صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-18@10:21:38 GMT

الحاجة إلى حفّاري قبور

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

الحاجة إلى حفّاري قبور

 

الحاجة إلى حفّاري قبور

حمور زيادة

 

مع اقتراب نهاية الشهر الرابع للحرب، جاء منشور المتطوّع الشاب ليضع السودان أمام مرحلةٍ جديدةٍ من الواقع الملتهب. ما عادت حاجة الناس فقط للغذاء وماء الشرب والدواء، نحن في مرحلة البحث عن متطوّعين لحفر القبور.

كان المنشور نداء استغاثة على خلفية يوم دام في مدينة أم درمان في 8 أغسطس/ آب الجاري.

تكدّست جثث المدنيين في مستشفى النو شمال العاصمة، بعد معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ساعات الفجر الأولى. وذكر شهود من سكان بعض أحياء وسط أم درمان القديمة أن مسلحين طلبوا منهم إخلاء منازلهم. ومع مشاهد طوابير المدنيين المغادرين أحياءهم إلى المجهول، كانت المعارك تشتدّ في المدينة التي أسّسها محمد أحمد المهدي في عام 1885، وظلت تُعرف بأنها العاصمة الوطنية للبلاد.

كان متطوّعو شبكات الدعم الاجتماعي، في اشتباكات سابقة، يطلبون أطبّاء متطوّعين، أدوية، معينات جراحية، دما. لكن الضحايا في هذه المرّة كانوا أكثر ممن يُرجى إنقاذهم. فكان الطلب هذه المرّة مختلفاً. “الحوجة: حفّارو قبور”.

توقفت أغلب مستشفيات الخرطوم عن العمل. وحتى المنظمّات الدولية تعاني في محاولة تقديم بعض العون للمحتاجين. منظمة الصليب الأحمر يتهمها موالون للجيش بأنها تعمل مع قوات الدعم السريع، وأنها تهرّب السلاح لصالحها! بينما تناشد منظمة أطباء بلا حدود السلطات السودانية بمنح منسوبيها تأشيرات دخول للبلاد المنكوبة، وحذّرت من أنها قد تضطر للتوقف عن العمل خلال أسبوع.

بعد نهاية يوم المعركة الدامي، أصدر الجيش السوداني بياناً وصف ما تم بأنه “عملية تمشيط واسعة”، كبّدت “الدعم السريع” خسائر كبيرة قبل أن يفرّ. وبحسب البيان “احتسبت القوات المسلحة 4 شهداء وعددا من الجرحى”. أما قوات الدعم السريع فزعمت في بيانها أنها هزمت قوات الجيش “هزيمة قاسية”، ما أجبره على إخلاء مستشفى “النو” من المدنيين لمعالجة جرحاه، واتهمته بقصف الأحياء السكنية، متسبّباً في مقتل “العشرات من المدنيين الأبرياء، وتدمير منازلهم”.

هكذا ينظر الطرفان المتقاتلان الى الضحايا المدنيين. لم يُشر إليهم بيان الجيش، إنما أشار إلى أن قواته أكملت مهمتها بنجاح، وأنه أسر أحد قادة “الدعم السريع”. بينما اتهم “الدعم السريع” الجيش بقصف منازل المدنيين، لكنه صنّف في بيانه نداءات الاستغاثة التي أطلقها المتطوّعون في المستشفى نداءات من “الفلول” من أجل الضحايا العسكريين!

قوتان مسلحتان لم تدرك أي واحدة منهما أن “حوجة” المدنيين هي “حفّارو قبور”.

بشكل ما، اختصرت هذه العبارة واقع الحرب السودانية. ما عُدنا في “حوجة” إلى مبادرات إنسانية، ولا منابر دولية، ولا وساطات إقليمية. لقد تجاوز قطار الموت كل تلك المحطات، ووصل إلى مرحلة الجثث التي تُعجز كثرتُها من يدفنها!

اضطرّ السودانيون، في أسابيع الحرب الماضية، لدفن موتاهم في ساحات المنازل، والشوارع، والجامعات، والمدارس. وبعد مرور أكثر من 15 أسبوعا، أصبح حتى ذلك عسيراً. بشكلٍ ما تبدو رواية “كل شيء هادئ في الجبهة الغربية” الشهيرة للروائي إريك ريمارك مناسبة لفهم ما يحدث.

