تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتعرض حزب الله اللبناني الموالي لإيران منذ أحداث ٧ أكتوبر الماضي لأعنف أزمة في تاريخه إذ فقد الحزب معظم قياداته في عمليات اقتناص سهلة في ضربات خاطفة للقوات الإسرائيلية التي وصلت استهدافاتها إلى حد تحويل الحرب بينها وبين الحزب إلى شيء أشبه بالألعاب الإلكترونية خاصة في عملية تفجيرات أجهزة الاتصالات التي يستخدمها أعضاء وقيادات الحزب “أجهزة بيجر”، والتي أوشكت على القضاء على ٥ آلاف شخص من عناصر الحزب بضغطة زر واحدة، تبعتها عمليات أخرى استهدف فيها إسرائيل أنواعًا أخرى من أجهزة الاتصال اللاسلكي التي يستخدمها عناصره.

أدى ذلك إلى سقوط سريع للحزب الذي انقطعت كل وسائل الاتصال بين قياداته وعناصر بعد سلسلة خطيرة من الاغتيالات التي طالت قيادات كبيرة من قيادات الصف الأول، نعرض أبرز قيادات الحزب الذين طالتهم هذه الهجمات.

 

قبل 7 أكتوبرقضية عماد مغنية

قبل الحديث عن سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات الحزب على يد الاحتلال كانت هناك شخصية محورية كبيرة أثارت أزمة سياسية على المستويين الإقليمي والدولي وظلت مثار جدل كبير وهو القيادي البارز عماد مغنية والذي لم تعترف إسرائيل باغتياله سوى قبل ساعات قليلة من كتابة هذا التقرير، إذ أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت لأول مرة الأحد ٢٩ سبتمبر الجارى أن إسرائيل كانت وراء اغتيال عماد مغنية المسئول البارز لحزب الله اللبناني قبل ١٦ عامًا.

واغتيل عماد مغنية في العاصمة السورية دمشق عام ٢٠٠٨، وأشارت التحقيقات في عام ٢٠١٥ بعد جدل طويل إلى أن اغتياله جاء في عملية مشتركة لوكالة المخابرات المركزية والموساد ولم تُعلن إسرائيل مسئوليتها عن العملية سوى في ذلك الإعلان الذى جاء بعد يوم واحد على إعلان تصفية الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

وقال أولمرت، الذي كان رئيساً للوزراء وقت اغتيال مغنية، في مقابلة على "القناة ١٣" الإسرائيلية: "لم نتحدث عن ذلك في الماضي، لكنني أعتقد أنه يمكننا اليوم الاعتراف بهذه الحقيقة بالفعل".

عباس الموسوي

يعتبر عباس الموسوي أبرز مؤسسي حزب الله، إذا كان ضمن شركاء حسن نصر الله في إنشاء الحزب، وثاني أمنائه.

ولد الموسوي عام ١٩٥٢، ودرس العلوم الإسلامية في النجف في العراق، وأسهم سنة ١٩٨٢ في تأسيس «حزب الله»، وأصبح في سنة ١٩٨٥ مسئول الشورى للحزب في الجنوب. وافتتح الموسوي منذ وصوله إلى الأمانة العامة للحزب، مرحلة جديدة من مسيرة «حزب الله» هي إنشاء المؤسسات الخدمية إلى جانب مواصلة القتال ضد إسرائيل.

انتُخب الموسوي في عام ١٩٩١ خلفاً للشيخ الطفيلي، وعُرف بتدخلاته القوية مع حركة أمل لمعالجة خلافات الماضي، كان تركيزه الدائم على مقاومة الاحتلال إلى أن وقع اغتياله عام ١٩٩٢ بعد مشاركته في إحياء الذكرى السنوية لاغتيال الشيخ راغب حرب بقصف جوي استهدف سيارته، وقضى مع عائلته في جنوب لبنان.

قائمة الاغتيالات بعد ٧ أكتوبر

استهدفت قوات الاحتلال الموقع المركزي الذي كان يقيم فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في العاصمة اللبنانية بيروت والذي كان يقيم في مخبأ تحت الأرض بصاروخين لهما القدرة على اختراق التحصينات وإحداث موجة ارتجاجية من شأنها القضاء على كل كائن حي في نطاق التفجير، الأمر الذي أدى إلى مقتله وعدد من قيادات الحزب الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤م.

