أيقونة الزمن الآتي ودماء الفلسطينيين واللبنانيين والروس تفتح أبواب العالم الجديد
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
سبتمبر 29, 2024آخر تحديث: سبتمبر 29, 2024
رامي الشاعر
كاتب ومحلل سياسي
بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منتصف الأسبوع الماضي، المعالم الرئيسية لوثيقة “العقيدة النووية” المحدثة، في اجتماع مع أعضاء اللجنة الدائمة للردع النووي بمجلس الأمن الروسي.
وقد حددت التعديلات الجديدة للعقيدة النووية الروسية حالات واضحة ومحددة يصبح من حق الدولة الروسية حينها استخدام الأسلحة النووية، ومن بينها العدوان على روسيا من قبل أي دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو دعم دولة نووية، وهو ما ستعتبره روسيا بمثابة هجوم مشترك على أراضيها، وفي حالة الهجمات الجوية بأسلحة هجومية عند عبورها حدود الأراضي الروسية، بما في ذلك باستخدام الطائرات الاستراتيجية أو التكتيكية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة والأسلحة فرط الصوتية وغيرها من الأجسام الطائرة، وكذلك في حالة العدوان على أراضي بيلاروس، التي تربطها وروسيا “دولة الاتحاد”.
وأكد الرئيس الروسي أن مسودة العقيدة النووية المحدثة تعمل على توسيع فئة الدول والتحالفات العسكرية التي يتم تطبيق مظلة الردع النووي عليها، حيث تابع: “نحن نحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية في حالة العدوان على روسيا وبيلاروس كعضو في دولة الاتحاد، بما في ذلك عند استخدام العدو للأسلحة التقليدية وتشكيله تهديداً خطيراً لسيادتنا”.
وشدد بوتين على أن روسيا تتبع نهجاً مسؤولاً تجاه قضية الأسلحة النووية، وتسعى إلى منع انتشارها حول العالم، مؤكداً على أن الثالوث النووي الروسي يظل أهم ضمان لأمن الدولة الروسية وسلامة مواطنيها، وأداة فعالة للحفاظ على التكافؤ الاستراتيجي وتوازن القوى في العالم.
على الجانب الآخر، تقدم الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي لرعاته في واشنطن بما أسماه “خطة النصر”، والتي كانت بمثابة قبعة تسول الصدقات والمنح من الغرب، حيث يتوهم الممثل الكوميدي الذي ضل طريقه إلى السلطة في أوكرانيا أنه من الممكن “إجبار روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات العام المقبل” من خلال “تسريع إدارة بايدن شحنات الأسلحة وإعطاء الضوء الأخضر لضربات صاروخية ضد عمق الأراضي الروسية”.
لم ينجح زيلينسكي في هذه الزيارة بإقناع المسؤولين الجمهوريين، لا سيما أنه انجرف إلى المعركة الحزبية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بانحياز فج لصالح الحزب الديمقراطي، وهو ما دفع رئيس لجنة الرقابة والمساءلة في مجلس النواب جيمس كومر (الجمهوري من ولاية كنتاكي) فتح تحقيق رسمي في زيارة الرئيس الأوكراني إلى بنسلفانيا، والتي يرى أعضاء الحزب الجمهوري أنها كانت بمثابة “فعالية انتخابية” بأموال دافعي الضرائب، وفقا لتعبير مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، حيث استخدم زيلينسكي في الزيارة طائرة نقل عسكرية من طراز C-17 تابعة للقوات الجوية الأمريكية، وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون (الجمهوري من ولاية لويزيانا)، في رسالة إلى زيلينسكي، إن الزيارة تمت “على خلفية معركة سياسية جدلية يقودها بديل سياسي كبير لكامالا هاريس، وفشلت في ضم جمهوري واحد لأنه لم تتم دعوة أي جمهوري عمداً”.
وأرسل جيمس كومر رسائل إلى البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة العدل يطالب فيها بمعلومات عن الزيارة، وقال إن تحقيقه سيصل إلى حقيقة ما إذا كان هناك “إساءة استخدام للموارد الحكومية سمحت لزيلينسكي بالتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2024”.
