أثارت قضية تلفيق سحر للاعب النادي الأهلي السابق مؤمن زكريا ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. تمكنت الأجهزة الأمنية في القاهرة من القبض على أربعة متهمين متورطين في هذه الواقعة التي هزت الرأي العام. 

بدأت القصة بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه عامل في مقابر البساتين يدعي العثور على عمل سحري مدفون في مقبرة تعود لعائلة لاعب كرة القدم السابق مجدي عبدالغني، وهو ما أثار جدلًا كبيرًا حول مصداقية هذا الادعاء وأبعاده.

بداية الواقعة: فيديو التُربي يشعل مواقع التواصل

بدأت القضية عندما ظهر عامل المقابر، المعروف باسم التُربي، في فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يزعم العثور على ثلاثة أكياس تحتوي على أوراق وطلاسم وصورة للاعب مؤمن زكريا. 

وفقًا للتُربي، تم العثور على هذه الأكياس خلال عمله في زراعة النباتات بجوار مقبرة في منطقة البساتين، وادعى أن هذا العمل السحري كان يستهدف زكريا الذي يعاني من مرض التصلب الجانبي الضموري.

ازداد الجدل حدة بعدما زعم التُربي أن المقبرة تعود لعائلة مجدي عبدالغني، مما فتح باب الشائعات والاتهامات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الكثيرون عن السبب الحقيقي وراء استهداف مؤمن زكريا بهذه الطريقة.

رد مجدي عبدالغني: الاتهامات باطلة ولا أساس لها

في رد سريع، نفى مجدي عبدالغني أي علاقة له بالواقعة بشكل قاطع. وأكد في تصريحات صحفية أنه لم يزر المقبرة منذ عام 1984 بعد وفاة والده، حيث تمتلك العائلة مقبرة جديدة. أشار عبدالغني إلى أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة وأنها مجرد محاولة لإثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بحثًا عن "التريند".

أوضح عبدالغني أنه لا توجد أي خلافات شخصية بينه وبين مؤمن زكريا، وتساءل عن السبب الذي قد يدفعه للقيام بمثل هذه الأفعال، قائلًا: "لماذا سأقوم بعمل سحر لمؤمن؟" وأكد عبدالغني أنه بصدد تقديم بلاغات للنائب العام ضد من نشروا هذه الادعاءات الكاذبة لتشويه سمعته.

التحقيقات الأمنية: القبض على المتهمين واعترافات صادمة

بعد انتشار الفيديو وبدء التحقيقات، تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية المتورطين في هذه الواقعة. 

توصلت السلطات إلى أن المتهم الرئيسي، وهو عامل مدافن، اعترف بتلفيق الواقعة بالتعاون مع ابنه وثلاثة آخرين بينهم سيدة. الهدف من هذا الفعل كان تحقيق مكاسب مالية من خلال استغلال اسم مؤمن زكريا وشهرته لجذب الانتباه وتحقيق أرباح من مشاهدات الفيديو.

أوضح المتهمون في اعترافاتهم أن الواقعة تم تلفيقها بشكل كامل باستخدام صورة مؤمن زكريا وطلاسم مزيفة ودمية محشوة بالدبابيس. 

قاموا بدفن هذه الأدوات أمام المقبرة وتصوير الفيديو بهدف إيهام المشاهدين بأن السحر المدفون هو السبب في حالة اللاعب الصحية المتدهورة.

الجانب القانوني: هل يعاقب القانون على السحر؟

أوضح المحامي هشام حمودة أن القانون المصري لا يتضمن نصًا صريحًا يعاقب على ممارسة السحر أو الشعوذة. 

ومع ذلك، يمكن مقاضاة المتورطين في مثل هذه القضايا تحت مواد أخرى من قانون العقوبات، مثل المادة 336 التي تعاقب على أعمال الدجل والشعوذة بهدف النصب والاحتيال، وتتراوح العقوبة فيها بين السجن لمدة أسبوع إلى ثلاث سنوات.

