إليك أبرز الإجراءات الوقائية الإيرانية لسد الثغرات الأمنية
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
طهران – بين الفينة والأخرى، تعلن الأجهزة الأمنية في إيران تفكيك خلايا تجسسية مرتبطة بإسرائيل، لكن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية يوم 31 يوليو/تموز الماضي بقلب العاصمة طهران عزّز فرضية الاختراق الإسرائيلي للجمهورية الإسلامية بعد أن كانت تتكرر عقب الاغتيالات والعمليات التخريبية التي تشهدها منشآتها الحيوية.
وعقب تفجيرات أجهزة التنبيه (البيجر) والاتصالات اللاسلكية في لبنان، عاد الحديث عن الاختراق الأمني الإسرائيلي للفصائل المتحالفة مع طهران إلى الواجهة، بيد أن التطورات المتسارعة في الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يرفعان منسوب القلق لدى الأوساط الإيرانية من مخاطر هذا الاختراق لبلدهم.
يأتي ذلك بعد مرور أسبوع فقط على اعتقال الحرس الثوري الإيراني 12 فردا بتهمة "التعاون مع الكيان الصهيوني"، إذ أوضحت طهران أن الخلية كانت تعمل ضمن خطة إقليمية تسعى إسرائيل من خلالها -بالتعاون مع حلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة– إلى زعزعة استقرار إيران إثر فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية في غزة ولبنان.
مخاطر الاختراقوعلاوة على التقارير التي نشرتها وكالة أنباء فارس المقربة من الحرس الثوري نهاية أغسطس/آب الماضي حول زيادة النشاط الاستخباري الإسرائيلي داخل إيران، رفعت التصريحات التلفزية للسياسي المحافظ محمد جواد لاريجاني -الذي أرجع سبب اغتيال نصر الله إلى "الاختراق الأمني"- من منسوب القلق لدى الإيرانيين الذين فقدوا عددا من علمائهم النوويين والقادة العسكريين في عمليات اغتيال وسط طهران.
وللوقوف على مخاطر الاختراق التي تواجهها إيران في الفترة المقبلة، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية مهدي بختياري، الذي أكد "وجود تلك المخاطر بشكل طبيعي واعتيادي"، مستدركا أنه لا تغيير في واقع هذه المخاطر ومنسوبها عقب الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان.
ويعتبر الباحث الإيراني أن "التقارير الإعلامية الغربية التي تتحدث عن نقل بعض قيادات طهران إلى أماكن آمنة أو تلك التي تزعم تعاون جاسوس إيراني مع الكيان الصهيوني في اغتيال نصر الله، جزء من الحرب النفسية التي تستهدف معنويات جمهور المقاومة الإسلامية".
وأكد أنه لا صحة لمثل هذه المعطيات في بلاده، وأن العناصر الإيرانية المتواصلة مع فصائل المقاومة محدودة جدا، وأنها معرضة مباشرة للتهديدات التي تطال حلفاء طهران بين الحين والآخر.
واقع المخاطروحسب الباحث بختياري، تعمل طهران باستمرار على معالجة الثغرات الأمنية المحتملة على شتى المستويات لكنها شددت من تدابيرها الأمنية خلال الآونة الأخيرة بما يتناسب وخطورة المرحلة الراهنة، رافضا التطرق إلى الإجراءات الأمنية الاحتياطية التي تتخذها بلاده لمواجهة أي محاولة اختراق محتملة كونها من أسرار الدولة.
ورأى المتحدث نفسه أن واقع المخاطر الأمنية الذي تواجهه بلاده لا يختلف كثيرا عما تتعرض له فصائل المقاومة المتحالفة مع طهران وعلى رأسها حزب الله، موضحا أن جانبا بسيطا من الاختراق الأمني يعود للعامل الإنساني، وأن "العدو" يعتمد على الذكاء الاصطناعي وسائر الأنظمة الرقمية للوصول إلى الأماكن السرية.
وأكد بختياري أن ما يعرفه عامة الناس عن الذكاء الاصطناعي والشبكة العنكبوتية وأجهزة الاتصالات لا يوازي أقل القليل مما تستخدمه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من هذه التقنيات.
