ماذا ينتظر فيلق القدس بالمنطقة بعد اغتيالات الضاحية الجنوبية لبيروت؟
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
طهران- خيّم اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في الغارات الإسرائيلية التي ضربت، أول أمس الجمعة، الضاحية الجنوبية لبيروت على الأنباء الواردة من العاصمة اللبنانية حول اغتيال العميد عباس نيلفوروشان، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني ومسؤول ملف لبنان في فيلق القدس جراء الغارات ذاتها.
وعقب تأكيد وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، أمس السبت، "استشهاد نيلفوروشان"، تناولت الصحافة الإيرانية النبأ بشكل خجول جدا بالرغم من أنه تولى ملف سوريا ولبنان في الفيلق عقب مقتل العميد محمد رضا زاهدي إثر الهجوم الإسرائيلي على مبنى قنصلية طهران في دمشق في أبريل/نيسان الماضي.
فبينما أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن "فقدان الشخصيات البارزة لدى المقاومة سيعزز الشجرة الطيبة لديها أكثر من أي وقت مضى"، طالب وزير خارجيته عباس عراقجي -من نيويورك- بعقد قمة إسلامية طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، في حين أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي الحداد 5 أيام "تأبينا لاستشهاد السيد حسن نصر الله".
الحضور الإيرانيوعلى وقع الاغتيالات الإسرائيلية بحق المستشارين العسكريين الإيرانيين لدى حزب الله وفي سوريا، تساءلت بعض الأوساط الإيرانية عن تداعيات تكرارها على المواجهة مع إسرائيل وتأثير ذلك على أداء فيلق القدس بالمنطقة.
في غضون ذلك، يقرأ السفير الإيراني الأسبق في ليبيا جعفر قناد باشي هذه الاغتيالات "بنيران العدو الصهيوني في سياق حضور طهران العملي إلى جانب فصائل المقاومة الإسلامية في مواجهة كيان الاحتلال".
وفي حديثه للجزيرة نت، يُرجع قناد باشي حضور المستشارين الإيرانيين لدى فصائل المقاومة والدول الحليفة إلى مساعدتها في مواجهة التحديات وتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية بعيدا عن النفوذ الغربي الذي قال عنه إنه "يستهدف الأطراف الإسلامية ويستنزف طاقاتها بزعم وجود تهديدات خارجية".
واعتبر أن "استشهاد المستشارين الإيرانيين لدى حلفاء طهران عامل فخر للجمهورية الإسلامية، وأن هؤلاء الشهداء لم تزدهم التهديدات الصهيونية سوى عزيمة وصلابة في نصرة جبهة الحق"، مضيفا أن بلاده تعتبر اختلاط دماء قادتها وقواتها العسكرية مع دماء المجاهدين في شتى فصائل المقاومة وسام فخر لها.
وبرأيه، فإن حضور المستشارين العسكريين الإيرانيين لدى حلفاء طهران، وعلى رأسهم حزب الله، سوف يتعزز عقب اغتيال نيلفوروشان؛ ذلك أن "الاغتيالات والهجمات الإسرائيلية الهمجية قد قوضت قدرات المقاومة الإسلامية في لبنان، مما يحتم على إيران العمل على تعويض الخسائر التي لحقت بالحزب مؤخرا وترميم بنيته".
وتابع المتحدث نفسه أن تعزيز التعاون العسكري بين طهران وفصائل المقاومة -وعلى رأسها حزب الله- "ضرورة دفاعية وردعية" كونها تشكل الجبهة الأمامية في مواجهة التهديدات الخارجية لإيران، مؤكدا أن حلقات محور المقاومة تشاطر بلاده همومها وأهدافها وأجندتها بشأن القضة الفلسطينية.
قواعد الاشتباكمن ناحيته، يبحث المحلل في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني مستقبل فيلق القدس بالمنطقة، في إطار تغيير قواعد الاشتباك مؤخرا بين إسرائيل ومحور المقاومة، مؤكدا أن زعزعة موازين الردع إثر استهداف الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي تنقل الصراع بين الجانبين إلى مرحلة متقدمة.