إن “خطة النصر” المزعومة من قبل زيلينسكي هي نسخة معدلة من “خطة السلام” لزيلينسكي، والتي تحمل أوهاماً وأسئلةً أكثر من الوقائع والأجوبة على أرض المعركة، حيث ينتقد الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون مغامرة كورسك غير المحسوبة من قبل زيلينسكي، والتي أقال من أجلها رئيس أركانه زالوجني، الذي تجرأ وطرح سؤالاً منطقياً:
“ماذا سيحدث في اليوم التالي؟”، وهو السؤال الذي يتعين على زيلينسكي وأعوانه الآن في كييف الإجابة عليه أمام الشعب الأوكراني الذي يدفع فواتير هذه المغامرات الرعناء والطائشة.
أما عن الاتحاد الأوروبي، الذي يهذي بما يسميه “إشارات قوية” لبوتين، استنادا لتعبير وزير الدفاع الألماني أمام مجلس النواب في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، حيث قال إن “أمن ليتوانيا هو أمن ألمانيا” احتفاء بنقل لواء ألماني إلى ليتوانيا، فيصرح هذا الاتحاد بعدم قبوله تهديد من روسيا، لكنهم في الاتحاد الأوروبي وفي “الناتو” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يستقبلون زيلينسكي، ويعلنونها بالفم الملآن أنهم يريدون “هزيمة روسيا استراتيجيا في أرض المعركة”، بل إن مناقشة “خطة النصر” لزيلينسكي في حد ذاتها ليست سوى إعلان حرب على روسيا، في الوقت الذي يندهشون فيه من تعديل روسيا لعقيدتها النووية، لحماية سيادتها ووحدة أراضيها وسلامة مواطنيها.
بنفس الكيفية، تمرح إسرائيل وترتكب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين ولبنان والعالم يشهد على ذلك دون أن يعبر حتى عن “قلقه العميق والبالغ”، أو حتى يشجب تصرفات الدولة المحتلة في عرف القانون الدولي وباعتراف الأمم المتحدة. وما باليد حيلة فجميع الدول العربية والشرق أوسطية استقبلت رسائل واضحة، من خلال قنوات مختلفة، تهددها باستخدام إسرائيل للسلاح النووي حال تعرضها للخطر، ويقف وراء ذلك بالطبع البيت الأبيض، الذي يستخدم ذراعين أحدهما في أوروبا (أوكرانيا)، والآخر في الشرق الأوسط (إسرائيل) لتنفيذ مخططاته الخبيثة الهادفة للإبقاء على الهيمنة الأمريكية والغربية على مقدرات الدول والشعوب.
إلا أن ما يزيد من هستيريا الغرب اليوم هو إدراكه، استنادا للمعارك الضارية التي تجري على الأرض، لاستحالة إضعاف روسيا بهزيمتها عسكرياً، لهذا يلجؤون إلى إغلاق كافة المنافذ الإعلامية، وتهديد كل من تسول له نفسه التعامل معها، ومحاولة حصار كل من يتعامل معها.
ولا شك أن ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب بقدرته على “إنهاء الأزمة الأوكرانية” أو “الحرب في غزة ولبنان” ليس سوى اعتراف واضح أن الولايات المتحدة هي من يقف وراء تلك الأزمات ويتحكم في مسارها. وهل ننسى أن ترامب كان الرئيس الأمريكي الذي أعلن ضم القدس إلى إسرائيل ونقل السفارة وأعلن الجولان أراض إسرائيلية وأعطى بذلك الضوء الأخضر للقيادة الصهيونية الفاشية للبدء بتصفية الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه.
إن الفرق بين بايدن وترامب بسيط، فالأول يداه ملطختان بدماء الشعب الأوكراني والفلسطيني واللبناني، بينما خطط الأخير، بخبث ودهاء، لكل ما سبق ذلك من أحداث أدت لكل هذه المآسي والكوارث الإنسانية المفجعة، والآن يستخدم ترامب الدماء التي تلطخ يدي بايدن في تشويه سمعة إدارته، في حين أن الإدارتين مذنبتان تقريباً بنفس القدر، وعلى نفس الدرجة من الإجرام والغطرسة الأمريكية.
