المملكة تقدم مساعدات طبية وإغاثية للشعب اللبناني
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
الرياض
أكدت المملكة أنها تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث الجارية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، مشددة على ضرورة المحافظة على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية.
كما تؤكد في هذا الصدد وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق في مواجهة تداعيات تلك الأحداث، وضرورة الحد من تبعاتها الإنسانية.
ودعت المملكة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه حماية الأمن والسلم الإقليمي لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب ومآسيها.
وانطلاقاً من موقف المملكة الداعم للأشقاء في لبنان؛ فقد صدرت توجيهات قيادة المملكة -حفظها الله- بتقديم مساعدات طبية وإغاثية للشعب اللبناني الشقيق لمساندته في مواجهة هذه الظروف الحرجة.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: المملكة لبنان مساعدات
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة اللبناني لـعربي21: هذه تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار (فيديو)
كشف وزير الثقافة اللبناني، محمد وسام المرتضى، جانبا من المفاوضات الجارية بين بلاده وإسرائيل بخصوص المساعي المتعلقة بوقف إطلاق النار، مؤكدا أن أمريكا أرسلت عبر سفيرتها في لبنان إلى كل من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، عددا من البنود لوقف إطلاق النار، من أجل دراستها وإبداء الملاحظات عليها، واتخاذ موقف منها، والرد عليها خلال بضعة أيام".
وشدّد، في مقابلة خاصة ومطوّلة مع "عربي21"، على أن "لبنان مُصرٌ على وقف تبادل إطلاق النار، وتطبيق متبادل للقرار الأممي 1701، وعدم إدخال أي تعديلات عليه من باب الزيادة أو النقصان، وعدم اعتماد أي ترتيبات أو اجراءات تُمكّن إسرائيل مستقبلا من خرق السيادة اللبنانية".
وأضاف: "ليست هناك ثمة مسودة نهائية للاتفاق، وإنما هي أفكار قُرأت على مسامع الرجلين (بري وميقاتي)، وهي بمثابة محاولة لسبر غور ما يمكن أن يذهب إليه اللبناني على مستوى التجاوب مع بعض المطالب الإسرائيلية"، مستدركا: "لبنان حزم أمره بشكل جلي، فلن يكون هناك أي تنازل يُمكِّن الإسرائيلي من تحقيق أهدافه".
وأشار وزير الثقافة اللبناني إلى أن "العدوان الإسرائيلي لا يقتصر على استهداف الأرواح والبنى التحتية، بل يتعدى ذلك إلى استهداف معالمنا الثقافية والأثرية التي تمثل هوية لبنان وتاريخه العريق. هذه الاعتداءات جريمة بحق الإنسانية وتعدٍ على التراث العالمي."
وختم الوزير تصريحاته بالقول: "لن نسمح بأن يُمحى تاريخنا أو تُشوّه هويتنا. نحن ملتزمون بالدفاع عن تراثنا وحمايته بكل الوسائل المتاحة، كما أن صمود اللبنانيين سيظل مصدر إلهام للعالم بأسره.، داعيا المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياته تجاه حماية التراث اللبناني".
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما آخر التطورات الخاصة بمفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان؟
ما كشفت عنه وسائل الإعلام مؤخرا دقيق إلى حد ما؛ فقد أرسلت الولايات المتحدة عبر سفيرتها في لبنان إلى كل من دولة رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء السيد نجيب ميقاتي عددا من البنود لوقف إطلاق النار، من أجل دراستها وإبداء الملاحظات عليها، واتخاذ موقف منها، والرد عليها خلال بضعة أيام.
وما يقتضي التأكيد عليه أن موقف لبنان الرسمي، وبعد بالتفاهم مع المقاومة، مصرٌ على الآتي:
* وقف تبادل إطلاق النار.
* تطبيق متبادل للقرار الأممي 1701، وعدم إدخال أي تعديلات عليه من باب الزيادة أو النقصان.
* عدم اعتماد أي ترتيبات أو اجراءات تُمكّن إسرائيل مستقبلا من خرق السيادة اللبنانية.
كيف تقيم مسودة الاتفاق الأمريكي لوقف إطلاق النار، وما موقف لبنان منها؟
ليست هناك ثمة مسودة نهائية للاتفاق، وإنما هي أفكار قُرأت على مسامع الرجلين (بري وميقاتي)، وهي بمثابة محاولة لسبر غور ما يمكن أن يذهب إليه اللبناني على مستوى التجاوب مع بعض الطموحات والمطالب الإسرائيلية، ولكن المسألة محسومة مسبقا؛ فكل أمر يُدخِل تعديلا على القرار 1701 أو يختزن خرقا للسيادة اللبنانية فهو مرفوض وغير مقبول جملة وتفصيلا.
وفق معلوماتكم، ما أبرز ملامح هذه الأفكار؟
الجانب الإسرائيلي يفرض علينا أن نتذكر أن القرار 1701 صدر رغم أنفه، ولا ينطوي على ما يحقق طموحاته التي كان يطمح إليها في المرحلة السابقة لصدور القرار.
