انقلاب النيجر يهدد المصالح الأمريكية؟!
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
انقلاب النيجر يهدد المصالح الأمريكية؟!
وقعت تطورات النيجر في أعقاب الوضع الأمني المتدهور في بوركينا فاسو، الذي يؤثر أيضا على الدول الأخرى في المنطقة.
انقلاب النيجر يهدد الاستقرار في غرب إفريقيا، والمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة الإفريقية، ويعزز الفرص الصينية.
استفاد عسكر النيجر من انقلابات مالي، وغينيا، والسودان، وبوركينا فاسو ، وغينيا بيساو، وأن عواقبها يمكن إدارتها ومكاسبها مرغوبة.
إذا لم تقم أمريكا وفرنسا بإعادة تقييم نهجيهما ومشاركتهما في إفريقيا، فإنهما تخاطران بصورة متزايدة بالتخلي عن النفوذ في القارة للصين وروسيا.
احتمال تدخل عسكري إفريقي فعلي ضئيل، بدون تمويل ودعم أمريكا وفرنسا وافتقاد الإرادة السياسية والقيادة والتمويل يعني أنه لن يحدث أي شيء.
بعد انقلاب النيجر لم تتحدد التداعيات متوسطة المدى، لكن الانقلاب يهدد الاستقرار في غرب إفريقيا، والمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة الإفريقية.
يعزز الانقلاب فرص الصين وسيعاني الأفارقة ويواصل المتطرفون المسلمون في كسب مناطق نفوذ. ولا يُرجّح أن تعود النيجر إلى الديمقراطية في المدى القصير.
في تلك الانقلابات، عندما انسحبت أمريكا وفرنسا، تم دعوة الروس، في شكل مرتزقة فاغنر للدخول. ولم تتعلم الحكومتان الأمريكية والفرنسية من هذا التاريخ القريب.
* * *
واشنطن: يرى الخبير الاقتصادي فرانسوا بيرد أنه بعد انقلاب النيجر الأخير، لم تتحدد التداعيات متوسطة المدى، لكن النتيجة واضحة. فالانقلاب يهدد الاستقرار في غرب إفريقيا، والمصالح الأمريكية والفرنسية في القارة الإفريقية، ويعزز الفرص الصينية. وسوف يعاني الأفارقة وسيواصل المتطرفون المسلمون في كسب مناطق نفوذ. وليس من المرجح أن تعود النيجر إلى الديمقراطية في المدى القصير.
وفي تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، قال بيرد مؤسس حركة اللعب النظيف في مجال التجارة، وهي حركة تأسست عام 2016 لمكافحة الإغراق والتجارة المفترسة، إن الآمال الأولية التي أعربت عنها فرنسا بأن تسارع القوات المسلحة النيجرية لإنهاء الانقلاب الذي قام به رئيس الحرس الرئاسي تبددت سريعا، عندما انحاز الجيش للانقلاب.
كما أن الموعد الذي حدده قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) ليقوم الجيش بإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة وإلا فإنه سيكون هناك تدخل عسكري، انتهى كما بدأ.
وتم فرض عقوبات وقطعت نيجيريا الكهرباء عن النيجر، ولكن هذا سيلحق الضرر بالمواطنين وليس بالجيش أو المتمردين.
لقد وقعت التطورات في النيجر في أعقاب الوضع الأمني المتدهور في بوركينا فاسو، الذي يؤثر أيضا على الدول الأخرى في المنطقة. ويعد هذا اختبارا مبكرا لممثل الأمم المتحدة الخاص لمنطقة غرب إفريقيا والساحل، ليوناردو سيماو، الذي يتعين عليه حشد ردة فعل قوية.
ومن المتوقع أن يقوم سيماو الذي كان وزيرا للخارجية في موزمبيق بالعمل على استجماع ردة فعل أفضل مما حدث حتى الآن لمواجهة المخاطر في إفريقيا والساحل.
وأضاف بيرد أن الإيكواس كانت تخطط لتشكيل فريق لمواجهة الأزمات، ولكنها فشلت في تمويله حتى الآن. ورغم الإعلان عن اجتماع مقرر للقادة العسكريين لإيكواس، هناك احتمال ضئيل في أن يكون هناك تدخل عسكري إفريقي فعلي، ما لم يتم تمويله ودعمه من جانب الولايات المتحدة وفرنسا. والنقطة هنا أنه ما إذا كان الافتقار إلى الإرادة السياسية والقيادة والتمويل، فهذا يعني أنه لن يحدث أي شيء.
لقد استفاد العسكريون في النيجر من الانقلابات التي شهدتها مالي، وغينيا، والسودان، وبوركينا فاسو ، وغينيا بيساو، أن عواقبها يمكن إدارتها ومكاسبها مرغوبة. وفي الغالب، في تلك الانقلابات، عندما انسحبت أمريكا وفرنسا، تم دعوة الروس، في شكل مرتزقة فاغنر للدخول. ولم تتعلم الحكومتان الأمريكية والفرنسية من هذا التاريخ القريب.