وأشار حمودة إلى أن العقوبة قد تتضاعف إذا تبين أن المتهمين حاولوا تحقيق مكاسب مالية من خلال استغلال الخرافات والمعتقدات الشعبية، كما أشار إلى أن القانون يعاقب على أي إيذاء بدني أو نفسي ينتج عن مثل هذه الأفعال، خاصة إذا تسببت في أضرار جسدية للمستهدفين.

الرأي الديني: تحريم السحر والشعوذة في الإسلام

من الجانب الديني، أكد علماء الأزهر الشريف في بيان سابق أن السحر والشعوذة من الكبائر التي حرمها الإسلام بشكل قاطع، وأشاروا إلى أن اللجوء إلى مثل هذه الأفعال يعكس جهلًا بالدين وابتعادًا عن القيم الإسلامية.

أوضح العلماء أن التداوي والاعتماد على الله هو السبيل الوحيد للشفاء من الأمراض، وأن الاعتماد على السحر والشعوذة يؤدي إلى تدمير الروح ويهدد العلاقات الأسرية والمجتمعية. 

كما حثوا المسلمين على عدم الانجرار وراء الخرافات والشائعات التي تروج لمثل هذه الأفعال الضارة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مؤمن زكريا سحر مؤمن زكريا مجدي عبدالغني السحر والشعوذة

إقرأ أيضاً:

المثقف في عصر ما بعد السرديات: بين إرادة التأمل وسلطة الضرورة

إبراهيم برسي

في ظلّ هذا العالم المُبتلى بالاستلاب، حيث تتحلّل السرديات الكبرى أمام يقينها المُتهافت، ينهض المثقف بوصفه كائنًا يتأرجح بين وطأة التاريخ وعبثيّة الحاضر. ليست المسألة في كينونة المثقف، بقدر ما هي في هشاشة تموضعه؛ فهل هو قارئ للخراب، أم محلّل لأبعاده؟ وهل يُعيد تدوير الجيف الأيديولوجي السائد، أم يرصده بوعي المُتفرّج دون أن يُغادر حافّة التأمّل؟

في أفق ماركس، المثقف ليس كيانًا متعاليًا، بل فاعلٌ في شبكات الإنتاج، متورّطٌ في البنية، حتى حين يدّعي الحياد. لكنه هنا لا يبدو سوى هامشٍ على متن الصراع، يُراقب التحوّلات كما يُراقب العابرون نهرًا لا نية لهم في عبوره.

إنه، كما يقول، “يُنتج الأفكار المهيمنة التي تُعيد إنتاج سلطة الطبقة المهيمنة”، لكنه لا يتجاوز ذلك إلى ممارسة الفعل، مكتفيًا بإعادة إنتاج الخطاب نفسه الذي يدّعي نقده. إنه وعيٌ ينسج حول ذاته شرنقةً من المفاهيم، لكنه وعيٌ بلا عضلات، بلا امتداد في جسد الواقع، كأنّه كيانٌ عالقٌ في مساحةٍ نظرية لا يجد جسدًا يُجسّدها في الواقع.

لكن، في قلب هذا الاغتراب، تنبثق شروخُ الاحتمال. غرامشي، في استبصاره العابر للحقب، يُؤكّد أنّ “كل إنسان هو مثقف، ولكن ليس لكل إنسان وظيفة المثقف”، وكأنّما يُشير إلى هذه المفارقة: المثقف الذي اختار أن يكون فكرةً دون أثر، تحليلًا بلا تدخّل، صوتًا بلا صدى في الأرض.

هو ليس مُفسّرًا للعالم، ولا صانعًا لتحوّله، بل مُؤرّخٌ لمأزقه، ناقدٌ لانسداداته، لكنه غير معنيٍّ بتغيير وجهته، مُستريحٌ في موقعه الرمادي، حيث لا يُختبر أثر الفكر إلّا في حدود الصياغة، لا في الفعل ذاته! وكأنّ النقد أصبح ممارسةً مغلقة، تستهلك ذاتها في دوائر لا تنتهي، دون أن تخترق جدار الواقع لتُعيد تشكيله.

غير أن ما بعد الحداثة، وهي تفكيكٌ بلا ردم، أزاحت المثقف من موضعه الصلب إلى ضباب الاحتمالات. صار مُنهكًا بالأسئلة، غارقًا في تفكيك السرديات، حتى بات عاجزًا عن الإمساك بخيط الفعل.