حسن نصر الله

تولى حسن نصر الله قيادة الحزب وكان عمره ٣٢ عامًا وظل في منصبه لأكثر من ٣٠ عاما.

ولد نصر الله عام ١٩٦٠م في منطقة فقيرة شرق العاصمة اللبنانية بيروت وكان أبوه يمتلك محلا صغيرا للبقالة هو الابن الأكبر له بين أخوة عددهم ٩ أبناء.

انضم نصر الله لحركة أمل الشيعية التي أسسها موسى الصدر ودرس في حوزة النجف بالعراق لمدة عامين، ورغم قصر المدة التي قضاها في النجف إلا أنها أثرت بشكل كبير في حياته بعد ذلك نظرًا للشخصيات المؤثرة التي التقاها هناك بينهم عباس الموسوي.

صعد نجم حسن نصر الله في سن مبكرة بعد لقائه قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران الخميني ليتم تعيينه ممثلا له في لبنان لرعاية شئون الحسبة وجمع الأموال الإسلامية (العشور).

بعد خلافات مع حركة أمل الشيعية في لبنان، أُعلن رسميا تأسيس حزب الله كوريث للحركة عام ١٩٥٨م وانضم حسن نصر الله وعباس موسوي لتلك المجموعة الأولى التي أنشأت الحزب وكان عمره وقتها ٢٤ عامًا فقط.

تولى نصر الله قيادة الحزب عام ١٩٩٢ وكان عمره ٣٢ عامًا.

نشط الحزب بقيادة نصر الله في الجنوب اللبناني ودخل في عدد من الحروب مع إسرائيل، وبدأت شخصية الحزب تطغى على الحياة السياسية في لبنان بصورة ضخمة، كما واجه نصر الله عددا من الأزمات الكبيرة في لبنان أبرزها بعد اغتيال الحريري عام ٢٠٠٥.

وبعد عملية طوفان الأقصى أعلن نصر الله في خطاب شهير تضامنه كالعادة مع حركة حماس، وتوالت رسائل التهديد منه إلى إسرائيل والتي كانت تحمل الكثير من الكلام والقليل من الفعل إلى أن تم اغتياله في العاصمة بيروت الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤م.

فؤاد شكر

ولد فؤاد شكر عام ١٩٦٢ في بلدة النبي شيت، في بعلبك، ويُلقب بـ "الحاج محسن"

انضم شكر إلى حزب الله منذ أكثر من ٣٠ عاماً، ولا يُعرف ما المهام المنوطة به. غير أن هناك من يعتبر أن شكر هو القائد العسكري الأول للحزب في جنوب لبنان. وأُخرى تعتبر فؤاد شكر من كبار مستشاري الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وأيضاً كان مقرباً للقيادي الراحل في حزب الله، عماد مغنية.

وتشير تسريبات سابقة إلى أن شكر، حلّ مكان مصطفى بدر الدين، القائد العسكري في حزب الله، الذي قتل في ظروف غامضة في سوريا عام ٢٠١٦.

وبحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل" فإن الجيش الإسرائيلي قال قبل سنوات إن شكر "يتولى الإشراف على مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله". وتشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنه "الرجل الثاني في حزب الله".

في عام ٢٠١٧، عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها ٥ ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات تساعد في إلقاء القبض على القيادي البارز فؤاد شكر، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية حينها إن هذه المكافأة تعدّ "خطوة جديدة لزيادة الضغوط على حزب الله وقادته".

 

إبراهيم عقيل

من مواليد البقاع عام ١٩٦٢، وهو على حد الحركة "من قادة العمليات البطولية خلال التصدي للاجتياح الإسرائيلي لبيروت مطلع الثمانينيات".

انتمى إلى حزب الله منذ ثمانينيات القرن العشرين، وكان ضمن الخلية التي تبنت تفجير السفارة الأمريكية في بيروت في أبريل ١٩٨٣، وهو التفجير الذي قتل فيه ٦٣ شخصا، بينهم ٥٢ موظفا لبنانيا وأمريكيا.

كما شارك في الهجوم على ثكنات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في أكتوبر ١٩٨٣، والذي قتل فيه ٢٤١ عسكريا أمريكيا.

أعلن الحزب مقتله إثر غارة إسرائيلية استهدفت مبنى كان يقيم به بالضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤م.

إبراهيم قبيسي

- من مواليد بلدة زبدين في جنوب لبنان ١٩٦٢.

- اللقب: الحاج أبو موسى.