لقد أصبح واضحاً للعيان الآن أن الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق العالمي هو تحول العالم إلى عالم التعددية القطبية، لا سيما بعد أن اتضح لكل دول العالم، وخاصة الجنوب العالمي الذي ذاق مآسي الحروب الأهلية والصراعات والانقلابات، فشل السياسات الأمريكية في أوروبا والشرق الأوسط وفيتنام وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن وجميع أنحاء العالم. ولن ينقذ الولايات المتحدة لا ترامب ولا هاريس ولا الحزب الجمهوري أو الديمقراطي. إنما سينقذنا جميعاً عالم متعدد الأقطاب، ونظام عالمي جديد يحقق العدالة والمساواة لجميع الدول ذات السيادة.
إن تاريخ المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، وتاريخ شرق أوروبا والعالم يتشكل الآن بدماء الفلسطينيين واللبنانيين والروس، ولعل الجميع يدرك الآن حجم المعركة الكبرى التي تخوضها البشرية دفاعاً عن مستقبلها، بعد أن أصبحت على شفا حفرة من الحرب العالمية الثالثة والصدام النووي الذي لن ينجو منه أحد. الآن أصبحنا نرى جميعاً أن نتنياهو كفأر مذعور يسعى بكل قواه وطاقته ودماء أبنائه للاستمرار في الحرب وتوسيع رقعتها من أجل توريط الولايات المتحدة بها، وأن زيلينسكي فأر مذعور آخر يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يقحم الولايات المتحدة و”الناتو” في حرب نووية مع روسيا، لهذا أتمنى أن يكون الجميع على قدر من الوعي والمسؤولية والإدراك لأهمية المرحلة الحساسة والحاسمة التي تمر بها البشرية، ولنحاول جميعاً أن ننقذها من هيمنة اللوبي الصهيوني الأمريكي الإسرائيلي، ومن سيطرة اللوبي الأوكراني الأهوج، الذي يحاول برعونة وطيش أن يقنع “الناتو” والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأن روسيا “تهدد بالعصا النووية وهي لا تقدر على استخدامها!”، فما ندفعه كشعوب في الشرق الأوسط وفي روسيا من دماء غالية زكية لا شك سيفضي في نهاية المطاف إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واستعادة لبنان لكامل أراضيها وحريتها غير المنقوصة، وتحرير الأراضي الروسية المحتلة من قبل النازيين الجدد في أوكرانيا، وإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب ينعم فيه الجميع بالازدهار والتنمية والحق في الأمن والاستقرار والحياة.
وأثناء الانتهاء من كتابة هذه المقالة، جاء خبر استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقد كان هذا الاغتيال متوقع أن يحدث، خاصة بعد أن تم تجنيد كل الأجهزة والامكانيات الأمريكية الصهيونية والغربية الخاصة لتنفيذ عمليات تصفية الشخصيات القيادية لمحور المقاومة وتحرير فلسطين وجميع الأراضي العربية المحتلة والسيد حسن نصرالله ورفاقه الذين مضوا معه كانوا يعلمون أنهم سيلتحقون بقافلة الشهداء وعملية الاغتيال هذه والتي استخدمت فيها أشد وأقوى الصواريخ الأمريكية اختراقاً وتدميراً، لا يجوز ابداً تقيمها على أنها انتصار لإسرائيل، بل عكس ذلك سيزداد محور المقاومة قوةً و إصراراً في الكفاح وسيزداد توسعه وتأييده من قبل الملايين من أجل تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
يبقى أملنا أن يستوعب الأعداء بعد ادخال التعديلات على العقيدة النووية الروسية والتي سيتم تبنيها رسمياً خلال الأيام القريبة القادمة أنه لا يجوز استباحة أمن وسيادة أي دولة في العالم. وأنا على أمل أنه في المستقبل القريب ستشارك روسيا دول حليفة أخرى إلى جانب بيلاروسيا لتكون فعالية التعديلات للعقيدة أشمل وسوف تشمل منطقة الشرق الاوسط أيضاً بالإضافة إلى مناطق أخرى.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط من قبل
إقرأ أيضاً:
الكرملين يرد على زيلينسكي حول التفاوض مع بوتين
وصف الكرملين، اليوم الأربعاء، إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وقادة آخرين لإنهاء النزاع، بأنه "كلام أجوَف".