كان الجانب الإسرائيلي يطمح إلى حل المقاومة، ونزع سلاحها، وقطع الإمداد عنها، وقد عمل على تحقيق ذلك بالقوة، وفشل في تحقيق أي من هذه الأمور في تلك المرحلة، والآن وكأن التاريخ يعيد نفسه، يحاول الاحتلال بقوة النار، وتحت ضغط استهداف المدنيين، واستهداف المباني المدنية، وتدمير القرى والبلدات أن يفرض على لبنان الرضوخ إلى تلك الشروط.
لكن لبنان حزم أمره بشكل جلي، فلن يكون هناك أي تنازل يُمكِّن الإسرائيلي من تحقيق أهدافه.
هل يمكن القول إننا في المرحلة النهائية لصياغة تسوية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية؟
لا، نحن نتحدث عن العدوان الذي باشرته إسرائيل أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، واُضطر لبنان أن ينبري لمواجهة هذا العدوان، وقد واجهه وأجهض أهدافه المُعلنة التي عبّر عنها رئيس حكومة العدو بأن هذه الحرب هي وسيلة لإعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المُحتلة. لبنان أجهض هذا الهدف، وعلى العكس من ذلك؛ فقد أضحت مستوطنات أخرى في دائرة استهداف المقاومة، وتوسعت دائرة النازحين في شمال الكيان الإسرائيلي.
وأيضا الأهداف المُضمرة التي تُحشد لها الحشود على الحدود اللبنانية، والتي تجاوزت 80 ألف مقاتل؛ فقد كانوا يراهنون على أن لبنان والمقاومة في لبنان قد أسقط في يدها بفعل اغتيال قيادة المقاومة، وتلاشت قوتها، وأصبح هذا البلد لقمة سائغة، ونزهة عسكرية كما حصل في عام 1982 حين قالوا: نريد أن نتوغل بعمق 45 كيلومترا لكي نُجنب الجليل صواريخ الكاتيوشا التي كانت تطلقها المقاومة الفلسطينية، وسموها "عملية حماية الجليل"، وبعد يومين من وصولهم إلى صيدا وهي حدود الـ 45 كيلومتر، تجاوزوها، وأصبحوا في بيروت حينها.. يحسبون أن لبنان نسي تلك الأمور.
بينما الوضع مختلف تماما الآن؛ فهناك 80 ألف مقاتل يقفون عاجزين عند الحدود، وبالتالي الهدف التوسعي الذي يستهدف لبنان وسيادته، وكرامة وعزة شعبه، ومستقبل أجياله قد أجهض بدوره.
ومع ذلك كله ما زالت استهدافات المقاومة للاحتلال في داخل فلسطين المُحتلة، والجميع يتابع الإعلام الذي يتناول حجم الخسائر المادية والمعنوية والاقتصادية والنفسية التي تصيب المجتمع الإسرائيلي، كل ذلك سيفضي بالنتيجة لإجبار الجانب الاسرائيلي الذي توسّع في العدوان مؤخرا على أن يعود إلى رشده.
هذا هو توصيف الواقع بيننا وبينهم، فليقدموا على الالتزام به، بل يأتوا لكي ننفذه جميعا باعتباره يفرض واجبات متبادلة علينا وعليهم.
هل تتوقع نجاح جهود الوساطة بين لبنان وإسرائيل قريبا؟
منذ 27 أيلول/ سبتمبر الذي اُستهدف فيه الشهيد حسن نصر الله، ولبنان، مُتمثلا في رئيس الحكومة، حمّل موقفا إيجابيا لقبول وقف إطلاق النار، وقد حمل رئيس الحكومة هذا الموقف، وذهب به إلى نيويورك.
والجانب الإسرائيلي حينئذ مارس من المناورات حتى وصل الأمر بأن الرئيس الأمريكي بايدن قال: إن "الجانب الإسرائيلي ونتنياهو ضلّلنا".
نحن منفتحون إلى أبعد الحدود للوصول "لتسوية" تؤدي إلى وقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 1701، ولكن إذا كان الجانب الإسرائيلي يظن أنه استطاع في هذه المرحلة أن يحصل على ما لم يحصل عليه في عام 2006، وأن يحصل على ما فشل وعجز عن تحصيله في ميدان المواجهة مع المقاومة؛ فهو واهم، هو ومَن وراءه.
كيف ترى المطالب الخاصة بنزع سلاح حزب الله خاصة أن بعض القوى اللبنانية ترفع هذا المطلب الآن؟
بعض القوى في الداخل اللبناني متماهية من حيث لا تدري –وربما تدري- مع الطموح الإسرائيلي في هذا الطرح.
المقاومة في لبنان تستند إلى «وثيقة الوفاق الوطني» التي تعطي الدولة اللبنانية، بل تفرض على الدولة اللبنانية العمل على تحرير الأراضي بكل الوسائل، ومنها المقاومة.
