التبوريدة.. تواصل مسابقات الفروسية التقليدية بالمغرب رغم مخاوف الانقراض
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
شهدت العاصمة المغربية الرباط أمس الجمعة عروضا ضمن مسابقات "التبوريدة" لرياضة الفروسية التقليدية المدرجة ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي.
و"التبوريدة" فن فروسية تقليدي معروف في المغرب، وهو استعراض للفرسان يحاكي معارك التحرير واحتفالات الانتصار، حيث تنطلق الخيول في سباق لنحو مئة متر ينتهي بإطلاق النار في الهواء.
وترجع فنون الفروسية المغربية التقليدية أو "التبوريدة" إلى القرن الـ15 الميلادي، واسمها مشتق من البارود الذي يطلقه الفرسان من بنادقهم أثناء الاستعراض، وهي عبارة عن مجموعة من الطقوس الاحتفالية المؤسسة على أصول وقواعد عريقة جدا في أغلب المناطق المغربية، خصوصا في المناطق ذات الطابع البدوي.
وتتعدد المناسبات التي يحتفل بها المغاربة، والتي تتخللها عروض من فن "التبوريدة"، مثل حفلات الأعراس والعقيقة والختان، إضافة إلى المواسم الدينية والاجتماعية.
وتمثل هذه الوصلات الفنية المغرقة في الرمزية اختزالا للطقوس الكرنفالية والفلكلورية لدى المغاربة، والتي ينسجم فيها اللباس مع الغناء والرقص والفروسية والأضحية والنار في سياق متناغم.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) "التبوريدة" في قوائمها للتراث الثقافي غير المادي العالمي.
مباريات بالرباطبدأت مباريات "التبوريدة" أول أمس الخميس، وتستمر حتى غد الأحد 13 أغسطس/آب الجاري، وتنظمها بلدية يعقوب المنصور في الرباط، وشهد يوم أمس الجمعة منافسة كبيرة بين المتسابقين، كما شهد المضمار حضورا جماهيريا كبيرا.
وشارك في منافسات هذه الدورة 50 سربة (فرق مكونة من 20 فارسا)، 3 منها نسائية، وشهدت مسابقات الجمعة مشاركة العديد منها، حيث يبدأ العرض باصطفاف الفرسان في صف مستقيم يتقدمهم "المقدم" (قائد السربة).
ويتميز المقدم بلون لباسه التقليدي الخاص المكون من جلباب وسلهام (لباس تقليدي أمازيغي مغربي)، فيما يرتدي كل الفرسان لباسا تقليديا موحدا من حيث اللون وشكل الخياطة.
وشهدت العروض حضورا جماهيريا كثيفا، خصوصا أن الحلبة التي تحتضنها تقام قرب شاطئ المدينة.
تراث عريقوتعد "التبوريدة" طقسا احتفاليا وفلكلوريا عريقا لدى المغاربة، وهي ليست وليدة العصر، لذلك باتت مرتبطة في أذهانهم بتقاليد وعادات تجمع بين المقدس والدنيوي، حيث تصاحبها مجموعة من الأغاني والمواويل والصيحات المرافقة لعروضها، والتي تحيل إلى مواقف بطولية.
وهي تمجد البارود والبندقية التي تشكل جزءا مهما من العرض، خاصة عندما ينتهي بطلقة موحدة مدوية تكون مسبوقة بحصص تدريبية يتم خلالها ترويض الخيول على طريقة دخول الميدان، وأيضا تحديد درجة تحكم الفارس بالجواد.
وتشكل "التبوريدة" جزءا لا يتجزأ من التراث المغربي الأصيل الذي يعيد الذاكرة الشعبية والمتفرجين في مناسبات عديدة إلى عهود مضت، وهنا يمكن القول إن المغاربة الذين يمتلكون الخيول المدربة على "التبوريدة" هم من علية القوم في القبيلة وأصحاب خبرة وشأن عظيم ونخوة ومكانة في البلاد.
وترافق استعراضات فرق الخيالة (البواردية) أهازيج شعبية، مثل "الطقطوقة" الجبلية ووصلات "النفار" وفرق "الطبالة" و"الغياطة" و"الكوامانجية"، وهي عناصر متلازمة في كل الحفلات العمومية والمواسم والمهرجانات الشعبية.
فن مهدد بالانقراضويؤدي فن "التبوريدة" فرسان قد يصل عددهم إلى مئة فارس ينتظمون في خط مستقيم، يقودهم فارس يسمى "العلام"، وهو الذي يحدد لهم وقت البداية ومدة الاستعراض ووقت الانطلاقة السريعة نحو خط النهاية وتوقيت طلقة البارود، وكلما كانت الطلقة منسجمة وموحدة كان التشجيع والتصفيق والزغاريد، وكلما كانت الطلقات متناثرة ومشتتة غضب العلام ومعه الجمهور.
