أشار منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، تونا تركمان، إلى أن الأزمة الإنسانية التي يشهدها السودان قد تحولت إلى كارثة كبرى، مؤكدًا أنها تُعد أكبر أزمة إنسانية في العالم حاليًا. وأوضح أن المنظمة في حالة طوارئ، حيث تعمل على منع حدوث وفيات جماعية. كما دعا إلى ضرورة بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات، محذرًا من أن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعًا.

وأكد أن أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية، حيث يعيش الكثير من السودانيين على وجبة واحدة أو أقل يوميًا.

يواجه السودان تحديات هائلة جراء الحرب الأهلية والفيضانات وانتشار الأوبئة، وسط حاجته الملحة لمساعدات إنسانية وإغاثية ضخمة وعاجلة.

تونا تركمان، منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، سلط الضوء، في حديث للأناضول، على الأوضاع الانسانية المتدهورة في السودان.

وقال تركمان إن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتصاعدة في المنطقة أدت إلى تفاقم “الأزمة الإنسانية وتدهور الوضع الصحي في البلاد”.

وأوضح تركمان الذي يعمل في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور السودانية، إن الأوضاع الإنسانية في هذه المنطقة “متردية”، محذرا من تزايد الهجمات الجوية عليها.

إلى جانب ذلك، فإن الفيضانات غير المسبوقة منذ ثمانينيات القرن الماضي والتي تشهدها دارفور تسببت بـ”عرقلة الجهود الإنسانية بشكل كبير”، وفق قوله.

واستكمل قائلا: “فرقنا تواجه صعوبات كبيرة في العمل ضمن المناطق التي تشهد اشتباكات نشطة”.

وذكر أن دارفور واحدة من “أكثر المناطق تضررا بسبب نقص المساعدات الإنسانية، خاصة وأنها لم تحظَ بوصول القدر الكافي من مواد الإغاثة الأممية”.

وعن أزمة النزوح في البلاد، أشار تركمان إلى تقارير الأمم المتحدة التي تحدثت عن نزوح نحو 11 مليون شخص بينهم مليونان فروا إلى دول مجاورة، فيما نزح البقية لمناطق مختلفة داخل السودان.

ولفت إلى أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، “محاصرة من قبل قوات الدعم السريع فيما تشهد معارك عنيفة”.

ومنذ 10 مايو الماضي، تشهد مدينة الفاشر اشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع”، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور (غرب).

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

أزمة متشابكة

وقال المسؤول في أطباء بلا حدود إن أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى “كارثة كبرى”.

وأضاف إن الأزمة في السودان “متشابكة”، لافتا إلى أن العمليات الإغاثية الطارئة تواجه “تحديات ضخمة” في ظل “نظام صحي منهار بالكامل”.

وعن تلك التحديات، قال تركمان إنهم يواجهون “مشاكل كبيرة جدا في توفير الإمدادات الطبية بسبب عدم قدرة موظفين دوليين وأمميين على الوصول للمناطق المنكوبة”.

واستكمل قائلا: “ما زلنا ننتظر وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي إلى جنوب دارفور، لكنها لم تصل بعد”.

وأشار إلى أن “المخاطر الأمنية والعوائق البيروقراطية أعاقت وصول مساعدات من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى”، كانت منظمته تتوقع وصولها للسودان.

**الأوبئة والمجاعة

وعن انتشار الأوبئة، قال تركمان إن منظمته تكافح انتشار مرض “الملاريا” في جنوب دارفور.

وفيما يتعلق بالجهود المبذولة في إطار ذلك، قال إن مكافحة هذا المرض يتم عبر “إنشاء نقاط صحية متنقلة”.

وأكد أن “الكوليرا” تفشى في 9 ولايات بالسودان، لافتا إلى “اتخاذ تدابير للسيطرة على الأوبئة”، دون ذكرها.

وحول تأثير الأزمة على الأطفال، قال تركمان إن “معدلات سوء التغذية بين الأطفال في جنوب دارفور تجاوزت حدود الطوارئ”.

وتابع: “أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية (…) ونقص الغذاء يؤثر بشكل كبير على الأطفال”.

وحذر من أن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعا، لافتا إلى أن الكثير من السودانيين يكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميا.

وأشار إلى أن “حجم الأزمة الحقيقي غير ظاهر بوضوح لأن الوضع لم يتم تقديره بشكل كامل”، متابعا “نحن في حالة طوارئ، ونحاول منع حدوث وفيات جماعية”.

وطالب المنظمات الإنسانية الدولية والأمم المتحدة والمتبرعين الدوليين بـ”بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات للسودان”.

وفي 7 سبتمبر الجاري، قال برنامج الأغذية العالمي في منشور على “إكس”، إن استمرار حرب السودان يُعرض نصف السكان للجوع الشديد، في أول مجاعة مؤكدة بالعالم منذ 2017.

ويبلغ عدد سكان السودان نحو 49.5 مليون نسمة، وفق أحدث التقديرات غير الرسمية.

المستشفى التركي

قال تركمان إن المستشفى التركي بمدينة نيالا، والذي أنشأته الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” بالتعاون مع الحكومة السودانية، ما زال يقدم خدماته.

وتابع إن الفريق الطبي الذي تلقى تدريبات من وزارة الصحة التركية (دون تحديد الفترة)، تمكن من “توفير الخدمات الطبية وتشغيل المستشفى طوال فترة الحرب”.