الجميع يعلم أن المقاومة حق مقدس ومشروع في كل النظم والمواثيق، فضلا عن ذلك فإن الحكومات اللبنانية المتتالية في بياناتها الوزارية التي صُدّق عليها من قِبل مجلس النواب اللبناني قد كفلت الحق في المقاومة، ومنها الحكومة التي أنتمي إليها في بيانها الوزاري.
فقد كرست الحكومة مبدأ لا يحتمل أي لبس مفاده حفظ الحق للبنانيين في المقاومة، لذا فالمقاومة مسألة مستندة دستوريا وقانونيا وعلى مستوى المواثيق الدولية.
هناك بعض القوى السياسية في لبنان لا تتفق معنا على هذا الأمر، هذا شأنها، أما مسألة نزع السلاح فإنه يعني تعطيل المقاومة، وتعطيل لهذا الحق، وهذا لا يمكن أن يحصل.
وبالمناسبة القرار 1701 لم يتطرق أبدا إلى مسألة نزع السلاح خلافا لكل ما يُشاع، وقد ذكرت أن القرار 1701 صدر رغما عن أنف إسرائيل؛ فهو لا يتوافق مع طموحاتها، لأن الجانب الإسرائيلي قبل صدور القرار كان يبحث عن قرار يتضمن في بنوده نزع سلاح المقاومة، وفشل في ذلك.
وإذا قمتم بمراجعة تاريخية للمداولات التي سبقت صدور قرار 1701 سترى أن الجانب الإسرائيلي هو ومَن كان يدعمه دبلوماسيا في الداخل اللبناني وفي خارجه، حاول إدراج بند يتضمن نزع سلاح المقاومة، ولكنه فشل في ذلك، وبالتالي هذه المسألة ليست مطروحة على الإطلاق.
وحتى الجانب الإسرائيلي في موقفه السياسي اليوم لم يعد يطرح هذا الأمر، والذي يُمثله أطياف في حكومته المتطرفة، أو حتى على مستوى وزير الدفاع الإسرائيلي.
الجميع شاهد مؤخرا ردة فعل رئيس الأركان الذي كان يجلس مستمعا إلى وزير دفاع العدو الإسرائيلي ثم "قفز" فجأة عندما تحدث وزير الدفاع عن هدف مُتمثل في نزع سلاح المقاومة. إذن هذا الأمر غير مطروح حتى عند الجانب الإسرائيلي اليوم، وهو في جميع الأحوال غير قابل للتحقق مهما فعلوا.
هل إسرائيل تسعى لإشعال حرب أهلية جديدة في لبنان؟
إسرائيل منذ أن نشأت في هذه الأرض وهي تعيث فسادا في الكيانات والمجتمعات المجاورة لها، وتستعمل القاعدة الشهيرة التي يعرفها كل عاقل مُلم بالواقع الإسرائيلي وهي: "فرق تسد".
الفشل الإسرائيلي في الميدان، والفشل على مستوى تحقيق الأهداف المعلنة، والفشل على مستوى تحقيق الأهداف المضمرة.. أسقط من يد الجانب الإسرائيلي كثيرا من الأوراق التي ظن أنها بمتناول يده، وهو لا يتورع بجُبنه، ومكره، وخبثه عن الإقدام على مثل هذا العمل البشع في الداخل اللبناني، ولكن أظن أن القوى السياسية اللبنانية على تفاوت مواقفها السياسية وعلى عدم اتفاقها على موقف موحد من مواجهة إسرائيل، إلا إنها في حالة وعي بأن الفتنة الداخلية في لبنان تضر الجميع، ولا تخدم أحدا سوى العدو الإسرائيلي، وبالتالي لن تنجر إلى ما يصبو إليه.
على صعيد آخر، ما أثر العدوان الإسرائيلي على القطاع الثقافي والفني في لبنان؟
الجانب الإسرائيلي يستهدف لبنان بكل ما يختزنه؛ فلبنان هو النقيض لهذا الكيان على كل المستويات. لبنان هو المنارة حضاريا، وهو الرسالة على مستوى العيش الواحد والتنوع للإنسانية جمعاء.
لبنان يتناقض مع شكل إسرائيل، المُقامة على فكرة اللون الواحد، واللغة الواحدة، والدين الواحد، والعرق الواحد، من خلال التشريد والتدمير؛ فالإسرائيلي لا يريد فلسطينيا يحيا معه في دولة واحدة، أما لبنان فهو اللصيق به جغرافيا والنقيض له أخلاقيا.
ومشروع الإسرائيلي، ومَن ورائه، هو مشروع توسعي شيطاني يتمثل في الاستيلاء على كل أراضينا ليس في فلسطين ولبنان، بل في المنطقة بأسرها، ومن ممهدات هذا المشروع هو القضاء على المعالم الأثرية التي تُشكّل الهوية الرابطة لتمسك شعوبنا بأرضهم وأوطانهم، لا سميا وأنه مأزوم جدا في هذا الإطار؛ فكل الحفريات التي قام بها في فلسطين المُحتلة فشلت في إظهار مَعلم أو أثر يبرر اغتصابه لهذه الأرض أو وجوده فيها.
