محمد المكي أحمد

أي قلب وعقل ووجدان قد رحل ، وأي خيال خصب فقده السودانيون وعشاق الشعر الثوري برحيل الشاعر المبدع ، المفكر،السفير محمد المكي إبراهيم، في القاهرة (29 سبتمبر 2024).

عدد من السودانيين تداولوا خبر وفاته بألم ودعاء ونشروا شعره الذي سكن قلوب الملايين، لأنه خاطب أشواقهم وأحلامهم وتطلعاتهم إلى وطن الحرية والعدالة.



( الأكتوبريات) ..الملحمة الشعرية الخالدة عن ثورة الشعب السلمية في 21 أكتوبر 1964 ما زالت تسكن القلوب.

رحل لكن نبضه ما زال حيا، يستمد منه بنات وأبناء السودان زادا في هذا الزمن الصعب، كي يتم الخلاص من الليل الكالح.

ثقته في الشعب من دون حدود :
باسمك الأخضر يا اكتوبر الأرض تغني
الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني
والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي
باسمك الشعب انتصر
حائط السجن انكسر
والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي

رحل لكنه باق في قلوب وعقول ملايين السودانيين الذين أحبوا شعره وفكره، وستبقى اشعاره مصدر الهام لشعب السودان ، ومصدر طاقة متجددة ، تشعل نيران الغضب الشعبي ضد الطغاة، اليوم أو غدا.

(ود المكي) المولود في العام 1939 مفخرة للسودانيين، ولأهلنا في كردفان، وخصوصا في الأبيض عاصمة إقليم كردفان ، وبارا الخضراء، و( الخيران ) بمزارعها ورمالها النظيفة، وهي قرى ( الطويل والحمرة والبشيري).

من تلك الربوع الخضراء استمد الراحل نضار القلب والوجدان ، فتميز بشعر جميل ،عميق المعاني ، و صاع خياله شعرا أنتج صورا حيوية .

ما أصعب الحديث عنه في سطور عجلى ، لكنني أشير للقاريء العربي أنه درس القانون في جامعة الخرطوم،عمل محاميا لفترة قصيرة، ثم التحق بوزارة الخارجية فصار سفيرا.

اهتم بقضية صراع الهوية في السودان، وهي ما زالت تشكل مصدر أزمات مستمرة، و مزايدات سياسية ، فهل السوداني عربي أم أفريقي؟.

قال في حوار مع ( العربي) "أنني أدخلت الخلاسية في الشعر السوداني" هذه الكلمة ذكرها الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في إحدى قراءاتي له، فاعجبيتني، وأدخلتها في شعري ، فاحتفى بها السودانيون ، خاصة الجنس اللطيف".

النبض السوداني كان حاضرا اذ قال " كنا نسعى لتوطين كل شيء على طريقتنا الخاصة، نأخذ من العربية الفصيحة ونطوعها للبيئة السودانية" أي كان إبن بيئته ومجتمعه ، مع اعتزازه بالانتماء العربي - الإفريقي للسودانيين.

السودانيون أحبوا ( الخلاسية)، إذ قال:
الله يا خلاسية
ياورد بااللون مسقية
بعض الرحيق انا والبرتقالة أنت
يا مملوءة الساق أطفالا خلاسيين
يا بعض زنجية وبعض عربية
وبعض أقوالي أمام الله

هذا النبض أبدع في وصف ( الخلاسية) وهو يقول لنا هكذا يكون الوطن جميلا حينما ندرك جماليات التمازج والتفاعل العربي الإفريقي في وطن قارة، متعدد الأعراق والثقافات .

من صفاته أنه كان أمينا ومنصفا، قال في حوار صحافي إن " الشاعر محمد المهدي المجذوب سبق أبناء جيله وسجل اعترافه باصولنا الخلاسية في العديد من قصائده" .

عن شعره الثوري الأكتوبري قال" عندما تغنى به الفنان الكبير محمد وردي منحنى شهرة واسعة، لذا يرجع له الفضل الكبير في ذلك، كان (وردي) يحب الشعر الثوري".

محمد المكي إبراهيم شخصية متعددة السمات....

أعزي أسرة الفقيد وأهله، أهلنا، وشعب السودان وعشاق شعره ، كما أعزّي زملاءه وأصدقاءه ، وأهلنا في ربوع ( كردفان) .
( إنا لله وإنا إليه راجعون)
لندن- 29 سبتمبر 2024

modalmakki@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

لم يحلق شعره بسبب الاحتلال البريطاني.. حكاية جد سهير الباروني صديق «المختار»

تعد الفنانة سهير الباروني، واحدة من أبرز الممثلات في القرن الماضي، اللاتي اشتهرن بأدائهن الكوميدي، منذ انطلاق مشوارها في عالم الفن، مع منتصف فترة الخمسينيات، وحتى وفاتها عام 2012، وظهورها الأخير في مسلسل فرقة ناجي عطالله مع عادل إمام.

ودائمًا ما تكون سهير الباروني ضيفة على صفحات منصات التواصل الاجتماعي، بسبب إفيهاتها، ولازماتها، خاصة في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، وتجسيدها شخصية «فتحية» زوجة «سيد كشري»، الذي عرض مع منتصف التسعينيات بالقرن الماضي، دون أن يدرك الكثيرون أن جدها لوالدها، هو أحد رجال المقاومة في ليبيا، وصديق عمر المختار.

جذور سهير الباروني ليبية

وأكدت سهير الباروني، في لقاء سابق مع صفاء أبو السعود، خلال برنامج «ساعة صفا»، أنها مصرية 100%؛ إذ وُلد الأب بمصر، رغم أن الجذور ليبية، وكان جدها سليمان باشا الباروني، مجاهدا ضد المستعمرين بصحبة عمر المختار.

وأشارت سهير الباروني إلى أن جدها سليمان الباروني، أقسم أنه لن يحلق ذقنه أو شعره إلا مع خروج الاحتلال البريطاني من ليبيا، ومن ثم نفذ وعده ولم يقترب من خصلات شعره، وتركها تنساب على ظهره.

سليمان باشا جد سهير الباروني

وفي عام 2020، أنتجت ليبيا مسلسل سيرة يحمل اسم «الزعيمان»، تناول السيرة الذاتية لكل من سليمان الباروني والبشير السعداوي، ومشوار الكفاح ضد الاستعمار البريطاني، وبالتحديد في الفترة من 1880 حتى 1923، من إخراج أسامة رزق، كتابة أحمد نبيل وعزة شلبي.

مقالات مشابهة

  • رئيس وأعضاء مجلس السيادة ينعون الأديب والدبلوماسى محمدالمكي إبراهيم
  • سيبقى شعر محمد المكي إبراهيم الناضح بالحكمة والجمال ما بقيت أمتنا!
  • السودان يودع محمد المكي إبراهيم
  • أطفال جنوب كردفان.. من لم يمت بالرصاص والجوع مات بالحشائش السامة
  • الموت يغيب الشاعر السوداني الكبير محمد المكي إبراهيم
  • لم يحلق شعره بسبب الاحتلال البريطاني.. حكاية جد سهير الباروني صديق «المختار»
  • انقطاع التيار الكهربائي في ولايات كردفان الكبرى
  • محمد وداعة: ام .. المعارك
  • صدور العدد الجديد من مجلة التراث العربي عن اتحاد الكتاب العرب