فرية لقاء عبد الناصر بإسحاق رابين
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
صدق الزعيم جمال عبد الناصر عندما قال: "لن يغفر لي الأمريكيون ما فعلتُه معهم.. حيًّا أو ميتًّا"؛ فلم يتعرّض شخص مثلما تعرّض له عبد الناصر من حملات تشويه في حياته وبعد مماته، من خلال حملة منظمة من المخابرات الأمريكية والغربية والصهيونية ومن أبواق الأنظمة العربية الرجعية، التي رأت في نزاهة الرجل ومشروعه القومي خطورةً عليها.
هدفت حملة التشويه تحويل كلّ إنجازات الرجل إلى فشل، ولم تر فيه حسنة واحدة؛ فوصفوه بأنه دكتاتور وطاغوت وهُبل وغيرها من الألقاب، وحمّله بعض العمانيين مسؤولية الانقلاب الذي أطاح بالحكم العماني في زنجبار، فيما قال آخرون عن والدته إنها يهودية وإنّ زوجته فارسية وكثيرًا من الخزعبلات مثل هذه، حتى وصل الأمر إلى أن تعنون صحيفة عربية ذات عام صفحتها الرئيسية بعنوان عريض يقول: "جمال عبد الناصر كافرٌ بإجماع الأمة". ولكي تعطي الصحيفة لنفسها المصداقية نشرت في الصفحة الداخلية من تقريرها ذاك، أنّ "علماء مصر يفتون بكفر عبد الناصر.. جمال عبد الناصر كافرٌ بنص القرآن والسنّة وإجماع الفقهاء والأئمة"، واعتبرت أنّ قتال عبد الناصر "فرض على كلِّ مسلم ومسلمة". وهكذا ضحك الإعلام والشيوخ على العوام باستخدام كلمة "إجماع الفقهاء والأئمة"، وهي عبارة فضفاضة لا تُستخدم إلا بهدف التأثير على السذج، ولا يمكن أن يجمع هؤلاء الفقهاء على مسألة واحدة، ولم يحدث هذا عبر التاريخ الإسلامي كله.
ربما يستطيع المرء أن يفهم أن يقال عن عبد الناصر كافر وزنديق وشيوعي واشتراكي وغير ذلك - رغم بشاعة هذه الافتراءات وكذبها - بل ويعتاده؛ فالأمر يعود لفكر وموقف قائله، ولكن أن يُفبرَك فيديو بأنّ عبد الناصر التقى بإسحاق رابين وديفيد بن جوريون، فهذه كبيرة، وبالعبارة العامية "عودة واجد" ولا يتقبلها العقل الصحيح؛ فمع ذكرى وفاة الرجل (توفي في 28 سبتمبر 1970) تداولت حسابات على موقع "إكس" مقطع فيديو، يزعم أنه لقاء بين الرئيس عبد الناصر ورئيس وزراء إسرائيل الراحل إسحق رابين في نيويورك عام 1956، وأرفقت الفيديو بتعليق: "هذا مقطع بسيط مسرّب من لقاء عبد الناصر زعيم الأمة كما يسمونه مع إسحق رابين وبن جوريون. ويتحدث معهم بحرية"، وطالب التعليق من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنشر الأرشيف الوطني المصري "بدلًا من اعتمادنا على الوثائق الأمريكية. نحن نريد أن نشاهد الأرشيف الوطني المصري بخيره وشره كما حدث، كي تتعلم منه الأجيال القادمة"، والتعليقُ يشير إلى أنّ المقطع من الوثائق الأمريكية، رغم أنه مجهول المصدر.
للرد على مقطع اللقاء المزعوم، نشرت صحيفة "النهار العربي" تحليلًا كاملًا عن الموضوع بتاريخ 15 سبتمبر 2024، بقلم إبراهيم عرفات الذي تتبع الصور المنشورة في الفيديو؛ وتحت عنوان "النّهار العربي دقّق من أجلكم"، أشارت الصحيفة إلى أنّ البحث كشف أنّ هذا الزعم غير صحيح تمامًا؛ إذ يُصور الفيديو لقاء جمع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والأمين العام للأمم المتحدة الراحل داغ همرشولد في ديسمبر 1956، وليس إسحق رابين، كما زعمت الحسابات على إكس. والصورة منشورة في موقع منظمة الأمم المتحدة بعد اللقاء بشهر وجاء في وصفها: "الأمين العام داغ همرشولد (إلى اليسار) والرئيس المصري جمال عبد الناصر في صورة التقطت خلال المحادثات التي عقداها في القاهرة الشهر الماضي". وعن أهداف ذلك اللقاء ذكر موقع الأمم المتحدة حينها: "في سياق هذه المحادثات طلبت الحكومة المصرية مساعدة الأمم المتحدة في تطهير قناة السويس، وأن تبدأ هذه المساعدة فور عودة الأوضاع الطبيعية في بورسعيد ومنطقة القناة، بما في ذلك انسحاب القوات غير المصرية".