في الرواية الألمانية التي تدور أحداثها في الحرب العالمية الأولى كان البلاغ العسكري شبيهاً ببيانات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. كل شيء هادئ، العمليات تسير حسبما خطّط لها، قواتنا منتصرة. وعلى الأرض يعلم السودانيون أن ما يحدُث مختلف. على الأرض، يبحث المدنيون السودانيون عمّن يعينهم على دفن ضحاياهم. … أما القوتان المتقاتلتان فتعلنان النصر، وتبشّران من بقي حياً باستمرار القتال! وهي بشرى تعني استمرار “الحوجة” لمن يحفرون القبور.

الوسومالجيش الحرب الدعم السريع اللنزوح المدنيين حفر قبور حمور زيادة موت

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرب الدعم السريع المدنيين حمور زيادة موت

إقرأ أيضاً:

تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم

 

كشف تقرير لـ «الأمم المتحدة» حول مراكز الاحتجاز  بولاية الخرطوم في سياق النزاع في السودان فظائع و انتهاكات مروّعة لقوات الدعم السريع و الجيش بولاية الخرطوم شملت التعذيب و التجويع و الإخفاء القسري. الخرطوم ـــ التغيير يشير التقرير إلى أن مدينة الخرطوم، التي كانت تأوي أكثر من تسعة ملايين شخص قبل الحرب، أصبحت مركزًا للصراع الذي اندلع في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF). أدى النزاع إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والعنف الجنسي والتشريد القسري. منذ منتصف عام 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على معظم ولاية الخرطوم، مستخدمة البنية التحتية المدنية كمراكز احتجاز وقواعد عسكرية مؤقتة. في المقابل، احتفظت القوات المسلحة السودانية بجزر سيطرة إستراتيجية، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة متكررة. يركز التقرير على ممارسات الاحتجاز التي تقوم بها كلا القوتين، معتمدًا على شهادات الضحايا والشهود. المنهجية يعتمد التقرير على مراقبة حقوق الإنسان التي يجريها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان (OHCHR)، ويستند إلى 34 مقابلة، شملت 29 شخصًا كانوا محتجزين سابقًا وخمسة شهود وأفراد من أسر الضحايا. شملت الشهادات تفاصيل حول أوضاع الاحتجاز، والمعاملة التي تعرض لها المحتجزون، وأنماط الانتهاكات. كما استخدم التقرير صور الأقمار الصناعية للتحقق من مواقع مراكز الاحتجاز ومقابر جماعية محتملة. الإطار القانوني يؤكد التقرير أن النزاع المسلح غير الدولي في السودان يخضع للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن السودان ملتزم باتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية التي تحظر الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري. كما يشير إلى أن كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ملزمة بحماية المحتجزين من سوء المعاملة وتوفير الحد الأدنى من ظروف الاحتجاز الإنسانية. النتائج ١. ممارسات الاحتجاز في مراكز قوات الدعم السريع تحقق التقرير من وجود 39 موقع احتجاز تديرها قوات الدعم السريع، حيث كان يُحتجز حوالي 10,000 شخص خلال فترة التغطية. وتشمل مواقع الاحتجاز هذه المباني السكنية، المدارس، المحاكم، الجامعات، قواعد عسكرية، ومرافق حكومية. أ. ظروف الاحتجاز •الاكتظاظ الشديد: يُحتجز مئات الأشخاص في مرافق غير مهيأة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض وقلة التهوية. •سوء التغذية: يحصل المحتجزون على وجبة واحدة يوميًا، وغالبًا ما تكون غير كافية، ما أدى إلى حالات سوء تغذية حادة ووفيات. •انعدام النظافة: المرافق تفتقر إلى المراحيض المناسبة، ويتم استخدام دلاء للصرف الصحي، ما تسبب في تفشي الأمراض الجلدية والجهاز الهضمي. •الحرمان من الرعاية الطبية: يواجه المحتجزون رفضًا متعمدًا لتلقي الرعاية الطبية، مما أدى إلى وفيات بسبب الأمراض القابلة للعلاج. ب. التعذيب وسوء المعاملة •الضرب الوحشي: يُستخدم الجلد بالعصي والأسلاك المعدنية، إلى جانب الصدمات الكهربائية والضرب بالسياط. •الاختفاء القسري: يُحتجز بعض الأفراد دون أي تواصل مع عائلاتهم، وأفاد شهود عن استخدام التهديدات النفسية والإعدامات الوهمية. •العنف ضد النساء والأطفال: تم احتجاز نساء وأطفال في نفس الظروف المهينة، مع ورود تقارير عن العنف