قراءة عراقية: الشرق الأوسط أمام خيارين وإسرائيل لن تتوقف عن التصعيد - عاجل
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
قدم أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، اليوم الأحد (29 أيلول 2024)، قراءة اكاديمية بشأن مجريات احداث في الشرق الأوسط بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن" الوضع صعب وحساس جدا في الشرق الأوسط، وإسرائيل ماضية في مخطط التصعيد وهي ليست سرا بل أعلنت أهدافها من قبل رئيس حكومة الاحتلال في مبنى الأمم المتحدة في رسالة تحدي للمجتمع الدولي لأنها تدرك بأن واشنطن لن تتخلى عنه مع ايمانه بانه امام فرصة للقضاء على اجنحة المقاومة التي ارهقت إسرائيل لعقود".
وأضاف، ان" الشرق الأوسط امام خيارين، الأول ان تمضي إسرائيل في التصعيد وتوجه ضربات الى اجنحة المقاومة في العراق وسوريا واليمن والتوغل في لبنان ما يعني انفجار الأوضاع بشكل اكبر قد يؤدي الى توسع دائرة الصراع وتورط أمريكا بشكل مباشر وهنا ستكون لحظة محورية على مستوى المنطقة وربما بداية شرارة حرب على مستوى العالم".
وأشار التميمي إلى، ان" الخيار الثاني وهو ضعيف جدا ويتمحور في سعي واشنطن الى التهدئة وإيجاد مقاربة سياسية تنقذ الوضع من الانفجار لكن في خضم ما نراه من دعم لامحدود لها لإسرائيل نرى بانها غير جادة في تهدئه الأوضاع والأدلة كثيرة، وبالتالي فأن امامنا مرحلة صعبة وحساسة ".
وبين، إن" اي استهداف للعراق سيقابل برد من فصائل المقاومة لكن السؤال هو حول الأهداف التي ستضرب ومدى تأثيرها وكيف سيكون الرد، مؤكدا بأن" الأوضاع في في المجمل خطيرة جدا والوصول الى مرحلة الحرب الشاملة باتت ليست مخاوفًا بقدر ما هي حقيقة تلوح بالآفق في أي لحظة".
وتصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل وحزب الله منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مما أشعل المواجهات بين الحزب والقوات الإسرائيلية. حتى جاء يوم السابع عشر من سبتمبر/ أيلول الجاري، فكان نقطة تحول كبيرة سواء كان من حيث شكل المواجهات أو تصاعد وتيرتها.
ويوم الثلاثاء 17 سبتمبر/ أيلول، شهد لبنان شكلا جديد من أشكال المواجهة حيث انفجرت مئات أجهزة الاستدعاء "البيجر" في وقت متزامن والتي "يحملها أعضاء حزب الله"، ما أدى إلى استشهاد عشرات الأشخاص بينهم قياديون من الحزب، وإصابة أكثر من 2800 شخص بينهم أطفال وكبار سن في مناطق مختلفة من لبنان.
في اليوم التالي 18 سبتمبر/ أيلول ، وأثناء تشييع حزب الله جثامين بعض شهداء البيجر، حدثت عدة انفجارات ولكن هذه المرة كانت لأجهزة الاتصال اللاسلكي، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 25 شخصًا وإصابة أكثر من 450 في مناطق مختلفة.
بعد موجتي الانفجارات الإلكترونية، خرج حسن نصرالله زعيم حزب الله بتصريحات تدين إسرائيل ووجه لها أصابع الاتهام في الهجومين، وقال إن الهجومين بمثابة إعلان حرب وتوعد إسرائيل برد قاسٍ، بينما قالت إسرائيل إن الحرب مع حزب الله دخلت مرحلة جديدة.
والجمعة 27 سبتمبر / أيلول، قصفت الطائرات الإسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفة مركز قيادة حزب الله، التقارير الإعلامية الأولية أشارت إلى أن هدف الغارة هو زعيم الحزب حسن نصر الله. إلا أن أياً من الأنباء لم تؤكد طيلة الليل وحتى صباح اليوم التالي.
والسبت 28 سبتمبر/ أيلول، أعلن الجيش الإسرائيلي على لسان ناطقه باللغة العربية أفيخاي أدرعي عن اغتيال حسن نصر الله وقال إن هجمات الجمعة قتلت نصرالله وعددا من قادة الحزب أبرزهم علي الكركي، قائد جبهة الجنوب، وقائد الوحدة الصاروخية محمد علي إسماعيل ونائبه حسين أحمد إسماعيل. بعد الإعلان الإسرائيلي بساعات، أصدر حزب الله بياناً رسمياً نعى فيه أمينه العام.
