حمل خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أيام، مجموعة كبيرة من التحديات الخارجة على أعراف وتقاليد المجتمع الدولي، ومن بينها هجومه الحاد على المنظمة الدولية نفسها.
ورغم أنه ليس الهجوم الأول من نوعه، إلا أنه يكشف، هذه المرة، ما وصلت إليه الغطرسة الإسرائيلية في تعاملها مع أعلى هيئة دولية في النظام العالمي القائم، وما وصلت إليه العلاقة القديمة الجديدة، المثيرة للجدل، بين الجانبين.عندما تأسست هيئة الأمم المتحدة مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، بهدف حل المشكلات والنزاعات العالمية والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، لم تكن إسرائيل قد ولدت بعد، وعندما أُنشئت في عام 1948، سعت بكل قوة لنيل الاعتراف من قبل الأمم المتحدة. لكنها قبل ذلك وبعده، رفضت الالتزام بقرار تقسيم فلسطين لعام 1947، والذي يمنحها 55 بالمئة من الأراضي الفلسطينية، لتستولي في النهاية على نحو 78 بالمئة من تلك الأراضي، في أول صفعة توجهها للمنظمة الدولية، ومع ذلك فقد حصلت على هذا الاعتراف بفضل الدعم الغربي لها.
ومنذ ذلك التاريخ توالت صفعاتها للأمم المتحدة، بدءاً من عرقلة عمل وأنشطة الوكالات والمؤسسات التابعة لها في الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى حرب غزة، حيث وضعت نصب عينها تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» باعتبارها الشاهد الدولي الوحيد على المأساة الفلسطينية. ومنذ ذلك التاريخ أيضاً، لم تنفذ إسرائيل قراراً واحداً من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة والهيئات الأممية الأخرى، يتعلق بفلسطين، ناهيك عن معظم القرارات المتعلقة بالحروب العربية الإسرائيلية.
اليوم، يرى نتنياهو أن الأمم المتحدة «منحازة» وتحولت إلى «مهزلة مثيرة للازدراء» في ظل الصحوة الدولية التي استفاقت أخيراً على حجم التضليل والادعاءات الناجمة عن السردية الإسرائيلية، والتي هيمنت على الغرب لعقود طويلة.
وبالتالي فقد صبت إسرائيل جام غضبها على الأمم المتحدة ومؤسساتها، بدءاً من محكمة العدل الدولية مروراً بالمحكمة الجنائية الدولية وصولاً إلى «الأونروا» وغيرها من المؤسسات، قبل أن يطال هذا الغضب الأمين العام للمنظمة الدولية. ووصل الأمر بنتنياهو في خطابه المتعالي أن يتعهد بتصحيح ما يعتبره «الأخطاء والادعاءات التي لا أساس لها» التي ارتكبتها الأمم المتحدة بحق «إسرائيل»، والقائمة على ما يسمى «معاداة السامية».
وفي كل الأحوال، لم نسمع منذ تأسيس الأمم المتحدة وحتى الآن عن قيام مسؤول أو زعيم دولي، بخلاف المسؤولين الإسرائيليين، بمهاجمة المنظمة الدولية من على منبر الأمم المتحدة. كما لم نسمع أيضاً عن قيام أي مسؤول أو زعيم دولي بإطلاق التهديدات ضد الآخرين أو ترهيب جزء كبير من العالم من على منبر الأمم المتحدة.
غير أنه لا يمكن تصور أن يقوم بذلك أي مسؤول إسرائيلي آخر، بمعزل عن الحماية التي تتمتع بها إسرائيل في العالم الغربي، والتي من دون شك تجعل منها دولة «فوق القانون» بامتياز.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
مرافعة مصر أمام العدل الدولية: احتلال إسرائيل غير شرعي وحصار غزة كارثة إنسانية
لاهاي – قدمت مصر مرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية في إطار طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة إصدار رأي استشاري بشأن التزامات إسرائيل كقوة احتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ركزت المرافعة المصرية على الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والتي وصفها الوفد بأنها “جزء من سياسة واسعة النطاق تهدف إلى فرض الأمر الواقع وضم الأراضي الفلسطينية فعليًا”.
وشدد الوفد المصري خلال مرافعته على أن هذه سياسات إسرائيل موثقة من خلال تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين كبار وتشريعات الكنيست، بالإضافة إلى إجراءات تهدف إلى تقويض عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر تجفيف تمويلها بهدف إعاقة حق العودة وهو ركن أساسي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير المكفول بميثاق الأمم المتحدة.
وأدان الوفد المصري سياسات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر التي تنفذها إسرائيل تحت ذريعة “أوامر الإخلاء”، والتي أدت إلى نقل الفلسطينيين إلى مناطق تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية خاصة في قطاع غزة، مشددا على استخدام إسرائيل “للتجويع والحصار الكامل كسلاح ضد المدنيين في غزة منذ أكتوبر 2023″ من خلال إغلاق المعابر بشكل تعسفي، مما منع دخول الغذاء، المياه الصالحة للشرب، الوقود، والإمدادات الطبية.
وأشار الوفد إلى أن هذه السياسات تزامنت مع عدوان عسكري أسفر عن مقتل 52,000 مدني معظمهم من النساء والأطفال واستهداف البنية التحتية الحيوية والعاملين في المجالين الطبي والإنساني.
كما أبرزت المرافعة استهداف معبر رفح الحدودي الذي كان شريان حياة لقطاع غزة حيث قصفت إسرائيل المعبر واستولت على الجانب الفلسطيني منه مما أعاق تدفق المساعدات الإنسانية وفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، خاصة بعد الهجوم العسكري على مدينة رفح، التي كانت تأوي أكثر من مليون نازح.
وتعقد محكمة العدل الدولية جلساتها العامة من 28 أبريل إلى 2 مايو، لمناقشة طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار رأي استشاري حول التزامات إسرائيل كقوة احتلال تجاه أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول الثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشارك في الجلسات 44 دولة وأربع منظمات دولية، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
تأتي هذه القضية في أعقاب قرار المحكمة الاستشاري الصادر في 19 يوليو 2024 الذي أعلن أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 غير قانوني، وطالب بإنهائه فورًا وإخلاء المستوطنات وتقديم تعويضات للفلسطينيين، كما أكدت المحكمة أن سياسات إسرائيل بما في ذلك التوسع الاستيطاني واستخدام الموارد الطبيعية تنتهك القانون الدولي وتشكل انتهاكًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وتركز الجلسة الحالية على التزامات إسرائيل بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتنموية دون عوائق، وحماية المنظمات الدولية مثل الأونروا وضمان احترام حقوق الفلسطينيين، والتي تأتي في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أدى الحصار الإسرائيلي والهجمات المستمرة إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وسبق لمصر أن ترافعت أمام المحكمة في 21 فبراير 2024، حيث قدمت مرافعة تاريخية أدانت الانتهاكات الإسرائيلية، مؤكدة أن العدوان على غزة ليس دفاعًا عن النفس بل حربًا غاشمة تهدف إلى تقويض حق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما أعلنت مصر في مايو 2024 دعمها لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام المحكمة بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، في خطوة وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ”الزلزال”.
المصدر: RT