من أجل هذا يستهدف الجانب الإسرائيلي المقومات الحضارية الإنسانية القائمة في لبنان، خاصة أنه يفتقر للموروث التاريخي.
العدوان الإسرائيلي هو محاولة ممنهجة لتدمير لبنان بكل أبعاده، والهوية الثقافية ليست استثناء. هذا العدوان يسعى إلى محو الذاكرة الجماعية لشعبنا، حيث يستهدف المواقع الأثرية، المسارح، المكتبات وحتى الفنون الشعبية. كل اعتداء يحمل رسالة واضحة: القضاء على جذورنا التي تُشكّل عنصر قوتنا. لكننا في المقابل نؤكد أن الهوية اللبنانية ليست مجرد معالم مادية، بل هي قيم وشعور عميق بالانتماء يصعب محوه. نحن متمسكون بثقافتنا كجزء أساسي من مقاومتنا، وهي التي تجعلنا أقوى في وجه هذا الاحتلال.
واستهداف المعالم الثقافية والأثرية هو شكل آخر من أشكال الحرب، لكنه أكثر خسة. عندما يدمرون مَعلما أثريا، هم لا يحطمون حجارة فقط، بل يمحون قرونا من التاريخ الذي يشهد على وجودنا وهويتنا. الاحتلال يريد أن يقول للأجيال القادمة إن هذه الأرض بلا ذاكرة، بلا تاريخ. لكننا نرفض الاستسلام لهذا الواقع، ونعمل على ترميم ما يدمرونه، وعلى توثيق جرائمهم لتبقى في ذاكرة الإنسانية شاهدة على عدوانهم الغاشم.
والعدو الإسرائيلي يحمل حقدا مزمنا يسعى للتنفيس عنه من خلال التعرض للمعالم التراثية والأثرية في لبنان؛ ففي لبنان هناك كنائس، ومساجد، ودور عبادة تعود بتاريخها إلى مئات أو آلاف السنين، وهناك معالم حضارية بهية تشكل الهوية الرابطة للشعب اللبناني بأرضه.
الجانب الإسرائيلي لديه مشروعه التوسعي، الذي أضحى واضحا وراسخا في ذهن كل عاقل، هذا المشروع التوسعي الإسرائيلي أعلن عن جزء منه مؤخرا الوزير «سموتريتش» عندما قال: "سنضم الضفة الغربية في 2025".
المشروع التوسعي الإسرائيلي لن يقتصر على الضفة الغربية؛ فهو يعيش حالة طمع مزمن في لبنان، والمياه اللبنانية، والأراضي اللبنانية، وربما سمعتم عن تلك الجمعيات في إسرائيل، والمدعومة من أطياف مهمة في الحكومة الإسرائيلية الحالية وقد بدأت إعداد العدة لإنشاء مستوطنات في جنوب لبنان بالتزامن مع بدء العملية البرية، لأنهم كانوا يعتقدون بأن لبنان لقمة سائغة، وأنهم سيجتاحونه، ويحتلون أرضه، وبالتالي هذه الأرض ستكون مِلْكا لهم.
مَن يطمح إلى الاحتلال يمهد لذلك بهدم المعالم الأثرية المُشَكِّلة للهوية الرابطة للشعب المقيم على هذه الأرض التي يطمع بها العدو.
وهناك مسألة مهمة جدا؛ فالعدو الإسرائيلي لا يريد لبنان مزدهرا، والمعالم الأثرية اللبنانية -لا سيما المُدرجة على التراث العالمي- هي من الأهمية بمكان بحيث أنها نقطة جذب للسياحة الثقافية، ولذا هو يستهدفها، وهي في مرمى نيران الاحتلال الإسرائيلي، وموضع لمطامعه.
وقد قمنا على مدى الأشهر الأخيرة باستنفار كلي من جهتنا أدى لاستنفار الجهات الدولية المعنية بحفظ التراث العالمي، لا سيما منظمة اليونيسكو، وقد وفقنا لحماية المعالم الأساسية في لبنان، لكنه استهدف مثلا سوق مدينة النبطية التراثي، واستهدف بيوتا تراثية في منطقة النبطية، واستهدف مساجد في الجنوب اللبناني، مثل بليدا، واستهدف المعبد الروماني في قصرنبا، واستهدف بيت المنشية في بعلبك، واستهدف معالم تراثية أخرى.
كيف ترى قرار "اليونسكو" بمنح مواقع أثرية لبنانية "حماية معزّزة" بسبب خطر القصف الإسرائيلي؟
نحن نرحّب بقرار منظمة اليونسكو بمنح مواقع التراث الثقافي اللبناني حماية معزّزة في ظل التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، ونعتبره صفعة للاحتلال وانتصارا للحق والمواثيق الدولية، وهو خطوة مهمة في إطار حماية الهوية الثقافية والحضارية للبنان.