- انضمّ إلى حزب الله في الثمانينيات.

- يتمتع بخبرة كبيرة في مجال الصواريخ.

- قائد منظومة الصواريخ في حزب الله.

أعلن حزب الله اغتيال إبراهيم محمد قبيسي، فى ٢٥ سبتمبر الجارى، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.

على الكركي

هو الرجل الثالث وقائد الجبهة الجنوبية في الحزب، يعتبر أرفع قائد عسكري، وهو عضو فيما يعرف باسم "المجلس الجهادي"، وهو الجناح العسكري والأمني لـ "حزب الله". عينه حسن نصر الله خلفاً لفؤاد شكر الحاج محسن الذي اغتيل بغارة إسرائيلية في يوليو الماضي

أعلن الجيش الإسرائيلى "مقتل كركي بالغارة التي استهدفت المقر المركزي للحزب فى الضاحية الجنوبية في بيروت.

نبيل قاووق

قائد وحدة الأمن الوقائي لحزب الله وعضو المجلس المركزي للحزب

وُلد في بلدة عبا في قضاء النبطية وذلك في ٢٠ مايو ١٩٦٤، تلقى علومه الدينية في حوزة قم في إيران منذ العام ١٩٨٢ حتى ١٩٩٢، تولى عدة مناصب قيادية في حزب الله اللبناني منها:

مسئول منطقة الجنوب في حزب الله، منذ العام ١٩٩٥ حتى ٢٠١٠

نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله (منذ العام ٢٠١٠ م)

وفي بيان رسمي للجيش الإسرائيلي، الأحد 29 سبتمبر 2024، تم الإعلان عن القضاء على نبيل قاووق، مسؤول وحدة الأمن الوقائي وأحد أعضاء المجلس المركزي التابع لحزب الله.

المرشحون للخلافة والاغتيال

ويشير المراقبون إلى أن الاحتلال لديه إصرار على تصفية جميع قيادات حزب الله اللبناني، حتى إن هناك تخوفات من إعلان اسم من يمكن أن يكون خليفة لحسن نصر الله بعد اغتياله، ومن أبرز تلك الأسماء المرشحة لقيادة الحزب والمرشحة للاغتيال أيضا، ويقول بعض المراقبين إن هناك ٣ أسماء مرشحة لمنصب الأمين العام إلا أن التوجه العام داخل الحزب يُشير إلى عدم الإعلان عن اسم خليفة نصر الله خوفًا من اغتياله.

هاشم صفي الدين

يمتلك صفي الدين نفوذًا قويًا داخل الحزب، حيث كان عضوًا في مجلس الشورى ومجلس القرار الذي يحدد من يتولى منصب الأمين العام. علاقاته القوية مع القيادة الإيرانية، خصوصًا مع قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، تعزز موقعه.

وهو ابن خالة نصر الله وتجمعه علاقة مصاهرة قاسم سليماني، القائد السابق لـ "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني.

ولد صفي الدين عام ١٩٦٤ في بلدة دير قانون النهر في منطقة صور جنوبي لبنان، وتلقى تعليمه في النجف وقُم مثل حسن نصر الله، وكان من بين مؤسسي حزب الله في عام ١٩٨٢.

نعيم قاسم

تقلد قاسم عدة مناصب قيادية في الحزب، ويشغل منصب نائب الأمين العام منذ ١٩٩١. ولكن بعض المراقبين يرون أن قيادته في ظل الظروف الحالية قد لا تكون الخيار الأفضل.

ولد الشيخ نعيم بن محمد نعيم قاسم في جمادى الأولى ١٣٧٢هـ/ فبراير ١٩٥٣ ، في منطقة البسطا التحتا من مدينة بيروت ، والده هو محمد نعيم قاسم من مواليد بلدة كفرفيلا في إقليم التفاح من الجنوب اللبناني.

محمد يزبك

عمره ٧٤ عاما وهو رئيس الهيئة الشرعية وعضو مجلس الشورى في حزب الله وهو أحد مؤسسي الجماعة وممثل المرشد الإيراني الأعلى -خامنئي- في لبنان ومسؤول عن توزيع المنح المالية المخصصة من قِبَل خامنئي لحزب الله.

ويُلقِي خُطب جمعة وخطابات توجيهية بانتظام وله الكثير من النشاطات الحزبية والدينية والسياسية. فمثلاً: حث مقاتلي حزب الله عام ٢٠١٤ على مواجهة "الجهاديين" في سوريا.

وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠٢١ عقوبات على أعضاء في حزب الله مرتبطين بمؤسسة القرض الحسن، بينهم رجل قالت إنه المدير المالي ولقبه "يزبك" واتهمته الوزارة باستخدام حسابات شخصية في بنوك لبنانية غطاءً لتفادي العقوبات المفروضة على مؤسسة القرض الحسن، وبتحويل ٥٠٠ مليون دولار نيابةً عن شركة مدرجة على القائمة السوداء الأمريكية. وإبان حرب ٢٠٠٦ بين حزب الله وإسرائيل تعهد القيادي بالحزب الشيخ محمد يزبك بالحفاظ على "سلاح المقاومة".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حسن نصر حزب الله لبنان عماد مغنية إسرائيل بيروت نعيم قاسم محمد يزبك صفي الدين هاشم حزب الله اللبنانی الأمین العام قیادات الحزب حسن نصر الله نصر الله فی فی حزب الله عماد مغنیة لحزب الله فؤاد شکر فی لبنان إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟

استعاد كثيرون في الآونة الأخيرة ما فعله آية الله الخميني، عام 1988، حين "تجرّع السمّ"، وهو التعبير الذي استخدمه وصفاً لقبوله قرار مجلس الأمن الرقم 598 لإنهاء الحرب مع العراق. فإيران، رغم الجموح الإيديولوجيّ المعهود فيها، تصرّفت يومذاك تصرّف دولة استنفدت قدراتها وطاقاتها على مدى ما يقرب من عقد. ذاك أنّها أحسّت، اقتصاديّاً وعسكريّاً ومعنويّاً سواء بسواء، أنّ طريق حربها باتت موصدة تماماً. وبينما كانت علاقتها مع الولايات المتّحدة تزداد توتّراً، تبعاً لاحتجاز موظّفي السفارة الأميركيّة بطهران، دافعةً بعض المراقبين إلى عدم استبعاد حرب ما، بدا أنّ العالم لن يعاقب بغداد على استخدام القوّات العراقيّة أسلحة دمار شامل.
والخمينيّ ليس من كارهي الحروب. وكانت تلك الحرب، التي بدأها صدّام حسين، قد وفّرت له تصليب نظامه الإسلاميّ الناشئ الذي تعصف به تناقضات كثيرة. مع ذلك، وحين رجحت كفّة الخسائر على كفّة المكاسب، كما راحت قاعدة النظام الشعبيّة تكتوي بتأثيرات الحرب فيما يتقلّص استعدادها للتحمّل، قرّر الموافقة على وقف النار، ولو رأى الأمر كريهاً مثل تجرّع السمّ.
طرف راديكاليّ آخر، ولو اختلف مضمون الراديكاليّتين ووجهتهما، سبق أن أقدمَ، قبل سبعين عاماً بالتمام، على تجرّع سمّ من نوع آخر.
فبعد أشهر قليلة على ثورة أكتوبر البلشفيّة في 1917، وقّعت روسيا و"القوى المركزيّة" بقيادة ألمانيا معاهدة برِست ليتوفسك التي أوقفت الحرب بين الطرفين. لكنّ المعاهدة كانت مؤلمة جدّاً للحكّام الجدد من البلاشفة: فهي قضت بتخلّي بلادهم عن كامل أراضيها في مناطق البلطيق، وأوكرانيا، وبولندا، تاركةً لألمانيا أن تُلحق الكثير من تلك الأراضي "الروسيّة" بها.

