ما انعكاس اغتيال حسن نصر الله على اليمن ودلالات عودة هجمات إسرائيل؟ (تحليل)
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
للمرة الثانية تعاود إسرائيل غارتها على محافظة الحديدة (غرب اليمن) في أقل من ثلاثة أشهر، غير أن الفارق يبدو واضحا بين الهجمتين، من عدة نواح.
جاء الاستهداف الأول للحديدة في يوليو من العام الجاري ردا على قصف صاروخي لجماعة الحوثي، تسبب بخسائر بشرية ومادية داخل إسرائيل، وكان ذلك دافعا كافيا لها لتنفيذ ضربة خاطفة، لكنها موجعة لجماعة الحوثي في الحديدة، وتعد أولى هجمات إسرائيل المباشرة في اليمن.
أما الضربة الثانية فجاءت بعد ضربة جديدة للحوثيين على تل أبيب، لكنها لم تحدث أي خسائر، غير أن توقيتها كان هو ذو الدلالة الحقيقة، وذلك أنها انطلقت بعد ساعات من تأكيد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، وأطلقتها إسرائيل في ذروة احتفائها بعملية الاغتيال، ونفذتها بعد ساعات قليلة من توعد وزير دفاعها بتوجيه هجمة للحوثيين.
تلتقي تلك الضربات عند غاية واحدة، وهي النيل من جماعة الحوثي، وتتفق في كونها تركزت على محافظة الحديدة، المدينة الساحلية، التي وقع على مقربة من سواحلها عدة هجمات بحرية نفذها الحوثيون لسفن تجارية، أغلبها مرتبط بإسرائيل، وكذلك مهاجمتهم لعدة سفن، واشتباكهم مع مدمرات أمريكية وأوروبية.
الضربات الإسرائيلية على الحديدة تركزت على ذات الأهداف التي سبق للتحالف السعودي الإماراتي استهدافها، وكذلك التحالف الأمريكي البريطاني، وكل هذه الأطراف تعتبرها أهدافا عسكرية مشروعة، لكنها في حقيقة الأمر تمثل مواقع حيوية خدمية مرتبطة بحياة السكان، وليس من المستبعد هنا استخدامها من الحوثيين عسكريا، مثلما ليس من المستبعد أن يكون تنفيذها يهدف لزيادة النقمة الشعبية على الحوثيين، وهي تعكس أيضا طبيعة الرد الإسرائيلي القائم على ضرب أهدافا خدمية، وبشكل أعمى وحاقد، ولعل ما يجري في غزة مثالا على هذا.
دلالة هجمات الحديدة
تشير هذه العودة للهجمات الإسرائيلية على الحديدة إلى أن تل أبيب وضعت اليمن بشكل عام، وجماعة الحوثي بشكل خاصة ضمن قائمة أهدافها، في إطار ما تسميه مواجهة إيران في المنطقة، وهذا هدف لا تخفيه إسرائيل، ويتسق مع توجه حلفائها من العرب، خاصة السعودية والإمارات، وكذلك الحكومة اليمنية الموالية للرياض، التي لم يصدر عنها أي موقف حتى كتابة هذه المادة تجاه عودة الغارات الإسرائيلية على الحديدة.
ومن الواضح أن انتشاء إسرائيل بتوجيه ضربات حاسمة ومؤثرة لحزب الله وقيادته في لبنان قد أغراها أكثر لتوجيه عمليات مماثلة لجماعة الحوثي في اليمن، وتستغل تل أبيب هذا الزخم، لمواجهة جماعة الحوثي، التي مثلت هجماتها البحرية في البحر الأحمر، والجوية ضد إسرائيل صداعا مزمنا لأمريكا والاتحاد الأوروبي، ويرغب الجميع في التصدي لها، واحتوائها، أو تدميرها، ومن الجدير بالإشارة هنا أن هجمات إسرائيل الأخيرة على الحديدة كانت تحت علم ونظر القوات المركزية الأمريكية، ما يشير للتنسيق والتفاهم بين الجانبين.
الرد الإسرائيلي في اليمن، لايزال موجها لما تعتقده تل أبيب وحلفائها أنها أهداف عسكرية لجماعة الحوثي، ولذلك استهدفت الضربتين الحديدة، ولم تخرج عن نطاقها، على عكس الغارات التي ينفذها التحالف الأمريكي البريطاني خارج الحديدة.
وذلك ربما يشير للعديد من التكهنات، فإما أن إسرائيل تكتفي بإيصال رسالتها بأنها قادرة على الوصول للحوثيين، وتكتفي بإنذارهم عبر تلك الهجمات، أو أنها تفتقر للمعلومة عن تحركات جماعة الحوثي وقيادتها في اليمن، وبالتالي لم تتمكن من توجيه ضربات موجعة لهم، واستهداف قيادتهم على غرار ما تعرض له حزب الله، وللتذكير هنا ينصح كاتب في إحدى الوسائل العبرية قيادة جيش إسرائيل بالبدء في معرفة الواقع الذي تديره جماعة الحوثي، ومناطق سيطرتها، وجمع المعلومات لبناء المواقف، وهذا ينطلق من شعور إسرائيل بندرة المعلومات الميدانية لها في اليمن، الذي تخوض معه هذه المواجهة المسلحة لأول مرة، ويبعد عنها أكثر من 1800 كيلو متر.