وأثار استشهاد نصرالله ردود فعل واسعة داخليًا وخارجيًا، وأعلن لبنان الحداد 3 أيام على استشهاده، فيما أعلن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الحداد 5 أيام في إيران، وشهدت العاصمة طهران احتجاجات مناهضة لإسرائيل بعد استشهاد نصر الله.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الشرق الأوسط نصر الله حزب الله حسن نصر
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: ترشيحات ترامب.. ما بين ديناميات الشرق الأوسط ومآلات إسرائيل
على الرغم من أن دونالد ترامب ستبدأ مدة إدارته رسمياً في 20 يناير المقبل، وهو تاريخ الانتقال الرسمي للسلطة بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، إلا انه بدأ في وضع رؤية لسياسته الخارجية من خلال الإعلان عن تشكيلة إدارته التي بدأت تتضح ملامحها.
وهو ما آثار العديد من التأويلات حول أولويات ترامب في المرحلة القادمة، حيث ان تعيينات السياسة الخارجية جاءت على أولوية تحرك الرئيس الأمريكي قبل الخوض في الملفات الداخلية والاقتصادية، وهو ما يثبت صحة ما تم تناوله في المقالة السابقة حول هيمنة ملف السياسة الخارجية بالنسبة للرئيس القادم للولايات المتحدة.
وعليه، ستركز هذه المقالة على هذه الترشيحات وانعكاساتها على تعاطي ترامب مع الشرق الأوسط ومدي دعم هذه الإدارة لإسرائيل؟
بدأ دونالد ترامب في الكشف عن بعض أسماء المسؤولين الذين ستوكل لهم مناصب هامة خلال فترة ولايته المقبلة. ومن بين هذه الشخصيات، سوزي وايلز التي بعد أن قادت حملة ترامب الانتخابية تتجه لتشغل منصب كبير الموظفين في البيت الأبيض.
ومن بين الأسماء المرشحة لمنصب مستشار الامن القومي مايك والتز نائب ولاية فلوريدا وكان والتز عنصرا في القوات الخاصة وهو معروف بعدائه للصين فضلا عن توم هومان الذي سيشغل منصب رئيس وكالة الهجرة ومراقبة الحدود وذلك وفقا لما أعلنه ترامب في تغريدة على موقعه الخاص "تروث سوشيال، إلي جانب ماركو روبيو المرشح لوزير الخارجية، الذي يعد من ابرز الداعمين للمشروع الاستيطاني.
اما مايك هاكابي حاكم ولاية أركنساس فقد تم ترشيحه لسفير الولايات المتحدة لدي إسرائيل، وقد طالما شكك في الهوية الفلسطينية ويعارض حل الدولتين وقد طالب في 2015، بالاعتراف بالضفة الغربية بانها إسرائيلية.
كما أعلن ترامب عن تعيين إليز سيتفانيك سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وتعتبر من بين الداعمات لإسرائيل وتعد أبرز المشرعين المؤيدين لإسرائيل في الكونجرس وقد سبق وان استجوبت رؤساء الجامعات خلال جلسة استماع في الكونجرس بسبب الشعارات المعادية لإسرائيل التي رفعها طلاب هذه الجامعات الذين ساندوا فلسطين وهو ما ادي إلى استقالة رؤساء جامعتي بنسيلفانيا وهارفارد، كما ايدت منع تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) وعلي جانب اخر قد استضافها نتنياهو لإلقاء كلمة في الكنيست.
في خضم استقراء الأسماء البارزة في إدارة ترامب، يتعين محاولة تفنيد واستنباط تعاطي الإدارة الامريكية الجديدة مع الشرق الأوسط ، وذلك خلال الإجابة علي تساؤليين ما هي دلالات التعيينات في ظل واقع إقليمي يتسم بتصاعد التوترات في المنطقة وما هي تداعياتها علي مجريات الأمور؟
سوف تنطلق توجهات الرئيس ترامب من موروثات الإدارة السابقة، ومن بين هذه الملفات التركة التي توارثتها عن إدارة بايدن متجسدة في الحروب المتواصلة والمستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا بعدما فشلت إدارة بايدن في إيقافها أو تطورها أو التحكم في نسق تغييرها، وأبرزها الحرب الروسية الأوكرانية التي تتسع حالياً خاصة بعد اشتباك كوريا الشمالية في إقليم كورسك.
ناهيك عن ذلك، وفي مقدمة الملفات المشتعلة في المنطقة، يأتي الملف الإيراني، بكل أبعاده وتداعياته، سواء ما هو متعلق بالمركز، أي إيران عينها، أو اذرعها، المتمثلة في وكلائها في المنطقة، من الحوثيين في اليمن، إلى الحشد الشعبي في العراق، مروراً بالخلايا التابعة في سوريا، وصولاً إلى حزب الله في لبنان، وحماس في غزة.
