القدس المحتلة- وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة شاملة مع جماعة الحوثيين، الذين صعدوا بالفترة الأخيرة من هجماتهم بالطيران المسيّر والصواريخ الباليستية على مواقع إستراتيجية بالعمق الإسرائيلي، إسنادا للمقاومة في قطاع غزة.

وتتوقع تل أبيب توسيع الحوثيين الهجمات الصاروخية من اليمن بإيعاز من إيران، وذلك ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وهو ما اعتبره الجيش الإسرائيلي تهديدا عسكريا متزايدا.

وشنت إسرائيل، مساء الأحد، سلسلة غارات على مدينة الحديدة باليمن، وذلك عقب إعلانها إدراج جماعة الحوثي ضمن بنك الأهداف الهجومية، وهو ما يعني تحويل تل أبيب اهتمامها إلى الحوثيين.

وتوافقت قراءات وتقديرات المحللين فيما بينها أن ساحة القتال مع الحوثيين، وإن كانت بعيدة، تشكل هاجسا للمؤسسة العسكرية التي توظف فقط سلاح الطيران لمواجهة التهديدات على بعد أكثر من 1800 كيلومتر، وهو ما يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة بظل تصاعد وتيرة الهجمات من اليمن.

إسرائيل تشن غارة على الحديدة في اليمن (الجزيرة) هروب للأمام

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ارشيد أن إسرائيل ومن خلال هجماتها على اليمين ولبنان وسوريا، تحاول صرف الأنظار عن الحرب على غزة التي لا تزال تشكل الحدث المركزي بالشرق الأوسط.

ولفت أبو ارشيد، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الغارات على الحديدة والتهديد بتوسيع الاستهداف ضد جماعة الحوثيين باليمن، يعكس محاولات إسرائيل المباشرة وغير المباشرة للهروب إلى الأمام جراء الفشل في قطاع غزة نحو جبهات أخرى، سواء بقصف الحديدة أو الضاحية الجنوبية في بيروت أو اللجوء إلى اغتيال قيادات المقاومة في حركة حماس وحزب الله.

وأشار المحلل السياسي إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو، ومن خلال استهداف جبهات أخرى بعيدة مثل اليمن، تسعى لتسجيل إنجازات عجزت عن تحقيقها في غزة التي ورطتها بتصعيد في الشرق الأوسط وحرب استنزاف طويلة على جبهات متعددة.

الجيش الإسرائيلي، قال اليوم السبت، إنه اعترض خارج حدود البلاد، صاروخ أرض-أرض أطلق من اليمن وذلك عقب تفعيل صفارات الإنذار بمنطقة وسط البلاد، وكان الحوثيون أعلنوا ليل الخميس أنهم "قصفوا هدفا في تل أبيب وعسقلان بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة، تضامنا مع غزة ولبنان

للمزيد:… pic.twitter.com/2rGU3COxZc

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) September 28, 2024

ترميم الردع

وبرأي أبو ارشيد، فإن الجيش الإسرائيلي الذي يملك سلاح الطيران لضرب اليمن وتنفيذ الاغتيالات في بيروت وطهران، يسعى من خلال هذه الضربات الجوية إلى ترميم قوة ردعه المتآكلة أصلا واستعادة هيبة إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يتحقق مع مواصلة القتال على مختلف الجبهات، وصمود مبدأ "وحدة الساحات"، والفشل بتفكيكها وفصلها.

ويرى المحلل أن ضرب اليمن والاغتيالات لقيادة المقاومة بالضربات الجوية التي يتفوق ويتميز بها سلاح الجو الإسرائيلي، ما هي إلا "إنجازات تكتيكية" ساهمت برفع أسهم نتنياهو وشعبيته وإسكات أصوات المعارضة، وبالذات أهالي المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

وأوضح أن ما قامت به إسرائيل في يوليو/تموز الماضي من قصف جوي لمنطقة الحديدة، لم يمنع جماعة الحوثيين من مواصلة إسناد غزة وإطلاق صواريخ باليستية ومسيّرات مفخخة نحو العمق الإسرائيلي. كما أن اغتيال نصر الله، لم يعيد النازحين الإسرائيليين إلى مستوطنات الشمال، في حين لم تسهم حرب الإبادة والضغط العسكري على حماس بإعادة المحتجزين.

رسائل لإيران

وفي قراءة لما أعلن عنه الجيش الإسرائيلي بوضع جماعة الحوثيين باليمن تحت دائرة الاستهداف، أوضح المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوآف زيتون، أنه تم ترجمة هذا الإعلان سريعا بتنفيذ هجمات جوية على مدينة الحديدة لاستعادة الردع قبالة الحوثيين الذين تجرؤوا أكثر على إطلاق المسيّرات والصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل.

وأوضح المحلل العسكري أن الهجوم على اليمن يأتي ردا على الصواريخ التي أطلقها الحوثيون في الأسبوعين الماضيين، لكنه يهدف أيضا إلى بعث رسالة تهديد لإيران، التي تهدد بالرد على اغتيال نصر الله، ولا تزال تهدد بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي قُتل في هجوم بطهران نهاية يوليو/تموز الماضي.

وأشار إلى أن السلاح الوحيد الذي تملكه إسرائيل لمواجهة تهديدات جماعة الحوثي هو شن الغارات عبر المقاتلات في محاولة لتدفيع الحوثيين ثمنا عن الهجمات بالصواريخ والمسيرات التي نفذوها. وقال "إذا واصل الحوثيون مهاجمة إسرائيل فإن الهجمات الجوية ستزداد".

وبحسب المحلل العسكري، فإن الهجوم الذي وقع على بعد حوالي 1800 كيلومتر من إسرائيل، بمثابة رسالة إلى إيران مفادها أن سلاح الجو الإسرائيلي يمكنه الهجوم بقوة هائلة حتى على مسافة بعيدة ويمكنه القيام بذلك في وقت واحد في عدة ساحات، قائلا إن "المسافة إلى اليمن هي بالضبط ذات المسافة إلى إيران".

صاروخ باليستي "فرط صوتي" أعلن الحوثيون إطلاقه نحو أهداف إسرائيلية سابقا (الإعلام الحربي اليمني) بدائل الغارات

ومع احتدام القتال والهجمات على مختلف الساحات، تجد إسرائيل ذاتها أمام خيارات وبدائل محدودة لمواجهة التهديدات العسكرية لجماعة الحوثي، التي يتم مواجهتها فقط بالغارات الجوية، حيث تساءل مراسل الشؤون الأمنية في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، آريه أغوزي " لماذا لا تستخدم إسرائيل الصواريخ الباليستية ضد الحوثيين؟".

ولفت إلى أن هذا السؤال يطرح مع تكرار هجمات الحوثيين على إسرائيل، حيث من الواضح أن إيران سترد على اغتيال نصر الله، ويبدو أنها هذه المرة أيضا ستستعين بخدمات الحوثيين. متسائلا "هل تمتلك إسرائيل القدرة على استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ضد جماعات إيران، وربما ضدها بشكل مباشر أيضا؟".

واستذكر أغوزي أن المقاتلات الإسرائيلي هاجمت، في يوليو/تموز، منشآت الحوثيين في اليمن، وتطلب الهجوم رحلة طويلة للطائرات المقاتلة والتزود بالوقود جوا، "تم تنفيذه بنجاح. لكن الحوثيين يواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل بدون رادع".

ويعتقد مراسل الشؤون الأمنية أنه يجب على إسرائيل أن تستخدم جميع الأدوات المتاحة لها لإزالة التهديد على الجبهات المتعددة، قائلا "إذا لم تتصرف إسرائيل بهذه الطريقة، فسيتم تفسير ذلك على أنه ضعف. وعلى الرغم من قلة عدد الحوثيين، فإنهم يعملون وفق تعليمات طهران ويتلقون شحنات الأسلحة من إيران".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصواریخ البالیستیة الجیش الإسرائیلی جماعة الحوثیین على اغتیال نصر الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

وكالة: ارتفاع مستوى التهديد للموانئ الإسرائيلية بسبب هجمات الحوثيين

رفعت مجموعات الأمن البحري والصناعة مستوى المخاطر بالنسبة للسفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية، حيث تواجه المحطات هجمات صاروخية محتملة من جماعة حزب الله اللبنانية في البحر الأبيض المتوسط والحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر، وفق رويترز.

