أرض الصومال .. بؤرة مشتعلة في منطقة القرن الأفريقي
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
تداعيات متسارعة في منطقة القرن الأفريقي، نجمت عن زيادة مطامع أديس أبابا في الحصول على منفذ بحري مطل على البحر الأحمر، على حساب سيادة دولة الصومال.
في ضوء ذلك حذرت مصر مواطنيها من السفر إلى إقليم أرض الصومال بجمهورية الصومال الفيدرالية، مناشدة المصريين المتواجدين في الإقليم المغادرة في أقرب وقت وفرصة عبر مطار هرجيسا.
وهو ما يدفعنا للتساؤل التالي؛ هل سيتحول منطقة القرن الأفريقي إلي ساحة للحروب؟ بعد تحذير الخارجية المصرية والذي يأتي بعد غلق المكتبة المصرية في صوميالاند، بالإضافة إلي رصد مخاوف أديس أبابا من حجم العلاقة والتعاون بين مقديشو والقاهرة.
ملاحظات أولية بين العلاقة المصرية الصوماليةقد يبدو أن التعاون العسكري الذي وُقِّع بين مصر والصومال يوم 15 أغسطس الماضي، أزعج السلطات الأثيوبية، فردت عليها بتعين سفيرا لها في إقليم أرض الصومال غير المعترف به حتي الآن، والذي يمثل خطوة عدائية من إثيوبيا على سيادة دولة الصومال.
ويأتي الأتفاقية بين البلدين، علي خلفية العلاقات الوطيدة التي تجمع القاهرة ومقديشو منذ ستينات القرن الماضي، وهذا ما دفع مصر برفض مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال، وعبرت من خلال وزارة الخارجية المصرية قاطع على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفيدرالية علي كامل أراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات علي السيادة الصومالية، مشددة علي حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
وزارة الخارجية الإثيوبيةوخرجت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانًا تعبر عن غضبها، بالتعاون العسكري بين الصومال والقاهرة، واعتبرتها مصدرتهديد لأمنها القومي، محذرة مقديشو :" التواطؤ مع جهات فاعلة خارجية بهدف زعزعة استقرارنا"، ويتعين علي القوى التي تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهدافها قصيرة الأجل أن تتحمل العواقب الوخيمة".
فيما دخلت حكومة أرض الصومال الانفصالية على خط التوتر، وأصدرت بيانا صعدت فيه ضد مصر، وانتقدت إرسال قوات مصرية إلى دولة الصومال، وأغلقت المكتبة الثقافية المصرية في هرجيسا.
أسباب الخلاف بين الصومال واثيوبيا
لم يكن التوترات بين إثيوبيا والصومال جديدة، فقد سيطرت أديس أبابا علي إقليم أوجادين الصومالية، فضلًا عن قيامها بغزو الصومال عسكريًا في الفترة ما بين 2006-2009
ولم تكتفي بالماضي ولكن في القرن العشرين تسعي إثيوبيا لوضع قواتها علي إقليم جديد من الأراضي الصومالية، من خلال توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الأنفصالي في يناير 2024، بحصولها علي حق استئجار منطقة ساحلية وإنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، مما قوبل برفض قاطع من الحكومة الصومالية التي اعتبرت الاتفاقية انتهاكا صريحا لسيادتها.
وهددت الحكومة الصومالية، بطرد 10 آلاف جندي إثيوبي، متواجدين كجزء من بعثة حفظ السلام، وبموجب اتفاقيات ثنائية لمحاربة الحركات الأرهابية، في لحظة إلغاء مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال.
وتري حكومة الصومال أن صوماليلاند، التي لم تحصل علي اعتراف دولي رغم تمتعها بالحكم الذاتي العملي لأكثر من 30 عامًا جزء من الصومال، ورغم معرفة أثيوبيا بأنها تابعة لمقديشو تعاونت مع أرض الصومال بشكل غير قانوني، من أجل خروجها من كابوس الدولة الحبيسة، بهدف إنشاء قاعدة عسكرية بحرية وتنويع منافذ إيوبيا التجارية علي سواحل خليج عدن والبحر الأحمر عمومًا.