وإذا لم تقم أمريكا وفرنسا بإعادة تقييم نهجيهما ومشاركتهما في إفريقيا، فإنهما تخاطران بصورة متزايدة بالتخلي عن النفوذ في القارة للصين وروسيا. ويشمل هذا فقدان الحصول على المعادن الإستراتيجية، ومن بينها أكثر من 7% من يورانيوم العالم في النيجر، إلى جانب خسائر جغرافية، وأمنية، وتجارية.
ويتطلب المستقبل، تركيز الدولتين على تعزيز حكم القانون والديمقراطية مع امتلاك الجرأة أيضا للتعامل بصورة عملية مع الأنظمة غير الديمقراطية والحكومات العسكرية.
والتعامل بصورة عملية لا يعني تبني الانقلابات على حساب حقوق الإنسان، ولكنه يعني خدمة مصالح الفقراء، المحرومين من الحقوق باختيار أقل الشرور.
ومنذ أن تخلت فرنسا عن التزاماتها القوية السابقة في غرب إفريقيا ، لا سيما بعد انقلاب بوركينا فاسو، هناك الآن المزيد من النازحين، والمزيد من غارات المتمردين، والتدهور الاقتصادي الأكثر سرعة، والمزيد من الانقلابات، وقدر أقل من الديمقراطية عن ذي قبل.
ويؤكد بيرد أن المخاطر بالنسبة إلى غرب إفريقيا واضحة بالفعل. فهناك أنباء تتعلق بقطاع التعدين في كوت ديفوار تفيد بحدوث غارات يومية من بوركينا فاسو على الجزء الشمالي الشرقي من البلاد لسرقة معدات التعدين والمواد الغذائية.
وتعتبر ليبيا، وتشاد، وتوجو، وغانا، والسنغال، وبنين، ونيجيريا وكوت ديفوار معرضة لخطر الوضع الأمني، الذي يزداد ضعفا نتيجة الانقلابات في النيجر وبوركينا فاسو.
وأكثر الدول استفادة من هذا الوضع هي غينيا، وهي أيضا في غرب إفريقيا وشهدت مؤخرا انقلابا عسكريا. فغينيا تدعم التعدين بفاعلية. وتحاول حكومة غينيا بالفعل الهيمنة على استثمار ودخل بوركينا فاسو، وربما تكون أيضا جذابة للعاملين في قطاع التعدين في نيجيريا. ومن الواضح أن غينيا أرسلت قوة لمكافحة الإرهاب إلى الحدود مع مالي مؤخرا.
ويقول بيرد إنه لمعرفة مصير النيجر في المستقبل، من الضروري ترقب دلالات معينة:
وبالنسبة إلى أداء الجيش في مواجهة المتمردين: فإنه إذا خسرت قوات الحكومة عدة معارك مهمة على التوالي أو تم اجتياح قاعدة عسكرية رئيسية، أو إذا كانت هناك هجمات كبيرة في نيامي العاصمة، كما حدث في بوركينا فاسو، حينئذ يجب أن تعلم أمريكا أن الوضع يزداد تدهورا بسرعة.
وهناك دلالة أخرى تتمثل في رحيل ضباط عسكريين كبار، أومسؤولين حكوميين، أو مدنيين من النيجر، وإذا لم تتم إعادة فتح مكاتب المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة والسفارات التي تشهد إغلاقا حاليا.
وبالإضافة إلى ذلك، من الضروري مراقبة التدهور الاجتماعي، مثل معدل زيادة مخيمات النازحين، أو البيانات المتعلقة بالحصاد والإنتاج الغذائي كمؤشرات لاحتمال حدوث مجاعة.
كما أن تدهور دخل الضرائب بالنسبة إلى الحكومة العسكرية في النيجر سوف يضعف وضعها أيضا. وأي عدد من هذه التطورات سوف يفتح الباب أمام الصين، وروسيا، وحتى تركيا، التي تكثف نشاطها في إفريقيا.
وفي ختام تقريره يقول بيرد إنه من المرجح في الوقت الحالي أن تفقد أمريكا وفرنسا استثماراتهما وقواعدهما الخاصة بمكافحة الإرهاب في النيجر. وسوف يقاتل الروس من أجل الاستفادة بالتعدين وغيره من الأصول. وسوف يكسب المتطرفون المسلمون أرضا. وسوف تحقق الصين مكاسب مالية وتزيد من نفوذها، كل ذلك بسبب تدهور الاستقرار في النيجر وغرب إفريقيا.
المصدر | (د ب أ)المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الصين روسيا فرنسا إيكواس انقلاب النيجر المصالح الأمريكية مرتزقة فاغنر فی غرب إفریقیا انقلاب النیجر بورکینا فاسو الاستقرار فی فی إفریقیا فی القارة فی النیجر
إقرأ أيضاً:
صراعات الساحل الإفريقي.. الهجوم الأوكراني على كورسك أسهم في تهدئة الأوضاع ببوركينا فاسو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشهد منطقة الساحل الإفريقي، وتحديداً في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، تصاعداً في التوترات نتيجة للأزمات الأمنية المتفاقمة والهجمات المتكررة من قبل الجماعات المسلحة.
