لجريدة عمان:
2025-02-16@16:23:04 GMT

إنّه ليس ثأرك وحدك!

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

الشتائم البغيضة، تحريضُ انتماءات مذهبية على أخرى، قيح الجرح القديم الذي تنمو عليه جرثومة موتنا كل مرّة، الخطاب المثبط للهمّة في وقت حساس كهذا، اللغة التي تشيع الفرقة، وتقضي على مشتركاتنا العربية الإسلامية، كلها أسباب تجعل العدو يفتُّ عضد لحمتنا الواهي بيسر وخفة.

فنحنُ نعيد قصّ حكايات مُحملة بالبغضاء والكراهية والتشويه، تهيمن عليها الانحيازات العنيفة، فننشغلُ بعضنا ببعض عوض أن ننشغل بالوحوش الضارية التي تغرسُ مخالبها في أوردتنا فتنزُّ دما، وكأننا لا نفعلُ أكثر من إعادة إنتاج الخذلان، دون أن نسترشد بسمات الوعي الجديد.

الآخر لا يرانا مذاهب متعددة، يرانا أضحية جديرة بالموت والفناء، وكأنّ جراحنا المُلتهبة تستنهضُ وحوش الأساطير القديمة التي لا ينضب سيلان جوعها الاستعماري الاستحواذي الاستيطاني، فلا يُراد لأصوات مُعتدلة أن تبزغ إلى أن ينهشنا الخراب في أعمق نقطة من وجودنا.

إنّنا إزاء نسخة شديدة الشحوب عنّا كعرب ومسلمين، لكن لا يمكن لتشاؤمنا أيضا ألا يجعلنا ندرك الديناميكية الجديدة التي تعتمل في المياه الباطنية، تلك النزعة المُغايرة التي تلهثُ لاستبصار ملمح عصي في منعطف حاد، رغم ما يُدفع من موت ودموع.

في مقال للكاتب جورج أورويل بعنوان: "السياسة واللغة الإنجليزية" يقولُ شيئا يُعبر عن لحظتنا الراهنة: "اللغة المستخدمة في السياسة ترمي إلى أن تكسو الأكاذيب ثوب الصدق، فتجعل القتل العمد جديرا بالاحترام"، فانكشاف قصّة زيف الإعلام الغربي بعد أن قدّم نفسه كمالك أوحد للحقيقة، بعثر مسلمات عدّة، فاخترقت الصورة التي تخرج من فلسطين أو اليمن أو سورية أو السودان أو لبنان، اخترقت العالم كرصاصة، فجعلته مذهولا غير مُصدق.

أليس الأولى بنا أن نغادر نحن أيضا أوحال خلافاتنا منتهية الصلاحية؟ لصالح تنمية هويتنا المشتركة في هذه اللحظة التاريخية؟

البشرية منذ الأزل مجبولة على التحيز، تجاه جماعة ما أو لون أو عادات أو أفكار، وقد تكون هذه التحيزات ضيقة ومحدودة، أو أكثر امتدادًا مما نظن، ظاهرة وبارزة أو مضمرة ومتغلغلة، ولذا فقد تمّ اللعب على نسيج وعينا بخرافة الفرقة، فاخترعوا لنا الأعداء من تاريخنا وبثوا فيهم الحياة، جعلوهم أكثر وضوحا مما كانوا عليه في عصورهم ربما! جعلوهم أكثر قتامة وغلوا.

هل لنا أن نتصور أننا اليوم وعبر التقنيات الحديثة نتقاتل بفجاجة وصخب وشتائم حول خلافات شخصيات مضت منذ قرن ونصف؟ بل إننا على استعداد لكيل تهم التكفير، وبث الترويع لخلافات مرّت عليها دواليب الزمن الثقيلة!

إنّ عدم مغادرتنا لذلك الماضي، عدم استقرائنا له وتفنيده، هو ما يمنع ولوجنا لعصرنا الجديد -كما ذهبت العديد من الآراء- هو ما يجعل العدو يضع قدما على أخرى مُتفرجا على انشغالنا المريض ببعضنا، كأمّة تتفتتُ من داخلها دون حول أو قوة! والتبرير الذي قد ينتهجه بعضنا يُعمي بصيرتنا عن إدراك مصدر الشرور، فلا يلوح لنا أي مهرب أو مفر!

لسنا الآن في حاجة لجدل مجاني، من منا المصيب ومن منا المخطئ، أمام سيناريوهات الموت البشعة، لا سيما أن مخالب العدو في أشد صورها وضوحا وفتكا. يكفي الآن أن نرى العدوان عدوانا وأن نمنع وقوع المزيد من الظلم بالشعوب المسحوقة منذ عقود.

إنّ كل أفكارنا تصوراتنا عن أنفسنا وكياننا باتت على المحك لاختبارها واقعيا في ظل هذه الكارثة التي تحيق بوطننا العربي، وعلى معدننا الأصيل أن يُظهر أفضل سماته، كيلا نُفوت على أنفسنا فرصة الإمساك بزمام مجتمعنا الجامح، لترويض هيجانه الذي يُحولنا إلى مسوخ تنخرها المادة الإعلامية المزيفة التي تتلفُ آخر ما بيننا من مشتركات.

وكما يقول أمل دنقل: "إنّه ليس ثأرك وحدك، لكنه ثأر جيل فجيل، وغدا سوف يُولد من يلبس الدرع كاملة، ويُوقد النار شاملة، يطلبُ الثأر، يستولدُ الحق من أضلع المستحيل".

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

رابط التقديم في برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة.. برعاية وزارة الشباب

أطلقت الإدارة المركزية للتعليم المدني، والإدارة العامة للتعليم المدني وتأهيل الكوادر الشبابية، بوزارة الشباب والرياضة، النسخة الثانية من برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة «الهيلوغريفية»، بالتعاون مع الكيان الشبابي اتحاد طلاب تحيا مصر، بهدف التعريف باللغة المصرية القديمة وتعلمها، ضمن المبادرة الوطنية كنوز الـ27  وتحت شعار «هويتنا مصرية».

تفاصيل برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة

- يهدف برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة إلى إتاحة الفرصة للمشاركين لاكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة من خلال تعلم لغتها الأصلية.

- يتم تقديم الدروس عبر منصة Zoom كل يوم سبت.

- تبدأ المحاضرات يوم السبت 15 فبراير في تمام الساعة الـ 9 مساءً.

- هذه المبادرة تُعد فرصة فريدة لمحبي التراث والتاريخ المصري لاستكشاف أحد أقدم اللغات المكتوبة في العالم.

كيفية الاشتراك في برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة

يمكن للراغبين في الإشتراك بالنسخة الثانية من برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة «الخط الهيروغليفي» تحت شعار «هويتنا مصرية»، تسجيل البيانات من خلال الرابط المخصص للبرنامج. 

هدف تنظيم برنامج تعلم اللغة المصرية

ويأتي تنظيم برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة، برعاية وزارة الشباب والرياضة وضمن أنشطة المبادرة الوطنية كنوز الـ27، والتي تهدف إلى بناء الوعي الأثري والسياحي وتعزيز روح الولاء والانتماء لدى الشباب، بما يتفق مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، نحو تعزيز بناء الإنسان المصري من خلال المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان».

 

مقالات مشابهة

  • قيمتها 60 ألف جنيه.. تفاصيل جائزة مجمع اللغة العربية في الأدب 2024/2025
  • حمل الآن .. النماذج الاسترشادية لـ امتحانات الثانوية العامة 2025 في اللغة الألمانية
  • حمل الآن.. النماذج الاسترشادية للغة الألمانية للثانوية العامة 2025
  • تعرّف على موعد امتحانات الثانوية العامة 2025
  • الإمبرياليَّة اللغوية
  • حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ألف أجنبي بالطرد من البلاد
  • التركية لغة رسمية في محافظة عراقية
  • رابط تحميل النماذج الاسترشادية لمادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية العامة 2025
  • رابط التقديم في برنامج تعلم اللغة المصرية القديمة.. برعاية وزارة الشباب
  • القصة الكاملة لتسريب امتحانات العربي والإنجليزي في تعليم طما