وعلى الرغم من أن سياسات ترامب يُصعب، في كثير من الأحيان التنبؤ بها، إلا أن الواقع سيفرض تغييرات كثيرة على سياساته في الشرق الأوسط الذي تأثر بالحرب الإسرائيلية على غزة وما تلاها من تصاعد للصراع في المنطقة، كما أنه من المؤكد أن هذه التعيينات تعكس رؤية دونالد ترامب وتفاعله مع قضايا المنطقة، خاصة في ضوء الإعلان عن تعيين شخصيات معادية للقضية الفلسطينية بل ومؤيدة لليمين الاسرائيلي وتنتهج سياسته.
وعلي الرغم من إطلاق حملة ترامب للعديد من المبادرات حول إنهاء تلك الحروب بما يخفف من الأعباء عن الاقتصاد الأمريكي وخاصة في الشرق الاوسط ألا ان حلفاء الولايات المتحدة في إسرائيل يحتجون على هذه المساعي بزعم أن الأهداف الإسرائيلية من تلك الحروب لم تتحقق بعد وهو ما يفتح العديد من التأويلات حول شكل وطبيعة المرحلة القادمة.
وبالتالي لعل من المفيد مناقشة ملامح الإدارة الجديدة وتوجهاتها التي يرسيها في ضوء الترشيحات المعلنة حتى الآن وفي حقيقة الأمر تعد سياسات ترامب إزاء الشرق الأوسط واضحة، فبتعيين الفريق المشار إليه، تبرز ملامح المرحلة القادمة والتي ترتكز على مزيد من الدعم لإسرائيل وربما الميل الواضح نحو توسعها على حساب أراضي فلسطينية، فضلا عن ممارسة مزيد من الضغط والتحجيم ضد إيران، وبالتالي فأن وجهة النظر والمألات الإسرائيلية هي التي سوف تهيمن علي المصالح الامريكية في المنطقة، بما يسهم في تقويض تلك المصالح في نهاية الأمر، وذلك علي عكس مقاربات ونهج الرئيس السابق دوايت أيزنهاور الذي منع إسرائيل من احتلال سيناء عام 1956 وأيضا هينري كيسنجر في عهد الرئيس نيكسون حيث طبق كيسنجر حينها سياسة "بناء الجسور" في تطوير علاقات أمريكية أكثر إيجابية مع الدول العربية، وفي الصراع العربي الإسرائيلي، طبق كيسنجر نظرية "التفكيك والتركيب" عبر العمل على تفكيك القضايا والأزمات الكبرى إلى عناصر وتفاصيل أصغر لفهمها ثم إعادة تركيبها بما يتناسب مع المعطيات الجديدة.
ومن ثم، تعد توجهات ترامب نحو الشرق الأوسط من خلال الموازنة بين المصالح الإسرائيلية والعربية غير منطقية في ظل ان الحلول الإسرائيلية تتجه نحو الحلول العسكرية فقط، كما إن خطة ترامب السابقة التي رسم خطوطها عام 2020، عبر تعميق العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية والضغط على إيران، لم تعد مواتية، لا سيما مع تغير المشهد الدولي، وظهور متغيرات متعلقة بقوى دولة صاعدة قادرة وراغبة في التفاعل مع المنطقة وقضاياها
ومن جهة أخري، لم تراعي تلك الرؤية تغيير شكل التحالفات والديناميكيات التي فرضتها القوي المهيمنة في الاقليم حيث أن هناك تحالفات مغايرة في المنطقة باتت تتشكل محاورها ودوائر نفوذها؛ وهو ما يسهم في تغيير شكل التحالفات الامريكية في المنطقة بطبيعة الحال، وثمة مؤشرات عديدة أبرزها، زيارة رئيس الأركان السعودي إلي مقر القوات المسلحة الإيرانية يوم 10 نوفمبر 2024 لعقد مباحثات حول الدبلوماسية الدفاعية وتوسيع التعاون الثنائي وبالتالي لم يتم استخدام المجال الجوي السعودي من قبل الولايات المتحدة لتوجيه ضربات إلي إيران، والتحركات السعودية لعقد اتفاقية امنية مع العراق لتعزيز التعاون العسكري إلي جانب تصاعد النفوذ الصيني والروسي في المنطقة بشكل اعمق عما كان عليه في فترة ولاية ترامب الأولي.
ختاما، تظهر تعيينات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لأعضاء فريق إدارته بعضا من رؤيته فيما يتعلق بالشرق الأوسط، كما أن التلميحات المتصاعدة التي تشكل الإدارة تشير إلى أنه ثمة محاولة للقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وتلاشي حل الدولتين، وتشكيل شرق أوسط جديد، ومع ذلك وفي تقديري ولن يدفع ترامب بهذا الحل وستكون تحركاته في هذا الإطار ممنهجة وتدريجية نظراً لأولويات أخرى تتعلق بالصين وإنهاء الحرب في أوكرانيا.