ووفقا له، لا تعتمد الأجهزة الأمنية على عوامل محدودة لجمع البيانات المطلوبة عن أهدافها وتتبعها، بل تستخدم الأقمار الاصطناعية والمسيرات الاستكشافية ومنصات التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصالات والتنصت وشتى أنواع التكنولوجيا الأخرى مثل برمجيات التجسس كبرنامج "بيغاسوس"، ثم تجمّعها وتحللها عبر الذكاء الاصطناعي.
إجراءات وقائيةمن ناحيته، يرى الباحث السياسي مهدي عزيزي أن موضوع الاختراق الأمني الإسرائيلي لإيران وارد جدا في المرحلة الراهنة، وأنه فضلا عن التحريات المتواصلة بشأن اغتيال هنية ومسلسل الاغتيالات في جنوب لبنان، فإن عمليات مكافحة التجسس تمضي على قدم وساق داخل إيران بغية اكتشاف الخلايا الأمنية والتجسسية المعادية.
وعلى النقيض مما ذهب إليه بختياري، يقول عزيزي إن العامل الإنساني يلعب دورا أساسيا ومفصليا في اتخاذ الأجهزة المخابراتية قرارات دقيقة ومصيرية مثل اغتيال الشخصيات البارزة. وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت كان بجهود الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والغربية وعلى رأسها الموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) على مدى عقود.
ويحذر الباحث عزيزي من إمكانية وجود عناصر وأجهزة تجسس لم تستخدمها إسرائيل بعد، ويشدد على ضرورة العمل على اكتشافها سواء داخل إيران أو لدى فصائل المقاومة. ويؤكد أن ما تعلنه بلاده حول تفكيك خلايا التجسس "قد لا يساوي الربع أو الخمس من مجموع اكتشافات أجهزة مكافحة التجسس لديها، وأنها تستخدم جزءا من تلك الخلايا لإرسال بيانات مغلوطة لتضليل العدو".
وبرأي عزيزي، فإن إيران اتخذت إجراءات وقائية منذ سنوات لسد الثغرات الأمنية على مختلف المستويات منها:
تطوير برامج وطنية لمنصات التواصل الاجتماعي. حظر استخدام الهواتف الذكية على بعض موظفيها العاملين في قطاعات حساسة مثل القوات المسلحة. عدم ربط كاميرات المراقبة بالشبكة العنكبوتية. تشديد التدابير الأمنية حول منشآتها الحيوية بما فيها المفاعلات النووية والقواعد العسكرية. توطين تكنولوجيا أنظمة الاتصالات مثل البيجر واللاسلكي وغيرها.وخلص الباحث إلى أن سياسة الغموض التي تنتهجها إيران بشأن عمليات الثأر لدماء هنية، تؤكد نجاح تدابيرها الأمنية حتى الآن، وأن الاختراق الأمني لم يتمكن من الحصول على أدنى معلومات عن القضايا التي تعتبرها طهران سرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأجهزة الأمنیة الاختراق الأمنی
إقرأ أيضاً:
FA: هذه فرصة واشنطن لسحب العراق من تحت عباءة إيران
نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لمايكل نايتس وحمدي مالك من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، تحدثا فيه عن التأثير الإيراني في العراق وإمكانية خسارة طهران قطعة من الدومينو في التأثير على المنطقة.
وأشارا إلى أن إيران ومنذ الثورة الإسلامية في 1979 عملت على بناء شبكة من الجماعات الوكيلة والأصدقاء في الشرق الأوسط. وأثبتت استراتيجيتها على مدى السنوات الماضية نجاعة وقادت ببطء لبناء ما صار يعرف بمحور المقاومة.
لكن أحداث العام الماضي أدت إلى إضعاف المحور في المواجهة الإسرائيلية مع حزب الله في لبنان وحركة حماس، إلى جانب خسارتها حليفها الأهم في سوريا بشار الأسد. وتخشى الجمهورية الإسلامية من سقوط حجر جديد في الدومينو.