في ضوء ذلك توجهت لإقليم أرض الصومال التابعة للحكومة الصومالية، من أجل توقيع مذكرة تفاهم للحصول علي منفذ بحري عن طريقة ميناء بربرة، في المقابل تسعى أرض الصومال إلي الحصول علي أول اعتراف دولي بها من جانب أثيوبيا.
مالا تعرفه عن أرض الصومال؟
حصلت أرض الصومال علي استقلالها في عام 1960، واندمجت مع الصومال بعد ماكانت شبه صحراوية تقع علي ساحل خليج عدن، وكانت تحتلها إيطاليا.
وفي عام 1991م، انفصلت أرض الصومال وأعلنت استقلالها عن جمهورية الصومال عقب الإطاحة بالرئيس الصومالي الأسبق سياد بري، وبالرغم من ذلك غير معترف بها دوليًا.
يبلغ عدد سكان أرض الصومال التي عاصمتها هرجيسا، 5.7 مليون نسمة، ومساحتها 177,000 كيلو متر مربع.
بوادر حربقالت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة في الشأن الأفريقي ، إن تصاعد التوتر في أرض الصومال نتيجة الاصرار الإثيوبي علي الوجود فيها والذي أصبح له طابع عسكري.
وأضافت الطويل لـ"الوفد"، أن تحذير وزارة الخارجية المصرية علي ضرورة مغادرة رعاياها صوميالاند، لأنه يجعل الوجود المدني المصري اما مستهدف او مهدد ومن هنا جاء التحذير.
وردًا علي السؤال السيناريوهات المحتملة، أوضحت خبيرة في الشأن الأفريقي، أن السيناريوهات مفتوحة وبالتالي الاحتكاك ممكن.
مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيابينما أوضح اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن في الآونة الأخيرة حدث تصعيد وجاء عقب توقيع مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، الذي سيحق لحصول الأخيرة لمنفذ بحري مطل علي البحر الأحمر مقابل اعترافها صوميالاند، ويعد ضد السيادة الصومال وممكن يؤدي الإنقسام البلاد.
وقال عبد الواحد لـ"الوفد"، إن أرض الصومال رفضت تعاون مصر الصومالي العسكري، وردت بغلق المكتبة الثقافية التي عملت منذ ستينات القرن الماضي وتجددت من فترة، فضلًا عن طردها للمصريين، مشيرًا إلي أن أثيوبيا منذ يومان دعمت منطقة بونتلاند الصومالية بالأسلحة والذخائر.
وأضاف خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن تحذير وزارة الخارجية المصرية، جاء بعد التوترات التي تشهدها أرض الصومال، خوفًا علي المواطنين المصريين، قائلًا:" من الممكن استهدافهم يأتي كسلاح وضغط علي مصر، وسيكون الحجة أن ميليشات أرهابية السبب في ذلك".
وأستطرد حديثه لـ"الوفد"، أن التعاون العسكري المصري الصومالي، يأتي في الإطار الشراكة العسكرية الذي يطلق عليه الدبلوماسية العسكرية، ودور مصر في تلك الشراكة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، يساهم الجيش المصري في تدريب الصوماليين.
ولفت إلي أن تواجد القوات المصرية في الأراضي الصومالية لن يكن جديد، ولكن في عام 1996، كان القوات تحمي مطار مقديشو لمدة ثلاث سنوات وكان اللواء محمد عبد الواحد، ضمن البعثة التي كانت تابعة للأمم المتحدة".
وقال إن أهمية التواجد القوات المصرية في الأقليم لمراقبة الوضع المشتلعة الذي يحده من كافة الجوانب بصراعات ونزاعات داخلية وحدودية، فضلًا عن التنافس الأقليمي والدولي للأهميته الجوسياسية.
وتابع أن العلاقة بين مصر والصومال تعد مصالح مشتركة، لأن هناك جار مشاغبة وهي إثيوبيا، تهدد مصالح الصومالية ومحتلة أراضيها منذ سنين، كما تفرض عداءة استمراري مع مصر من خلال ملف المياه.
