ماذا بعد اغتيال نصر الله؟ _ #ماهر_أبوطير
هذا ليس أول #اغتيال لشخص يشغل موقع الأمين العام لحزب الله في لبنان، إذ إن إسرائيل اغتالت في عام 1992 عباس موسوي الأمين العام للحزب، والذي تسلم بعده نصر الله.
الاغتيالات على المستويات القيادية ليست جديدة، في #لبنان، أو فلسطين، وإذا تحدثنا عن #فلسطين فقد تم اغتيال عشرات القيادات من تنظيمات مختلفة، وكل مرة كنا نلاحظ ذات الشيء، حيث يكون الوريث جاهزا ومؤهلا ومدربا، وهذا أمر رأيناه في حوادث اغتيال متعددة.
هذا يفسر أن أغلب الاغتيالات لم تؤد إلى ضعف التنظيمات، بل زادت قوتها، وليس أدل على ذلك من أن أمنيين إسرائيليين اعترفوا سابقا أن اغتيال عباس موسوي في لبنان أدى إلى وراثة حسن نصر الله، وقد كان أصعب بكثير، وتطورت قواته أضعاف ما كانت.
مقالات ذات صلةفي حادثة اغتيال #نصر_الله، تثبت ذات دلالات الأمر مقارنة بكل عمليات اغتيال القيادات في لبنان وفلسطين، أي دور الخروقات الأمنية، وبرغم اتخاذ هذه التنظيمات إجراءات احترازية، إلا أن الاختراقات الإلكترونية والتكنولوجية، على صعيد التجسس والاتصالات وأجهزة المراقبة والأقمار الصناعية، تزداد قوة، كما أن الأخطر وجود شبكات التجسس البشرية التي تقوم بدور خطير جدا، وهذه الاختراقات البشرية تثبت أن كثيرا من الأفراد لديهم الاستعداد لتقديم المعلومات مقابل المال، ولا يتورع كثيرون عن هتك أمن بلادهم وشعوبهم، أو تهديد استقرارها العام، بذرائع مختلفة، من بينها الانتقام، أو الكراهية، لاعتبارات دينية أو طائفية أو سياسية.
القوة الاستخبارية هي الأساس في تحديد مواقع الضعف، وحين يجتمع التفوق الاستخباري، مع التطور العلمي والعسكري، تقع هكذا خسائر، بحاجة إلى إعادة قراءة في التقديرات.
اللافت للانتباه أن إجراءات التحوط لا تختلف في حالات كثيرة، برغم الخروقات وما ينجم عنها، وليس أدل على ذلك ما يجري في لبنان، من سهولة الوصول إلى مواقع مختلفة، بقيت القيادات تتواجد فيها، منذ حادثة اغتيال القيادي الفلسطيني صالح العاروري، وصولا إلى عمليات اغتيال اللبنانيين، فلا تعرف لماذا تواصل بقاؤهم في ذات مناطقهم؟.
ما يجري في لبنان أخطر مما يجري في غزة، لأننا في لبنان أمام دولة تتعرض لحرب شاملة، ولا يجوز المطابقة مع نموذج غزة الذي يحكمه تنظيم فلسطيني، في ظل ظروف حصار أصلا، وهذا يعني أن الدولة اللبنانية بمختلف تكويناتها أصبحت تحت الحرب، التي أدت حتى الآن إلى موجات تهجير من الجنوب إلى الوسط والشمال، وربما إلى سورية، والأردن ودول ثانية.