هذا القرار يسلط الضوء على خطورة الانتهاكات التي تتعرض لها مواقعنا التراثية، وهي جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني العالمي. لبنان دائما كان ولا يزال ملتزما بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي الثمين، وندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير فعالة لضمان التزام الاحتلال الإسرائيلي بالقوانين الدولية ووقف الاعتداءات التي تُهدّد تاريخنا وهويتنا. إن التراث الثقافي اللبناني ليس مجرد أحجار أو معالم، بل هو ذاكرة الشعوب ورسالة سلام يجب أن تصان.
وندعو اليونسكو وسائر الجهات الدولية إلى متابعة تنفيذ هذا القرار الهام وضمان احترام إسرائيل للقانون الدولي، مع التأكيد على التزام لبنان الكامل بحماية تراثه الثقافي بكل الوسائل الممكنة.
لقد جاء القرار بعد دراسة الملف الكامل المُعد من قِبل وزارة الثقافة، وبمجرد منح هذه المعالم الأثرية الحماية المعزّزة، يحظر على أي جهة أن تتعرض لها بأعمال حربية، وإن أقدمت فإن مسؤوليتها لا تقتصر على التعويض المادي، بل يتجاوز الأمر ذلك حتى يُحاسب كل فرد من الأفراد الذين أمروا بهذه العملية أو نفذوها محاسبة فردية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقد يتبادر للذهن تجربة المحكمة الجنائية الدولية مع نتنياهو، ولكن علينا أن نقوم بهذه الإجراءات، فمثل هذه الإجراءات سوف تُسقِط من يد الإسرائيلي هامش المساس بهذه المعالم.
كيف تقيم دور اليونسكو والأمم المتحدة في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان وحماية المعالم الأثرية اللبنانية؟
لبنان من الدول المؤسِّسة للأمم المتحدة، ومن الدول المؤسسة لمنظمة اليونسكو أيضا، ولبنان حضوره متميز جدا في كل ملفات اليونسكو، وفي كل الأدوار التي تلعبها على مستوى المنظمة في باريس، أو في العالم، ويعز علينا أن نرى -ليس فقط هاتين المنظمتين- وإنما كل منظمات المجتمع الدولي كيف أسقط في يدها أمام هذا الجموح و"الاستفراس" الإسرائيلي الذي لا يبقي ولا يذر على مستوى الالتزام بالحد الأدنى من الضوابط التي تفرضها المواثيق، وهم لا يستطيعون أن يقولوا غير ذلك.
وقد شهد الجميع ما حدث في المستشفيات، ووسائل الإعلام، ودور العبادة في غزة، كما شاهد الجميع ما حصل لمؤسسة الأونروا المنبثقة عن الأمم المتحدة، والتي كانت ترفع علم الأمم المتحدة، وتجلل مبانيها بعلم الأمم المتحدة، ورغم ذلك أصابها كم هائل من التدمير وقتل من فيها.
ومؤخرا نشهد ما يحصل لقوات حفظ السلام في لبنان المُرسَلة بقرار من مجلس الأمن، ومن الأمم المتحدة، وكيف يمارس الإسرائيلي عربدته من خلال الاستهداف، والقتل، والجرح، والاقتحام للمقرات، وقصف لمواقعها، وطرد بعض هذه القوات من مراكزها، بالإضافة إلى ما حدث مع المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان.. كل هذا يجعل القوى المُشكّلة لما يُسمى المجتمع الدولي عاجزة عن تأدية الأدوار المطلوبة منها، وبالتالي فالمجتمع الدولي للأسف فشل في حماية مؤسساته، وهذا يطرح العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول مدى جدية عمل مؤسسات المجتمع الدولي وحول الجدوى من اللجوء إليها، ولكن لا خيار لنا إلا أن نبقى على إيماننا، ولا نفعل كما يفعل الاسرائيلي.
الجانب الإسرائيلي بفعل استحكام الحالة العدوانية لديه خرج على منظومة اليونسكو في عام 2017 تفلتا من المواثيق التي تفرضها المنظمة، ونحن في الطرف النقيض؛ فعلى الرغم من كل ذلك نؤمن بالمؤسسات الدولية، ونؤمن بالمواثيق الدولية، لا سيما المؤسسات التي أسهمنا في تأسيسها، ونتطلع إلى التعملق، وأداء الدور المطلوب منها والمفروض عليها بطبيعة الحال.
كيف تردون على مزاعم الاحتلال بأن المقاومة اللبنانية تستهدف المعالم الأثرية الموجودة في فلسطين المُحتلة؟
بعد أن وفقنا في تجنيب معالم بعلبك من تعرّضها للعدوان الإسرائيلي، لأن الجانب الإسرائيلي منذ حوالي 20 يوما أصدر خريطة بيانية تتضمن المنطقة المستهدفة في بعلبك، وتشمل المَعلم الأثري، فاستنفرنا وأجرينا اتصالات، وحتى اضطررنا للتواصل مع الرئيس الفرنسي ماكرون لكي يضغط على منظمة اليونسكو باعتبارها موجودة في باريس بأن تتحرك؛ لأن الأمر وصل إلى حد تهديد قلعة بعلبك.