إن وتيرة مهاجمة إسرائيل للحوثيين في اليمن سترتفع في قادم الأيام، وذلك على ضوء مؤشرين، الأول استغلال إسرائيل لما يجري في المنطقة من صراع لحسم المعركة في مختلف الاتجاهات، ومع كل الأطراف التي تصنفها معادية، وذلك لتحقيق أكبر انتصار ممكن، وتحقيقا لما تصفه بالشرق الأوسط الجديد.
أما المؤشر الثاني فيتمثل بعدم وجود أي مؤشرات للتنازل أو التراجع من قبل جماعة الحوثي، وإصرارها على الرد ومعاقبة إسرائيل، وفقا لتصريحات قيادة الجماعة، ومكوناتها السياسية، وتوعدها بتوجيه ضربات جديدة، وفي حال استمرت الجماعة بإطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، فإن ذلك قد يدفع تل أبيب لتوسيع بنك أهدافها في اليمن، ما يضاعف الخسارة داخل اليمن المنهك بالصراع والحرب، ويضاعف حجم المعاناة.
انعكاس اغتيال نصر الله
من المؤكد أن اغتيال حسن نصرالله يعد ضربة موجعة لإيران، وكافة الجماعات الملتحقة بها، في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وسينعكس هذا بالتأكيد على أداء تلك الجماعات الملتحقة بطهران، وتحتاج لوقت طويل لتعويض شخصية بحجم نصرالله، كانت محل إجماع بين كل تلك الجماعات.
ومثل لبنان بالنسبة لجماعة الحوثي مكانا في غاية الأهمية، ووجدت فيه عبر حزب الله مقرا لإدارة أنشطتها الحركية والإعلامية، وتأهيل أعضائها، ورسم سياستها، وإدارة العلاقة مع إيران، وتبادل الخبرات، ومنطلقا محوريا لتسيير أعمالها في اليمن، وبرزت هذه الاستفادة بوصول قيادات وعناصر من حزب الله إلى اليمن، وانخراطهم في أنشطة لصالح الحوثيين عسكريا وطائفيا.
ومن هذا المنطلق فإن اغتيال نصرالله، واضطراب الوضع في لبنان، والخسارة الكبيرة في حزب الله سيؤثر بالتأكيد على جماعة الحوثي في اليمن، وذلك من خلال فقدان الحوثيين لمركزا مهما يقدم لهم الدعم اللوجيستي الواسع، وكذلك بتحولهم ليصبحوا الهدف الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل وحلفائها، مما يجعلهم في رأس القائمة لاستهدافهم، وتوجيه الضربات المماثلة لهم.
التأثير الواسع
من المؤكد هنا أن التأثير في اليمن لن يكون فقط على جماعة الحوثي، بل سيتعدى ذلك إلى الإطار الأوسع، وذلك أن استهداف الحوثيين بالغارات المستمرة، أو دخولهم في قائمة الاستهداف الإسرائيلي سيولد تعقيدا إضافيا على ملف اليمن بشكل عام.
تبرز هذه التعقيدات في ملف السلام، خاصة إذا استمرت جماعة الحوثي في التصلب بموقفها، وسيؤدي هذا التصلب لتوقف عملية السلام التي كان يجري الإعداد لها منذ فترة طويلة بجهود أممية، بل وربما تؤدي لبدء تحالف عسكري محلي يناهض الحوثيين، خاصة من طرف الحكومة اليمنية المقيمة في عدن، والتي لم يصدر عنها أي موقف تجاه قصف الحديدة – كما أسلفنا – وبنفس الوقت يجري وزير دفاعها لقاءات مع مسؤولين في سفارات أمريكا وبريطانيا والهند والاتحاد الأوروبي مؤخرا.
هذا التحرك للحكومة اليمنية بدا منصبا على مواجهة الحوثيين عسكريا، واتضح ذلك من خلال الرسائل التي تضمنها خطاب رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير في نيويورك، وكذلك في حديث عضو المجلس ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي للصحافة الدولية، وجميعها ذهبت للتأكيد على أهمية مواجهة الحوثيين، وفشل خيار ضربهم جويا، والاستعداد لمواجهتهم بريا.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الحديدة غارات إسرائيل في اليمن جماعة الحوثي مجلس القيادة الرئاسي هجمات إسرائيل جماعة الحوثی فی لجماعة الحوثی على الحدیدة فی الیمن حزب الله تل أبیب
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: مصر لن تصمت أمام استمرار هجمات الحوثيين على مضيق باب المندب
قال الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب: إنه مع بدء إسرائيل في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، انطلقت صواريخ ومسيرات من اليمن ضد العدو الصهيوني، وبدورها تسببت في مشكلة في البحر الأحمر باعتباره ميناء دولي تمر عبره السفن وأغلب التجارة العالمية.