إيران تتفرج من بعيد ولا تتدخل مباشرة في الحرب حتى الآن، وسط 3 احتمالات، الأول يؤشر على تخليها عن تنظيمات دعمتها في فلسطين ولبنان لخوفها من جرّ إيران وشعبها إلى حرب حارقة أمام الحشد الإسرائيلي- الغربي ضد المنطقة وهذه سردية إسرائيلية تريد أن تقول إن إيران باعت حلفاءها، وثانيها إن إيران عقدت صفقة مع الولايات المتحدة تضمن التخلي عن هذه التنظيمات مقابل سلامتها منذ اغتيال إسماعيل هنية، وهذا أمر بحاجة إلى وقت حتى يتسنى التأكد منه، حتى لا نتورط أيضا في السردية الإسرائيلية حول رد الفعل الإيراني، التي تتكرر هنا، وهي سردية تسأل عن رد فعل الإيرانيين، وثالثها أن إيران تدرك أنها ستدخل الحرب نهاية المطاف وتحاول جدولة وتأخير موعد الدخول فقط، في ظل انقسامات في السلطة في إيران.
اغتيال قيادات لا يغير من الواقع شيئا، وإن كان يؤذي التركيبة التنظيمية لأي جماعة، وكل اغتيالات إسرائيل على مدى عقود، لم تنه تنظيمات، ولم توقف العمل العسكري ضدها.
الذين يقولون إن الحرب قد تتوقف بعد اغتيال نصر الله، أو تنخفض درجتها يتعامون عن أن القصة أعقد بكثير من هذا التشخيص، الذي يتم بناء مركزيته حول شخص قيادي، وقد يكون اغتياله بداية للحرب، وليس نهايتها، بما يعنيه هذا الكلام من استخلاصات دقيقة جدا.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: اغتيال لبنان فلسطين نصر الله نصر الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في جامعاتنا؟!
ماذا يحدث في جامعاتنا؟!
د. #أمل_نصير
ينظر إلى #الجامعات في جميع أنحاء العالم على أنها مراكز تنوير، ومنابر للحريات وبناء شخصية الطلبة والعاملين فيها التي تؤهلهم ليصبحوا قيادات للمجتمع في مستقبل أيامهم، لاسيما أن غالبية الذين يرتادونها هم من خيرة الخيرة؛ وبالتالي من حقهم أن يشاركوا في أي حوار هدفه الإصلاح، ووضع اليد على أي خلل قد يحدث في مسيرة جامعاتهم، والمساهمة في إبقاء البوصلة موجهة نحو نجاح الجامعة، انسجامًا مع سياسات التحديث، وإشراك طلبة الجامعات في الأحزاب…، ويتوقع من إدارات الجامعات الاستماع إلى مجتمع الجامعة، ومحاورتهم طالما أنهم لا يخالفون الدستور، للوصول معهم إلى حلول منطقية فيها مصلحة الجامعة، والعاملين فيها، ومصلحة الطلبة الذين يدرسون على مقاعدها.
كانت غالبية جامعاتنا لسنوات طويلة تحلق عاليًا محققة نجاحات متتالية، إلى أن قيض الله لها إدارات عاثت فيها فسادًا؛ ولا أعمم هنا البتة، ومن لم يشارك في نهبها أُقصي عن الإدارة، فحمد الله أنه دخل نظيفًا، وخرج أكثر نظافة. هذا النهب المالي أدى إلى تراجعها، إضافة إلى ظروف أخرى بعضها كان خارجًا عن إرادة هذه الإدارات، وبعضها بسبب سياسات خاطئة يدفع العاملون فيها اليوم ثمنها وهو غير مسؤول عنها.