وبعد ذلك قمنا بإجراءات ومراجعات ومراسلات؛ تسليطا للضوء على بشاعة ما يقوم به الاحتلال، وفضحنا أفعاله، كما وفقنا أيضا إلى حث اليونسكو على عقد الجلسة في الثامن عشر من الشهر الجاري لمناقشة الملف الثقافي اللبناني.
ورغم تفلت العدو الإسرائيلي من اليونسكو وخروجه منها، تقدم مؤخرا بشكوى بحق لبنان أمام اليونسكو، وهي شكوى صورية ومحاولة للالتفاف على كل ما أنجزه لبنان على هذا المستوى، في محاولة لتعطيل ما نحن بصدده في الاجتماع القادم.
هذه الشكوى أعتبرها "مسرحية هزلية"، وقد أرسلت رسالة لمديرة عام اليونسكو، قلت فيها: تعلمين من هو الإسرائيلي، وتعلمين من نحن؛ فالإسرائيلي خرج من تحت مظلتك لكي يتفلت، وخرقا للمواثيق، ونحن مؤسسون للمنظمة، وفاعلون فيها، وملتزمون بكل أمانة مواثيقها، نحن في موقف الضحية، وهو الجلاد، هذا الجلاد بعد أن أنجزنا كل ما أنجزناه دبلوماسيا في الملف الثقافي يحاول الالتفاف عليه، ويحاول تعطيل ما نحن بصدده، التفتوا إلى هذا الأمر.
كما نطلب منكم أخذ الآتي بعين الاعتبار: المعالم الأثرية في لبنان لا يوجد بها أي سلاح أو مقاومة، ولا تباشر من هذه المعالم أيّة أعمال حربية، وفي المقابل فإن لبنان لم يتعرض على الإطلاق للمعالم الأثرية الموجودة في فلسطين المُحتلة خلافا لما يدعي الجانب الإسرائيلي كذبا.
اللبنانيون والمقاومة اللبنانية حريصة جدا على المعالم الأثرية في فلسطين على أساس أنها ملك أصيل لأهل الأرض الأصليين وليست ملكا للإسرائيليين، ولقد كانت الشكوى الإسرائيلية مجرد محاولة للتسويف والالتفاف على المساعي اللبنانية للجم العدوان الإسرائيلي عن المعالم الأثرية اللبنانية.
لبنان والمقاومة في لبنان حريصة على المعالم الأثرية الموجودة في فلسطين المُحتلة حرصهم على أرواحهم، وعلى معالمهم الأثرية في لبنان؛ لأنهم يعتبرون المعالم الأثرية في فلسطين المُحتلة تخص أهل الأرض المقدسة، واللبنانيون منهم، ولا تخص أبدا إسرائيل، وكل هذه الأقوال مجرد تخرصات لا أساس لها، وهي تهدف إلى التشويش، والتسويف، ولمحاولة تعطيل ما نحن بصدده، وأعتقد أنها ادعاءات لن تثمر شيئا.
ما هو الدور الذي تلعبه الثقافة اللبنانية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؟
الثقافة ليست رفاهية في لبنان، بل هي خط دفاع. عندما نكتب قصيدة أو نرسم لوحة أو نقيم مهرجانا، نحن نؤكد أننا شعب حي ومبدع يرفض الخضوع. الثقافة تجمعنا كلبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق، وتخلق خطابا عالميا يكشف حقيقة الاحتلال أمام الشعوب. عندما يستخدم العدو القوة العسكرية لإسكات صوتنا، نحن نرد بصوت أعلى عبر الثقافة والفن. بهذه الطريقة، تصبح الثقافة قوة ناعمة ذات تأثير أقوى من الرصاص في فضح الظلم وإلهام الصمود.
وعلى المثقفين اللبنانيين أن يكونوا صوت الحق في وجه الظلم. الكلمة تملك قوة لا يستهان بها، وقد تكون أحيانا أقوى من السلاح. الأدباء والفنانون اللبنانيون لديهم مسؤولية كبيرة في نقل معاناة شعبهم إلى العالم، وفضح الجرائم التي يرتكبها الاحتلال. سواء من خلال الروايات، أو الأفلام الوثائقية، أو اللوحات الفنية. المثقف يمكن أن يكون سفيرا للبنان وقضيته في كل المحافل الدولية.
كيف يمكن للحكومة اللبنانية حماية التراث الثقافي أثناء النزاعات؟
الحفاظ على التراث الثقافي مسؤولية وطنية وإنسانية. علينا اتخاذ خطوات استباقية، كتوثيق المواقع الأثرية والفنون الشعبية بشكل رقمي ومادي، ليكون لدينا أرشيف يحفظها للأجيال القادمة. يجب أن نعمل مع المؤسسات الدولية، مثل اليونسكو، لضمان الحماية القانونية لهذه المواقع، وللحصول على الدعم اللازم لترميم ما يمكن أن يتعرض للدمار. فوق ذلك، علينا تعزيز الوعي المحلي بأهمية هذا التراث، لأن الشعب هو الحامي الأول له، والمقاوم الحقيقي لأي محاولات لتدميره أو سرقته.
