جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@13:36:38 GMT

الهدوء العُماني ودوره في اتخاذ القرار

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

الهدوء العُماني ودوره في اتخاذ القرار

 

سعيد بن سالم البادي

اختصَّ الله سبحانه وتعالى الإنسان العُماني ببعص الخصائص والقيم التي قلّما توجد في مجتمعات أخرى؛ وهي خصائص وقيم ساهمت في تكوين وضبط الشخصية العُمانية، وجعلت أبناءها يتصرفون فيما بينهم وبين الآخرين بأسلوب فريد قلَّ ما يوجد في أيِّ مُجتمع آخر وقد استطاعوا أن يُحافظوا على هذه الخصائص والقيم قروناً من الزمن وعضُّوا عليها بالنواجذ لتبقى إرثهم الشرعي وملكهم الخاص بلا منازع ورأس مالهم الثمين الذي يتفردون به بين سائر الأمم ليظلوا مصدر تعليم هذه الخصائص والقيم للآخرين دون غيرهم.

ومما يتفرَّد به الإنسان العُماني من الخصائص والقيم النبيلة، خاصية الاعتدال في كل شيء؛ فالإنسان العُماني مُعتدل في حديثه، فإذا تحدث فالكلام واضحاً جلّياً لا غموض فيه ولا ضجيج ولا صخب يُعكّر مسامع السامع، ومعتدل في مشيه فإذا مشى موزون الخطي لا بمتعجل ولا متبختر متكبر، يمشي والتواضع كسوته والهيبة تاجه وسلاحه يهابه من استقبله ويعزه ويبجله ويطمح لعودة لقائه من ودعه، معتدل في لبسه إذا لبس لكنه أنيق في مظهره وشخصه، معتدل في ابتسامته إذا ابتسم لا متقهقه بطرًا في فرح ولا عبوس ملولو في ترح، معتدل في جده إذا جد ومعتدل في هزله إذا هزل، يحكمه الاعتدال في صداقته وفي خصومته، فكل سمات الهيبة والجلال تحصن ذلك الإنسان الهادئ في المظهر اليقظ في المخبر.

وهناك من يتساءل عن سبب هذا الاعتدال في كافة مكونات وعناصر حياة الإنسان العُماني سواء كانت الحياة الخاصة أو العامة في أي زمان ومكان كان.

وللإجابة على هذا التساؤل وسر اعتدال الإنسان العُماني في كافة تصرفاته وسلوكياته؛ سواء في علاقته مع أفراد مجتمعه أو في علاقته مع الآخرين من خارج المجتمع العُماني، لا بُد أن نعرف أن الإنسان العُماني يملك خاصية وقيمة مهمة في حياة الإنسان، ألا وهي خاصية الهدوء؛ فهي الخاصية التي تجعل الإنسان يستطيع أن يلاحظ ويفكر ويُقدر ويُقرر ويُنفذ أو يتكلم بعد أن يبني قراره على قناعة تامة متأنية لا يشوبها الاستعجال والتهور المبني على العاطفة الآنية والعابرة وبعد ذلك يخرج بقراره الوسطي المُتزن للعلن.

ومن العوامل التي تساعد على التفكير السليم لتكوين القرار وصياغته وخروجه في قالبه الحكيم عامل أيضًا تفرد بها الإنسان العُماني وتربى عليه وتغذت عليه جذوره المتجذرة في خصب القيم المستمدة من أصله الضارب في أعماق التاريخ، ألا وهو عامل الهدوء؛ وهي خاصية ترعرع بين أحضانها ولهج من ينابيعها منذ نعومة أظافره فغذته أسرته ومحيطه بالهدوء والتأني، وحرصوا على تنشأته تنشأة هادئة مستقرة مع عدم إغفال جرعات الرجولة وصلابة العود والشخصية، والتي هي من أهم العوامل والخصائص في حياة البشرية، فالعُماني هادئ الطبع في كل شيء فهو هاديء في كل جوانب حياته وسلوكياته وحركاته وسكناته لكنه كما أسلفنا يقظ في سريرته نشط في لبه وتفكيره حذق في تصرفاته وسلوكياته وهذه عوامل أساسية من وجهة نظري تساعد على التفكير السليم لاتخاذ القرار السليم في ظروف بيئية هادئة كون الإنسان حينما يتموضع في وسط هاديء يستطيع أن يفكر ويتخذ قرارا ناضجا مبنيا على استنتاجات عقلية، تمت بلورت أركان هذا القرار وقواعده على مُعطيان وبيانات سليمة مؤكدة بصورة أحاطت بكافة جوانبه بعيدًا عن نزوات العاطفة وتشنجاتها وهذا ما ميَّز الإنسان العُماني عن غيره من سائر البشر في كافة قراراته المتعلقة بعلاقاته الداخلية والخارجية.

حينما سطع نور حكمة واعتدال الإنسان العُماني والاطمئنان إلى نظرة بصيرته قبل بصره للأحداث كملاذ أخير لحل سائر عقد الحياة ومعضلاتها المستعصي حلها على الجميع تم الرجوع إلى نور حكمة واعتدال الإنسان العُماني للاستضاءة بضياء هدوئه وميزان عدله.

وقد تدخل الهدوء العُماني في بعض القضايا العالمية الشائكة والمستعصية على أكبر خبراء العالم فوجدوا لها الحل العادل والمرضي لمن يبحث عن العدل كالقضية القائمة بين إيران من جانب والولايات الأمريكية والدول الأوربية من جانب آخر. كما حلت الدبلوماسية العُمانية كثيرًا من الملفات المستعصية على مر التاريخ المعاصر بفضل ما يتمتع به سلاطين ورجالات هذه البلاد من حكمة ثاقبة وآراء صائبة بسبب التفكير الهاديء والنظرة المتأنية والرغبة الصادقة والنيات المخلصة التي تمارس في بيئة هادئة بعيدة عن ضجيج المأثرات الجانبية.   