الجنسي ضد النساء في بعض المرافق. ج. استخدام الأطفال كحراس •أكدت شهادات عديدة أن قوات الدعم السريع جندت أطفالًا يبلغون 14 عامًا لحراسة مرافق الاحتجاز، حيث تورطوا في ضرب المحتجزين، وأُفيد بأن بعضهم كانوا تحت تأثير المخدرات أثناء أداء عملهم. د. مقابر جماعية ووفيات في الحجز •تم الإبلاغ عن معدلات وفيات مرتفعة، حيث وصل عدد الوفيات اليومية في بعض السجون مثل سجن سوبا إلى 80 شخصًا، معظمهم بسبب الجوع وسوء المعاملة. •أظهرت صور الأقمار الصناعية خمس مقابر جماعية محتملة بالقرب من مرافق الاحتجاز التابعة لقوات الدعم السريع، مع وجود توسعات ملحوظة في مقبرة بالقرب من سجن سوبا. ٢. ممارسات الاحتجاز في مراكز القوات المسلحة السودانية تحقق التقرير من سبعة مراكز احتجاز تديرها القوات المسلحة السودانية، جميعها تقع داخل قواعد عسكرية. وأشار الشهود إلى أن المعتقلين في هذه المراكز شملوا مقاتلي قوات الدعم السريع، مدنيين متهمين بدعم قوات الدعم السريع، وأفراد من الجيش السوداني محتجزين لأسباب تأديبية. أ. ظروف الاحتجاز •الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي: يُمنع المحتجزون من الاتصال بأسرهم أو الحصول على تمثيل قانوني. •الاكتظاظ وسوء المرافق الصحية: شهدت بعض المراكز حالات وفاة بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة. ب. التعذيب وسوء المعاملة •الضرب والصدمات الكهربائية: تعرض المحتجزون للضرب بالأسلاك والهراوات، والصدمات الكهربائية، مما أدى إلى إصابات جسدية طويلة الأمد. •التمييز العرقي: أفاد شهود أن المحتجزين من دارفور وكردفان تعرضوا لمزيد من الانتهاكات، بناءً على افتراض أنهم يدعمون قوات الدعم السريع. •الإعدامات خارج نطاق القانون: وثق التقرير حالات وفاة تحت التعذيب، حيث تم إجبار المحتجزين على حفر قبور لزملائهم الذين ماتوا نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي. الاستنتاج والتوصيات الاستنتاجات •ارتكبت كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون. •استخدمت قوات الدعم السريع البنية التحتية المدنية كمراكز احتجاز، وحولت بعضها إلى سجون غير رسمية، حيث تعرض المعتقلون لسوء المعاملة والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية. •في مراكز الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة السودانية، تم الإبلاغ عن عمليات اعتقال تعسفية وتعذيب، مع استهداف محدد للمعتقلين من بعض المناطق الجغرافية بناءً على خلفياتهم العرقية. •الظروف الصحية والغذائية في مراكز الاحتجاز كارثية، مع تفشي الأمراض والجوع، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات. التوصيات •يدعو التقرير إلى الإنهاء الفوري للاحتجاز التعسفي والإفراج عن المحتجزين دون تهم قانونية. •يوصي بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات، مع محاسبة المسؤولين عن التعذيب وسوء المعاملة. •يطالب بوصول المراقبين الدوليين إلى مراكز الاحتجاز لضمان امتثالها للمعايير الإنسانية. •يشدد على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمحتجزين، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية. التقرير يكشف صورة قاتمة عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المحتجزون في ظل النزاع في السودان، ويوضح الحاجة الملحة إلى تدخل إنساني وقانوني لوقف هذه الانتهاكات وضمان حقوق الإنسان. الوسومالأمم المتحدة الجيش الدعم السريع انتهاكات تقرير

مقالات مشابهة

  • قائد في الجيش السوداني يكشف عن خيارين أمام الدعم السريع وسط الخرطوم
  • قائد «درع السودان» يتبرأ من جرائم «الدعم السريع» ويؤكد أنه جزء من الجيش
  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • غرفة طوارئ البراري: مقتل 18 مدنياً في أحياء «بري» برصاص الدعم السريع
  • الجيش السوداني يحاصر الدعم السريع بالخرطوم والسلطات تكتشف مقبرة جماعية
  • الجيش السوداني يضيق الحصار على الدعم السريع ويقترب من القصر الرئاسي
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم
  • الكشف عن بئر استخدمتها الدعم السريع للتخلص من جثث الضحايا
  • «محامو الطوارئ»: الدعم السريع تنفذ مداهمات وتحاصر المدنيين في شرق الخرطوم