مُذَكِّرَاتُ مُغْتَرِبٍ في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (٢٤)
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
وللحادِثِ الأليمِ تدَاعِياتٌ ومُعقِّبات . قامَ الأستاذ عادل ( أبو أحمد من الآن فصاعداً )
ً ) في ليلةِ الحادثِ بِتبلِيغِ الخَبرِ للأقرَبينَ مِن الأُسرَتين الذِين كانوا داخلَ المملكة فبَدأ بأخي الأصْغَر زينِ العابدين الذي كانَ يُقيم في الرِّياض ثُمّ أبلغَ أخْوَانَ المَرحُومة : عبدَ الرحمن كانَ مُوظَّفاً في بنكِ الرَّاجحي فرعِ الجُبيل ، عبدَ المُنعِم مهندساً زراعياً بالخَرج ، بهاءَ الدِّين طبيباً بيطرياً بمنطقةِ الأحسَاء ، وحُسين مُهندِساً معمارياً بالرِّياض وقتَها ومعه والِدتُهم التي التقيناها في المدينةِ المُنورة .
فاتني أنْ أذكُرَ في الحلقة السَّابِقة أنَّ " أمَّ أحمد " قد أُغمِي عليها حينَ وصَلها خبرُ الحادِث وفقدتْ الوَعي لوقتٍ طويلٍ حتى اضْطُّروا لإسعافِها.
كانَ الخبرُ صادِماً للجَميع ولم يَستوعِب إخوة أسماء وأمُّهم ما حدثَ على أنّه قدرٌ مقدُور وأنَّ " كُلُّ نفسٍ ذائِقةُ المَوتِ " و " أيْنَما كُنتُم يُدرِكُكم الموتُ ولو كُنتم في بروجٍ مُشَيَّدةٍ " .
كانتْ أمُّ أسامة بالنِّسبةِ لأسرَتها وأهلِها جميعاً رَائدةَ العقلِ والحِكمةِ والخُلُقِ والمَرحِ والسَّرِيرةِ البَيضًاء والكَرمِ ، وكانوا بها يَستَرشِدون وبتوجِيهها يَستنصِحون . وقد شَهِدتْ إحدى النِّساءِ مَن دِيارِ أسماء كانتْ وأسرَتُها تسكنُ في الجبيل الصِّناعية ، فقالتْ لي بعد الحادِث بِعدّة أيّام " حَلفتَ باللهِ زي أسماء عابدين مافي في قُرانا الخَمسة دي " وقالتْ " حَلاَّلْنا " بَدَل قُرانا باللَهجَة السُّودانية . وقَريتُهم كانتْ " القُصَيْرَة " ريفي الحاج عبد الله وتبعدُ حوالى ٢٠ كم جنوب مدني على طريق مدني سِنَّار .
تَخَرَّجتْ أم أسامة في كليةِ الزِّراعة جامِعة الخُرطوم وتَخصَّصتْ في " الغابات " .
وصلَ الجَميعُ إلى الخفجي قبل فجرِ اليومِ التالي للحادِث . أكملَ أبو أحمد والمُقرَّبُون إليه جميعَ الاجراءاتِ المُتعَلقة بشهادةِ الوفاةِ وتقريرِ الشُّرطةِ والمُوافَقةِ على الدَّفنِ في يومٍ واحدٍ . وقد كانتْ علاقاتُه بأهلِ البلدِ وشُرطتِهم طيِّبةً . تمَّ التَّحقيقُ معي بواسطةِ الشُّرطة داخِل المُستشفى وقد كانَ دقيقاً وأميناً إذ ثبتَ لدَيهم أنَّ صاحِبَ الكابرِس مُخطئٌ بنسبة ١٠٠ %. وللمُفارَقةِ ، فقدْ كانَ سائقُ الكابرس شُرطِياً جاء مِن مدينة " النِّعيرِية " هو وزميلهُ الذي كان يُرافِقُه لحُضورِ حفلِ زَفَافٍ . ولمْ يُصَبْ هو بأذىً وأُصِيبَ زميلُه بِخُدوشٍ خفِيفةٍ .
قامَ الأهلُ والأقاربُ والأصهَارُ والسُّودانيون المُقيمون والسَّعوديون بتًشيِيعِ الجَثامِين بعد استلامِها من المُستشفى ودفنِها في مقابرِ البلدةِ . قضَى إخوةُ أمِّ أسامة وأمُّهم يومين بعد الدَّفنِ في ضِيافةِ أبو أحمد وأهله. كانوا يَزورُونَنا في المُستشفى وكنتُ أقرأُ في أعْينهِم الشَّكَ حولَ الحادثِ وصَيرُورَته ، وكيف أنّني لمْ ...! !
