أثر احتياجات المجتمع على تصنيف المنظمات الأهلية
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
يحتلُّ القِطاع الخيري والتطوُّعي حيِّزًا مُهمًّا من الثروة الوطنيَّة في العالَّم، فهو يُقدِّم خدمات اجتماعيَّة نوعيَّة كثيرة في مجالات حيويَّة عديدة كالصحَّة والتعليم ورعاية الفئات الضعيفة، والتدريب المهني، ورعاية الجاليَّات، ودعم المرأة، وسدِّ احتياجات الأُسرة وغيرها, ويتمُّ ذلك من خلال شريحة واسعة من المنظَّمات الأهليَّة غير الحكوميَّة وغير الربحيَّة مِثل: المؤسَّسات والهيئات والأندية، والجمعيَّات، والاتِّحادات وغيرها والتي تُشكِّل في مجموعها البناء المؤسَّسي للمُجتمع المَدَني.
وتُصنَّف منظَّمات المُجتمع المَدَني إلى تصنيفات مختلفة: فمِنها مناطقي جغرافي حيث تُوزَّع على أرجاء الوطن توزيعًا جغرافيًّا مِثل: منظَّمات محليَّة، منظَّمات أجنبيَّة ودوليَّة، منظَّمات عربيَّة، ومنظَّمات إقليميَّة، ومنظَّمات وطنيَّة. والمنظَّمات الوطنيَّة بِدَوْرها تُقسَّم حسب مناطق الوطن الواحد، فتُوزَّع بحسب المحافظات، أو الولايات، أو المُدُن والقرى. فهناك طبيعة خاصَّة لأنشطة المنظَّمات التي تدعم المناطق القرويَّة أو حتى الصحراويَّة. وبعبارة أخرى، المناطق التي لا تحظى بدعم كافٍ في توفير الخدمات، ودعم البنية التحتيَّة، وهذه المنظَّمات ـ بطبيعة الحال ـ تُقدِّم خدمات اجتماعيَّة لأهالي المناطق.
ومن هذه التصنيفات ما يكُونُ معيارها وظيفيًّا مِثل: جمعيَّات المزارعين والفلَّاحين، وجمعيَّات المحامين، وجمعيَّات رجال الأعمال، وجمعيَّات الأطباء، وغيرها وهي إمَّا تكُونُ جمعيَّات مُجتمع مَدَني يقتصر دَوْرها على تدريب العاملين في قِطاع المهنة، واتِّخاذ ما يلزم لدعم الأعضاء مهنيًّا، وتنسيق التعاون بَيْنَهم في مجال المهنة، وتطوير قِطاع المهنة، أو تكُونُ في صورة نقابات مهنيَّة تطالب بحقوق وامتيازات العاملين في قِطاع المهنة. ومن هذه التصنيفات المعيار الجندري، مِثل الجمعيَّات النسائيَّة، جمعيَّات رجال الأعمال.
ولعلَّ من أهم معايير تصنيف المنظَّمات الأهليَّة، يكُونُ وفق أهداف المنظَّمة الأهليَّة الواردة في أنظمتها الأساسيَّة، حيث يتمُّ تحديد الدَّور الذي تقوم به المنظَّمة الأهليَّة في المُجتمع ونَوْع الخدمات الاجتماعيَّة مِثل المنظَّمات الأهليَّة التي تخدم المعوقين، والمنظَّمات التي تخدم المُسنِّين، والأندية التي تجمع أعضاء جالية معيَّنة يكونون مغتربين فيكُونُ مظلَّة لتجمُّع أفراد الجالية للاحتفال في مناسباتهم كالأعياد الوطنيَّة، والمناسبات الدينيَّة والاجتماعيَّة، كما يُعزِّزون التواصل بَيْنَ أفراد الجالية الواحدة لمساندة بعضهم البعض خلال فترة اغترابهم. ومن هذه الجمعيَّات الخيريَّة التي تُعنى بتحسين الوضع المعيشي للأُسرة، والجمعيَّات التي تُعنى بتنمية الطفولة، وتنمية الشَّباب، فهي تهتمُّ باكتشاف مواهبهم وتُعنى بتشجيعهم وتطوير قدراتهم وتمكينهم في المُجتمع.
من هنا تأتي أهمِّية الدقَّة والوضوح في إعداد أهداف المنظَّمة الأهليَّة أثناء مرحلة تأسيس المنظَّمة الأهليَّة، وإعداد النظام الأساسي لها. فالمؤسِّسون قَدْ يتغيَّرون، وقَدْ يتغيَّر الأعضاء، أمَّا النظام الأساسي الذي يرسم طبيعة نشاط الجمعيَّة فلَنْ يتغيَّرَ إلَّا بتغيُّر النظام بعد توافق أغلبيَّة ثلثَي أعضاء الجمعيَّة العموميَّة على تغيُّر الأهداف. فلصياغة أهداف الجمعيَّة في نظامها الأساسي أهمِّية كبيرة، فهي ستحدِّد تصنيف الجمعيَّة، والمجال الذي ستنشط فيه، ونَوْع الخدمات الاجتماعيَّة التي ستُقدِّمها المنظَّمة الأهليَّة.
