سواليف:
2025-05-01@00:12:04 GMT

في الصميم

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

#في_الصميم

د. #هاشم_غرايبه

يذكر التاريخ أنه بعد ماحدث في “صفين” أحس ملك الروم بأن موازين القوى تميل لصالح معاوية، فاغتنم الفرصة وأرسل الى علي رضي الله عنه يعرض عليه الدعم العسكري ضد معاوية، لكن علياً كان رده عليه قاسيا، إذ قال: لو جاء جيشك لانضممت الى معاوية ولقاتلناك معا.
هنا تظهر قيمة الإيمان والعقيدة، فلا تعلو أية مصلحة عليها، ومن كان قلبه سليما من النفاق والشرك لا تلتبس عليه الأمور ولا ينخدع بالمغريات، فلا يوجهه غير العقيدة ولا يسترشد بغير شرع الله.


لا شك أن مشاعر الحزن والأسى قد فاضت بها نفوس كل أبناء الأمة إثر نجاح العدو باغتيال نصر الله ورفاقه، ولا تنتقض هذه المشاعر بما كان عليه موقفنا تجاه حزب الله من إدانة لما تحمله من أوزار مناصرة النظام السوري على المسلمين من أبناء سوريا، وما اقترفه من مجازر وما مارسه من تهجير له، فمسؤوليته عما آلت أليه سوريا من دمار وخراب لا تقل عن مسؤولية بشار ومناصريه الإيرانيين والروس من ناحية، ولا عن مسؤولية الأمريكان وعملائهم من الأنظمة العربية العميلة لها من ناحية أخرى.
لذلك فادانتنا تشمل جميع هؤلاء، وكل حسب دوره في تنفيذ هذه الكارثة، ثم يردون الى خالقهم، فهو الأعلم منا بهم وبأفعالهم، وسينالون عنده جزاء ما اقترفوه.
لذلك فمن المؤلم أن تجد من بيننا من يشارك العدو وداعمية الأوروبيين فرحتهم بنجاحهم بذلك الاغتيال، وحجتهم في ذلك أنه يتحمل المسؤولية كقائد لحزب قائم على أساس طائفي، وأن له يدا في الجرائم الكثيرة في التنكيل بأبناء الشعب السوري الذي ثار على حاكمه السفاح ساعيا لحقه في الحرية والكرامة.
صحيح أنه من الصعب تناسي جرائم حزب الله في حق السوريين والأمة، لكننا أيضا يجب أن لا ننسى بطولاته في التصدي لعدو الأمة، كما أنهم أولا وآخرا مسلمون، ولا يجوز تكفير من يشهد أن لا إله ألا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وحتى لو كانوا متبعين فرقة ضالة، وواجب المسلم نصرة أخيه المسلم على عدو منهج الله، وليس قتالهم.
لذلك فمن أكبر الكبائر محالفة أعداء الأمة على فئة مسلمة حتى لو كانت ضالة، ومن يفعل ذلك فهو المنحرف عن منهج الله لأنه عصاه إذ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [المائدة:51]، ومن أعظم الموبقات إتيان أمر اورده كتاب الله واستعمل فيه تعالى لا الناهية لنهي المؤمنين عنه، وقد أجمع العلماء أن ذلك يخرج من الملة.
لذلك فعقد أي حاكم مسلم تحالفا مع العدو ضد فئة مسلمة مخالف لأمر الله، ومن يؤيده أو يبرره أو يقبله فهو شريك في الإثم، وبناء على ذلك من يردد الأقوال التي يشيعها مؤيدو تلك الأنظمة الفاسقة، مثل القول بأن الشيعة أكثر خطراً من الص-هاينة، فليحذر أن يحبط إيمانه فيلقى الله مفلساً، ويكون قد خسر الدنيا والآخرة.
ولو أخذنا الأمر من الناحية السياسية وما يحقق مصلحة الأمة، فلا شك أننا في هذا الوقت أحوج ما نكون الى تجميع الصف والتركيز على ما يحقق ذلك، خاصة وأننا لسنا حاليا في موقع قوة بل في أشد حالات الضعف، بعد أن تمكن عدونا من سبقنا بأشواط بعيدة في مجال التقدم التقني والتفوق العسكري، كما أننا في أشد الحاجة الى بناء أوسع شبكة تحالفات مع قوى عالمية ليس شرطا أن تكون إسلامية، وحتى مع أخرى لا تكن الود للإسلام، إنما ذلك من باب عدو عدوي صديقي.
ان نشوء الفرق الإسلامية المختلفة بقي طوال العصور خلافات على الفروع، ولم تكن هنالك فرقة خالفت في أصول العقيدة أو أركان الدين، لذلك لم يضعف ذلك الأمر الأمة، وما حدث من اقتتال داخلي فيها كان دائما على السلطة، وهذا أمر طبيعي في طبائع البشر، والإيمان يصلح النفوس بدرجات متفاوته، لكنه لا يمكن أن يلغي الأنانيات، لأنه بذلك ينقل البشر الى الملائكية وهذا مستحيل.
ما نحن بأمس الحاجة إليه هو تجميع كل القوى، ورصد كل إمكانية، لأجل الخروج من واقعنا المتردي والنهوض بالأمة.