ذهبَ الطَّبيبُ البَيطري في إحدى الأمْسَياتِ التي قَضَاها بالخفجي إلى مكانِ الحادِث لِيَرى السَّيارةَ التي أَهلَكتْ أختَه وكيفَ أصبَحتَ بعد الحادِث . لمْ يُصَدِّق لمّا رأى تَحَطُّم السّيارة على جانِبها الأيْمَن أنني ... إلا أنْ أكونَ قد قفزتُ منها مع سَبقِ التَّخطِيط وتركتُ أختَه لِحَتفِها!!! ذلك ما خرجَ به مِن مكانِ الحادثِ ونَسيَ قلبَه وعقلَه ودِينَه ونَسيَ كُلَّ تاريخِ الشَّريف مَعَهم منذُ أحبَّ أسماءَ وهي طالبةٌ بكُليةِ الزِّراعةِ بشَمبَات وكانَ يَغشَاها بِداخِليات البَناتِ عند كلِّ إجازةٍ عند عَودَتِه من السَّعودية قبل أنْ يُواصِلَ مِشوارَه إلى أهلِه في الجَزِيرة . ليسَ ذلك فَحَسْب ، بلْ كانَ بعضُ إخوانِها قد سكَنُوا معي وأولادي في وقتٍ ما في الجبيل وكذلك سكنَ معي صِهراهُ ( اثنان أزواجُ أخَواتِه وأخَواتِ المَرحُومة ) في نفسِ البلدةِ والشّقَة في أوقاتٍ مُتَفرِقة . لا أذكرُ ذلك مِنَّةً وتَفضُّلاً وإنَّما لأُشِيرَ فقط إلى ما رَأوْهُ وعايَشُوهُ معنا مِن المَوَدةِ والتَّقديرِ والحُبِّ . ثُمَّ أغُضُّ الطَّرفَ عن كلِّ جَميلٍ آخَر حتّى تَرقُد أسماءُ في صَفاءٍ لا يَشوبُه كَدَر .
قامَ سَعادةُ الطَّبيبُ البيطري بإبلاغِ ما رأتْ عينُه وصّوَّر عقلُه وقلبُه إلى أمِّه وإخْوتِه واكتملتْ الظُّنونُ وتَوثَّقتْ بِضَعفِ الإيمانِ وقِلَّةِ التَّدبُّرِ ونُكرَانِ الجَمِيلِ . حَسْبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكِيلْ .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
m.omeralshrif114@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أبو أحمد الحاد ث
إقرأ أيضاً:
أبو عبيدة: سنفرج غدا عن 3 من أسرى العدو (أسماء)
وقال أبو عبيدة في منشور عبر صفحته على "تلقرام": إنه في إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى، قررت كتائب القسام الإفراج يوم غد السبت عن الأسرى الصهاينة التالية أسماؤهم: ساشا الكسندر تروبنوف، ساغي ديكل حن، يائير هورن.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد أكدت، أمس الخميس، الاستمرار في موقفها بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد.
جاء ذلك في أعقاب مباحثات أجراها وفد "حماس" برئاسة د. خليل الحية رئيس الحركة في غزة رئيس الوفد المفاوض، مع الوسطاء لبحث مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، خاصة في أعقاب الخروقات الإسرائيلية المتتالية.
وقالت "حماس" في تصريح صحفي، إن وفدها عقد اجتماعاً في العاصمة المصرية القاهرة، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، كما أجرى مباحثات هاتفية مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري.
وأوضحت أن وفد الحركة عقد اجتماعات وأجرى اتصالات مع مسؤولي ملف المفاوضات في مصر وقطر، وكذلك مع فرق العمل الفنية للوسطاء، والتي تتابع تنفيذ الاتفاق بكل جوانبه.
وتركز البحث خلال اللقاءات والاتصالات، على ضرورة الالتزام بتطبيق بنود الاتفاق كافة، خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء أهالي غزة، وإدخال - بشكل عاجل - البيوت الجاهزة "الكرفانات" والخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود، واستمرار تدفق الإغاثة وكل ما نص عليه الاتفاق.
وقالت "حماس" إن المباحثات سادتها "روح إيجابية"، وأكد الوسطاء في مصر وقطر متابعة كل ذلك لإزالة العقبات وسد الثغرات.
وعليه، أكدت "حماس" الاستمرار في موقفها بتطبيق الاتفاق، وفق ما تم التوقيع عليه، بما في ذلك تبادل الأسرى وفق الجدول الزمني المحدد.
ومساء الاثنين الماضي، أعلن الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أبو عبيدة، إن قيادة المقاومة قررت تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم 15 شباط حتى إشعار آخر، ردا على خروقات عديدة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبدورها، أوضحت حركة "حماس"، على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع أن الحركة جاهزةٌ لاستئناف تبادل الأسرى، إذا التزم العدو استحقاقات المرحلة الأولى من الاتفاق.