كيف تؤثر الاعتداءات الإسرائيلية على الفنون اللبنانية؟
لا شك أن الاعتداءات الإسرائيلية تعيق الإنتاج الفني، لكنها في الوقت ذاته تُلهم الفنانين اللبنانيين. الفن هو وسيلة لتوثيق اللحظة، وتحويل الألم إلى رسالة. الفنان اللبناني يواجه دمار الاحتلال بإبداع يروي قصص الشهداء، وصمود القرى، وآمال الشعب. في وجه الاحتلال، الفن ليس مجرد ترفيه، بل هو مقاومة.
ما أهمية التضامن الثقافي العربي في وجه الاحتلال الإسرائيلي؟
الثقافة العربية تمتد عبر جغرافيا وتاريخ مشترك، وهذا يمنحنا قوة لا يمكن للاحتلال مواجهتها. التضامن الثقافي العربي يعزز من وحدتنا السياسية ويخلق رسالة قوية. عندما يقف فنان عربي في دمشق أو بغداد أو القاهرة -على سبيل المثال- ويغني للبنان، فإنه ينقل رسالة دعم لا حدود لها. كذلك، التعاون بين المثقفين والمؤسسات الثقافية العربية يمكن أن يبرز التراث الفلسطيني واللبناني كجزء من الهوية العربية الكبرى، ما يحبط محاولات الاحتلال لطمس هذا التراث وتقديمه كجزء من سرديته المزيفة.
هل يمكن للثقافة أن تكون جسرا للتواصل مع شعوب تدعم إسرائيل؟
بالتأكيد، الثقافة قادرة على اختراق الحواجز التي يضعها الإعلام المضلل. الفن والموسيقى والأدب يمكنها أن تنقل رسائل تتجاوز اللغة والسياسة. عندما يشاهد شخص في الغرب فيلما يوثق معاناة أطفال لبنان، أو يقرأ رواية عن العدوان، فإنه يبدأ بفهم الواقع بشكل أعمق. الشعوب ليست أعداءنا، وعبر الثقافة يمكننا أن نكشف لهم حقيقة الاحتلال وتأثيره المأساوي.
كيف تواجه الادعاءات الإسرائيلية بارتباط التراث اللبناني بتاريخها؟
هذه الادعاءات واهية ومرفوضة بشكل قاطع. التراث اللبناني له جذور ضاربة في التاريخ، موثقة بأبحاث أثرية وعلمية. الاحتلال يحاول سرقة كل شيء، من الأرض إلى الهوية، لكنه لن ينجح. واجبنا أن نستمر في الدفاع عن تراثنا، ليس بالكلام فقط، بل بالعمل، عبر التوثيق، والترميم، وتقديم الأدلة الدامغة التي تثبت أصالة تراثنا.
البعض وجّه انتقادات للسعودية على خليفة تنظيمها "موسم الرياض" الترفيهي رغم الأوضاع المأساوية في غزة ولبنان.. كيف تنظرون لهذه الانتقادات؟
فليقم كل منا بما عليه أن يقوم به، والبعض يقول "ما لكم أيها اللبنانيون بمظلومية الشعب الفلسطيني، ألم يكفكم ما أصابكم؟"؛ فنقول: نحن نقوم بما نقوم به دفاعا بالدرجة الأولى عن لبنان، وعن مستقبل اللبنانيين، وحفظا للكيان اللبناني، وحتى يقوم أشقاؤنا العرب بالالتفات إلى خطورة هذا المشروع الذي زُرع في منطقتنا لكي يستولي عليها كلها، ولكي يتهدد مصير كل شعب من شعوبها قتلا وتدميرا، وتهجيرا، واستعبادا، وما حصل مع الفلسطينيين وما يحصل اليوم مع اللبنانيين هو مقدمة وممهدات لما يريدون الإقدام عليه في الكيانات العربية الأخرى، ومع سائر شعوبنا العربية، فلتلتفت الشعوب إلى أبعاد ما يجري.
نقول لجميع الأشقاء: ادخلوا معنا في حالة وعي لأهداف هذا الكيان، وانتبهوا لما يُحاك لكم وفقط، وإن استطعتم تقديم المزيد فسنكون لكم شاكرين وممتنين، وإذا اقتصر الأمر على أخذ مواقف تشبه المواقف التي صدرت في القمة العربية الإسلامية التي عُقدت مؤخرا مع ملاحظاتنا على بعض قراراتها؛ فهذا يرضينا ويثلج صدورنا.
أن تنبري أمتنا العربية والإسلامية للاجتماع للتنديد بما يحصل من مجازر، ومشاهد تدمير في غزة وفي لبنان، فهذا دليل عافية، ومؤشر على أن الانظمة، ومن قبلها الشعوب بدأت تعي ما نحن ذاهبون إليه.
هذا المشروع التوسعي المتفلت من كل عقال، الذي لا يرى أحدا، ويظن نفسه متحكما في الدنيا، ولا رادع لهم.. عليه أن يعلم أن له رادع، وهذا الرادع يمكن أن يصير أقوى وأقوى إن كان هناك التفاف عربي نتيجة وعي عربي بخطورة هذا المشروع.
هل أفهم من حديثك أنك راضٍ عن موقف الأنظمة العربية من العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان؟
أنا وكل عربي مؤمن بالقضية العربية، ومؤمن بمظلومية الشعب الفلسطيني انفطر قلبه بفعل ما شهده في غزة على مدار العام الفائت من إجرام ما بعده إجرام يندى له جبين الإنسانية، إجرام غير مسبوق في التاريخ البشري، وفي كل الحروب التي كانت قبلنا.
لا أستطيع أن أقول لك أني راضٍ تمام الرضا، فهناك ثمة مطالبات، فما زلنا نسمع حتى الآن من يقول "بحل الدولتين"، أي دولتين؟! لقد تليتم بيان القمة، وفي اليوم التالي يخرج «سموتريتش» وهو ركن أساسي من أركان هذه الحكومة المقيتة التي تُسيّر الكيان في إسرائيل يقول: "في عام 2025 سنضم الضفة الغربية"؛ فكيف لعاقل واعٍ أن يتحدث بعد هذا التصريح عن حل الدولتين.
لا يكفي أن نكون نحن متفقين مع بعضنا كعرب، علينا أن ندرك ما يخطط له العدو الإسرائيلي، الجانب الإسرائيلي "ومَن وراءه" وهو الذي يطلق يده، لن يسمح بحل الدولتين، حل الدولتين يقتضي طرفين متوافقين على هذه المسألة، وإسرائيل أعلنت رفضها.
ثانيا، حل الدولتين يستدعي أن تكون الجغرافيا التي قيل فيما مضى بأنها تستقبل الدولة الفلسطينية، هذه الجغرافيا تغير واقعها كليا، ودخلت فيها المستوطنات، وتفشت فيها بطريقة كبيرة، وأصبح فيها مئات الآلاف من المستوطنين، حتى بات حل الدولتين على المستوى الواقعي -دع عنك المستوى السياسي– بات غير قابل للتطبيق.
نحن نريد الحل العادل والمُحق للقضية الفلسطينية، لا نريد أن نضلل أنفسنا أكثر من ذلك، نحن نقبل بما يقبل به الأخوة الفلسطينيون، ولكن نريد أيضا أن نكون واقعيين.
العدوانية الإسرائيلية المتفلتة بدون عقال تتطلب تضامنا عربيا، وأن نترفع عن كل خلاف، وأن ننبذ كل هذه الاختلافات التي حيكت لكي تحكم العلاقات فيما بيننا، وأن نتعمق إلى مستوى المرحلة، وأن نتفق على موقف موحد من العدو الإسرائيلي.
الجانب الإسرائيلي يرى أن الحديث عن حل الدولتين "تحصيل حاصل"، وكأننا نحن المقصرون، ونحن نعلم أنه لن يقبل به، وهو بصدد فعل غير ذلك.
اجتماع العرب والمسلمون أثلج قلبي، هذا على مستوى الشكل، أما على مستوى المضمون والمخرجات فكنا نطمح بأكثر من ذلك، وإن شاء الله في المستقبل يتحقق هذا الدور المأمول.
ونحن نشدّد على أن آثار العدوان الإسرائيلي لن تقف عند لبنان؛ فهو يأتي ضمن مشروع شيطاني أكبر يهدف للنيل من المنطقة بأسرها، وعلى الجميع أن يعي أنه آن الأوان للجم هذا العدوان المتفلت من كل عقال، ولا يمكن مواجهته إلا بتكاتف وعمل جدي مشترك بين الجميع لإجهاض مخططاته الخبيثة، وندعو الدول العربية ألا تقف فقط مع مظلومية الشعب الفلسطيني ولا مع معاناة الشعب اللبناني، بل يقتضي عليهم العمل ليس من أجلنا، بل لأجل شعوبهم أيضا؛ فكل بلادنا مُهدّدة بحق من قِبل هذا العدو المجرم، وبالتالي نريد موقفا عربيا إسلاميا موحدا يُعلي الصوت من أجل وضع حد لهذا المشروع المجنون الذي يقود المنطقة والعالم إلى هاوية لا قبل لأحد أن يتعامل مع تداعياتها.
أخيرا.. ما هي رسالتك للمجتمع الدولي بشأن حماية الثقافة اللبنانية؟
رسالتي للمجتمع الدولي هي أن التراث الثقافي للبنان ليس ملكا للبنانيين فقط، بل هو جزء من إرث الإنسانية جمعاء. كل موقع أثري، كل أغنية شعبية، هي شهادة على حضارة عريقة تستحق الحماية. أطالب المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب لبنان في وجه العدوان، ودعم جهودنا للحفاظ على هذا التراث الذي يحاول الاحتلال محوه. العدوان على الثقافة هو عدوان على الإنسانية بأسرها.