وتشير الصحيفة إلى أنّ الصورة التي زعم أنها لاجتماع عبد الناصر ورابين، نشرت أيضًا في أرشيف الأمين العام الراحل للمنظمة الأممية، الخاص بتأسيسه أول قوة لحفظ السلام.
والحقيقة المؤكدة حسب "النهار العربي"، فإنّ إسحق رابين لم يكن له، خلال هذه الفترة (1956-1959)، أيّ دور أو منصب سياسي، إذ كان يترأس القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، ومن 1959 إلى 1963 شغل منصب رئيس مديرية العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيلي ونائب رئيس الأركان، ومن 1964 إلى 1968 رئيس الأركان العامة، وبعد تقاعده من الجيش الإسرائيلي، عُيّن سفيرًا لإسرائيل في واشنطن.
والخلاصة إذن - كما ذكرنا - هي أنّ الفيديو يعود إلى لقاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وداغ همرشولد، الأمين العام الراحل للأمم المتحدة في عام 1956، على خلفية أزمة تأميم قناة السويس، وليس له أيّ صلة برابين، كما أنّ زيارة عبد الناصر للأمم المتحدة كانت في عام 1960، وليس 1956. نقول ذلك، ونحن نشدد على أنّ عبد الناصر ليس فوق النقد - لا هو ولا أيّ حاكم آخر عبر التاريخ - إلا أنّ التزوير بهدف تشويه السمعة يجب أن يُرفض من الجميع؛ ففي مسيرته حاول عبد الناصر فنجح وأخفق وأصاب وأخطأ، لكنه كان وطنيًّا مخلصًا لأمته، وصنع لمصر قيمة في الوطن العربي، وصنع قيمة للوطن العربي في العالم، وفي عهده كان الكيان الصهيوني معزولًا في الوطن العربي، وشبه معزول في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
لا يبدو أنّ نشر الفيديو الملفق في هذا الوقت جاء اعتباطًا؛ فهو ضمن حملة تشويه الرجل، ليس بصفته الشخصية، ولكن لتشويه الرمزية التي مثلها، مثل مقاومة الاستعمار، ورفض الكيان الصهيوني في المنطقة. ويقينًا أنّ من يقف وراء تلك الحملة، هم أنفسهم الذين يهرولون لمشروع "الشرق الأوسط الكبير"، الذي يهدف إلى تسليم زمام قيادة المنطقة للكيان الصهيوني. ولكن هل ستقف حملة التشويه إلى هذا الحد فقط؟! لن تقف وستستمر ما دامت المنطقة مقبلة إلى تطبيق خطط "الشرق الأوسط الكبير" و"اتفاقيات إبراهام"، وفي كلّ الأحوال فإنها تفتقد إلى الموضوعية، لأنها تتجه إلى الشخصنة، لكن الرجل (عبد الناصر) لم يعطهم الفرصة لذلك لأنه كان نظيفًا.
