صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-13@09:24:21 GMT

الحاجة إلى حفّاري قبور

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

الحاجة إلى حفّاري قبور

 

الحاجة إلى حفّاري قبور

حمور زيادة

 

مع اقتراب نهاية الشهر الرابع للحرب، جاء منشور المتطوّع الشاب ليضع السودان أمام مرحلةٍ جديدةٍ من الواقع الملتهب. ما عادت حاجة الناس فقط للغذاء وماء الشرب والدواء، نحن في مرحلة البحث عن متطوّعين لحفر القبور.

كان المنشور نداء استغاثة على خلفية يوم دام في مدينة أم درمان في 8 أغسطس/ آب الجاري.

تكدّست جثث المدنيين في مستشفى النو شمال العاصمة، بعد معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ساعات الفجر الأولى. وذكر شهود من سكان بعض أحياء وسط أم درمان القديمة أن مسلحين طلبوا منهم إخلاء منازلهم. ومع مشاهد طوابير المدنيين المغادرين أحياءهم إلى المجهول، كانت المعارك تشتدّ في المدينة التي أسّسها محمد أحمد المهدي في عام 1885، وظلت تُعرف بأنها العاصمة الوطنية للبلاد.

كان متطوّعو شبكات الدعم الاجتماعي، في اشتباكات سابقة، يطلبون أطبّاء متطوّعين، أدوية، معينات جراحية، دما. لكن الضحايا في هذه المرّة كانوا أكثر ممن يُرجى إنقاذهم. فكان الطلب هذه المرّة مختلفاً. “الحوجة: حفّارو قبور”.

توقفت أغلب مستشفيات الخرطوم عن العمل. وحتى المنظمّات الدولية تعاني في محاولة تقديم بعض العون للمحتاجين. منظمة الصليب الأحمر يتهمها موالون للجيش بأنها تعمل مع قوات الدعم السريع، وأنها تهرّب السلاح لصالحها! بينما تناشد منظمة أطباء بلا حدود السلطات السودانية بمنح منسوبيها تأشيرات دخول للبلاد المنكوبة، وحذّرت من أنها قد تضطر للتوقف عن العمل خلال أسبوع.

بعد نهاية يوم المعركة الدامي، أصدر الجيش السوداني بياناً وصف ما تم بأنه “عملية تمشيط واسعة”، كبّدت “الدعم السريع” خسائر كبيرة قبل أن يفرّ. وبحسب البيان “احتسبت القوات المسلحة 4 شهداء وعددا من الجرحى”. أما قوات الدعم السريع فزعمت في بيانها أنها هزمت قوات الجيش “هزيمة قاسية”، ما أجبره على إخلاء مستشفى “النو” من المدنيين لمعالجة جرحاه، واتهمته بقصف الأحياء السكنية، متسبّباً في مقتل “العشرات من المدنيين الأبرياء، وتدمير منازلهم”.

هكذا ينظر الطرفان المتقاتلان الى الضحايا المدنيين. لم يُشر إليهم بيان الجيش، إنما أشار إلى أن قواته أكملت مهمتها بنجاح، وأنه أسر أحد قادة “الدعم السريع”. بينما اتهم “الدعم السريع” الجيش بقصف منازل المدنيين، لكنه صنّف في بيانه نداءات الاستغاثة التي أطلقها المتطوّعون في المستشفى نداءات من “الفلول” من أجل الضحايا العسكريين!

قوتان مسلحتان لم تدرك أي واحدة منهما أن “حوجة” المدنيين هي “حفّارو قبور”.

بشكل ما، اختصرت هذه العبارة واقع الحرب السودانية. ما عُدنا في “حوجة” إلى مبادرات إنسانية، ولا منابر دولية، ولا وساطات إقليمية. لقد تجاوز قطار الموت كل تلك المحطات، ووصل إلى مرحلة الجثث التي تُعجز كثرتُها من يدفنها!

