طفلة أعادت المفكر عبد الوهاب المسيري إلى طريق الإيمان.. «غيرت مفاهيمه»
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
تعتبر رحلة الدكتور عبدالوهاب المسيري الفكرية من أبرز الرحلات التي شهدها المشهد الفكري العربي في القرن العشرين، فمن كونه شابًا مثقفًا تأثر بالفكر الماركسي إلى العودة لتعاليم الإسلام بشكل واعٍ ومدروس، وقد أطلقت «الوطن» 3 حملات توعوية لتعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية تحت شعار «مجتمع صحي آمن.. أوله وعي وأوسطه بناء وآخره تنمية»، بهدف الحفاظ على تماسك المجتمع وتقوية الروابط الأسرية.
هذه الرحلة الفكرية الطويلة والمعقدة، وثقها المسيري في كتابه الشهير «رحلتي الفكرية»، تثير الكثير من التساؤلات، ففي بداية حياته الفكرية، تأثر «المسيري» بالفكر الماركسي والنظريات المادية، ما دفعه إلى الشك في وجود الله والآخرة، ثم كانت فترة دراسته في الولايات المتحدة والتي شكّلت نقطة تحول مهمة في حياته، إذ بدأ يتساءل عن الكثير من القضايا الفلسفية والدينية حتى عاد إلى الإسلام بشكل واعٍ، فلم تكن عودته مجرد اعتناق شكلي، بل كانت رحلة عميقة للبحث عن الذات والمعنى للحياة.
ووفقًا لما ذكره الراحل في كتابه «رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر»، فقد كانت قصة زواجه من الدكتورة هدى حجازي إحدى أهم القصص التي ألقت الضوء على أحد أبرز جوانب شخصيته، إذ كان حينها عضوًا في الحزب الشيوعي المصري، وعندما بدأ حبها يدق بابه طلب النصح من مسؤوله الحزبي عمّا يشعر به، فأخبره أنّها «برجوازية» والزواج من مثلها يسبب مشكلات كثيرة، وبذلك طرح تصورًا عقليًا أيديولوجيا (طبقيًا) للحب والزواج، وهو ما أهداه لأنّ يطلب النصيحة من والدته التي لم يستشرها في حياته قط فطرحت عليه سؤالًا بسيطًا وهو: «هل يشعر قلبك بالفرح حينما تراها؟»، فلم يجب عن السؤال، إلا أنّه شعر بأنّ أثقالًا أيديولوجية وتحليلات طبقية مادية سقطت على وجدانه، وأن أغلال العقل والقلب بدأت تنفك وقرر الارتباط بالدكتورة هدى، ولعل هذه كانت من أوائل أحداث حياته التي اهتز فيها النموذج المادي الوظيفي كإطار للرؤية.
الإنسان ليس كائن ماديمرّ «المسيري» في مرحلة الخطوبة بمحطات من الحب جعلته يتسائل كيف يمكن للمرء أن يحب بهذه الطريقة اللازمنية، وأن يترك من يحب ويذهب إلى عمله، وكيف يتحمل الإنسان هذه العواطف بشكل يومي، وهل يتحمل جهازه العصبي مثل هذا العبء، وبعد الزواج اكتشف ميلاد جديد من الحب القادر على التعايش مع الزمن والتاريخ والمجتمع، فالحب في الزواج يتسم بنوع من الاستمرار، وحينها بدأ يعي مفاهيم مثل السكينة والمودة والألفة، وخضعت حياته الزوجية للتأمل أيضًا، فأصبح لديه رؤية ومفهوم للزواج تختلف عن ذي قبل.
ومنذ ذلك الوقت، حاول عبدالوهاب المسيري ألا يعيش في العام وحسب، وأن يختبر المقولات الأيدولوجية على محك الأشياء المباشرة والوجدانية، حتى توصل إلى أنّ الأيدولوجية قد تكون قناعًا يختفي وراءه الإنسان بحيث يتحول إلى عقل محض، وقد يختفي الإنسان تمامًا إلى درجة أنّه يموت قلبًا لا قالبًا، فكان ميلاد ابنته «نور» التي أسماها باسم أستاذته في الجامعة من أهم لحظات حياته، إذ شعر أنّ ميلادها شيء رهيب، وأنّه لا يمكن للنموذج المادي تفسير ما يحدث.
يقول عبدالوهاب المسيري: «عندما ولدت ابنتي وجدت أنّ زوجتي ابتعدت عني ودخلت في علاقة قوية مع هذا الشيء الصغير الذي وصل، وبدأت أتسائل هل ارتباطي المادي بابنتي هل يمكن أن يكون مصدره غدد؟، ووجدت أن النموذج المادي عاجز، وبالتدريج وجدت أن تركيبية الإنسان تتحدى القوانين المادية الحتمية، ووجدت أنه لا يمكن تفسير الإنسان إلا من خلال لا إله إلا الله، وأنه ليس كائنا ماديا، فالإنسان يصبح ثغرة في العالم الطبيعي يشير إلى الله سبحانه وتعالى، فـ أنا لا أنتقل من الله إلى الإنسان، ولكن من الإنسان إلى الله، وأنا من النادر أن أشير إلى القرآن والسنة إلا في الحديث عن تركيبة الإنسان لأنه أنجح طريقة للرد على العلمانيين».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية عبدالوهاب المسیری
إقرأ أيضاً:
كيف أتعلم القناعة والرضا بقضاء الله؟.. عمرو الورداني يوضح
كشف الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن كيفية التعود على القناعة والرضا بقضاء الله، خاصة إذا كان الإنسان يشعر بالبعد عن ربه، مشيرا إلى أن الوصول إلى الرضا ليس مجرد فكرة ذهنية أو وعظ لحظي، بل هو نمط حياة وممارسة يومية.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء: "الرضا الحقيقي هو ما نُسميه الرضا الحياتي، يعني مش مجرد فكرة أقتنع بيها، ولكن حالة أعيشها، أمارسها كل يوم، وأبدأ بها في تفاصيل حياتي الصغيرة قبل الكبيرة".
ما حكم ارتداء الملابس الداخلية للرجال تحت ملابس الإحرام؟.. الإفتاء تجيب
أمين الإفتاء يوضح سبب منع التطيب أثناء الإحرام في الحج
هل التأمين على السيارات حلال أم حرام؟.. الإفتاء تكشف
ماذا يفعل من نسي إخراج الزكاة عن ماله لسنوات؟.. الإفتاء تجيب
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أول خطوة للوصول إلى الرضا والقناعة هي أن يبدأ الإنسان بما في يده، وأن يسعى نحو ما يتمناه باستخدام ما يملكه فعلاً، لا ما ينقصه، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس"، موضحًا أن هذه ليست دعوة للتوقف، بل دعوة للاستثمار فيما وهبك الله إياه.
وأكد أن الرضا لا يعني الاستسلام، بل يعني السعي بكل ما أوتي الإنسان من قوة، ثم ترك النتائج لله، مضيفًا: "أنا أعمل ما أستطيع، والله يتفضل علي بالعطاء، ويملأ قلبي بالرضا والبركة والنور".
وتابع: "الرضا لا يُطلب مرة واحدة، لكنه يُمارَس، ويُدرَّب عليه القلب، حتى يصبح الإنسان قريبًا من الله، مطمئنًا بما لديه، ومستبشرًا بما هو آتٍ".