شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (4)
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار في كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟)، والذى نقله إلى العربية محمد نصر الدين الجبالى، بقوله: وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى مباشرة قام يلتسين بكل ما هو ممكن للإبقاء على أوكرانيا وروسيا البيضاء في كونفدرالية تضم الدول السلافية.
وكانت تلك الفكرة هى النواة الأولى لتأسيس رابطة الدول المستقلة لاحقًا.
وقد أثار الاستقلال الوطني لأوكرانيا ومولدوفيا وروسيا البيضاء قلق النخبة الحاكمة فى روسيا.
وأدت مساعي هذه الجمهوريات إلى الاندماج في المؤسسات الاقتصادية والسياسية الغربية سواء الاتحاد الأوروبي أو الناتو إلى إثارة الكثير من المشكلات بينها وبين روسيا.
ومن ناحية أخرى كانت النخبة الحاكمة في موسكو تتفهم أن علاقات روسيا بالدول الغربية الأعضاء في رابطة الدول المستقلة لا يمكن تسويتها خارج الإطار الأوروبي.
ووضعت الحكومة الروسية من بين أهدافها على الأقل عدم السماح بتحول هذه الدول إلى منطقة عازلة بين روسيا والغرب.
وفى ظل تمسكها الفعلى بمسار التقارب مع حلف الأطلسي حاولت موسكو بكل قوتها إظهار أنها لا تمثل أى تهديد للغرب.وحدد يلتسين الأولوية الأهم فى السياسة الخارجية الروسية فى التسعينيات وتتمثل فى الانضمام إلى النظام الاقتصادى العالمى والتكامل السياسى مع الغرب وتأسيس منظومة للأمن الجماعى فى أوروبا.
وفى السنوات الأولى من التسعينيات قامت روسيا بتنفيذ كافة التزاماتها الدولية، حيث قامت خلال ثلاث سنوات بسحب كل قواتها من شرق أوروبا وقامت بالتخلى عن حلفائها الشيوعيين القدامى فى العالم الثالث وحرصت على تنفيذ كل توصيات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
غير أنه سرعان ما خاب أملها فى إحداث تقارب سريع مع الغرب. وفشلت محاولات تأسيس "البيت الأوروبى المشترك"، سواء فى المجال الاقتصادى أو السياسى أو حتى فى مجال الأمن. كان هناك تباين كبير فى الرؤى والمبادئ حول النظام الأوروبى الجديد.
كانت الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ترغب فى بناء أوروبا المستقبل انطلاقًا من قيم ديمقراطية مثل دولة القانون والديمقراطية واقتصاد السوق. وهى نفس القيم التى دافع عنها الغرب على مدى النصف الثانى من القرن العشرين ضد الاتحاد السوفيتى والتهديد الشيوعى.
أما روسيا بتقاليدها الدبلوماسية الممتدة لقرون، والقائمة على مبدأ " توازن القوى" فلم تستطيع قبول نظرية "القيم الديمقراطية المشتركة" والتى تعد أساسا لخارطة باريس حول مستقبل أوروبا. لم تكن روسيا مستعدة للعمل وفق مبدأ "التعددية الديمقراطية" فيما يتعلق بقضايا الأمن بل أرادت لعب دور مهيمن يتفق ووضعها كدولة عظمى.
أدى هذا الاختلاف الجوهرى إلى مشكلات كبيرة بين الغرب وروسيا رأت روسيا فى نفسها دولة عظمى عالمية وسعت إلى اقتسام النظام العالمى مع الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى الأخرى، وتمثل أوروبا أهمية جيوسياسية استثنائية بالنسبة لروسيا.
واستعصى على فهم القادة فى روسيا ما يقوم به الاتحاد الأوروبى من ضمن البلدان التى تعترف بالديمقراطية وحدها إلى عضويته.
ولكن روسيا التى ترغب فى العودة إلى السياسة الأوروبية بوضعها ومكانتها القديمة لا تلقى القبول من الغرب، فقد شهدت فترة ما بعد الحرب قيام أوروبا الغربية بتأسيس نظام فريد يضمن الاستقرار والسلام والتعاون والأمن للحضارة الغربية.