وأضاف مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج «بالعقل»، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه خلال الاشهر الماضية لم يكن أحد يستطيع قول «لا» أو توجيه أي انتقاد، لأن أهالي غزة كانوا محاصرين ويقتل منهم بالآلاف، مشيرًا إلى أن مصر التزمت الصمت في هذا الوقت رغم حجم الخسائر التي تكبدتها ووصلت إلى 7 مليار دولار سنويًا، نتيجة عزوف السفن عن المرور في قناة السويس واستخدامها لطريق رأس الرجاء الصالح.
وأكد بكري، أن مصر كان لها موقفها منذ البداية، ورفضت أن تدخل في تحالف ضد الحوثيين وأن تشارك في توجيه أي ضربات ضدهم، متابعًا: «كان اعتقادنا في هذا الوقت أن مصر ستتحمل كل التداعيات نتيجة الضربات الموجهة من الحوثيين سواء إلى البواخر والسفن التي كانت تريد المرور من مضيق باب المندب وخاصة السفن الأمريكية والبريطانية وبعض الدول المتعاطفة مع إسرائيل.. تكبدت مصر خسائر كبيرة، لكنها تحملت المسؤولية الجسيمة، والتزمت الحياد وتحملت تبعات ثقيلة في ذلك الوقت».
وأردف عضو مجلس النواب، أن تأثير خسارة 7 مليار دولار من دخل قناة السويس، والذي كان يصل إلى نحو 10 مليارات دولار، في الوقت الذي نعاني فيه من أزمة ووضع اقتصادي صعب، ولكن لم يكن أمامنا خيار وانتظرنا وتم وقف إطلاق النار، باتفاق مصر لعبت فيه الدور الأساسي بين العدو الصهيوني وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وتساءل مصطفى بكري: الآن ماذا عن موقف الحوثيين؟ هل عقب وقف إطلاق النار سيستمروا في ضرب وتهديد البواخر والسفن العابرة من مضيق باب المندب إلى قناة السويس؟ متابعًا: «أظن أن عند حدوث ذلك بالتأكيد مصر لن تصمت أمامه، لأن ذلك يهدد الأمن القومي المصري، ومصر بالتأكيد تدين مثل هذه التصرفات، لأنها تؤدي إلى مشاكل حقيقة في قناة السويس، خاصة وأن وقف إطلاق النار حدث بالفعل.. ليس هناك مبرر الآن، المضار الآن من هذا الذي يحدث هو مصر قبل أي دولة أخرى، وخلال الأشهر الماضية اختارت مصر عدم التعليق على ما يحدث من الحوثيين، بسبب تعاطفنا جميعًا مع أهالينا في فلسطين، وأننا كنا نستنهض الأمة العربية لمواجهة العدو الصهيوني واتخاذ مواقف قوية في مواجهة كل من يسانده.. وكل هذا وغيره يؤكد أن مصر قدمت وبذلت الكثير».
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن التحركات الدبلوماسية التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي كانت عاملًا أساسيًا في منع تصفية القضية الفلسطينية ووأد مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة تهجيرًا قسريًا إلى منطقة سيناء، قائلًا: «الآن الرسالة إلى الحوثيين في اليمن: مصر من البلدان المساندة لقضايا المنطقة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. الأمر انتهى بشكل أو بآخر، وأي محاولة الآن لتعطيل مرور السفن في قناة السويس، ستُحسب على أنها محاولة هدفها الإضرار بالاقتصاد المصري».
وتابع الكاتب الصحفي مصطفى بكري: «ليس من المصلحة الإضرار بمصر أو الاقتصاد المصري.. مصر بلد لها موقفها القومي والعروبي ومحاولة تدمير الاقتصاد المصري وتعطيل مرور قناة السويس وإلحاق المزيد من الخسائر بمصر هذا أمر لن يقبل به أي مصري على الإطلاق مسؤولًا كان أم مواطنًا، لذلك أتمنى من الحوثيين التوقف عند هذا الحد، والتوقف عن منع السفن من المرور في مضيق باب المندب لتمضي برحلتها إلى قناة السويس، وفي حال استمرار تعطيل السفن والإضرار بمصر فاعتقد أن هذا الأمر لن يكون أبدًا في صالح القضية الفلسطينية، وإنما سيكون في صالح أعداء القضية الفلسطينية».
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: مصر لعبت دورا أساسيا في وقف إطلاق النار بغزة
مصطفى بكري يهنئ رجال الشرطة بعيدهم الـ 73: «تحية لكل ضابط وجندي»
«مصطفى بكري»: هذه الفوضى من اعتداءات وتنمر في بعض المدارس يجب أن تتوقف