اضطرّ السودانيون، في أسابيع الحرب الماضية، لدفن موتاهم في ساحات المنازل، والشوارع، والجامعات، والمدارس. وبعد مرور أكثر من 15 أسبوعا، أصبح حتى ذلك عسيراً. بشكلٍ ما تبدو رواية “كل شيء هادئ في الجبهة الغربية” الشهيرة للروائي إريك ريمارك مناسبة لفهم ما يحدث.

في الرواية الألمانية التي تدور أحداثها في الحرب العالمية الأولى كان البلاغ العسكري شبيهاً ببيانات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. كل شيء هادئ، العمليات تسير حسبما خطّط لها، قواتنا منتصرة. وعلى الأرض يعلم السودانيون أن ما يحدُث مختلف. على الأرض، يبحث المدنيون السودانيون عمّن يعينهم على دفن ضحاياهم. … أما القوتان المتقاتلتان فتعلنان النصر، وتبشّران من بقي حياً باستمرار القتال! وهي بشرى تعني استمرار “الحوجة” لمن يحفرون القبور.

الوسومالجيش الحرب الدعم السريع اللنزوح المدنيين حفر قبور حمور زيادة موت

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرب الدعم السريع المدنيين حمور زيادة موت

إقرأ أيضاً:

نائب قائد الجيش السوداني: لا تفاوض بعد اليوم مع قوات الدعم السريع

 

قال نائب قائد الجيش السوداني وعضو مجلس السيادة الانقلابي شمس الدين كباشي، خلال مخاطبته حشداً جماهيراً بود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، إنه لا تفاوض بعد اليوم مع قوات الدعم السريع.

ود مدني ـــ التغيير

و أعلن كباشي خلال محاطبته حشداً جماهيراً بو دمدني “الأحد”  عن زيارة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إلى عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني فور وصوله من جولته الخارجية.

وقال : “إن قوات الجيش فكت اللجام، وستتوجه من ود مدني إلى الخرطوم لتحريرها”، و أعتبر أن السودان قوي بشعبه وجيشه.

و اعتبر أن استعادة ود مدني بمثابة عربون محبة للشعب السوداني، موجهاً بضرورة توفير الخدمات الأساسية لتسهيل عودة النازحين إلى منازلهم بالجزيرة، ورأى أن على المقاومة الشعبية مواصلة دورها تأمين المدن ومساعدة المواطنين.

وكان الجيش أعلن  السبت، سيطرته على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (وسط البلاد)، ما يفتح أمامه المجال لتحقيق مكاسب عسكرية عديدة، وذلك بعد نحو عام من فقدانها لصالح قوات الدعم السريع.
وتتعزز بهذه الخطوة قبضة الجيش على مدينة استراتيجية تُعتبر حلقة وصل بين مختلف مناطق البلاد.

يشار إلى أن ود مدني تعتبر واحدة من المدن الكبرى والمهمة في البلاد، إذ تقع على بعد حوالي 180 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، كما تعد مركزًا حضريًا وتجاريًا رئيسيًا في وسط السودان.

الوسومالبرهان الجزيرة كباشي ود مدني

مقالات مشابهة

  • الإخوان المسلمين والدعم السريع.. ما المخبوء تحت القشرة؟
  • نائب قائد الجيش السوداني: لا تفاوض بعد اليوم مع قوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يشن هجوما على ميليشيا الدعم السريع وسط مدينة بحري
  • الجيش السوداني يشن هجوما مدفعيا وبالمسيرات على مواقع لميليشيا الدعم السريع
  • بعد سقوطها..قائد الدعم السريع يتعهد باستعادة مدينة ود مدني في السودان
  • العقوبات الأمريكية على الدعم السريع والإسلاميين بين الاحتفاء والحيادية
  • مصطفى بكري: انتصار الجيش السوداني وتحريره «ود مدني» بداية السقوط لميليشيا الدعم السريع
  • بيان عاجل من الجيش السوداني عن تحرير ود مدني من الدعم السريع
  • جدوى العقوبات الأمريكية ضد الدعم السريع
  • الجيش يكشف تفاصيل جديدة عن هجوم الدعم السريع على عطبرة بالمسيرات