عربي21:
2024-09-30@08:15:16 GMT

الإعلام الإسرائيلي... أزهى عصور التعتيم!

تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT

في رسالته بمناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، في 3 مايو (أيار) الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن فزعه للعدد الكبير من الصحافيين الذين قُتلوا في العمليات العسكرية الدائرة، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، في غزة.

لقد قُتل عشرات الصحافيين المعنيين بتغطية أحداث تلك الحرب، وبسبب تصاعد وتيرة القتل، والغياب المُتعمّد لآليات التدقيق والتقصي، لم يعُد بالإمكان إحصاء عدد الصحافيين والإعلاميين القتلى على نحو دقيق، لكن بعض التقديرات تتحدث عن مقتل ما يزيد على مائة صحافي، واعتقال العشرات.


وفي الأسبوع الماضي، طالبت 15 وسيلة إعلام ألمانية كبرى بإتاحة الفرص لصحافييها للدخول إلى قطاع غزة، للقيام بدورها الضروري في تغطية الأحداث، عادّة أن منع دخولها القطاع لممارسة عملها «سابقة غير معهودة في التاريخ».

وبالتوازي مع ذلك، توالت الأنباء عن قصف وتدمير مقار لوسائل إعلام دولية وإقليمية ومحلية في القطاع المنكوب بالحرب، فضلاً عن ملاحقة السلطات الإسرائيلية عدداً من الصحافيين بتهم ارتباطهم بحركة «حماس»، والعمل لصالحها، وهي اتهامات قُدّمت من دون أدلة دامغة في أحيان عديدة.
ولم تكتفِ إسرائيل في سياساتها الرامية إلى تعقيم المجال الإعلامي المواكب للحرب بتلك الممارسات، لكنها فرضت أيضاً رقابة عسكرية صارمة على وسائل الإعلام المحلية بشقيها «التقليدي» و«الجديد»؛ إذ بات من الصعب جداً الحصول على صور أو فيديوهات أو تقييمات ميدانية للأوضاع على الأرض، وهو الأمر الذي غيّب الجمهور عن معرفة كثير من الحقائق الضرورية لإدراك تأثيرات الحرب وتطوراتها.

ترسم هذه الوقائع صورة لما أرادته إسرائيل بخصوص المواكبة الإعلامية لحربها، التي بدأت مع «حماس»، ثم امتدت إلى لبنان مع «حزب الله»؛ إنها استراتيجية تعتيم متكاملة، تستهدف السيطرة على الصورة الذهنية عن تأثير الحرب، بما يُمكّن قادة الدولة العبرية من التصرف من دون ضغوط إعلامية، وبأقل قدر ممكن من المحاسبة الشعبية.

والشاهد، أن للحرب جانبين؛ أحدهما مادي، تحدده ديناميات القتال على الأرض، ونتائجها العملية، وثانيهما معنوي، تحدده صورة كل طرف من أطرافها خلال عمليات القتال وبعده، ويبدو أن إسرائيل أولت اهتماماً بالغاً بتلك الصورة، ويبدو أيضاً أنها تحقّق نجاحاً عملياً باطراد.

فلم تكن إسرائيل، منذ إنشائها، غافلة عن الأثر الكبير للصورة الذهنية والسمعية في مجريات صراعها مع العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، بل على العكس تماماً؛ إذ تثبت مراجعة أدبيات الهندسة الإعلامية وإدارة مجال الرأي العام المواكب للصراع من الجانب الإسرائيلي، وجود درجة عالية من الحساسية والوعي بأهمية هذا المجال.

فغداة إعلانها، بدأ رئيس الوزراء، آنذاك، ديفيد بن غوريون، تأسيس عدد من الهيئات والمنظمات، التي رأى أنها ضرورية وحيوية لتعزيز الدولة الوليدة، التي «تعيش في محيط من العداء، وتواجه التحديات الجسام».

ومن أولى الهيئات التي حرص بن غوريون على تأسيسها، آنذاك، «هيئة رؤساء تحرير الصحف»، وهي الهيئة التي ألزمت السلطات من خلالها جميع رؤساء التحرير في صحف الدولة كافّة بالاشتراك في عضويتها، والامتثال لقراراتها.

تحدّث بن غوريون، في اجتماع تدشين «هيئة رؤساء تحرير الصحف»، ليعطيهم ما يمكن وصفه بالتوجيه الاستراتيجي لعملهم، فقال: «يجب علينا أن نزن أقوالنا، ولا نعطي العدو معلومات، ولا نزرع الفتنة والفوضى في شعبنا».

صحيح أن إسرائيل سعت لاحقاً إلى تطوير استراتيجيتها الإعلامية في مواكبة حروبها ونزاعاتها العنيفة إلى ما اُصطلح على تسميته «كسب العقول والقلوب»، لكن تلك الاستراتيجية لم تصمد قط عندما احتدمت النزالات الكبرى؛ إذ ظلّت الرغبة في التعتيم أكثر تأثيراً في الممارسات الفعلية.

لم تكن الشكوى من سياسة التعتيم الإسرائيلية على مجريات الحرب في غزة ولبنان، خصوصاً ما يتعلّق بتأثيرها في الداخل الإسرائيلي، عالمية أو عربية فقط، لكن بعض وسائل الإعلام العبرية اشتكت أيضاً من خطورة تلك السياسة.

إنها سياسة تعتيم بارعة ومكتملة الأركان وناجعة إلى حد كبير، وأهم ما يميّزها أنها تحدث بسلاسة واطراد، وتحت شعارات براقة عن الحداثة، والديمقراطية، والرغبة في الانفتاح.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين غزة الاحتلال اعلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الإعلام الإسرائيلي: الغارات على الحديدة تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة

الجديد برس|

أقرت وسائل إعلام إسرائيلية أن العدوان الإسرائيلي على محافظة الحديدة اليمنية جرى بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ونقل موقع “والا” الصهيوني عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن القصف الذي استهدف مواقع في الحديدة، بما في ذلك ميناء ومطار الحديدة، بالإضافة إلى محطتي الحالي ورأس كثيب لتوليد الطاقة الكهربائية، تم بالتنسيق مع القيادة المركزية للجيش الأمريكي.

 

مقالات مشابهة

  • استشهاد الإعلامية وفاء العديني بقصف إسرائيلي لمنزل أسرتها بدير البلح
  • الإعلام الإسرائيلي: الغارات على الحديدة تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة
  • محافظ الشرقية يوجه بسرعة إنهاء ملف تقنين أوضاع أراضي أملاك الدولة
  • أديب نوبل.. أولاد حارتنا أكثر رواية إثارة للأزمات!
  • غارة إسرائيلية تقتلُ نجل أحد الصحافيين اللبنانيين!
  • وزير الإعلام اللبناني يؤكد على ضرورة وحدة اللبنانيين في هذه اللحظات التي يمر بها البلاد
  • وزير الخارجية الإسرائيلي عن إغتيال نصرالله: أكثر الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل تبريراً
  • «الجارديان»: هل تستطيع إسرائيل تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ارتكبتها خلال هجومها البري السابق على لبنان؟
  • معاريف: إسرائيل تنهار.. عندما يفشل كل شيء نحتاج إلى قيادة جديدة