وأكد اللواء محمد عبد الواحد، أن أثيوبيا ستنفذ مذكرة التفاهم وستضع قواعد عسكرية وبحرية علي الأراضي الصومالية، وستعترف بأرض الصومال كدولة.
وردًا علي سؤال، احتمالية حدوث حرب بين الصومال واثيوبيا وتدخل مصر، قال:" المتوقع أن اثيوبيا ستتخذ إجراءات تصاعدية لان البحر الأحمر بالنسبة لها حياة أو موت، ويهدد نفوذها في الإقليم"، مؤكدًا بصعوبة الصلح بين الصومال واثيوبيا لان بينهما كراهية منذ قرن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منطقة القرن الأفريقي القرن الأفريقي أديس أبابا منفذ بحري البحر الأحمر الصومال دولة الصومال مصر حذرت مصر إقليم أرض الصومال ساحة للحروب الخارجية المصرية التعاون العسكري مصر والصومال السلطات الإثيوبية وزارة الخارجية الإثيوبية مقديشو إثيوبيا والصومال إثيوبيا الأراضي الصومالية الحكومة الصومالية مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا مذکرة التفاهم بین إقلیم أرض الصومال الخارجیة المصریة وزارة الخارجیة القرن الأفریقی بین الصومال أدیس أبابا عبد الواحد المصریة فی الصومال ا
إقرأ أيضاً:
النائب أيمن محسب: الدولة المصرية نجحت باقتدار في إدارة علاقاتها الخارجية رغم التوترات الإقليمية
قال الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، إن الدولة المصرية نجحت باقتدار في إدارة علاقاتها الخارجية رغم التوترات والصراعات الإقليمية من خلال التركيز على بناء علاقات متوازنة ومستدامة، على المستويين الدولي أو الإقليمي، بما يحقق مصالح الشعب المصري، لافتا إلى أن مصر تحت قيادة الرئيس السيسي تعتمد على سياسات الاتزان الاستراتيجي رغم حالة الاستقطاب الدولي التي خلقت حالة من التجاذب والصراعات بين دول العالم.
وأضاف "محسب"، أن مصر تواجه التوترات الإقليمية الراهنة بخطة متعددة المحاور تشمل أدوات سياسية، اقتصادية، وأمنية تهدف إلى حماية مصالحها القومية وضمان استقرارها الداخلي والخارجي، من خلال التركيز على الأمن القومي حيث اعتمدت مصر على تعزيز القدرات العسكرية، وتطوير القوات المسلحة بتحديث المعدات والتدريبات لمواجهة التهديدات المحتملة، لا سيما على الحدود الشرقية والغربية، فضلا عن خوض حرب شرسة على الإرهاب في سيناء للقضاء على التنظيمات الإرهابية التي حاولت السيطرة على هذه المنطقة.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الدبلوماسية المصرية تميزت بتعددية الأطراف، حيث سعت إلى بناء تحالفات إقليمية متنوعة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الدول العربية والإفريقية لمواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب، الأزمات الاقتصادية، والتغير المناخي، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة، روسيا، والصين لضمان دعمها السياسي والاقتصادي، وتعزيز علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي غير التقليدية، وهو ما ساهم في فتح آفاق جديدة أمام الدولة المصرية.
وشدد النائب أيمن محسب، على الدور المصري الفاعل في حل قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية حيث كانت مصر وسيطا فاعلا من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فضلا عن دورها في توصيل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع أنحاء القطاع، وخلق رأي عام عالمي داعم لضرورة بدء مساء سياسي لتنفيذ حل الدولتين وفقا لمقررات الأمم المتحدة وعلى الحدود المقررة عام 1967 ، باعتبار ذلك البوابة الأساسية لاستقرار الشرق الأوسط، مؤكدا أن الدولة المصرية نجحت في إدارة ملفاتها وعلاقاتها الخارجية بما يخدم المصالح الوطنية.