نتج عن الأزمات المالية والإدارية والأكاديمية حراك رافض لما تعاني منه بعض الجامعات، فالأزمة المالية الخانقة فيها تضخمت –حسب تقرير ديوان المحاسبة- لعدم قيام الجامعة بتطوير وتحسين أدوات تحصيل الذمم المالية المدينة والمستحقة لها مما أدى الى تراكم هذه الذمم، واللجوء الى الاقتراض، فأين إدارة الجامعة ومجلس الأمناء من أداء دورهم في هذا ، وبدلا من ذلك –مثلا- ضاعفوا عدد نواب الرئيس، واستعانوا بقيادات عليا من خارج الجامعة، وكأن الجامعة تعيش في ترف مالي أو كأنها جامعة ناشئة لا يوجد فيها خبرات تضاهي أكبر الجامعات متجاهلين الكلفة المالية العالية لذلك في ظل مديونية ضخمة، وترى إدارة الجامعة منشغلة بأمور ثانوية، فهل يعقل – مثلاً – أن تنشغل الجامعة بالتصنيفات والجودة وتتجاهل تراجع البنية التحتية المتهالكة للجامعة وهي إحدى الشروط المهمة للجودة، إذ أصبح عدد من المباني القديمة غير مناسبة للتعليم، وما تم فيها من تصليح ما هو سوى ترقيع لا يليق بالجامعات، أما برد جلمود وغير جلمود، فالحديث عنه يطول لا سيما في المحاضرات المسائية…، أما عن التكريمات فلا شك أن بعضها مستحق، ولكن بعضها الآخر ترك مجتمع الجامعة يضرب كفًا بكف. ألم تسمعوا أن أهل الجامعة أدرى بشعابها؟ ولا أحد يعرف سببًا لهذه التكريمات سوى ما يُسمع عن صداقات، وعلاقات اجتماعية، ومصالح شخصية، فالجامعات تعرف وقع خطوات رجالها ونسائها الذين مشوا على أرضها المباركة، وخدموها لعشرات السنين.
زاد من تعقيد الأمور، وأدى إلى الدعوة إلى مزيد من التصعيد ما تتعرض له الجامعات اليوم من سياسات تكميم الأفواه، والتهديد بالعقوبات التأديبية، ناسين أن الجامعات تدار بالفكر لا بالتهديد؛ رحم الله عمر بن الخطاب إذ قال: “أيها الناس من رأى منكم في اعوجاجًا فليقومه”، فقام له رجل وقال: “والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا”، فقال عمر: “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه”.
وسواء صحت نسبة القول لعمر رضي الله عنه أم لا، فإنه يعكس حاجة الأمم إلى التنبيه إلى الاعوجاج (مواضع الخلل)، وضرورة تقويمها (بدون سيوف) للصالح العام، فهل يعقل أن يصل الأمر بإصدار تعميم يهدد أساتذة الجامعات، وإدارييها بالعقوبات التأديبية بدلاً من الحوار معهم، والاستماع لآرائهم، والاستفادة من خبراتهم، فهم أولًا وأخيرًا ممن يهمهم رفعة الجامعة، وسمعتها، وديمومة مسيرتها.
إن مجالس الجامعات التي أشار لها كتاب التهديد ليست معصومة، وإلا فلماذا لا تُحترم كثير من قرارات مجالس الأقسام وهي الأساس؟ وقد تتدخل بعض المجالس بما ليس هو من صلاحياتها. رحم الله الدكتور محمد حمدان، عملت معه 4 سنوات في مجلس أمناء جامعة حكومية مع 3 رؤساء لها، وكان يردد دائمًا أن مجلس الأمناء له صلاحيات معروفة لا يجوز تجاوزها، ولا يجوز له التدخل في غيرها، علمًا بأن غالبية أعضاء المجلس كانوا من أصحاب المعالي المخضرمين.
والأمر الآخر هو سياسة فرق تسد بين العاملين في الجامعة، وانضمام بعض المواقع الإخبارية إلى مع أو ضد الحراك، ونشر بيانات بدون أسماء كاتبيها، والأخطر من ذلك كله انقسام الجسم الطلابي حول الحراك عن طريق بيانات نراها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يهدد، وبعضها يردد عبارات مبهمة… مما لا يبشر بالخير أبدًا.
بات على الجهات المعنية أن تتنبه إلى أن ما يحدث في الجامعات ليس من مصلحة أحد، وأن عليها أن تقوم بدورها في إيجاد الحلول بدلاً من ترك الجامعات نهبًا للفوضى. ومن يروج للحراك بانه حراك مالي فحسب، فإنه مخطئ، فحراك الجامعات حراك كرام لا حراك جياع.