لطالما حيرني هذا النقد الذي أجده قاسيا أحيانا منا كعمانين لبلادنا، سياستها ومرافقها وثقافتها، وكنت أعتقد أن هذا السلوك الذي يصل لجلد الذات عند البعض حصرا علينا نحن، حتى بدأت ألحظ في شبكات التواصل الاجتماعي أن الجميع يمارس هذا السلوك وبشكل أقسى بكثير منا، حتى وقعت منذ أيام على مصطلح (الأيكوفوبيا) الذي يفسر هذه الظاهرة، والذي يعني النفور أو الخوف من البيئة المنزلية أو الثقافية الخاصة بالفرد.

والذي يعكسه المثل الإنجليزي الدارج (المراعي دائما أكثر اخضرارا في الجهة الأخرى) وكلمة (الأيكوفوبيا) وفقا لموقع (ويكيبيديا) أصلها يوناني وتتكون في الواقع من كلمتين «أويكوس» وتعني المنزل، و«فوبيا» وتعني الخوف.

من الناحية النفسية، يمكن أن تشير الأيكوفوبيا وفقًا للموقع ذاته إلى حالة من النفور أو الاضطراب العاطفي تجاه المنزل أو البيئة الأسرية. قد يكون هذا الخوف ناتجًا عن تجارب سلبية عاشها الشخص في محيط الأسرة.

أما في السياق الثقافي والسياسي، فقد استخدم الفيلسوف البريطاني روجر سكروتون هذا المصطلح في كتابه «إنجلترا والحاجة إلى الأمم» ليصف الرفض المتزايد للثقافة الوطنية والقيم المحلية من قبل بعض الأفراد. وفقًا لسكروتون، تمثل الأيكوفوبيا نقيضًا للـ«زينوفوبيا» (رهاب الأجانب)، حيث إنه بدلا من الخوف من الثقافات الأجنبية، يتبنى الأفراد موقفًا عدائيًا أو متشددًا تجاه ثقافتهم الأصلية. قد يظهر هذا في شكل انتقاد مفرط للتقاليد والقيم الوطنية أو التقليل من شأن إنجازات الوطن.

في النقاشات السياسية، يُستخدم المصطلح غالبًا لوصف أولئك الذين يبدون عدم الولاء أو الرفض للقيم الثقافية والاجتماعية لبلدانهم. يُنتقد هؤلاء الأشخاص على أنهم ينحازون دائمًا للأفكار والقيم الأجنبية على حساب ثقافتهم الأصلية، أو ما يسمى عند إخواننا المصريين بعقدة الخواجة.

هذا الرفض نراه حتى على صعيد رفض المنتجات المحلية التي قد تكون أعلى جودة، لصالح المنتجات المستوردة، ونراه على مستوى التوظيف، والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة، نراه في تخلينا عن لهجاتنا المحلية، ويمكن له إذا لم نعِ أبعاده أن يشوه هويتنا، ويهدد أمننا الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، لهذا تعمل الدول على تعزيز روح المواطنة لدى الناشئة، وتعزيز انتمائهم وولائهم واعتزازهم بهذه الهوية، حماية لمنجزاتها وقيمها.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

“الشؤون الإسلامية والأوقاف” : الإمارات رمز السلام والقيم الإنسانية

نظمت الهيئةُ العامة للشؤون الإسلاميةِ والأوقاف والزكاة ندوة تحت عنوان “السلام مقصد ديني وهوية وطن” بمناسبة اليوم العالمي للسلام، بحضور معالي ياقوت خليل قوماس وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا، وسعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة، وعدد من المسؤولين في الهيئة والضيوف المدعوين وجمهور كبير.

وقال سعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي، خلال الندوة التي أقيمت في مسجد الرئيس جوكو ويدودو في أبوظبي، إن للإمارات سجلاً حافلاً وجهوداً مقدرة في نشر السلام وترسيخ الاستقرار حول العالم، وبصماتها ومبادراتها في ترسيخ الأخوة وإعلاء قيم التسامح والتعايش بين الشعوب مشهودة منذ قيامها، حتى أصبحت رمزاً للسلام والفضائل والقيم الإنسانية.

وتخللت الندوة عدة فقرات حيث تحدث الدكتور محمد سليمان البلوشي المدير التنفيذي لقطاع الوقف والزكاة في الهيئة بالإنابة، قائلاً إن السلام صبغة ديننا وإرث آبائنا وهدف مؤسس دولتنا ورؤية قيادتنا، مشيرا إلى أن الإمارات أنجزت وثيقة الأخوة الإنسانية، وقانون مكافحة التمييز والكراهية، وأسست المعهد الدولي للتسامح ومنابر مساجدها ودور عبادتها تؤكد دوما معاني السلام، فصاغت بذلك أنموذجاً رحباً للسلام والتعايش.
وقدم سعادة قمر الدين أمين مدير عام توعية مجتمع المسلمين في وزارة الشؤون الدينية في إندونيسيا، مداخلة عن قيم السلام، مشيداً بنموذج دولة الإمارات في التعايش والتسامح ومساهماتها الإنسانية المقدرة على مستوى العالم، أكد أن السلام هو سبيل السعادة في الدنيا والآخرة.

وقدمت الباحثة في الهيئة روضة الهاشمي عرضاً لكتاب “من قيم السلام” الذي أصدرته الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، سردت خلاله بعضاً من مضامين الكتاب الذي أبرز معاني السلام ورؤية ديننا الإسلامي في تجلية قيم السلام في حياتنا اليومية، ومسيرة وجهود ومبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ السلام العالمي.

وشاهد الحضور خلال الحفل الذي قدمته مريم الحمادي من الهيئة مقاطع فيديو عن إنجازات دولة الإمارات وبصماتها في تحقيق السلام لكل الشعوب.
وفي ختام الندوة، كرّم سعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة، مجموعة من أئمة المساجد العاملين في الهيئة الذين تم اختيارهم من عدد من الجنسيات تقديرا لجهودهم المتميزة في الخدمة وأداء رسالة الهيئة في المجتمع.وام


مقالات مشابهة

  • منطقة الأمان الخادع
  • مات من شدة الخوف ولم يُصب جسده بأي خدش.. كشف مفاجأة عن سبب وفاة حسن نصر الله بعد معاينة جثته
  • شرطة رأس الخيمة تنظم ملتقى حول مفهوم ثقافة احترام القانون
  • هل يعادي البيجيدي الوطن؟..بنكيران يعزي زعيم حزب الله الذي يمول ويدرب البوليساريو(وثيقة)
  • الإمارات رمز السلام والقيم الإنسانية
  • "الشؤون الإسلامية والأوقاف": الإمارات رمز السلام والقيم الإنسانية
  • تفاصيل لقاء العليمي مع غوتيريش والإلتزام الذي أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة تجاه اليمن
  • “الشؤون الإسلامية والأوقاف” : الإمارات رمز السلام والقيم الإنسانية
  • يوم عصيب على عصابات آل دقلو