وفوق هذا تنازلت موسكو، في الجنوب الشرقي، عن أراضٍ للدولة العثمانيّة، حليفة ألمانيا في الحرب. أي أنّ اتّفاقيّة السلام بدت عقابيّة جدّاً للروس، أذلّتهم وحرمتهم مدناً صناعيّة ومساحات زراعيّة جبّارة، فضلاً عن انتزاع مناطق ذات كثافة سكانيّة مرتفعة منهم. أما حلفاء روسيا في الحرب العالميّة، بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتّحدة، وإيطاليا، واليابان، فاعتبروا سلامها مع ألمانيا خيانة ونكثاً بتعهّد التحالف الروسيّ معهم، كما قطعه العهد القيصريّ، لمواجهة الألمان. وكانت للموقف هذا تبعات حربيّة واقتصاديّة مؤلمة، فتشدّدَ الحلفاء أولئك في دعمهم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهليّة الدائرة، وفي سحب استثماراتهم الضخمة من روسيا. ووُجّهت للقيادة البلشفيّة اتّهامات شتّى بالتفريط والتخلّي الوطنيّين، وكانت الاتّهامات تصدر عن اليمين القوميّ كما عن اليسار الأشدّ راديكاليّة. وحتّى قادة الحزب الحاكم أنفسهم لم يكونوا مُجمعين على الاتّفاقيّة المذكورة، بحيث هدّد زعيمهم فلاديمير لينين بالاستقالة في حال رفضها.
والحال أنّ روسيا البلشفيّة أقدمت على توقيع برِست ليتوفسك لأسباب كثيرة يتصدّرها اثنان:
الأوّل، الهزائم العسكريّة ورفض الجنود الروس البقاء في الخنادق. وكان الحزب البلشفيّ قد قدّم نفسه، منذ 1914، حزب الانسحاب الفوريّ والمباشر من تلك الحرب الدائرة بين إمبرياليّين، وبدعايته هذه خاطب الجنودَ الذين انحازوا إليه وقاتل بعضهم في صفوفه.
أمّا السبب الثاني، وهو ربّما كان الأهمّ، فأن لينين ورفاقه كانوا يحملون مشروعاً يستدعي كامل التفرّغ له، هو بناء نظامهم الاشتراكيّ في روسيا، والذي يخدمه السلام ويوفّر له البيئة المطلوبة بقدر ما يؤذيه استمرار التورّط في الحرب.
وقد يقال بحق إن الدقّة تخون مقارنة تلك التجارب بما يحصل راهناً في لبنان، ما يجعلها مقارنة فضفاضة وقليلة النفع. مع هذا، يبقى مفيداً التذكير بالمناخين الذهنيّ والسياسيّ اللذين يحيطان بتقديم تنازلات تترجم واقع الهزيمة والإقرار به، سيّما حين يصدر الإقرار عن طرف راديكاليّ ينطق بوعي صراعيّ ما.
فحزب الله لم يصفْ موافقته على وقف إطلاق النار بـ "تجرّع السمّ"، بل جاءت أوصافه أقرب إلى الادّعاء بأنّه هو مَن يجرّع إسرائيل السمّ. وتزويرٌ كهذا يقول إنّ ثمّة علاقة غريبة بين الحزب وجمهوره، أساسها افتراض الحزب وجود تسليم أعمى وتفويض مطلق من جمهوره لن تليهما محاسبة أو مساءلة، وهذا علماً بأنّ النتائج الكارثيّة المُرّة على الجمهور كانت وتبقى صعبة الإخفاء أو التمويه. وإلى هذا، فإنّ الحزب لا يريد أن يبني شيئاً يستدعي الحرص عليه وتقديم التنازلات الكبرى من أجله. فهو، بطبيعة الحال، لا يملك دولة كدولة الخمينيّ، بل يتحكّم بدولة من دون أي مسؤوليّة عنها. لكنّه، إلى ذلك، لا يملك مشروعاً كمشروع لينين. ذاك أنّ الدولة التي يقاتل لأجلها، وينضبط بمصالحها، ليست دولته هو، بينما المشروع الوحيد الذي يحرص عليه هو السلاح للسلاح، أي السلاح بذاته والسلاح فحسب.
هكذا نراه يستمرّ في سياسة ورواية ترفضان أن تقرّا بالهزيمة، وأن تبنيا على إقرار كهذا موقفاً كالذي وقفه الخمينيّ حين تجرّع السمّ، أو لينين حين كلّف ليون تروتسكي التوقيع على برست ليتوفسك.

مقالات مشابهة

  • إيرانيون ينتقدون النظام: أموالنا تذهب إلى حماس وحزب الله والعراق وأفغانستان
  • للمرة الثانية.. الاتحاد الأوروبي يؤجل الإعلان عن خطة خفض الاعتماد على الغاز الروسي
  • لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟
  • حزب الريادة يرسم الفرحة على وجوه الأطفال بمستشفى قنا العام
  •   قتل في ضربة إسرائيلية بجنوب لبنان  
  • التقدمي: نُعرب عن أسفنا للأحداث التي تشهدها منطقة الساحل السوريّ
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم
  • هل الحفيظ من أسماء الله الحسنى؟ شيخ الأزهر يجيب
  • بيان لـالتقدمي بشأن إعتقال ابراهيم حويجة
  • إلى متى ستبقى إسرائيل في جنوب لبنان؟