ويرى هؤلاء فى ضم روسيا تهديدًا، كون الأخيرة تسعى إلى الهيمنة مرة أخرى انطلاقا من تفوقها وقدراتها العسكرية فى الوقت الذى تتصرف فيه باقى دول القارة وفق مصالحها الاقتصادية.
ومع حلول عام 1994 تكون انطباع لدى النخب الشيوعية أنه لا أحد فى أوروبا يفهمهم أو يقبل بهم. كان العالم يعيش ثورة من الاندماجات والتحالفات. قام الاتحاد الأوروبى بضم ثلاث دول جديدة وهى النمسا والسويد وفنلندا وتم توقيع معاهدة تاريخية للتعاون الاقتصادى بين دول النافتا (اتفاقية التجارة الحرة بين دول أمريكا الشمالية) وبين النمور الآسيوية.
كما تم توسيع واستكمال أطر وهيكل منظمة التجارة العالمية وبقيت روسيا معزولة عن الأسواق الأوروبية وعن التحالفات الجارية فى منطقة آسيا والمحيط الهادى.
وفى عام 1994 حدث تحول فى السياسة الروسية. فإذا كان هدف يلتسين المعلن فى بداية التسعينيات هو إنشاء منطقة آمنة من فلاديفوستوك إلى فانهوفر، فإن عام 1994 قد شهد توجه يلتسين إلى الابتعاد عن فكرة التعاون غير المشروط مع الغرب.
وعكست الأولويات الجديدة فى السياسة الخارجية الروسية أزمة الهوية. وبعد الانتخابات البرلمانية فى ديسمبر1993 وفشل القوى الليبرالية وتنامى قوة الحزب اليمينى بزعامة فلاديمير جيرينوفسكى وصل يلتسين إلى نتيجة مفادها أن الاعتماد على المبادئ الغربية فى بناء روسيا الحديثة سيؤدى إلى فشل ذريع. لم يرفض يلتسين التعاون مع الغرب في المجال الاقتصادي ولم يوقف إصلاحات السوق ولكنه ابتعد عن حلفائها الليبراليين واقترب من الجناح المحافظ بحثا عن دعم إضافي.
ومن بين أسباب هذا التحول فى سياسة يلتسين الخارجية خيبة أمله فى الغرب الذى يعارض كل خطط استعادة روسيا مكانتها كدولة عظمى وفى عام 1992 أكد وزير الخارجية الروسى أندرية كوزيريف أن روسيا يمكن أن تستعيد مكانتها كقوة عظمى فى حال التعاون مع الغرب.
غير أن خطط روسيا لاستعادة مكانتها أدت إلى خلق جو من التنافس مع الغرب وليس التعايش المتوازن معه. ونتيجة لذلك قررت النخبة الروسية زيادة نفوذ روسيا فى الدول المجاورة والبحث عن حلفاء فى آسيا والعالم العربى والعودة إلى القاعدة التقليدية بخلق مناطق للنفوذ.
وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا والغرب لمن الغلبة يلتسين روسيا الغرب مع الغرب
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد أوروبا بعقوبات ورسوم جمركية ويطالب بزيادة إنفاق الناتو إلى 5%
في خطوة مفاجئة، هدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات جمركية على صادراته، بما في ذلك السيارات والآلات، إذا لم يعمد الاتحاد إلى شراء كميات كبيرة من النفط والغاز الأمريكي.
اعلانوأشار ترامب إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعوض العجز التجاري الكبير مع الولايات المتحدة من خلال هذه المشتريات، محذرًا من فرض التعريفات إذا لم يتحقق ذلك.
ويعدّ الاتحاد الأوروبي هو بالفعل أكبر مستورد للنفط والغاز الأمريكي، وفقًا لبيانات الحكومة الأمريكية. ومع ذلك، لا توجد كميات إضافية متاحة حاليًا، حيث أن الولايات المتحدة تصدر بالفعل كل ما لا تستهلكه محليًا. وقد تعهد ترامب بزيادة إنتاج البلاد من النفط والغاز، مما قد يتيح كميات إضافية للتصدير في المستقبل.