ورغم رحيله بما يزيد عن نصف قرن، ورغم الحملات الكثيرة لتشويهه، ما زال عبد الناصر حيًّا في قلوب الأحرار كرمز للنضال والتحرر، ليس فقط في الوطن العربي؛ بل في العالم. وعندما أشاهد خطابه في الأمم المتحدة، الذي ألقاه في أكتوبر عام 1960 في الدورة الخامسة عشرة المسماة بـ "دورة الرؤساء"، وأشاهدُ تلك الحفاوة التي استُقبل بها وذلك التصفيق الحار من قادة دول العالم، أعرفُ إلى أيِّ مدى كان العالم يحترم الرجل، وكثيرًا ما تساءلتُ مع نفسي: من أين استمدّ الرجل هذه الشعبية الطاغية؟ ولماذا لم نر خلال 64 عامًا الماضية تصفيقًا لأيِّ رئيس عربي آخر في الأمم المتحدة مثل ذلك التصفيق؟
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جمال عبد الناصر الأمم المتحدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
«ملكات» أشباه الرجال!؟ لو أحبتك «٢»
طرأت على المجتمع العربى بصفة عامة والمجتمع المصرى تحديداً تغيير جذرى فى الطبيعية الفسيولوحية والادبية للرجل خلال السنوات الأخيرة... ومع تزايد اختراعات حروب الجيل الرابع والخامس وانتشار هوس كافة مواقع التواصل الاجتماعى بأشكاله وأنواعه والمنصات الإلكترونية الهلامية خلال الفضاء الخارجى الذى يتاح للشباب والفتيات الدخول والخروج بحريه ويسر فى عالم فارغ تماماً من مضمونه، عالم غارق فى مستنقع الملذات والشهوات.. فى وحل التقليد الأعمى لمعتقدات وتقاليد وعادات السيئه لشياطين الغرب، للأسف لم نأخذ منهم فى تطورهم الأخير التكنولوجى إلا أسوء ما جاءوا به حتى تعدى النفايات فى تدهور مستوى الذوق العام... والانهيار الأخلاقى... وتراجع كل مستويات الحياء وانتشار معدل الوقاحة حتى أصبحت السمة السائدة فى المجتمع. الذى يتمتع على غيره من المجتمعات العربية حتى والإسلامية بطابع التدين وأقصى درجات الطيبة والبساطة والضحكة الحلوة اللى طالعه من القلب، المصرى الجدع الشهم الذى مهما عاش غارقاً فى أعاصير تقلبات الحياة الصعبة لحصوله على أبسط متطلبات الحياة فى توفير الحياة الكريمة لزوجته وأولاده... الرجل الشقيان أبودم خفيف يظل ضحوماً مبتسماً أمام موجات الشقاء..بل فى عز مواقف القهر والظلم المجتمعى له حول وصلة حچ النكد إلى نكته وابتسامه وقفشات دمها خفيف... للأسف اختفت أيضا بسبب الفرز الجديد لمخلفات التطور والتكنولوجيا للمنصات الإلكترونية منذ أن انتشرت «أجهزة الاندرويد الذكية».، بين كافة طبقات المجتمع لاةفرق فيها بين الغنى والفقير، الشيطان الغبى الذى أباح الفاحشة ودمر معالم الفضيلة بين الرجل والمرأة.. واختفت محاسن الفطرة كليهما..وطمست الهوية الحقيقية التى تميز الصفات التى خلق الله عليهما منذ نشأت الكون، فلا فرق بين الرجل والمرأة فتاهت الهبات والمميزات، فاختلطت المسئوليات وتبادل الأدوار وأصبح مفهوم النوع الاجتماعى «الجندر» مختلفًا ليس له علاقة بالناحية الفسيولوجية والبيولوجية لطبيعة كليهما...حيث طالبت الجمعيات النسوية بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الواجبات والحقوق. لذلك فهو مفهوم يعد غربى الجنسية وشرقى الملامح..وهو يعتمد على العلاقات الاجتماعية والأدوار التى يحددها المجتمع بين الرجل والمرأة.. فمنذ أن طالبت المرأة بالمساواة بين الرجل المرأة... نسى الرجل الدور الحقيقى له فى مجتمع ذكورى كما يشاع شكلا فقط، ولكن مفروغ من المضمون.، ظاهره عجيبه بدأت تنتشر فى مجتمعنا انهيار النخوة والشهامة والرجولة حتى أصبح الرجل اتكاليًا يعتمد على المرأه ليس فقط فى المواقف الصعبة حتى فى اكل العيش...وتوفير وسد احتياجات الأبناء فانتشرت ظاهرة المرأة المعيلة خاصة فى المستويات الاجتماعية المتدنية التى ينتشر فيها الفقر والجهل والامية التى تخرج من الصباح الباكر وتعود لأسرتها «شايله البطيخة» التى كان يحملها الرجل لبيته بعد من عودته من عمل شاق كمان فى أفلام العربى زمان...تغيرت الأدوار للأسف.. وبكل برود أصبح الرجل لا يتمنى عند اقباله حتى فى الارتباط للزواج إلا الله أن يلهث وراء الفتاه التى تعمل ولها مرتب آخر الشهر، او تتعاون معه فى تدبير أثاث الزوجية ومتطلبات البيتو،و» ممكن يفضل يدور على البنت اللقطة اللى تشيله من كله ومفيش مانع تصرف عليه وتأكله وتشربه»...هى الشهامة والنخوة راحت فين، قصص وحكايات لسيدات معدمات يروين يوميات مأساوية استمع لهن يومياً. والله أصبت بذهول من هول ما أسمع وأرى... والسؤال أين أنتم يا معشر الرجال. والناس الشقيانة راحت فين !!؟.
