اليمين المتطرف يتجه لفوز تشريعي تاريخي في النمسا
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
سرايا - بعد 5 سنوات من هزيمته، عاد اليمين المتطرف بقوة في الانتخابات التشريعية بالنمسا الأحد، مُتجهاً، وفق التقديرات الأولية، نحو تحقيق فوز تاريخي. وحصل حزب «الحرية»، بزعامة هربرت كيكل، على 29.1 في المائة من الأصوات، بقفزة قدرها 13 نقطة، مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2019، وفق المنشور في ختام التصويت، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي سياق صعود الأحزاب المتطرفة في أوروبا، فإن أداء هذا التشكيل الذي أسسه نازيون سابقون كان أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي. وقال زعيم حزب «الحرية»، هربرت كيكل، بعد الإدلاء بصوته في بوركرسدورف بضواحي فيينا: «ينتابني شعور جيد. الأجواء إيجابية، وأعتقد أننا سنغير المعادلة بصناديق الاقتراع». وقال إن الخيار هو بين «الوضع الراهن» و«خمس سنوات جيدة»، مكرراً شعار حملته الانتخابية.
زلزال سياسي
ويُعدّ حلول اليمين المتطرف في المرتبة الأولى زلزالاً في هذا البلد؛ إذ إن هذا التيار سبق أن شارك في السلطة، لكنه لم يتصدر يوماً نتائج انتخابات وطنية. لكن كيكل؛ المتطرف جداً، سيعاني لإقناع أي حزب بالتحالف للحكم معه، بسبب سياساته التي يعدّها كثيرون «شديدة التطرف».
وقالت الباحثة تيريز فريساشر (29 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يثير المخاوف. إن حزب (الحرية) النمساوي ينفعل على الدوام، وليس لديه أي شيء بنّاء ليساهم به»، مشيرة إلى «الفوضى» و«قصص الفساد» في كل مرة يتولى فيها السلطة. وكان حزب «الحرية» النمساوي تعرض لنكسة في عام 2019 بسبب فضيحة «إيبيزاغيت» المدوية، لكنه استعاد عافيته بدفع من هربرت كيكل الذي ركب موجة الخوف الاجتماعي والاقتصادي التي تعم القارة الأوروبية. وكيكل؛ المقرب من بعض الجماعات التي تتعرض لانتقادات كبيرة، يدافع عن مشروع نزع الجنسية عن النمساويين من أصول أجنبية. وهو يريد أن يطلَق عليه لقب «فولكسكانسلر (مستشار الشعب)» على غرار أدولف هتلر.
«نقلة» جائحة «كوفيد 19»
وتمكن وزير الداخلية السابق، البالغ 55 عاماً، من استقطاب المناهضين للقاحات مع تصريحات ضد إجراءات مكافحة جائحة «كوفيد19»، فضلاً عن أفقر الفقراء الذين تضربهم أزمة التضخم، ومؤيدي الحياد النمساوي من خلال التنديد بالعقوبات المفروضة على روسيا. وبين مناصريه، فالتر غيرهارد بيرانتي، وهو صاحب مقهى يبلغ الرابعة والخمسين. يشيد هذا الرجل بـ«الرياضي الذي لا يتعاطى المخدرات ولا الكحول»، فيما يشيد آخرون بـ«قدرته على الإصغاء» وتعاطفه مع مشكلاتهم اليومية «خلافاً لسياسيين آخرين».
في الجهة المقابلة، ركز المستشار كارل نيهامر في الأسابيع الأخيرة على التموضع «الوسطي» لحزبه على الساحة السياسية رغم مواقفه المتشددة بشأن الهجرة. وعند تصويته صباح الأحد، دعا هذا الضابط السابق؛ البالغ 51 عاماً، من جديد إلى اختيار «سياسة الاستقرار» وقطع الطريق أمام «الأصوات المتطرفة». وأكد أن «المخاطر كبيرة»، متحدثاً عن انتخابات حاسمة لمستقبل أوروبا والحرب في أوكرانيا. ويؤكد نيهامر أنه لا يريد التحالف مع كيكل، لكنه لا يستبعد ائتلافاً مع اليمين المتطرف كما حدث في عامي 2000 و2017. ورغم أن برامجهما متقاربة، لا سيما على صعيد الاقتصاد، فإنه قد يتردد في تكرار التجربة، خصوصاً بعد سلسلة من الفضائح خلال الائتلاف السابق الذي سقط بعد سنتين من تشكيله.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
مؤرخة أمريكية: نتنياهو يستقوى بدعم اليمين العالمي في مواجهة الضغوط الدولية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خطاب الأوساط الترامبية يسعى لخلق معركة مصطنعة بين العالم اليهودي المسيحي والإسلام ويستخدم صراع الشرق الأوسط لخدمة أهداف داخلية
"رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقوى بدعم قوي ضمن ائتلاف غير رسمي يربط بين زعماء اليمين فى العالم".. هكذا تحدثت الفيلسوفة والمؤرخة الأمريكية سوزان شنايدر، نائبة مدير معهد بروكلين للبحوث الاجتماعية فى نيويورك والباحثة الزائرة في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، والمتخصصة في شئون الشرق الأوسط.