وفي سياق متصل، أفادت تقارير إخبارية أن ترامب يطالب دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد أبلغ فريق ترامب المسؤولين الأوروبيين عن نيته في هذا الصدد، مما يثير تساؤلات حول التزامات الحلفاء في المستقبل.
رئيسة الاتحاد الأوروبي تصرح باستعداد الاتحاد لشراء النفط من الولايات المتحدة الاميركية بعد فوز ترامب بالرئاسةفيما أشار تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن الاتحاد الأوروبي استورد بالفعل خلال الربع الأول من عام 2024 ما نسبته 47% من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، و17% من النفط الأمريكي. إلا أن هذه النسب قد بلغت حدها الأقصى وفقًا للمحللين، مما يعقد زيادة الواردات بشكل كبير.
وفي تطور آخر، كشفت الصحيفة نفسها أن فريق ترامب أبلغ مسؤولين أوروبيين بأن الولايات المتحدة تطالب الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يفوق ضعف الهدف المتفق عليه حاليًا والمحدد بنسبة 2%.
Relatedارتفاع أسعار النفط وتوقعات بتخفيض كميات مخزونه.. إثر ضربات نوعية وبعيدة المدى بين أوكرانيا وروسياخلال دفاعه عن صناعة النفط والغاز..الرئيس الآذري يهاجم الغرب في كوب 29: "معاييركم مزدوجة"ارتفاع أسعار النفط بنسبة 1% بعد سقوط الأسد وتغير السياسات الاقتصادية في الصينومن جهة أخرى، أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية انخفاضًا في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، مما ساهم في تهدئة المخاوف بشأن التضخم ودعم هدف الاحتياطي الفيدرالي في الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2%. ورغم التحديات الاقتصادية، شهدت الأسواق الأمريكية ارتفاعًا في الأسهم، حيث ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة 1.55%، ومؤشر S&P 500 بنسبة 1.52%، ومؤشر ناسداك بنسبة 1.65%.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالقطاعين النفطي والغازي، بالإضافة إلى التزامات الناتو الدفاعية. ومن المتوقع أن تواصل هذه القضايا التأثير على السياسات الاقتصادية والتجارية في الأشهر المقبلة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أزمة سقف الدين تتصاعد وشبح الإغلاق يلوح في الأفق: مجلس النواب الأمريكي يرفض خطة ترامب لتمويل الحكومة "لماذا لا تصبح كندا الولاية الـ 51؟".. مزاح ترامب يشعل الجدل ويهدد استقرار حكومة ترودو "قرار غبي وغير مدروس".. ترامب ينتقد سماح بايدن لكييف بضرب العمق الروسي بصواريخ أمريكية تعاون اقتصاديدونالد ترامبضرائبالولايات المتحدة الأمريكيةأسعار النفطحلف شمال الأطلسي- الناتواعلاناخترنا لك يعرض الآن Next قصف إسرائيلي غير مسبوق يستهدف مستشفى كمال عدوان في غزة.. وحماس تؤكد أن الاتفاق بات أقرب من ذي قبل يعرض الآن Next مشروع كهروضوئي جديد في الفاتيكان.. خطوة نحو مدينة خضراء بالكامل يعرض الآن Next من "هيئة تحرير الشام" إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف عن أسعد الشيباني؟ يعرض الآن Next الفلسطينيون في خان يونس ينتظرون ساعات للحصول على وجبة يومية وسط القيود الإسرائيلية يعرض الآن Next ألمانيا: الشرطة تفتش منزل المشتبه به في تنفيذ هجوم سوق الميلاد بماغديبورغ اعلانالاكثر قراءة القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تصفية "أبو يوسف" زعيم داعش في سوريا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل ألمانيا: 5 قتلى على الأقل وإصابة 200 شخص بعملية دهس بسوق عيد الميلاد واعتقال مشتبه به سعودي الجنسية إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.. هل تعلم أن للأسد 348 اسمًا؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومضحاياقطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني تغير المناخاعتداء إسرائيلعيد الميلادقصفبشار الأسدرجل إطفاءكوارث طبيعيةسورياحرائقالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024