ويقول الباحثان إن العراق قد يكون المكان المحتمل لحدوث هذا، فالقوى الأمنية في اليمن وإيران قوية بدرجة تمنع من حدوث هذا السيناريو. لكن أتباع طهران في العراق يشعرون بالتوتر، فقد هاجمت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران القوات الأمريكية والأهداف الإسرائيلية بانتظام طوال عام 2024، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في غارة بطائرة بدون طيار في آذار/ مارس من ذلك العام.
لكن يبدو أن هذه الميليشيات غيرت مسارها، فلم تشن أي ضربة منذ أوائل كانون الأول/ ديسمبر، وهي علامة على أنها أصبحت أكثر خوفا من جذب انتباه واشنطن. وقد أبدى الساسة في العراق حرصا أكثر من المعتاد، وحاولوا استرضاء الولايات المتحدة.
وتقود العراق، حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وإطاره التنسيقي، وهو تحالف قريب بشكل وثيق من إيران. لكن فريق السوداني قدم ثلاث تنازلات للمسؤولين الأمريكيين في أواخر كانون الثاني/ يناير: إزالة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأمره بقتل الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، نائب الحشد الشعبي في مطار بغداد، وذلك في ولايته الأولى.
ووافقوا أيضا على الإفراج عن الباحثة في جامعة برنستون إليزابيث تيرسكوف التي تحتجزها كتائب حزب الله المدعومة من إيران.
كما مررت الحكومة العراقية الميزانية التي تطالب بها حكومة كردستان القريبة من ترامب. وتقدم هذه التنازلات صورة عن خوف حلفاء إيران في العراق.
ويرى الكاتبان أن على واشنطن انتهاز فرصة الضعف وتخفيض التأثير الإيراني في العراق وبشكل دائم. ولابد وأن تفعل هذا، ليس من خلال العمل العسكري، بل عبر الدبلوماسية الصارمة والتهديد بالعقوبات والعمليات الاستخباراتية.
ومن شأن هذه الإجراءات أن تحرم إيران من مصدر حيوي للتمويل وتمنح الولايات المتحدة نفوذا في أي مفاوضات مع زعماء النظام تتعلق بالملف النووي.
وما هو أهم، هو أن هذه الخطوات من شأنها أن تؤدي إلى تحسين الحكم في العراق، الذي عانى ولفترة طويل من هيمنة إيران.
لكن الجمهورية الإسلامية تريد الحفاظ على تأثيرها في العراق، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن البلاد تمثل "بقرة حلوب" لها.
فكما نهبت شركة الهند الشرقية قبل عدة قرون ثروات الهند، يعمل الحرس الثوري الإسلامي وجناحه للعمليات الخارجية، فيلق القدس، الشيء نفسه في العراق. فالعراق هو خامس أكبر منتج للنفط في العالم (إيران هي التاسعة) ولا يخضع لأي عقوبات دولية على صادراته النفطية، على عكس إيران ووكلائها.
ونتيجة لهذا، يمكن للحرس الثوري الإيراني والجماعات العراقية الموالية لطهران وحزب الله في لبنان وحتى الحوثيين في اليمن، أن يثروا جميعا من خلال التطفل على اقتصاد العراق.
فإيران، مثلا ، تتجنب العقوبات المفروضة عليها بنقل نفطها إلى مياه العراق حتى يمكن التستر عليه ونقله بأنه نفط عراقي وتصديره إلى الأسواق العالمية.
وتسرق الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، وكلاهما صنفتهما الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية، النفط العراقي بشكل مباشر من الآبار أو من خلال إنشاء شركات وهمية تتلقى الوقود المدعوم من الحكومة بشكل غير عادل.
وفي بعض الأحيان تكون السرقة مخفية ولكن في حالات أخرى تحدث في وضح النهار. ففي عام 2014 تم دمج الحشد الشعبي، وهي مظلة من الجماعات العراقية المسلحة تحت السيطرة الرسمية، وإن بشكل اسمي، مما أدى فعليا إلى إنشاء جيش مواز.
وتتلقى قوات الحشد الشعبي الآن أكثر من 3 مليارات دولار من تمويل الحكومة العراقية كل عام، ومعظمها على شكل رواتب لعناصر الميليشيات البالغ عددهم 250,000 مقاتلا.
ويرفض العديد منهم اتباع أوامر رئيس الوزراء، ويطلقون بدلا من ذلك الصواريخ على القواعد الأمريكية، ويقاتلون في سوريا بناء على طلب إيران. ويأتي البعض إلى العمل فقط في يوم الدفع، ويحصلون على رواتب مقابل عدم القيام بأي شيء عمليا.
وسمحت حكومة السوداني أيضا لقوات الحشد الشعبي بإنشاء تكتل اقتصادي خاص بها، شركة المهندس العامة، التي سميت على اسم أبو مهدي المهندس، الزعيم الذي قتل في غارة جوية أمريكية في كانون الثاني/ يناير 2020.
ويتعاون هذا التكتل مع شركات صينية وشركات يديرها الحرس الثوري الإيراني لتلقي عقود النفط والبناء من الحكومة العراقية.
وتتمتع إمبراطورية الأعمال التابعة للحرس الثوري الإيراني بمزايا هائلة داخل الاقتصاد العراقي، بما في ذلك في السياحة الدينية وواردات الأدوية والنقل والاتصالات والصناعات العسكرية.
ومن الناحية الاقتصادية، تحتاج إيران العراق اليوم أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن الحكومة الإيرانية تواجه تحديات اقتصادية هائلة، فالعملة الوطنية في حالة هبوط مستمر، وأسعار السلع الأساسية ترتفع يوميا. ففي الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 2024 وكانون الثاني/يناير 2025، انخفضت قيمة الريال الإيراني بنسبة 62% وبلغ متوسط التضخم 32%. وبالتالي فإن الاحتيال على العراق هو أحد السبل الوحيدة التي يمكن لإيران من خلالها الحصول على ما يكفي من النقود لتوفير الخدمات الأساسية للإيرانيين وتمويل عمليات التأثير بالمنطقة من مال العراق.
كما أن الحفاظ على العراق، مهم من الناحية الرمزية لطهران، فقد أدى فشل وكلائها وحلفائها في بلدين عربيين إلى جعل الجمهورية الإسلامية تبدو وكأنها مهتزة وقوت من معنويات معارضي النظام.
ومن وجهة نظر طهران، فإن فقدان النفوذ في دولة عربية أخرى، دولة أقرب جغرافيا واجتماعيا إليها من شأنه أن يكون مدمرا وقد يتسبب في تداعيات متتالية في الداخل. فالإيرانيون يسافرون بانتظام إلى العراق للحج والأعمال، وما يحدث في العراق لا يظل هناك. ويخشى النظام في طهران أنه إذا فقد السيطرة على جاره، فمن المرجح أن يفقد السيطرة على شعبه.
وتشير المجلة إلى إخراج إيران من العراق ليس أمرا سهلا، فهي تتمتع بنفوذ كبير داخل الحكومة العراقية مقارنة بالولايات المتحدة. وربما لم تكن طهران قادرة على إدارة كل جوانب الحكم في العراق. لكن طهران تسيطر على بغداد عندما ترى ضرورة لهذا، مثل اختيار رئيس وزراء أو عندما تريد قوة من الحرس الثوري الإيراني المرور عبر العراق.
وتتمتع إيران بخبرة في اختيار الفائزين في الانتخابات العراقية. ففي عام 2018، كانت العقل المدبر وراء صعود عادل عبد المهدي إلى رئاسة الوزراء. وقد أجرى رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في حينه، قاسم سليماني، اختبار ولاء لعبد المهدي، وبمجرد نجاحه، أصدر تعليماته للفصائل الموالية لإيران بدعمه.
كما نجحت طهران في تحريك الخيوط خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق، والتي عقدت في عام 2021، على الرغم من خسارة الفصائل المرتبطة بإيران بهامش كبير.
وبينما حاول المستقلون تشكيل حكومة، شجع الحرس الثوري الإيراني الميليشيات المدعومة من إيران على تغيير قواعد تشكيل الحكومة لصالحهم، والاحتجاج على نتائج الانتخابات، ومهاجمة المنافسين السياسيين جسديا. ونتيجة لذلك، تمكن السوداني وإطار التنسيق المدعوم من إيران من تولي المسؤولية على الرغم من حصولهما على أقلية برلمانية.
وتستطيع أمريكا وقف هذا النمط. ولكنها تحتاج إلى مواجهة جهود إيران بشكل مباشر. فعلى مدى العقد الماضي، تبنت الحكومة الأمريكية نهج الدعم لرؤساء الوزراء العراقيين، بمن فيهم عبد المهدي والسوداني، حتى لو كانوا دمى إيرانية. وكان صناع السياسات في واشنطن يخشون من أن ينزلق العراق إلى حرب أهلية أو أن يستولي عليه تنظيم الدولة. لذلك، كانت هناك حاجة للحفاظ على العلاقات مع الحكومة العراقية وبأي ثمن.
ولم تعد هناك حاجة إلى هذا النهج، فقد انتهى تنظيم الدولة، فيما تعرض التأثير الإيراني في المنطقة لضربة وتم دمج العراق وبشكل كامل في سياقه العربي.
ولهذا يجب أن تظهر واشنطن وفي الأشهر المقبلة قبل الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/ أكتوبر 2025 ألا مصلحة لها في بقاء السوداني رئيسا للوزراء. وعليها ألا تدعوه لزيارة البيت الأبيض هذا العام، الأمر الذي من شأنه أن يرسل إشارة واضحة بأنه لا يحظى بدعمها.
ويجب على السفارة الأمريكية في بغداد أن تراقب عن كثب كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية وأن تدين علنا وتعاقب أولئك الذين يقوضون الديمقراطية.
ويجب أن تكون انتخابات عام 2025 وعملية تشكيل الحكومة اللاحقة حرة ونزيهة، وأن يتأثر بها العراقيون فقط.
ولتأكيد قوة الموقف الأمريكي وإنهاء المهمة على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات أخرى لضمان عدم رضوخ القادة العراقيين للمطالب الإيرانية. وعليها والحالة هذه وضع خطوط حمراء واضحة يمكن للقادة العراقيين فهمها. ويجب أن تتواصل مع العراقيين الذين يخدمون المصالح الوطنية العراقية. وعليها أن تتخذ موقفا أكثر صرامة من النخب العراقية التي تضر بمصالح بلادها من خلال الانحياز إلى إيران.
وقد اتخذت إدارة ترامب بالفعل خطوتين في الاتجاه الصحيح. ففي 4 من شباط/ فبراير أصدرت مذكرة تدعو فيها وزارة الخزانة إلى "فرض عقوبات فورية أو تدابير إنفاذ مناسبة" على أي شخص ينتهك العقوبات المفروضة على إيران. ويشمل ذلك أتباع طهران في الجوار.
وفي 7 آذار/مارس، رفضت الولايات المتحدة تجديد الإعفاء من العقوبات الذي سمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران.
وربما لم تؤد هذه الخطوات لردع جميع قادة العراق ومنعهم من التنسيق مع إيران، فهناك مجموعة صغيرة من النخب التي لا تحب الولايات المتحدة. ولكن الغالبية العظمى من العراقيين لا يدينون بالولاء لطهران أو واشنطن. وبدلا من ذلك، فإنهم ببساطة يتفاعلون مع الحوافز، التي كانت إيران ماهرة في عرضها حتى الآن.
وستمنح هذه المحاولات فرصة لأن يكون لواشنطن اليد العليا مع إيران في المحادثات النووية. إذ تخشى الجمهورية الإسلامية فقدان نفوذها في بغداد، ويمكن لإدارة ترامب استخدام هذا الخوف كوسيلة ضغط في المفاوضات.
ومن خلال إبعاد إيران عن العراق، تتاح لواشنطن فرصة الحد من بصمة طهران العالمية وتحسين فرص التوصل إلى اتفاق يوقف برنامجها النووي. ولهذا يجب على إدارة ترامب أن تغتنم هذه الفرصة.