ولفت إلى أن المستشفى كان يعمل في السابق بكوادر طبية قادمة من تركيا لكن اندلاع الحرب أعاق إرسال فرق طبية جديدة.

وأردف: “رغم كل التحديات، ما زال المستشفى يوفر خدمات الرعاية الصحية للمرضى والجرحى”.

وفي ختام حديثه، أشار تركمان إلى التنسيق المستمر بين منظمته ووزارة الصحة التركية وسفارة أنقرة في الخرطوم لـ”تقديم الدعم والمساعدة” في المجال الإنساني بالسودان، قائلا إن هذا التعاون “مصدر فخر كبير لتركيا”.

وعام 2014، افتتح المستشفى رسميا على يد البروفيسور أمر الله إشلر، نائب رئيس الوزراء التركي حينها، تحت إشراف “تيكا” بتكلفة بلغت 35 مليون دولار.

وتبلغ مساحة المستشفى التركي بنيالا 11 ألف متر مربع، كما يضم 150 سريرا، منها 46 سريرا للعناية المشددة، وثلاث غرف للعمليات، وقسمان للتوليد، وقسم للتصوير الشعاعي ومخبرا.

نقلاً عن موقع الأناضول

الوسومأطباء بلا حدود المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريع دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أطباء بلا حدود المساعدات الإنسانية حرب الجيش والدعم السريع دارفور الدعم السریع جنوب دارفور نقص الغذاء بلا حدود إلى أن

إقرأ أيضاً:

قصة فتاة سودانية يتيمة تمكنت من النجاة والعناية بأشقائها وسط الحرب

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا للكاتب نيكولاس كريستوف تناول فيه الأوضاع المأساوية في السودان، مركزًا على قصة فتاة يتيمة تدعى صفاء خاطر، وكيف تمكنت من النجاة والعناية بأشقائها وسط الحرب الأهلية المستمرة.

وقال الكاتب؛ في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه شهد خلال رحلته الصحفية في السودان مشاهد مؤلمة لأطفال هزيلين وناجين من المجازر وجرائم الاغتصاب الجماعي، التي تستهدف الجماعات العرقية الأفريقية السوداء.

وأشار الكاتي إلى أن قوات الدعم السريع، وهي من أكثر الميليشيات وحشية في السودان، تقوم حاليًا بقصف مدينة الفاشر وتحقق تقدمًا، ما يهدد حياة أكثر من مليون مدني.

وذكر الكاتب أن الرئيس الأمريكي جو بايدن التقى مؤخرًا بزعيم دولة الإمارات، الداعم الرئيسي لقوات الدعم السريع، دون توجيه أي انتقاد علني لدورها في تمكين التطهير العرقي في السودان.

وأضاف أن صفاء خاطر، وهي فتاة سودانية لاجئة تبلغ من العمر 16 عامًا، فقدت والديها بسبب الحرب الأهلية. وروت صفاء كيف أحرقت قوات الدعم السريع قريتها وقتلت الرجال والأولاد، مستخدمين عبارات عنصرية ضد السود.



وبيّن الكاتب أن صفاء تمكنت من الهروب إلى تشاد مع أشقائها، بعد أن عملت لمدة شهر في مقهى شاي لتوفير المال اللازم للرحلة. وهي الآن تعيش في مخيم للاجئين وتعمل لإعالة شقيقتها وأخيها.

وذكر أن هناك تناقض في ممارسات بايدن تجاه ما يحدث في السودان، فهو يدعم المحادثات السلمية في السودان لإنهاء الحرب الأهلية واستعادة الحكومة المدنية، لكن في نفس الوقت، يرفض انتقاد الإمارات، حيث يعتقد أن الإمارات مهمة للغاية في الشرق الأوسط. في الوقت عينه؛ قام النجم ماكليمور بإلغاء عرضه في الإمارات بسبب دورها فيما يحدث في السودان. من الملفت كيف لمغني راب أن يقدم قيادة أخلاقية أكبر من رئيس الولايات المتحدة.

وأفاد بأن صفاء تعمل في مقهى شاي داخل مخيم اللاجئين، حيث تغادر المنزل في الساعة 4:30 صباحًا وتعود حوالي الساعة 9 مساءً، طول الأسبوع، لتكسب ما يعادل حوالي 50 سنتاً يوميًّا. كما تحاول صفاء لعب دور الأم البديلة لأشقائها، حيث تقدم لهم النصح والعزاء في أوقات الصعوبة.

وختم الكاتب بالقول إن هذه الحياة القاسية ليست قدرًا محتومًا على السودانيين، داعيًا القادة العالميين إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه الأزمة السودانية.

مقالات مشابهة

  • أهداف وحصاد التدخل الدولي في السودان
  • تقرير تقصي الحقائق وقوة حفظ السلام هل تشكل مقدمه للفصل السابع
  • شبكة أطباء السودان: «18» قتيل حصيلة قصف الدعم السريع للفاشر اليومين الماضيين
  • هيئة الأمم المتحدة للمرأة: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي خاص على النساء والفتيات
  • تقرير أممي: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي على النساء والفتيات
  • البرهان: مستعدون للانخراط في أي مبادرة تنهي الحرب
  • قصة فتاة سودانية يتيمة تمكنت من النجاة والعناية بأشقائها وسط الحرب
  • نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • ردا على البرهان.. حميدتي يبعث برسالة مسجلة للأمم المتحدة