مقالات ذات صلة الرُهاب النفس اجتماعي الناجم عن العدوان الإسرائيلي لدى المواطنين في الاقليم 2024/09/29

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: في الصميم هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

أمة على هامش الزمن

(1)

نحن أمة لا تقرأ التاريخ، ولكنها تفتخر بماضيها، لا تتعظ من سيرة الأحداث، ولذلك تعيد أخطاءها، تعتقد أنها «خير أمة»، ومع ذلك فهي في مؤخرة الدول في مختلف المجالات، تمجّد «أصنامها» وتصنع كل مرة أصناما جديدة، وتصنع الفساد وتشجعه، وتستثمر في الآلة، والإسمنت، وتهمل الإنسان، تعيد صناعة الفشل، وتحبط الناجحين، وتضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، وتضخّم صورة الأجنبي، وتقزّم إنجازات شبابها، أمة تعلي شأن القبيلة، وتستصغر شأن الدولة، تدفع مليارات الدولارات لبناء ترسانة عسكرية، لا تعرف لمن توجهها، وتقيم موائد البذخ بالملايين بينما يموت نصفها جوعًا، وعوزًا.

(2)

أمة تنتخي بعظام قادتها الذين فنوا منذ مئات السنين لينقذوا كرامتها، وتنسى أن تبني حاضرها، تسير عكس عقارب الساعة، تدرّس سير شخصياتها في كتب التاريخ، ومع ذلك تنسى أن تخرجهم من الكتب إلى الواقع، تحمل الشعارات الضخمة، وهي تعيش عكس مضامينها، تتغنّى بالسمات المشتركة بين شعوبها، ومع ذلك لا تفكّر كيف توحّد صفوفها، تضرب المثل بالإنجليز في دقة المواعيد، بينما تغفل أن دينها يقدّس الوفاء بالوعد، والموعد، يعيش كثير من أفرادها في ثالوث الجهل، والمرض، والتخلّف، بينما تستحوذ القلّة منهم على الثروات، ومقدرات دولهم، ولذلك ترى أن العدالة الاجتماعية تكاد تكون مفقودة في الأمة.

(3)

الأمة العربية في أردأ مراحلها التاريخية، لم يصنع النفط منها دولا متقدمة، بل حولت الثروة سكانها إلى شعوب كسولة مستهلكة، تأكل من عرق جبين غيرها، وتطرد عباقرتها، وكفاءاتها إلى الخارج؛ كي يبنوا دول الغرب، وتستورد كل شيء، دون أن تستفيد من كنوزها البشرية، ومواردها الطبيعية، أصبحت تستجدي عدوها كي يحل مشاكلها، وتعلق آمالها على خصومها لينقذوا أحلامها، وتنكّل بمثقفيها، وتحتفي بجهلتها، وتقطع ألسنة كتّابها، وترقص على دفوف مطبليها، وتجد تبريرًا لكل فشل، وتمريرًا لكل قرار يخدم فئة المتنفذين فيها، وتشعل الحروب الداخلية بين طوائف شعوبها تحت شعار «الوطنية»، وتعتقل كل من يخالفها تحت بند «مصلحة الدولة»، ولذلك فالأمة العربية آخر الركب، وأول من تدور عليه الدائرة حين تدور.

(3)

لدى الأمة العربية الكثير من المقومات، والثروات، والموارد الطبيعية، والعقول الفذة، و«الثيمات» المشتركة، ولكن ينقصها الإرادة، والقرار السياسي الحازم، ويتملك مسؤوليها الكثير من التردد، والخوف من المستقبل، لا على بلادهم، بل على مناصبهم، ونفوذهم، كما ينقصها الثقة المتبادلة بين دولها، ولذلك هي دول هامشية في نظر العالم الذي يقاتل من أجل التفوق، بينما تقاتل أمتنا من أجل سكونها، وستر عيوبها، رغم ما تملكه من أوراق مهمة، ولكنها أوراق ممزقة، لا تلتفت إليها، ولا تهتم باستغلالها، ولذلك ستظل هذه الأمة دائمًا في مؤخرة الدول، إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

(4)

أخيرًا.. لن تقوم لهذه الأمة قائمة إلا إذا امتلكت ثلاثة أشياء:

«قرارها، وغذاءها، وسلاحها».

مقالات مشابهة

  • الصرخة مشروع تحرر وجهاد
  • المدارس الصيفية.. تحصين لطلابنا من مخاطر الضلال القادم من الغرب
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • أمة على هامش الزمن
  • الصرخة في وجه المستكبرين.. سلاح فاعل ضد أعداء الامة
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • قطاع المياه في ذمار ينظم فعالية ثقافية بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • السيد عبدالملك ومشروع استنهاض الأمّة في زمن الغفلة
  • شاب ينجو بأعجوبة من الموت بعد سقوط رافعة ضخمة عليه .. فيديو