عام من الحرب في الشرق الأوسط، لم تتمكن خلالها الدول من لجم آلة القتل والتدمير، وهو فشل يعكس عالماً مضطرباً مؤلفاً من سلطات غير مركزية من المرجح أن تتمكن من الاستمرار. في السياق، اشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن، دعت مراراً وتكراراً إلى البدء بمفاوضات بين إسرائيل وحماس لإنهاء القتال في غزة، وقالت إنها على وشك تحقيق انفراج، لكنها باءت بالفشل.

إن المحاولة الحالية التي يقودها الغرب لتجنب حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله في لبنان ترقى إلى مستوى الاحتشاد لتجنب الكارثة. وتبدو فرص نجاحها غير مؤكدة إلى حد كبير، بعد قيام إسرائيل باستهداف أمين عام حزب الله حسن نصر الله.

وقال الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس: "هناك قدرة أكبر في أيدٍ أكثر، في عالم تعتبر فيه القوى غير المركزية، أقوى بكثير من القوى المركزية.. إن الشرق الأوسط هو مثال أساسي على هذا التشرذم الخطير".

وترى الصحيفة أن اغتيال نصر الله، يترك فراغاً من المرجح أن يستغرق حزب الله وقتاً طويلاً لملئه. إنها ضربة قوية لإيران، وقد تؤدي حتى إلى زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستندلع حرب واسعة النطاق في لبنان. ولسنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي يمكنها ممارسة ضغط بناء، على كل من إسرائيل والدول العربية. لقد هندست اتفاقات كمب ديفيد عام 1978، وقبل ما يزيد قليلاً عن ثلاثة عقود، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في حديقة البيت الأبيض باسم السلام، ليتآكل بعد ذلك الأمل الهش لذلك العناق، بشكل مطرد.

ومذاك تغير العالم، وكذلك أعداء إسرائيل الأساسيون. إن قدرة أميركا هامشية في التأثير على إيران، عدوتها العنيدة لعقود، وعلى المجموعات الداعمة، مثل حزب الله، وحماس. وتتمتع الولايات المتحدة بنفوذ دائم على إسرائيل، لا سيما في ما يتعلق بمساعدات عسكرية تتضمن حزمة بقيمة 15 مليار دولار وقعها الرئيس جو بايدن هذا العام. لكن التحالف الصارم مع إسرائيل المبني على اعتبارات سياسية استراتيجية ومحلية، فضلاً عن القيم المشتركة لديمقراطيتين، يعني أنه من شبه المؤكد أن واشنطن لن تهدد أبداً بوقف تدفق الأسلحة، ناهيك عن وقفه.   إن الرد العسكري الإسرائيلي الساحق في غزة  قد أثار توبيخاً خفيفاً من جانب بايدن. على سبيل المثال، وصف تصرفات إسرائيل بأنها "تجاوزت الحدود". لكن الدعم الأميركي لإسرائيل كان حازماً مع ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة إلى عشرات الآلاف، كثير منهم من المدنيين. وكانت القوى الأخرى في الأساس متفرجة مع انتشار سفك الدماء. إن الصين، وهي مستورد رئيسي للنفط الإيراني وداعمة رئيسية لأي شيء قد يضعف النظام العالمي، الذي تقوده الولايات المتحدة والذي خرج من تحت الأنقاض عام 1945، ليس لديها اهتمام كبير بارتداء عباءة صانع السلام. كما أن روسيا ليس لديها ميل كبير لتقديم المساعدة، وخاصة عشية انتخابات الخامس من تشرين الثاني في الولايات المتحدة. فروسيا، التي تعتمد على إيران في تكنولوجيا الدفاع والمسيّرات في حربها المستعصية في أوكرانيا، ليست متحمسة أكثر من الصين، حيال أي علامات تشير إلى انحدار أميركي أو أي فرصة لإغراق أميركا في مستنقع الشرق الأوسط. وفي غياب أي رد دولي متماسك ومنسق، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وزعيم حماس يحيى السنوار، والعقل المدبر لهجوم 7 تشرين الاول، لا يواجهان أي عواقب في اتباع مسار مدمر، لا تبدو نهايته واضحة، لكنه سينطوي بالتأكيد على خسارة المزيد من الأرواح. (24.ae)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 في خطوة مهمة للغاية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير 2025 قرارًا جمهوريًا رقم 35 لسنة 2025، يقضي بتخصيص مساحة 52.5 فدانًا من الأراضي المملوكة للدولة في جنوب سيناء لصالح الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، بهدف إقامة ميناء طابا البحري. 

هذا القرار جاء ردًا على المقترحات الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء، وتحويل قطاع غزة إلى مركز لوجستي يخدم المصالح الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، سعت إسرائيل إلى إنشاء ممر بحري بديل لقناة السويس، يُعرف باسم "قناة بن جوريون"، يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. يُعتبر تطوير ميناء طابا ردًا عمليًا من مصر على هذه المخططات، حيث يعزز من سيادتها على الممرات البحرية ويحول دون تحقيق أي مخططات تهدف إلى تقليل دورها الاستراتيجي في المنطقة.

وفي إطار تعزيز البنية التحتية اللوجستية، تعمل مصر على تطوير شبكة طرق وموانئ لوجستية، بالإضافة إلى مشروعات أخرى في أفريقيا مثل مشروع "النسر" الذي يربط ليبيا وتشاد بمصر. تهدف هذه المشروعات إلى مواجهة محاولات عزل مصر عن عمقها العربي والأفريقي، خاصة بعد محاولات إثيوبيا للتواصل عبر ميناء بربرة في الصومال. تُعتبر هذه الخطوات استباقية لحماية الأمن القومي المصري ومواجهة أي محاولات لتغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة.

ولذا تُعتبر هذه التحركات جزءًا من صراع أكبر بين مصر ومخطط الشرق الأوسط الجديد، حيث تُركز الاستراتيجيات على تطوير مشاريع بنية تحتية لوجستية لتعزيز النفوذ الإقليمي. في هذا السياق، يُعتبر مشروع ميناء طابا خطوة استراتيجية لتعزيز موقع مصر كمركز لوجستي عالمي، ومواجهة التحديات والمخططات التي قد تهدف إلى تقليل دورها في التجارة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر ميناء طابا جزءًا من استراتيجية مصرية أوسع لتعزيز الربط اللوجستي مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر شبكة من الموانئ والطرق التجارية. من خلال تطوير ميناء طابا، تسعى مصر إلى تعزيز موقعها كمحور رئيسي في هذه المبادرة، مما يساهم في جذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين. ومن خلال هذا المشروع، تُظهر مصر التزامها بتطوير بنيتها التحتية وحماية مصالحها الوطنية، مما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: السلام العادل ممكن بقيادة الولايات المتحدة وبالتعاون مع أوروبا
  • ويتكوف يتوقع تحقيق تقدم كبير في محادثات أوكرانيا هذا الأسبوع
  • وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط وكبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة
  • مسؤول أوكراني: اقتراح هدنة في الجو والبحر خلال المباحثات مع الولايات المتحدة
  • حرب العاشر من رمضان | كيف استعادت مصر سيناء من الاحتلال الإسرائيلي
  • ‏اندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه
  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • قطر تطالب بإخضاع منشآت إسرائيل «النووية» لإشراف «وكالة الطاقة الذرية»
  • رئيس البرلمان الإيراني: لن ننتظر وصول أي رسالة من الولايات المتحدة
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها