انتصار مدني في ظل الجيش.. تبون يواجه تحديات إعادة انتخابه في الجزائر
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
أثارت نتائج الانتخابات الجزائرية والتي فاز بها الرئيس عبد المجيد تبون جدلاً واسعًا، إذ انخفضت نسبة المشاركة إلى 23.3%، مما يدل على عدم رضا الكثير من المواطنين عن العملية الانتخابية، تزامنا مع مخاوف من عودة النفوذ العسكري في السياسة الجزائرية، حيث يعتقد أن الجيش لا يزال يحتفظ بسلطة كبيرة في البلاد.
ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن هشاشة مؤسسة الرئيس المعاد انتخابه عبد المجيد تبون التي تهدد السلطة المدنية الجزائرية بزيادة نفوذ الجيش.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الدولة المنتهية ولايته، الذي أراد استعادة شرعيته بعد انتخابات أولية فوضوية في نهاية سنة 2019 على خلفية حركة الحراك المناهضة للنظام، يبدأ ولايته الثانية على أساس هش.
وتضيف الصحيفة أن هشاشة موقف السيد تبون سوف تؤثر بشكل قاطع على تشكيل السلطة في الجزائر وستؤدي إلى صعود قوة الجيش الوطني الشعبي الجزائري. إن الحضور القوي ـ وغير المعتاد - للجنرالات بين الضيوف الرسميين الذين حضروا حفل أداء الرئيس - المعاد انتخابه في السابع عشر من أيلول /سبتمبر - اليمين في الجزائر العاصمة، يبعث بإشارات بليغة مفادها أن تبون تحت المراقبة. وخلال الحملة الانتخابية، كان رئيس أركان الجيش، سعيد الشنقريحة، يرافقه باستمرار في زياراته.
الحراك، تهديد وجودي
وبحسب الصحيفة؛ يعارض البعض فكرة أن المؤسسة العسكرية كانت دائمًا تشكل العمود الفقري للنظام منذ الاستقلال سنة 1962. وكان الانقلاب الذي قامت به عشيرة هواري بومدين – قائد جيش الحدود آنذاك – ضد قوى الداخل في فجر الاستقلال قد وضع حجر الأساس "للنظام السياسي العسكري" على حد تعبير الحقوقي مجيد بنشيخ، العميد السابق لكلية الحقوق بالجزائر العاصمة. وفي أواخر الثمانينات تغيرت الاتجاهات حيث انسحب الجيش الوطني الشعبي الجزائري من الحياة السياسية ومن قيادة جبهة التحرير الوطني عند الإعلان عن نهاية الحزب الواحد في أعقاب أعمال الشغب التي وقعت في تشرين الأول/ أكتوبر 1988.
وتمت المصادقة على فك الارتباط بموجب دستور شباط/ فبراير 1989، مما مهد الطريق لنظام متعدد الأحزاب. مع ذلك، ظل الجيش متواجدا في الساحة من خلف الكواليس، حيث واصل صنع الرؤساء وكسرهم وفق مكائد مبهمة. وكان هذا هو الحال عند توقف العملية الانتخابية سنة 1992، وطوال فترة الحرب "العقد الأسود".
وأوردت الصحيفة أنه بمجرد استعادة الاستقرار، حرص الجيش على إعادة الوجه المدني للدولة. وكان عبد العزيز بوتفليقة الذي ترأس البلاد بين عامي 1999 و2019 وجهًا لذلك. شكلت ظروف سقوط بوتفليقة، في قلب اضطرابات الحراك سنة 2019 نقطة عودة إلى الأساسيات أي الجيش، الذي عزله فجأة في محاولة لتهدئة الشارع.
وكان عبد المجيد تبون آنذاك هو الرهان المدني الجديد للقيادات العسكرية، التي أصرت على اتخاذ احتياطات إضافية. إن الخوف الكبير من الحراك، الذي اعتبرت مطالبته بـ"دولة مدنية غير عسكرية" تهديدًا وجوديًّا للنظام، قد ترك آثارًا عميقة. وعليه، كان من الضروري تأمين الترسانة التشريعية والتنظيمية بثلاث طرق. وهكذا، عهدت المراجعة الدستورية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 إلى الجيش بمهمة "الدفاع عن المصالح الحيوية والإستراتيجية" للبلاد.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2021، صدر مرسوم جعل للعنصر العسكري أغلبية داخل المجلس الأعلى للأمن، مما أتاح له التدخل في الاستفتاء بشأن المسائل ذات “الطبيعة الأساسية”.
تعقيم الحياة السياسية
ووفق الصحيفة؛ يرى الباحث ماسنسن الشربي المتخصص في الأسس القانونية للجيش الجزائري أن خير مثال على ذلك يُعد نشر مرسوم في حزيران/ يونيو الماضي وعشية افتتاح الحملة الانتخابية يسمح في الوقت الراهن بتعيين ضباط الجيش في الإدارة المدنية، وبشكل أكثر تحديدًا في القطاعات "الإستراتيجية والحساسة". بعد ذلك، يوسع الجيش نفوذه ليشمل وظائف الحكم التي كانت في السابق مخصصة لكبار موظفي الخدمة المدنية لتصبح العسكرة الفعلية أمرًا واقعًا بحكم القانون.
ويؤدي هذا التحول التدريجي إلى تآكل أحد الركائز الأساسية للنظام السياسي الجزائري، ألا وهو العلاقة التعاقدية بين المجالين المدني والعسكري.
من جانبه، يقول علي بن سعد، الأستاذ في المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية بجامعة باريس الثامنة: "لقد نجح الجيش دائمًا في التعامل مع شريك مدني ذي مصداقية وله جذور سياسية واجتماعية". ومع ذلك، فإن عقم الحياة السياسية الجزائرية – بسبب دورات متتالية من القمع – أدى في نهاية المطاف إلى حرمانه من مثل هذا التتابع، وأجبره على الاندفاع المتهور في التوسع اللانهائي لمجال تدخله.
وبينت الصحيفة أن فشل الانتخابات الرئاسية التي نظمت في السابع من أيلول/سبتمبر، والتي لم ينجح سيناريوها المرسوم مسبقاً في منع حدوث ارتباك واسع النطاق خير دليل على ذلك.
في ختام التقرير؛ تنقل الصحيفة عن بن سعد تأكيده أن "الجيش لا يستطيع حتى تفعيل الصلاحيات التي منحها لنفسه"، مشيرًا إلى أن تحول السلطة المطلقة إلى عاجزة يدعو للقلق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الجزائرية عبد المجيد تبون الجيش الجزائر الجيش عبد المجيد تبون الانتخابات الجزائرية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لاسيما ميناء الجزائر.. أوامر بتسريع أشغال إعادة تهيئة الموانئ وعصرنتها
ترأس وزير النقل، السعيد سعيود، اليوم الثلاثاء، جلسة عمل، بحضور إطارات من الوزارة، رئيس الجمعية المهنية للوكلاء البحريين الجزائريين (APAMA)، وأعضاء من مكتبها التنفيذي.
وبعد الإستماع لشروحات عن وضعية الجمعية ومهامها، وكذا عرض حول قطاع النقل البحري والموانئ قدمه رئيس جمعية APAMA، دعا الوزير، الجميع إلى العمل الجماعي والتحاور وتكثيف الجهود والصرامة من أجل النهوض بقطاع النقل البحري، وبلوغ الأهداف المسطرة.
كما أسدى أوامر بتسريع أشغال إعادة تهيئة الموانئ وعصرنتها، لاسيما ميناء الجزائر الذي سيعتبر نموذجيا.
وحسب بيان الوزارة، فقد أمر سعيود بمراجعة النصوص القانونية والتنظيمية لجعلها أكثر مرونة بما يتماشى والتحديات الراهنة، وتوزيع المهام والتخصصات على موانئ الوطن. وكذا تفعيل اللجنة الوطنية للتسهيلات البحرية (FAL).
وفي الختام، طالب من الجمعية المشاركة في إقتراح الحلول لتخطي العقبات والتنسيق مع جميع الفاعلين والمتدخلين لوضع إستراتيجية مستقبلية على المدى القصير، المتوسط، والبعيد، مما يساهم في تصحيح النقائص وتطوير منظومة النقل البحري.