صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-29@18:28:41 GMT

متلازمة أم فريحانة

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

متلازمة أم فريحانة

رشا عوض 

الاستنكار ليس لفرح الناس بتقدم الجيش، بل الاستنكار هو لمسرحية دعائية قوامها الكذب، وهذه المسرحية صناعة كيزانية بامتياز تم تسويقها بعناية لخدمة خط سياسي يهدف لإدخال السودانيين مجددا تحت بوت الجيش وتنصيبه حاكما تحت مزاعم أن الشعب يحبه ومتيم به، والأمر في حقيقته ليس تحركا شعبيا تلقائيا للاحتفاء بانتصار الجيش الذي لم يتحقق واقعيا حتى الآن، فنحن نعلم أن الحشد والخروج إلى الشوارع للتعبير عن الرأي والمشاعر ليس مكفولا دون قيد أو شرط في مناطق سيطرة الجيش، هذه المساحة من حرية التعبير والتظاهر متاحة فقط للكيزان وجهاز أمنهم وللاستخبارات العسكرية، يعني لو مواطنين خرجوا إلى الشارع صامتين بدون أي ضجيج وسيك سيك وميك ميك وواك واك، ورفعوا لافتة مكتوب عليها لا للحرب مثلا في شوارع عطبرة أو بورتسودان أو أمدرمان ماذا سيكون مصيرهم؟ ألم يتم اعتقال مواطنين وتعذيبهم لمجرد انتمائهم إلى الحرية والتغيير حتى، دون أن يفعلوا أي شيء؟

ما تم بالأمس هو مسرحية مصنوعة هدفها سرقة لسان الشعب لتقديم بيعة سياسية أبدية للجيش في الظاهر وللكيزان في الباطن، لو شارك في هذه المسرحية مواطنون عاديون فهم ضحية التضليل والتجهيل المنهجي الذي من ضمن ضحاياه شخصيات مستنيرة من أساتذة الجامعات والإعلاميين الذين يتساءلون بمنتهى الجدية: هل حميدتي ما زال حيا؟ وهذا يدل على سحر آلة الكذب الكيزانية التي تحب من تشاء، وتميت من تشاء وتقنع المغيبين بذلك! فما بالك بمواطن تنهال عليه الأكاذيب المدروسة من كل حدب وصوب، سيكولوجية الجماهير عموما أنها تكره من يقول لها الحقيقة المرة، وتعشق من يخدرها بالأكاذيب التي ترغب في تصديقها، ولذلك فإن الاستثمار في عواطف الجماهير وقت الأزمات مربح سياسيا، ولكن ما العمل؟ هل نسكت عن قول الحقيقة؟ هل ننزل إلى حلبة الزار ونطط، وننقز مجاملة لحالة فرح مؤسس على الكذب عشان الجماهير ما تزعل وعشان الاستثمار السياسي للمجرمين ينجح؟

المضحك المبكي لما يجي كوز محتال يقدم لك المواعظ حول احترام حق الشعب في الفرح، في حين أن هذا الكوز المأفون هو من سلب من الشعب حق الحياة، إذ أشعل حربا حرمت الناس من الحياة بالقتل، ومن العيش الكريم في بيوتهم وداخل وطنهم، طبعا المعلوف سيقول لك الجنجويد هم من فعلوا ذلك، ولكنه لن يسمح لك بطرح السؤال لماذا هناك جنجويد أصلا؟ من الذي صنع هذا الكيان العسكري، وجعله موازيا للجيش، وبناه من موارد الدولة، ومن مال دافع الضرائب السوداني؟ أليس هو نظام الكيزان! وما هو السبب الذي جعل هناك حاجة ماسة لوجود قوات الدعم السريع؟ أليس هو فشل الجيش في في قتال الحركات المسلحة التي كانت تهدد سلطة الكيزان وبدلا من حل مشكلتها سياسيا أرادوا سحقها عسكريا، فسلطوا عليها الجنجويد! والآن انقلب السحر على الساحر من كل النواحي!

عندما يواجه البشر كارثة كبرى مثل حربنا هذه، لن ينجحوا في النجاة منها إلا بالتتبع العقلاني لأسبابها الجذرية لضمان عدم تكرارها، نتفهم تماما شوق المواطن العادي إلى العودة إلى بيته، ولكنه لن يعود إلى بيته، دون أن يعرف ويعقل السبب الذي أخرجه من بيته!

