفاع الإيجارات مقارنة ببقية المحافظات، التي تُعتبر أقل بكثير وتتناسب مع الإمكانات المتوسطة.
يعود هذا الارتفاع إلى عدة أسباب رئيسية؛ أولها الكثافة السكانية العالية في بغداد، حيث يقدر عدد السكان بأكثر من 9 ملايين نسمة، ما يفاقم من الطلب على الوحدات السكنية. كما أن هناك نقصًا حادًا في الوحدات السكنية، يُقدر بأكثر من مليوني ونصف وحدة سكنية لسد الحاجة الحالية.
أضف إلى ذلك ظاهرة غسيل الأموال التي دخلت سوق العقارات، ما أدى إلى ارتفاع غير طبيعي في أسعار الشراء والإيجار، خاصة في المناطق الراقية التي تستقطب اهتمام الأحزاب السياسية والمستثمرين الذين يسعون لتبييض الأموال.
و رغم محاولات الحكومة لحل الأزمة عبر بناء مدن سكنية جديدة وإطلاق مشاريع سكنية منخفضة التكلفة، فإن التأثير الفعلي لتلك المشاريع على أرض الواقع ما زال محدودًا. التوجه نحو بناء جيلين من المدن السكنية يهدف إلى توفير وحدات سكنية جديدة، لكن هذه الخطط تصطدم بعقبات مثل نقص الأراضي المخصصة للبناء السكني، والاعتماد على الأراضي الزراعية، وارتفاع تكلفة الأراضي السكنية المتوفرة.
التحديات التي تواجه قطاع الإسكان في بغداد تتجاوز مجرد نقص الوحدات السكنية؛ فهي تتعلق كذلك بالفساد السياسي والاستغلال غير المنظم للعقارات من قبل أصحاب النفوذ. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد آليات تنظيمية واضحة تحدد سقفًا للإيجارات أو تقنن عمليات البيع والشراء، مما يزيد من التفاوت في الأسعار بين المناطق ويجعل السوق عرضة لجشع المالكين الذين يرفعون الأسعار سنويًا دون رادع قانوني.
وتعتبر حقوق السكن مكفولة في الدستور العراقي، ولكن التطبيق الفعلي لهذه الحقوق شبه غائب، مما يزيد من معاناة المواطنين ويؤدي إلى آثار اجتماعية سلبية كارتفاع حالات الطلاق والانتحار نتيجة الضغط الاقتصادي الناجم عن ارتفاع الإيجارات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الوحدات السکنیة ارتفاع ا
إقرأ أيضاً:
تصعيد كردستان تزامنا مع المتغير السوري.. ورقة جديدة في مواجهة بغداد
14 يناير، 2025
بغداد/المسلة: تتواصل فصول الأزمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، وهذه المرة تحت عنوان ملف “رواتب موظفي الإقليم”، الذي يعاني من التجميد منذ عدة أشهر، مما أدى إلى تصعيد سياسي جديد.
و زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني إلى بغداد جاءت في إطار التفاهم مع القادة السياسيين هناك، حيث عُقد اجتماع ضم أبرز القوى السياسية لبحث هذه القضية.
الاجتماع الذي شارك فيه البارزاني شهد صدور بيان يؤكد أن قضية رواتب موظفي الإقليم بعيدة عن الأجندات السياسية. لكن الواقع يحمل وجهة نظر مغايرة لدى البعض، إذ يعتبرون أن الملف يتم تسييسه ضمن الصراعات المستمرة سواء داخل بغداد أو في الإقليم.
تصريحات المتحدث باسم حكومة الإقليم بيشوا هوراماني حملت نبرة تهديد واضحة، إذ أشار إلى احتمال انسحاب الكرد من العملية السياسية إذا استمرت الحكومة الاتحادية في عدم إرسال الأموال المخصصة للإقليم. لكن مصادر مقربة من المشهد السياسي ترى أن مثل هذا الانسحاب سيضر بأربيل أكثر مما قد يزعج بغداد، في ظل اعتماد الإقليم على موارد الحكومة الاتحادية لتمويل العديد من احتياجاته.
و الأزمات بين بغداد وأربيل ليست وليدة اللحظة، فالنزاع الممتد يعود إلى قضايا شائكة تشمل إدارة ملف النفط، حيث يتهم الطرفان بعضهما بعدم الوفاء بالتزامات متبادلة، مثل تسليم الموارد النفطية وغير النفطية لبغداد، مقابل تحويل حصة الإقليم من الموازنة.
وعلى الرغم من أن البرلمان العراقي أقر حصة الإقليم في الموازنة العامة للسنوات الثلاث المقبلة، والتي تبلغ 16.609 تريليون دينار، إلا أن توزيع هذه الأموال يظل رهيناً بالتفاهمات السياسية، ما يضع حكومة الإقليم في موقف حرج أمام مواطنيها الذين يطالبون برواتبهم ومستحقاتهم المتأخرة.
ورقة الانسحاب.. ضغط مألوف
تهديد الكرد بالانسحاب من العملية السياسية ليس جديداً؛ فقد استخدمته حكومة الإقليم في مرات سابقة كورقة ضغط، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة، خصوصاً أن بغداد عادة ما تتعامل بحذر مع هذه التهديدات فيما الوضع الحالي يعكس رغبة أربيل في استغلال التغيرات الإقليمية والدولية، مثل التطورات في سوريا وصعود حكومة سنية مناوئة للقوى الشيعية المتحالفة مع إيران، لتحقيق مكاسب جديدة في علاقتها مع بغداد.
حسابات بغداد وأربيل
حكومة الإقليم تراهن على ضعف القوى الشيعية الحاكمة في بغداد حالياً، لكنها قد تكون أساءت التقدير. بغداد، رغم أزماتها الداخلية والخارجية، لن تكون مستعدة للرضوخ لضغوط أربيل بهذه السهولة، خصوصاً أن الأزمات المتكررة أظهرت قدرة الحكومة الاتحادية على تحمل مثل هذه التهديدات من دون تقديم تنازلات كبيرة.
ما وراء الأرقام
الأزمة الراهنة تتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة يعاني منها العراق ككل حيث الحصة التي أُقرت للإقليم في الموازنة قد تبدو كبيرة، لكنها لن تكون كافية إذا استمرت الخلافات حول آليات تسليم الأموال، وهو ما يعيد التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، ومدى إمكانية تجاوز هذا الصراع التاريخي الذي يعكس عمق الانقسام السياسي في البلاد.
تبدو الأزمة الحالية كجزء من لعبة شد الحبل الطويلة بين بغداد وأربيل، حيث يبقى المواطنون في الإقليم، وتحديداً الموظفون الحكوميون، هم الخاسر الأكبر وسط هذه التجاذبات السياسية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts