سودانايل:
2025-03-20@07:54:49 GMT

رحيل هرم شعري ناطق، ومفعم بالتجاوز

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

لم يكونا شاعرين كبيرين فقط، بل صديقين عزيزين جمعت بينهما صداقة ستينية، قديمة، عميقة اقام فيها ود المكي قسطا من الزمن، وسكن احيانا بدار ال عوض الجزولي.
ما بين كمال، ومحمد، كانت اكثر من توأمة، ورباط من صداقة متينة، وذكريات مشتركة، ومحبة مشتركة جمعتهما وامالا عراضا لمستقبل يستحقه هذا الشعب الابي.
كانت، وحين يغيب محمد المكي في مهاجره المتعددة حسب الوظيفة الديبلوماسية والهجرة الاخيرة لبلاد العم سام تشتعل المراسلات، والاتصالات الهاتفية، وينتظر صديقه كمال قدومه على احر من الجمر .

ما ان يحط الرحال، حتى يقوم كمال بتعطيره على المجالس، والجلسات، وينتقلان بعسل المؤانسة من مكان الى مكان،وتتألق الخرطوم، وبيوت المثقفين والفنانين.
سعدت بان كنت شاهدا على ذلك، وواحدا من اولئك ممن تشرفت بيوتهم بزيارتهما معا، بعد مشاهدة فيلمية مشتركة لفيلمي (جراح الحرية).
كانت تلك واحدة من مرات عديدة، استطعت التعرف فيها على الرجل السهل الممتنع، اللطيف، المبتسم، الهادئ، الدمث الخلق، والمعجون بالتواضع الجم، وحب الاخرين.
حزن محمد المكي ايما حزن على وفاة صديق عمره كمال الجزولي، وكانت زيارته للتعزية بالقاهرة بمجرد وصوله لها. ولكن وحسبما كان قد اسر لي الدكتور ابى كمال الجزولي قبل ايام وكان العلم قد نما الى ان شاعرنا قد توفي سريريا منذ دخوله مستشفى الفؤاد، بان ود المكي كان وفي حزنه العميق على غياب صديقه بدا مشغولا في تلك الزيارة بالتعرف من ابى على تفاصيل تحضير جثمان الميت، ودفنه، والاجراءات المتبعة بالقاهرة لتلك الطقوس، وكانه قد اختار الموت، وكانه قد عاد ليموت في مكان اقرب لموطنه الذي احب وعشق.
عاد ليموت ويشيعه من عرف افضاله الثقافية والانسانية علينا بعد ان امتنع الوطن الممزق، المحترق هذه المرة عن الاستقبال، و حيث لم تكن هناك (امته) التي تشتت في بقاع الارض ونزحت ولكن يحمد الى ان احتفظت بكثافة من وجود بقاهرة المعز.
كم كنت اتمنى ان اكون احد المودعين لولا العوائق.
ها ذا اني اشاهد الوجوه وقد تبللت بالدموع، واسمع العويل، وبكاء من عرفوك.
ها ذا اني ارى وداعا جليلا، ضخما يليق بمقامك وقامتك يا محمد المكي، يا من اسعدتنا بحياتك، ومساهماتك الشعرية المتميزة، المتفردة.
اقول باسمك وباسم صديقك وكل من رحل عنا في هذه الظروف القاهرة، العصيبة سوف تتوقف الحرب، سينتصر الشعب، وسينكسر حائط السجن الرمزي الكبير الذي شيدته مؤسسات القهر والقمع التاريخية والمستحدثة، وستشتعل الحقول قمحا ووعدا وتمنى ومدنية.
ستبقى ذكراك خالدة فينا، وفي الاجيال القادمة، ولن تنقطع سقياك لقلوبنا ولذاكرتنا ابدا.
الوداع الوداع، ولا اجد في هذه اللحظات الحزينة ابلغ من مرثيتك لشيخك، وشيخ شعرائنا المحدثين محمد المهدي المجذوب في وداعك المهيب له شعرا عند الرحيل:
من جمالك في الموت

يتخذ الورد زينته

والمواسم حناءها

والعصافير تترك توقيعها في رمالك

برحيلك

ﺃﻇﻠﻤﺖ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﺍﺩﻳﺲ ﺃﺿﺄﻥ

ﺑﺮﺣﻴﻠﻚ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻋﻦ ﺻﻨﺪﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ

ﻳﻘﺘﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ

ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ

ﺗﻔﺘﻘﺪ ﺍﻷﺑﺠﺪﻳﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﺮﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺩﻳﻌﺘﻬﺎ ( ﻟﺆﻟﺆ ﺍﻟﺸﻌﺮ ) ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ

ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺃﺷﻌﺎﺭﻫﺎ

ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ

ﻭﺗﻌﻮﺩ إﻟﻴﻚ ﻃﻔﻮﻟﺘﻚ ﺍﻟﺬﺍﻫﺒﺔ.

 

wagdik@yahoo.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وفاة القمص يوأنس كمال راعي كنيسة رؤساء الملائكة بأم المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

توفى بعد صراع طويل مع المرض، أمس، الأب المبارك القمص يؤانس كمال كاهن كنيسة رئيسي الملائكة ميخائيل وغبريال بمنطقة أم المصريين بالجيزة، التابعة لإيبارشية وسط الجيزة عن عمر بلغ ٧٤ سنة قضى منها ما يقارب ٣٦ سنة فى خدمة الكهنوت.

ولد الأب المتنيح في مدينة ملوي محافظة المنيا يوم ٢٨ مارس ١٩٥١
التحق بالكلية الإكليريكية تخرج فيها عام ١٩٧٠ عينه المتنيح البابا شنودة الثالث شماسًا مكرسًا بكنيسة الشهيد مار جرجس بجزيرة بدران بشبرا كما عمل مدرسًا للدين المسيحي، وواعظًا ومكرسًا بكنيسة الشهيد مار جرجس بالظاهر ما بين عامي ١٩٨٠ و ١٩٨٩.

سيم كاهنًا بيد المتنيح الأنبا دوماديوس مطران الجيزة السابق، يوم ١٠ سبتمبر ١٩٨٩ ونال رتبة القمصية يوم ١٠ يوليو ٢٠٠٧.

حصل على دبلومة في العلوم الكتابية من معهد الكتاب المقدس عام ١٩٩٢، وعمل واعظًا للشؤون الدينية، وصار عضوًا في بيت العائلة المصرية ٢٠١٣. 
جال في العديد من كنائس الكرازة المرقسية بمصر والخارج واعظًا ومعلمًا.
وله العديد من الكتب والمقالات والعظات
سمح له الرب بصليب المرض ولكنه لم يمنعه المرض من أداء خدمته وصلوات القداسات.

وسوف تقام صلوات تجنيزه الساعة الثانية بعد ظهر اليوم الثلاثاء بكنيسة الشهيد مار جرجس بشارع مراد (مقر مطرانية وسط الجيزة).

قداسة البابا تواضروس الثاني يتقدم بخالص العزاء لنيافة الأنبا ثيؤدوسيوس أسقف إيبارشية وسط الجيزة، ولمجمع كهنة الإيبارشية في نياحة الأب المبارك القمص يوأنس كمال، ويلتمس عزاءًا سمائيًّا لشعبه، ولأسرته المباركة، طالبًا لنفسه البارة النياح والراحة النصيب والميراث مع الأربعة وعشرين قسيسًا.

مقالات مشابهة

  • ناطق الحكومة: تهديدات ترامب الفارغة لن تثني أحرار اليمن عن موقفهم المناصر لغزة وفي طليعتهم أنصار الله
  • صور| "اليوم" تقف على قصة خطاط بدأ رحلته من الحرم المكي إلى العالمية
  • الصحفيون وتكريم ود المكي والسمؤال في أمسية رمضانية لها معنى
  • ابنها مهندس وبنتها طبيبة.. «رندة سمير مسعد».. الأم المثالية ببورسعيد: بعد رحيل زوجي كنت أطبخ في البيت وأبيع للمطاعم
  • وفاة القمص يوأنس كمال راعي كنيسة رؤساء الملائكة بأم المصريين
  • ناطق حكومة التغيير: نحث المواطنين على توخي الحيطة والحذر عند مشاركة المعلومات على وسائل التواصل والمنصات
  • حمدان بن محمد: فخورٌ بكل شاب كانت خدمة الوطن جزءاً من حياته
  • مسلسل شهادة معاملة أطفال الحلقة 18 .. أشرف زكي يساعد محمد هنيدي فى معرفة مكان صندوق ذهب عبدالرحيم غلاب
  • ذكرى تاريخية لاغتيال كمال جنبلاط.. رسائل للداخل والخارج!
  • محمد نور يرد على نجوم سلة الاتحاد بعد خسارته التحدي: سأحلق شعري في العيد.. فيديو