فهل المثقف اليوم أكثر من محض مرآةٍ تعكس صراعاتٍ لا يملك سوى تأمّلها؟! ألَم يصبح، كما يقول بودريار، نسخةً عن نسخة، مُحاكيًا لسلطةٍ يظن أنّه ينقضها، لكنه في النهاية لا يفعل أكثر من إعادة تدوير وجودها؟

ومع ذلك، ألا تكمن في هذا العجز المزعوم بذور مقاومةٍ أخرى، مقاومةٌ لا تتجلّى في الممارسة التقليدية، بل في زعزعة أنظمة المعنى ذاتها، في إعادة تشكيل الخيال السياسي الذي يُملي على الواقع شروط تحوّله؟!

الوجع هنا ليس وجع المثقف ذاته، بل وجع انزلاق الفكر إلى مواضعاتٍ فارغة، إلى التفاهة التي تتزيّن بلغةٍ نقدية مستأنسة، إلى التنظير الذي فقد وظيفته الأولى: زعزعة الثابت.

لكن، وسط هذا الركام، لا يزال السؤال مُعلّقًا في الهواء: هل المثقف هو من يُحدث الفارق، أم من يُعيد توصيف الفجوة؟! وهل يقف على حافّة الانخراط، أم اكتفى بصناعة الوصف، تاركًا التغيير لأولئك الذين لا يملكون ترف التردّد؟!

وإذا كان المثقف قد تراجع عن الفعل، فمن الذي يملأ الفراغ؟! هل تحلّ الدعاية مكان النظرية؟! هل تملأ الشعارات مكان التحليل؟! وهل انتهت وظيفة الفكر النقدي ليبدأ عصر تكرار الصدى، حيث تُستهلك المفاهيم بقدر ما تستهلكها الأنظمة نفسها؟!

لكن، إذا كان المثقف قد فقد قدرته على الفعل، فمن الذي أخذ زمام المبادرة؟! هل انتقل الدور إلى الحركات الجماهيرية العفوية، إلى الشارع الذي لم يعُد ينتظر تبريرًا نظريًا ليغضب، بل يتحرّك بناءً على الضرورة؟!

وهل يُمكن للفكر أن يستعيد وظيفته في ظلّ عالمٍ باتت فيه السرعة والاختزال يُلخّصان كلّ شيء، حتى التغيير نفسه؟!

إن كان المثقف عاجزًا عن تجاوز عتبة التحليل، فهل انتهت وظيفته؟! أم أن التغيير لم يكن يومًا مهمّة الفكر، بل مهمّةٌ أخرى تُمارَس حيث لا تصل الكلمات، حيث ينقطع التنظير لصالح ضرورةٍ أكثر قسوة؟!

وإذا كان الأمر كذلك، فهل هذا يعني أن الفكر لم يعُد إلّا صدى لما يحدث، لا مُحرّكًا له؟! أم أن المثقف، حتى في هامشيّته، لا يزال يحتفظ بسلطةٍ خفيّة، تنكشف حين تتشظّى السرديات الكبرى، وحين يصبح السؤال أهمّ من الجواب؟!

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • القبض على المتهمين بإلقاء مواد مشتعلة على منزل فى الدقهلية
  • القبض على متهمين في واقعة دهس متعمد لشخص حتى الموت في لبنان
  • قصة موظف الأوبرا .. حقيقة الورقة المنتشرة وكواليس القرار الصادم
  • المثقف في عصر ما بعد السرديات: بين إرادة التأمل وسلطة الضرورة
  • النزاهة: القبض على ستة متهمين بقضية الاستيلاء على المال العام بأحد مشاريع كربلاء
  • النزاهة: القبض على 6 متهمين بقضية الاستيلاء على المال العام بأحد مشاريع كربلاء
  • القبض على شاب ألقى زوجته من الشباك بالسلام
  • القبض على عامل قتل كلبا طعنا في بولاق الدكرور
  • القبض على 4 متهمين وضبط مخدرات وطائرات درون غير مخولة في بغداد
  • أسد الفيوم يلتهم حارسه.. القصة الكاملة لمصرع الحارس داخل حديقة الحيوان