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين "حتى الآن لا يمكن اعتبار هذا الأمر سوى كلام أجوَف"، مضيفاً أن "الاستعداد يجب أن يرتكز على شيء ما. لا يمكن أن يستند إلى حظر قانوني لمحادثات مماثلة".
وكرر بيسكوف حجة روسيا بأن زيلينسكي لا يستطيع التحدث إلى بوتين بعدما أصدر مرسوماً أكتوبر في (تشرين الأول) 2022 يحظر أي مفاوضات مع روسيا طالما يترأس بوتين السلطة فيها، وذلك رداً على إعلان الكرملين ضم 4 مناطق أوكرانية.
كما جدد بيسكوف كلام روسيا، بأن زيلينسكي ليس رئيساً شرعياً وقال "يواجه زيلينسكي مشكلات كبيرة بحكم القانون في أوكرانيا. لكن رغم ذلك، نحن نبقى مستعدين للمحادثات".
وأضاف أن "الواقع على الأرض يشير إلى أن كييف يجب أن تكون أول من يبدي انفتاحه واهتمامه بمحادثات مماثلة"، في إشارة على ما يبدو إلى التقدم العسكري الروسي ميدانياً.
⚡️ Russia ready to negotiate despite Zelensky's 'legitimacy problems,' Kremlin spox claims.
Kremlin spokesperson Peskov also called Zelensky's recent comments on negotiations "empty words," saying they must be based on an actual "readiness and desire."https://t.co/jYoaYIOZwk
ولطالما عارض زيلينسكي بشكل قاطع أي تسوية مع روسيا، لكنه راجع بعض نقاط موقفه في الأشهر الأخيرة في مواجهة الصعوبات التي يعانيها جيشه على الجبهة خصوصا منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتأكيده أنه يريد إنهاء الحرب بسرعة.
وقال زيلينسكي، رداً على سؤال حول إمكان التفاوض مع بوتين في مقابلة بُثت الثلاثاء، إنه سيفعل ذلك "إذا كان هذا هو الشكل الوحيد الذي يمكننا من خلاله تحقيق السلام لمواطني أوكرانيا وعدم خسارة المزيد من الأرواح".
وأشار إلى صيغة تضم "4 مشاركين"، هم مبدئيا أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي توضيح لتصريحاته، قال زيلينسكي اليوم الأربعاء على وسائل التواصل الاجتماعي إن الاستعداد للنقاش مع بوتين هو في حد ذاته "تنازل" من جانب أوكرانيا.
ووصف الزعيم الروسي بأنه "قاتل وإرهابي". وقال "التحدث إلى قاتل هو بمثابة تنازل من جانب أوكرانيا والعالم المُتَحضِّر بأكمله".
وأقرّ بأن حلفاء كييف "يعتقدون أن الدبلوماسية هي الطريق للمضي قدماً".
The Kremlin dismissed Ukrainian President Volodymyr Zelenskyy's statement that he was ready for direct talks with Russian counterpart Vladmir Putin to end fighting as "empty words".https://t.co/R4tb6Q6lmx
— The Hindu (@the_hindu) February 5, 2025وفي المقابلة التي نُشرت الثلاثاء، أثار زيلينسكي مجدداً احتمال حصول أوكرانيا على أسلحة نووية في حال عدم انضمامها بسرعة إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال بيسكوف اليوم إن هذه التصريحات "تلامس الجنون"، داعياً حلفاء كييف إلى إدراك "المخاطر المحتملة لمناقشة هذا الموضوع في أوروبا".
وعندما سُئل عن تعليقات الولايات المتحدة بشأن اجتماع محتمل بين ترامب وبوتين، قال الناطق باسم الكرملين إن "هناك اتصالات" بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن مواضيع محددة، لافتاً إلى أن الاتصالات "تكثفت أخيراً"، من دون أن يذكر تفاصيل إضافية.