 

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدرت هيئة الموانئ التابعة للاحتلال الإسرائيلي رسالة تفيد بأن المحطات الممتدة من ميناء إيلات الجنوبي على البحر الأحمر إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط الرئيسية في حيفا شمال إسرائيل تعمل بكامل طاقتها الطبيعية.

 

لكن صفارات الإنذار انطلقت للمرة الأولى منذ أشهر هذا الأسبوع في مدينة حيفا بعد أن أطلق حزب الله صواريخ من لبنان، وضربت طائرة بدون طيار أطلقتها المقاومة الإسلامية في العراق ميناء إيلات، بحسب شركة الأمن البحري البريطانية أمبري.

 

وفي نشرة استشارية نشرت يوم الجمعة وتراقبها عن كثب شركات التأمين وأصحاب السفن، قالت أمبري إنها قيمت المخاطر التي تتعرض لها السفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية على أنها “مرتفعة”.

 

وقال أمبري: “من المرجح للغاية أن يؤدي المزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية التصعيدية أو التوغل البري الإسرائيلي (في لبنان) إلى عمليات مباشرة ضد ميناء حيفا”.

 

“إن العمل المتزامن الذي تقوم به حماس أو الحوثيون أو المقاتلون العراقيون يعرض الموانئ الإسرائيلية المتبقية (أسدود وعسقلان والخضيرة وإيلات) لخطر مستمر من الأضرار الجانبية في عمليات الاستهداف الفردية بعيدة المدى”.

 

ويزعم الحوثيون إنهم يتصرفون تضامنا مع الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس الفلسطينية في غزة. وفي أكثر من 70 هجوماً، أغرق الحوثيون سفينتين، واستولوا على أخرى، وقتلوا ثلاثة بحارة على الأقل.

 

وقالت مصادر في مجال الشحن والتأمين إن السفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية تواجه تهديدا أوسع يتمثل في استهدافها من قبل الحوثيين في المياه المفتوحة في البحر الأحمر.

 

وقالت أكبر اتحادات صناعة السفن في العالم في إرشادات محدثة للبحر الأحمر نُشرت يوم الجمعة، إن مشغلي السفن الذين اتصلوا أو خططوا للرسو في الموانئ الإسرائيلية “يجب أن يحدوا من الوصول إلى المعلومات”.

 

وجاء في التحذير: “يمكن أن تستخدم قوات الحوثيين المعلومات المنشورة كجزء من عملية الاستهداف”. “يجب على الشركات التي تواجه حوادث على متن سفنها أن تفكر في احتمال قيام الحوثيين باستهداف سفنها في المستقبل”.


مقالات مشابهة

  • إسرائيل تضرب قلب اليمن: هل تستهدف الحوثيين أم تدمر حياة المدنيين؟
  • نتنياهو: ضربنا الحوثيين في اليمن
  • هاليفي بعد ضربة اليمن: إسرائيل ستواصل محاصرة إيران
  • ناطق الحوثيين: استهداف إسرائيل منشآت مدنية في الحديدة محاولة لكسر قرارنا بمساندة غزة ولبنان
  • صحيفة عبرية: الجيش الإسرائيلي نفذ أقوى ضربة ضد الحوثيين في اليمن
  • وكالة: ارتفاع مستوى التهديد للموانئ الإسرائيلية بسبب هجمات الحوثيين
  • معهد هندي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تقوض جهود استعادة السلام والوحدة في اليمن (ترجمة خاصة)
  • الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن.. ولا تعليق من الحوثيين
  • ما نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل بـهجوم الضاحية.. إيران تفصح