ومع صعود الأنظمة العسكرية في هذه البلدان، زادت معاناة المدنيين، لاسيما من مجتمع الفولاني، الذي يعاني من عمليات استهداف ممنهجة من قبل القوات الحكومية والميليشيات المحلية.
وفي ظل تصاعد هذه الانتهاكات، تبرز الجماعات المتشددة كعنصر رئيسي في الصراع، مما يعزز الانقسام الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية.
وكان قد أسفر هجوم وقع في منتصف أغسطس على مجتمع الفولاني في وسط مالي عن مقتل 23 شخصاً وفقدان 300 آخرين.
فقد شن مهاجمون مجهولون هجوماً على قرية ساران، ثم توجهوا إلى قرية بيدي التي يقطنها الفولانيون، إلا أن السكان كانوا قد فروا قبل وصولهم.
ويعد الفولانيون من أكبر الطوائف العرقية في منطقة الساحل، حيث يقدر عددهم بنحو 30 مليون نسمة، ويتوزعون من السنغال غرباً إلى السودان شرقاً.
ويعاني هذا المجتمع بشكل مستمر من الهجمات التي تستهدفه، سواء من قبل طوائف عرقية أخرى بسبب النزاعات على الأراضي، أو من قبل قوات الأمن الحكومية والميليشيات المحلية، بل وحتى المرتزقة الروس الذين يدعمون الأنظمة العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وما يزال العديد من الفولانيين يعيشون وفق أسلوب حياة شبه بدوي، متمسكين بتقاليد الرعي والتنقل بحثاً عن المراعي على مسافات طويلة.
وقد نشبت صراعات متكررة بين رعاة الفولاني والمجتمعات الزراعية المجاورة، مما يزيد من مشاعر الكراهية والعنف في المنطقة.
ارتباطهم بالارهابويرتبط الفولانيون ببعض الجماعات الإرهابية، حيث أسس أحد رجال الدين منهم جبهة تحرير ماسينا في مالي وجماعة أنصار الإسلام في بوركينا فاسو، فإنهم يمثلون أيضاً جزءاً مهماً من تنظيمات مثل تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وأنصار الدين، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وتتهم القوات المسلحة في بوركينا فاسو باستهداف الفولانيين في إطار محاولاتها للقضاء على الجماعات الإرهابية.
وفي هذا السياق، قال السيد وسيم نصر، الباحث في مركز صوفان، في تصريح لقناة "فرانس 24": "الحكومة المحلية والميليشيات تهاجم الفولانيين وتضايقهم، ونحن نعلم أن الفولانيين يتكونون من طبقات اجتماعية، حيث تعاني الطبقات الدنيا من انتقام بسبب ارتباطها بالمتشددين، بينما تبقى الطبقات العليا موالية للحكومة، و المسألة لا تقتصر على الدين فقط، بل تتعلق بالبنية الاجتماعية أيضاً".
تشابه الوضعالوضع مشابه في مالي والنيجر، حيث شهدت النيجر انقلابًا في يوليو 2023.
وخلال العام الأول لحكم الطغمة العسكرية، شهدت البلاد زيادة كبيرة في عدد القتلى المدنيين على يد الجماعات الإسلامية المسلحة، إذ أصبحت الهجمات أكثر فتكًا رغم تراجع وتيرتها.
وكشف تحليل أجراه مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة أن قوات الدفاع والأمن في النيجر قتلت منذ انقلاب يوليو 2023 ثلاثة أضعاف عدد المدنيين الذين قتلوا في السنة السابقة، كما قامت باعتقالات تعسفية، خصوصًا بحق الفولانيين.
شعور بالراحةوقد يشعر الفولانيون وسائر المدنيين في بوركينا فاسو بارتياح جزئي من تهديد المرتزقة الروس، حيث أفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن حوالي 100 من هؤلاء المرتزقة قد تم إرجاعهم إلى شبه جزيرة القرم بعد هجوم أوكراني على منطقة كورسك الروسية.
تجدر الإشارة إلى أن شبه جزيرة القرم هي جزء من الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا إليها.
وفي هذا السياق، قال فيكتور يرمولاييف، رئيس وحدة شبه عسكرية روسية تُدعى "ميدفدي" (أي الدببة) ولواء الدببة في الغرب، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن نحو 300 مقاتل من لواء الدببة كانوا موجودين في بوركينا فاسو قبل الهجوم الأوكراني على كورسك.
وأضاف: "بالطبع، بعضهم بقي في بوركينا فاسو، حيث لدينا قواعد وممتلكات ومعدات وذخيرة، ولن نقوم بنقل كل ذلك إلى روسيا".