أنت يا مواطن خرجت من بيتك بسبب حرب بين جيشين استنزفا مواردك وثروتك القومية بحجة أنهما يوفران لك الحماية، ولكن الجيشين تمردا على وظيفتهما أي الحماية وطمعا في السلطة السياسية، وفي النهاية نشأ بينهما صراع على السلطة تحول إلى حرب طاحنة تسببت في قتلك وتمزيق أوصالك وتجويعك وإذلالك وطردك من بيتك ثم من وطنك!

لو عاقل لن يفرحك شيء سوى توقف هذه الحرب وإعلان طرفيها الالتزام بالحل السلمي التفاوضي.

السلام فقط هو الذي سيضمن عودتك إلى بيتك!

الرهان على أن الجيش هو الذي سيعيدك إلى بيتك عبر انتصار حاسم يقضي على آخر جنجويدي هو مجرد علف للأسباب التالية:

الإصرار على رفض التفاوض، وعلى الحسم العسكري معناه استمرار الحرب طويلا، انتصار هنا وهزيمة هناك، استلام مدينة وفقدان أخرى،AA وفي ظل الحرب بداهة لن يعود أحد قريبا.

ومن زاوية أخرى استمرار الحرب سيترتب عليه دمار شامل، والأبواق الكيزانية أكثر من مرة طالبت بتسوية المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع بالأرض عن طريق الطيران وعدم التردد، حتى لو مات كل المواطنين ومعنى ذلك أنك يا مواطن لن تعود إلى بيتك، بل ستعود إلى الأنقاض وأكوام التراب وتحتها جثث القتلى!

ممكن يا مواطن تشرح لنا ما هو السبب الموضوعي الذي يجعلك مصابا بام فريحانة في مثل هذا الواقع البائس؟

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يؤكد مواصلة العراق تقديم المساعدات التي تدعم صمود الشعب اللبناني

الاقتصاد نيوز - بغداد

أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الأحد، مواصلة العراق تقديم المساعدات التي تدعم صمود الشعب اللبناني

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان، اطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل السفير اللبناني لدى العراق علي الحبحاب، حيث جدد تعازيه للحكومة والشعب اللبنانيين، في استشهاد الأمين العام لحزب الله اللبناني سماحة السيد حسن نصر الله رحمه الله".

وأكد رئيس مجلس الوزراء، بحسب البيان، أنّ "الموقف العراقي الثابت والمبدئي، إلى جانب لبنان في محنته، ينطلق من وشائج تربط الشعبين الشقيقين، ومن عدالة القضية التي يدافع فيها كل اللبنانيين عن أرضهم".

وأشار رئيس الوزراء، إلى "مواصلة العراق تقديم المساعدات الضرورية والإنسانية التي تدعم صمود الشعب اللبناني، وهو مستمر في استقبال المواطنين اللبنانيين من الذين اضطرّتهم الظروف إلى مغادرة بلادهم، كما سيواصل العراق جهوده في جميع المحافل الدولية في دعم مساعي لبنان وتحركاته الأممية لإيقاف الحرب، وتعزيز مساعي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هذا المسار".

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يؤكد مواصلة العراق تقديم المساعدات التي تدعم صمود الشعب اللبناني
  • شاهد/الموقف الذي جعل السيد حسن نصرالله يبكي اثناء خطابه
  • الخارجية: إن الكيان الصهيوني يؤكد من خلال هذا العدوان الدنيء – مرة أخرى – على سمات الغدر والجبن والإرهاب التي نشأ عليها، وانتفاء أي قيم أخلاقية لديه، وهمجية واستهتار بكل المعايير والقوانين الدولية
  • الجديد: لا يمكن للمصرف المركزي إرضاء الشعب وإعطائه الدولار بالسعر الذي يريده
  • تعليق على المنتج الأخير من إعلام (ام فريحانة) و(ام كضيضيبة)
  • ما الذي تمرد عليه الدعم السريع؟
  • تعليق على المنتج الأخير من إعلام «ام فريحانة» و «ام كضيضيبة»
  • ضمن الحملة التي أطلقها محافظ ميسان الاستاذ “حبيب ظاهر الفرطوسي” لإغاثة الشعب اللبناني الصابر المجاهد
  • اعتقال مراهق خلال نقله إلى المستشفى بعد العثور على ‘‘العلم اليمني’’ في السيارة التي كان عليها.. وتلفيق تهمة غير أخلاقية ضده