ويحتاج فن "التبوريدة" إلى تدريب كبير ومستمر من أجل ترويض الجواد على طريقة دخول الميدان والعدو في انسجام تام مع باقي الخيول، ويكون "العلام" هو المسؤول عن تنظيم الفرقة عند خط البداية وإعطاء إشارة الانطلاق وإشارة الوقوف الذي يعد بمثابة سيطرة على الجواد.
وللحفاظ على اللياقة البدنية للفرس يحتاج صاحبه إلى ترويضه باستمرار والعناية به وفق برنامج مضبوط وصارم من العلف والتدريب والتنظيف والعناية.
ويتخوف كثيرون من انقراض هذا الفن العريق، خاصة أن من يحافظ على هذا التراث هم من الفلاحين البسطاء الصامدين في البوادي، في ظل غياب أي دعم من المؤسسات الرسمية التي يفترض فيها السهر على تقديم المساعدات لهؤلاء بغية الحفاظ على التراث الرمزي للبلاد، خاصة في الأيام العصيبة، وفي مواسم الصيف التي تتطلب من الفرسان مصاريف لرعاية خيولهم والتنقل إلى حلبات السباق في المواسم والمهرجانات.
ويعول عشاق هذا الفن التراثي ومحترفوه على إقبال أجيال جديدة عليه للحفاظ على رأسمالهم الرمزي الذي توارثوه عن أجدادهم، وقد ظهرت سربة (تشكيلة فرسان) القواسم وسربة عبدة وسربة بنسليمان وسربة أولاد حدو وغيرها.
وأصبحت هناك مهرجانات خاصة بـ"التبوريدة" بدل كونها مجرد وصلات مؤثثة للموسم أو المهرجان إلى جانب عروض أخرى، كما أن "التبوريدة" لم تعد حكرا على الرجال، بل ظهرت فرق نسائية خاصة من الخيالة يزداد عددها في المهرجانات سنة بعد أخرى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
للمرة الاولى منذ 50 عاما .. تساقط الثلوج بالمغرب
الثورة نت/..
شهدت عدة مناطق في المغرب تساقطًا للثلوج خلال يومي 29 و30 يناير، حيث تفاوتت الكميات بين الأقاليم وفقًا للارتفاعات الجبلية. وقد سُجلت أعلى كمية من الثلوج، وبحسب ما كشفته منصة “الما ديالنا”، في منطقة بويبلان بإقليم تازة، حيث بلغ سُمك الثلج 30 سم، مما يجعلها المنطقة الأكثر تساقطًا للثلوج في هذه الفترة.
في إقليم صفرو، وصلت سماكة الثلوج في إموزار كندر إلى 20 سم، بينما سجلت غياثة الغربية كمية أقل بلغت 6 سم. أما في إقليم ميدلت، فقد غطت الثلوج إيتزر بارتفاع 20 سم، في حين بلغت في جبل العياشي 8 سم فقط.
أما إقليم ورزازات، فقد شهدت مناطق أمازري وإمينولاون تساقطات بلغت 6 سم، بينما سجلت منطقة إغرم نوغدال كمية أقل لم تتجاوز 4 سم.
في إقليم إفران، بلغ سُمك الثلوج في حبري 12 سم، بينما سجلت منطقة ميشليفن 10 سم، وكان نصيب جبل حيان 3 سم فقط. أما في إقليم بولمان، فقد وصلت كمية الثلوج في المركز إلى 3 سم.
في إقليم الحوز، تراوحت الكميات بين 4 سم في أوكيمدن و7 سم في جبل موريك. كما سُجلت تساقطات أخرى في جبل أزوركي وجبل آيّوي بلغت 5 سم لكل منهما، بينما كانت الكمية في جبل رات 3 سم.
وفي إقليم أزيلال، سُجلت أدنى الكميات مقارنة بالمناطق الأخرى، حيث بلغت 2 سم فقط في عدة مناطق مثل جبل إغورساط وجبل آيت روتين وتامدة وآيت عبدي. كما شهدت تزي ن آيت إيمي وأسم سوق تساقطات وصلت إلى 3 سم.
,شهد إقليم الحسيمة تساقطات ثلجية خفيفة، حيث تراوحت سماكة الثلوج بين 1 و3 سم في بعض المناطق الجبلية. سجل جبل تيدغين أعلى كمية بـ 3 سم، يليه جبل تيزي إفري وجبل الأرز بارتفاع 2 سم لكل منهما. أما جبل تازورت وجبل باب ناضور، فقد بلغت كمية الثلوج المسجلة 1 سم فقط.
تعكس هذه الأرقام تباين كميات الثلوج بين المناطق، حيث كان نصيب الجبال العالية أكبر مقارنة بالمناطق الأقل ارتفاعًا. وتظل هذه التساقطات مهمة لدعم الموارد المائية والاستفادة منها مستقبلا.