وكلما كانت الأهداف محدَّدة ودقيقة، كان هناك وضوح وسهولة في إعداد الخطط الاستراتيجيَّة، والتنفيذيَّة للمنظَّمة الأهليَّة. فمثلًا شاع الاتِّجاه في المُجتمع المَدَني سابقًا بتأسيس جمعيَّات للمعوقين تخدم جميع أنواع الإعاقات الذهنيَّة والجسديَّة، ولكن مع تطوُّر التخصُّص في هذا المجال حيث ظهر تخصُّص رعاية المعوقين، وأصبح مصنَّفًا حسب نَوْع الإعاقة، انعكس ذلك على تصنيف المنظَّمات الأهليَّة المعنيَّة بالمعوقين، حيث ظهرت جمعيَّات تُعنى بالتوحُّديين، ومتلازمة داون، والشَّلل الدماغي، وغيرها من الإعاقات. ويُمكِننا القول إنَّ التغيُّر في احتياجات المُجتمع ينعكس على أهداف المنظَّمات الأهليَّة، وبالتَّالي سينعكس على تصنيفاتها، من هنا تأتي أهمِّية الدراسات المتعلقة بتحديد احتياجات المُجتمع، ومتغيِّراته، ومواكبة المستجدَّات الاجتماعيَّة. فعلى الجهات المعنيَّة، سواء كانت حكوميَّة أو قِطاعًا خاصًّا أو قِطاعًا أهليًّا التركيز على مِثل هذا النَّوع من البحوث، فيتمُّ التركيز على البحوث التي تُحدِّد أولويَّات احتياجات المرأة، والبحوث المتعلِّقة بتحدِّيات الشَّباب، والبحوث المتعلِّقة بانتشار أنواع معيَّنة من الإعاقات، والصعوبات التي تُواجِه المُسنِّين كالمعاناة من الفراغ، والحاجة لإعادة تأهيل المنازل والأماكن العامَّة لتتفق مع احتياجاتهم مِثل توفير المقابض التي يتكئ عليها المُسنُّ، وتوفير المنحدرات، وتكبير حجم الحروف في الإعلانات للمساعدة على القراءة، وتوفير الأندية النهاريَّة، ودراسة مدى الاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم. وهنا نؤكِّد أنَّ أهداف المنظَّمات الأهليَّة، وتصنيفاتها لا بُدَّ أن تتَّسمَ بالديناميكيَّة وسهلة تطويرها لِتواكبَ المستجدَّات في احتياجات المُجتمع، وبالتَّالي لا بُدَّ من وضع آليَّة منظَّمة لإعادة دراسة أهداف المنظَّمات الأهليَّة بشكلٍ دوري مستمر، والتحقُّق من مدى مواكبتها لاحتياجات المُجتمع، كما يُفضَّل تسهيل تعديل أنظمتها الأساسيَّة، خصوصًا ما إذا بُني هذا التعديل على دراسة اجتماعيَّة للمستجدَّات في احتياجات المُجتمع… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ات التی ت ق طاع ا الم د ن ة التی
إقرأ أيضاً:
تضم 14 كلية.. متى تبدأ الدراسة في جامعة القاهرة الأهلية الجديدة؟
تتوجه الأنظار إلى جامعة القاهرة الأهلية الجديدة، وذلك مع اقتراب العام الدراسي الجديد، لذا يهتم الكثير من الطلاب الراغبين في الالتحاق بالفرع الجديد من جامعة القاهرة العريقة بمعرفة موعد بداية الدراسة.
موعد بداية الدراسة في جامعة القاهرة الأهلية الجديدةفي إطار التوسع في منظومة التعليم العالي، تعلن جامعة القاهرة الأهلية، إحدى الجامعات الأهلية الجديدة التي تم الموافقة على إنشائها، والتي ستبدأ الدراسة بها اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2025/2026، بإجمالي عدد 14 كلية بها.
الكليات المتاحة في جامعة القاهرة الأهلية- كلية الطب
- كلية طب الأسنان
- كلية الصيدلة
- كلية التمريض
- كلية العلاج الطبيعي
- كلية الهندسة
- كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي
- كلية العلوم
- كلية الطب البيطري
- كلية التجارة
- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
- كلية الإعلام
- كلية التربية للطفولة المبكرة
- كلية الحقوق
الجامعات الأهلية الجديدة تقدم برامج دراسية متطورة تواكب متطلبات سوق العمل، وتوفر بيئة تعليمية حديثة تدعم الابتكار والتميز الأكاديمي.
جهود الوزارة في دعم الجامعات الأهليةوزير التعليم العالي أشاد بالدعم الكبير من القيادة السياسية لإنشاء الجامعات الأهلية وتزويدها بأحدث التكنولوجيا، وأكد على أهمية استثمار الموارد المتاحة لضمان استدامة هذه الجامعات وضمان مستوى تعليمي عالمي.
الجامعات الأهلية الجديدة في مصرفي إطار التوسع في الجامعات الأهلية، وافق مجلس الجامعات الأهلية على إنشاء 12 جامعة جديدة، منها جامعة القاهرة الأهلية. وبهذا يرتفع عدد الجامعات الأهلية إلى 32 جامعة.
كما أشار الدكتور عادل عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إلى أن هذه الجامعات تضم أكثر من 98 كلية تقدم برامج دراسية متنوعة.
الاستعدادات للعام الدراسي 2025/2026مع اقتراب بداية العام الدراسي 2025/2026، تسعى جامعة القاهرة الأهلية لاستكمال جميع الاستعدادات اللازمة لاستقبال الطلاب. سيتم توفير جميع الموارد المادية والبشرية لضمان تقديم تجربة تعليمية عالية الجودة في مختلف التخصصات.
تعتبر جامعة القاهرة الأهلية واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية التي تواكب التطورات العالمية وتلبي احتياجات سوق العمل. في ظل هذه الجهود الكبيرة من قبل الحكومة المصرية، يتوقع أن تشهد الجامعات الأهلية تطورًا مستمرًا ينعكس إيجابًا على جودة التعليم في مصر.
اقرأ أيضاًرئيس هيئة قضايا الدولة يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة القاهرة
لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.. توقيع بروتوكول تعاون بين محافظة الجيزة وجامعة القاهرة
جامعة القاهرة تواصل إطلاق القوافل الطبية الشاملة بالبحر الأحمر