عفوا يا معشر الرجال!!.. لا شك أن الرجل يمثل جذع الشجرة الذى يقيمها ويوقفها..وهو كذلك الفروع والأغصان والورق الذى يضلها ويحميها من كل جانب...وتأت المرأة لتكون ثمار هذه الشجرة..يفر الناس من المخاطر ويخشونها.. وتفر المخاطر من الرجال وتخشاهم وتخافهم...فالرجل الحقيقى هو الذى يستطيع أن يبنى برجولته أكبر جدار ممكن لتختبئ خلفه أنثاه وتشعر بالأمان... الرجل هو الذى يلجم نفسه عن الانقياد خلف شهواته..بل يوجهها لكل ما هو خير حتى لو كان فى ذلك مشقة...تُعتبر الفحولة شكلاً من أشكال الذكورة المرتبطة بالقوة وتجاهل العواقب والتهرب من المسؤولية... ياللعجب..فمن أكبر صفات الرجل الحقيقى أنه طفل.، إذا ما احتاج الموقف وكهل إذا تطلب الأمر.. الرجل يتحمل الصعاب ويتجاوز العقبات ويستمر بالمحاولة مهما حاولت الدنيا افشاله...الرجل الحقيقى يحفظ أعراض الناس ويخاف عليها كما يخاف على عرضه تماماً...الشجاعة كنز الشجاع ورأس ماله وسلاحه الذى يجابه به كل صعاب الدنيا مهما تكررت ومهما حاولت أن توقفه.. فلا توجد إمرأة على وجه الأرض لا تتمنى أن يكون الرجل الذى ترتبط به حنونا على قدر كبير من المسئولية.. ويتمتع بقدر كبير من الحنان لأنه صفة مهمة من صفات الرجل ومطلب أساسى من متطلبات المرأة..وهو لا ينقص من قدر الرجل على الإطلاق..لأن الرجول الحقيقية لا تعنى أن يكون الرجل جافا قاسيا على أنثاه..للأسف الواقع أليم انتشرت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة العنف ضد المرأة أهم أسبابها إجبار الزوجة الخروج للعمل ومهما كان نوعه حتى ولو كان شئ حقير للحصول على أموال وليس فقط لسد جوع أولاده بل لكى تصرف عليه وتلبى طلباته لأنه «الفحل» الاتكالى بيشرب مخدرات، ولو رفضت المسكينة أو أنها تدخر بعد الأموال لعيش أولادها انهال عليها بالضرب، وممكن كمان يحرقها.. حكت لى سيده ثلاثينيه تعمل خادمه فى البيوت. أنها كانت تقلى بطاطس لأولادها ودخل عليها زوجها طالبا منها مبلغ لتعاطى أردى أنواع المخدرات القاتلة «الاستروكس» رفضت لقلة الأموال لديها بل أكدت له انها بحاجه الى أموال أخرى لسد جوع أطفالهم... بمجرد أن أنهت الحديث..فهاج وماج ولم يشعر بنفسه وإلا وهو يقذف مقلة الزيت فى وجه المسكينة واحترق وجهها وبعض جسدها... ففرت لأهلها الذين نصحوها بالعوده لبيتها بسبب فقرهم المضاجع.. وقالوا لها «إحنا مش لاقيين ناكل لما ناكل أولادك» فعادت المسكينة لقدرها المحفوف بكل أشكال العذاب وبعيده تماما عن مفهوم الانسانية.. حكايات مأساوية تكشف عن الانهيار الأخلاقى والإنسانى وتخلى الرجل عن كافة مسؤولياته الدينية والادبيه أمام أسرته وأولاده..أسباب كثيره أدت إلى هذا التدهور فى تبادل الأدوار والمسئوليات وتخلى الرجل عن رجولته... حتى انتشر مفهوم «ست بألف رجل «.. حتى أصبح المجتمع الرجولى يتجه نحو التخنث والتميع. بسبب استيراد الأخلاق الغربية وميزة الرجولة فى الشباب والذكور ضاعت بسببها، وكما انعكست سلباً على علاقة الرجل والمرأة.. والحديث بقية.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]