إلّا أنه في الآونة الأخيرة وللأسف الشديد برزت بعض السلوكيات الدخيلة التي يمكن أن تهدد أساس هذه الصفة والقيمة المهمة قيمة الهدوء التي المفترض أن نستمر في صونها والحفاظ عليها ونذود عنها بكل غالٍ ونفيس لما تغمرنا به من فوائد ونتائج في غاية الأهمية فقيمة الهدوء والسكينة تحافظ على بيئتنا نظيفة من التلوثات السمعية والبصرية والصحية.

ومن تلك السلوكيات المؤثرة على قيمة الهدوء، سلوكيات دخيلة على المجتمع العُماني سأكتب عنها في مقال مُقبِل.

إنَّ رسالتي لأبناء هذا الوطن العزيز المحافظة على تلك الخصيصة والميزة القيّمة والتمسك بها وعلى كل أبٍ ومُربٍ ومعلمٍ أن يحث من تحت مسؤوليته على قيمة الهدوء ليهنأ مجتمعنا بالصفات والقيم والسلوكيات التي تحفظ له تميزه في كل جوانب الحياة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سوريا.. عودة الهدوء إلى جرمانا بعد اشتباكات و«نتنياهو» يصدر أمراً عاجلاً لحمايتها!

عاد الهدوء لمدينة جرمانا وسط العاصمة السورية دمشق، عقب الأحداث التي شهدتها على مدار الجمعة والسبت، وذلك بعد أن تم الاتفاق على انسحاب كامل الفصائل المحلية من الضاحية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكان قد جرى في وقت سابق من السبت، اشتباك بين عناصر من الأمن العام مع مسلحين من جرمانا في ساحة السيوف بالمدينة، مما أدى إلى إصابة مسلح بحالة قطع وريد، تم نقله للمستشفى لتلقي العلاج، وتوقيف عنصرين من الأمن العام.

ووفقاً للمعلومات، تعهدت اللجان الشعبية في جرمانا بتسليم القاتل والجثة للهيئات المختصة ليتحمل المسؤولية، إلا أن أهالي المليحة رفضوا التوصل إلى صلح وهددوا بشن هجوم على مدينة جرمانا.

وفي التفاصيل، قتل شخص وأصيب 9 آخرون بجروح، السبت، جراء اشتباكات بين عناصر أمن تابعين للسلطة السورية الجديدة ومسلحين محليين دروز في ضاحية جرمانا.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “مقتل شخص وإصابة 9 آخرين من سكان منطقة جرمانا خلال اشتباكات بين عناصر أمن تابعين للسلطة الجديدة ومسلحين محليين مكلفين بحماية المنطقة”.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” عن مدير مديرية أمن ريف دمشق حسام الطحان السبت قوله إن الحاجز أوقف الجمعة، عناصر تابعين لوزارة الدفاع أثناء دخولهم المنطقة لزيارة أقاربهم. وبعدما سلموا أسلحتهم، تعرضوا للضرب “قبل أن يتم استهداف سيارتهم بإطلاق نار مباشر”، ما أسفر عن مقتل أحد العناصر وإصابة آخر.

إثر ذلك، هاجم مسلحون محليون مركزا للشرطة في جرمانا، وتم طرد العناصر منه، وفق طحان الذي أكد مواصلة “جهودنا بالتعاون مع الوجهاء في مدينة جرمانا لملاحقة جميع المتورطين في حادثة إطلاق النار”، منبها من تداعيات حوادث مماثلة على “أمن واستقرار ووحدة سوريا”.

وفي وقت لاحق، أصدر مشايخ جرمانا بيانا أكدوا فيه “رفع الغطاء عن جميع المسيئين والخارجين عن القانون”، وتعهدوا تسليم كل من “تثبت مسؤوليته” الى “الجهة المختصة حتى ينال جزاءه العادل”.

وتقطن غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات الحرب التي تشهدها سوريا منذ العام 2011، ضاحية جرمانا الواقعة جنوب شرق دمشق.

من جانب آخر، أوعز كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس للجيش الاسرائيلي بالتجهز لحماية مدينة جرمانا السورية في جنوب دمشق، ذات الأغلبية الدرزية.

وفي بيان مقتضب أوضحت إسرائيل إنها “لن تسمح للنظام المتطرف الجديد في سوريا بإيذاء الدروز في ريف دمشق وفي حال أذاهم ستؤذيه إسرائيل”.

مقالات مشابهة

  • البنك الوطني العُماني يحصد جائزة "البنك الأكثر ابتكارًا في الخدمات المصرفية الرقمية للأفراد"
  • رئيس جامعة المنوفية يلقى محاضرة فى البرنامج التدريبى لشغل الوظائف القيادية
  • رئيس جامعة المنوفية يحاضر في برنامج تأهيل القادة بالمركز الدولي لتنمية القدرات
  • ماني جاهز لقيادة هجوم النصر أمام استقلال طهران
  • اليوم العالمي للأحياء البرية.. أهدافه ودوره في حماية الأنواع المهددة
  • سوريا.. عودة الهدوء إلى جرمانا بعد اشتباكات و«نتنياهو» يصدر أمراً عاجلاً لحمايتها!
  • ماكرون يدعو ترامب وزيلينسكي إلى الهدوء والاحترام عقب مشاداتهما الكلامية
  • سوريا.. عودة الهدوء لمدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية 
  • ماكرون يدعو ترامب وزيلينسكي إلى "الهدوء والاحترام" بعد مواجهة البيت الأبيض
  • ماكرون يدعو ترامب وزيلينسكي إلى "الهدوء والاحترام"