تعليقًا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، قالت سوزان شنايدر، فى حديث لصحيفة "لوموند" الفرنسية: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، على وجه الخصوص، يحظى بالدعم الكامل من الزعماء المحافظين على مستوى العالم. وتابعت، لشرح رؤيتها، قائلة: لنلاحظ أولًا أن الرئيس الأمريكى جو بايدن، المنتهية ولايته، اعتبر قرار المحكمة الجنائية الدولية "فاضحًا". ومع ذلك، فإن ازدراء المحكمة الجنائية الدولية سوف يزداد عندما يحتل الرئيس المنتخب، الجمهوري دونالد ترامب، البيت الأبيض، خاصةً أنه في جميع أنحاء العالم، من المجر إلى الأرجنتين مرورًا بالهند، هناك العديد من القادة على رأس الدول الذين يزدرون هذا القرار. إنهم ينتمون إلى ائتلاف ناشئ يشكل يمينًا عالميًا، ومن أبرز شخصياته دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
مؤتمر سنوى
وللحق مكون أيضًا من مفكرين وإعلاميين يعتبرون عند البعض مؤثرين جدًا، أبرزهم بشكل خاص الإسرائيلى يورام هازوني الذي كان قريبًا من نتنياهو، ولكنه قبل كل شيء مؤسس المؤتمر الوطني المحافظ، الذي يعقد كل عام منذ عام 2019 في أوروبا أو الولايات المتحدة. ويجمع هذا الحدث بعض الشخصيات الأكثر تأثيرًا داخل اليمين المتطرف، مثل نائب رئيس الولايات المتحدة المستقبلي، جي دي فانس، ومقدم البرامج التليفزيونية تاكر كارلسون، وفيكتور أوربان، والملياردير بيتر ثيل.
إن حجم هذه الشبكات يبين لنا أننا وصلنا إلى وضع متناقض حيث أصبح القوميون المتطرفون، اليوم أكثر أممية من اليسار. ويجد نتنياهو تأييدًا واسعًا بينهم لتشويه سمعة المحكمة الجنائية الدولية وتصويرها على أنها هيئة دولية لا يحق لها التدخل في شئون دولة ذات سيادة.
وبالفعل، يعد الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحات لمعاقبة القضاة المشاركين في إصدار هذا القرار. كما هدد السيناتور ليندسي جراهام بفرض عقوبات على أي دولة تنفذ قرار المحكمة الجنائية الدولية، التي ليست الولايات المتحدة عضوًا فيها. ومن المؤكد أن نتنياهو سيزور أمريكا بعد وقت قصير من تولي ترامب منصبه في يناير 2025 لتسليط الضوء على قوة تحالفهما وتجاهلهما للقانون الدولي.
حلفاء مقربون
وأضافت المؤرخة الأمريكية: كان نتنياهو حريصًا بشكل خاص، لسنوات عديدة، على تعزيز هذه العلاقات المميزة مع الزعماء القوميين، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في جميع أنحاء أوروبا. والمجر هي الحليف الأقرب لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي. وقد رأينا مثالًا على ذلك في شهر فبراير الماضى، عندما حاولت المجر منع تبني قرار أوروبي يدعو إلى وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط. وهذه العلاقة قديمة، حيث أصبح أوربان ونتنياهو أقرب بعد لقائهما الأول في عام 2005، عندما كانا في المعارضة. ثم في عام 2015، تم إرسال أحد أعضاء الليكود إلى المجر لتنسيق العلاقات بشكل أفضل مع حزب فيدس بزعامة أوربان. وفي عام 2017، استعان رئيس الوزراء المجري أيضًا بخدمات مستشار سياسي أمريكي، أوصى به نظيره الإسرائيلي، من أجل إطلاق حملة ذات إيحاءات معادية للسامية ضد جورج سوروس، ذلك أن هذا الملياردير والمحسن هو عدو هذين الزعيمين لأن مؤسسات المجتمع المفتوح التابعة له تدعم جمعيات حقوق الإنسان.
وفي عام 2019، ساعد نتنياهو أوربان على الاقتراب من اليمين الأمريكي. وتوسط بالفعل نيابة عنه للسماح له بلقاء دونالد ترامب. واليوم يدفع فيكتور أوربان له الثمن، ويدعم بشكل كامل العمليات التي تنفذها إسرائيل في غزة. وردًا على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، دعا أيضًا نتنياهو لزيارة المجر، على الرغم من أن بلاده من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية.
ولذلك فإن هذا التجاهل للقانون الدولي، باسم السيادة الوطنية، سوف يستمر، حتى أن دولًا مثل فرنسا تبدي بعض التردد في تنفيذ مذكرة الاعتقال التي تستهدف رئيس الوزراء الإسرائيلي.
معركة وجودية
إن الخطاب الذي نسمعه في الأوساط الترامبية، وحتى بين بعض الديمقراطيين، يجعل من إسرائيل قاعدة أمام الحضارة الغربية، حسبما تقول سوزان شنايدر. ومن وجهة النظر هذه، فإن معركة وجودية مصطنعة يمكن أن تدور رحاها بين العالم اليهودي المسيحي والإسلام. وكما فعلت الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر، فإن هذا الاتجاه يرى أن إسرائيل محقة في الاعتماد على القوة، والتصرف من جانب واحد، واحتقار الأمم المتحدة.
يُستخدم يوم 7 أكتوبر بشكل عام من قبل اليمين العالمي لخدمة خطاب معادٍ للإسلام. ومن شأن هذه الهجمات أن تثبت أن التعايش مع المسلمين مستحيل، وهو أمر يمثل خطرًا على العالم. وارتفعت مقولة شاذة تزعم أنه "سوف يتم تدمير الغرب إذا استقبل "هؤلاء الناس"، وتحولت الأمور إلى "هم" أو "نحن".
تعمل دوائر المحافظين بنشاط على ربط معارضة حركة الحرب بحركة الووكيسم التي تنشط بشكل كبير في الجامعات، والتى تحولت إلى حركة تسعى لخلق الانشقاق ووضع أفراد المجتمع في صراع ضد بعضهم البعض، كما لو كانت عصابة تعمل على تقويض الولايات المتحدة. وبهذه الطريقة، يتم استخدام الصراع في الشرق الأوسط لخدمة أهداف داخلية.
سوزان شنايدر