وبرأي أصلاني، فإنه بعيدا عن مقتل القيادي العسكري الإيراني إلى جانب نصر الله، ستكون طهران مضطرة للرد بغية ترميم قدراتها الردعية بالمنطقة بعد تجاوز إسرائيل خطوطها الحمراء، وتوقع أن يقدم محور المقاومة على تنفيذ سلسلة عمليات تعيد له ماء الوجه وترسل رسائل عملية تحذر "العدو" من مغبة مواصلة مغامراته.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الباحث الإيراني أن بلاده لم تتفاجأ بارتكاب إسرائيل موجة من الاغتيالات في لبنان بعد لجوئها إلى تطبيق هذه السياسية عدة مرات سابقا بحق محور المقاومة.
وأكد أن الاغتيالات لم تضعف فصائل المقاومة بل زادتها صلابة، وعليه فإن اغتيال العميد نيلفوروشان سوف يزيد فيلق القدس عزيمة لإسناد فصائل المقاومة التي تأخذ "مهمة مواجهة العدو الإسرائيلي على عاتقها".
تكليف شرعيويشير الباحث أصلاني إلى بيان المرشد الأعلى عقب الإعلان عن اغتيال حسن نصر الله، مؤكدا أنه اعتبر مساعدة حزب الله والشعب اللبنانيين "واجبا دينيا على جميع المسلمين"، وعليه فإن المؤسسات الإيرانية ستكون أول الملتزمين بهذا الحكم الذي صدر عن أعلى مرجعية دينية في البلاد.
ورأى أن تعبير المرشد الإيراني بشأن "البنية القوية لحزب الله" يُظهر عزم طهران على تعزيز منظومة الحزب وتأهيلها للمساهمة في تقرير مصير المنطقة، موضحا أن فيلق القدس هو المعني بهذه المهمة مستقبلا، وأنه لا يتصور تغييرا في سياسات بلاده الإقليمية سوى تعزيز دعم فصائل المقاومة.
من جانبه، يعتقد أستاذ العلاقات الدولية في "جامعة طهران" رحمان قهرمان بور أنه لا يمكن الجزم في الوقت الراهن بخصوص طبيعة وشكل الشرق الأوسط خلال المرحلة المقبلة لعدم اليقين بما ستؤول إليه المفاجآت مستقبلا.
وفي سلسلة تغريدات على منصة إكس، أوضح الأكاديمي الإيراني أنه بعد انشغال الولايات المتحدة بمشكلاتها الداخلية وتوجهها إلى شرق آسيا من أجل احتواء تهديد الصين، ترغب إسرائيل في تطبيق سياسة الأرض المحروقة في منطقة الشام التي تعاني دولها من غياب مرتكزات القوة، وذلك لضمان أمنها.
واستدرك أن تل أبيب لن تستطيع ضمان أمنها في المنطقة من خلال سياساتها الراهنة، وأن لعبة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو "سوف تضر بالمنطقة وكيانه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإیرانیین لدى فصائل المقاومة فیلق القدس نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
إذا قصفت إسرائيل إيران... هكذا سيكون ردّ حزب الله
يكثر الحديث في تل أبيب عن رغبة الحكومة الإسرائيليّة بتوجيه ضربة إستباقيّة ضدّ إيران، عبر استهداف البرنامج النوويّ وقواعد عسكريّة مهمّة تابعة للحرس الثوريّ، وخصوصاً بعد تلقي إسرائيل شحنة جديدة من قنابل أميركيّة خارقة للتحصينات، سبق وأنّ تمّ قصف لبنان بها، واستخدامها في عمليتيّ إغتيال الأمينين العامين لـ"حزب الله" حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
وفي حين يلتزم "الحزب" الهدوء بعدم الردّ على الخروقات الإسرائيليّة، ويُعطي فرصة للحكومة ولرئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون لتكثيف الإتّصالات الديبلوماسيّة للضغط على بنيامين نتنياهو لتطبيق القرار 1701، هناك تساؤلات كثيرة بشأن "حزب الله"، وإذا ما كان سيبقى على الحياد إنّ قصفت إسرائيل النوويّ الإيرانيّ، إذا لم يتمّ التوصّل سريعاً لاتّفاق جديد بين طهران والإدارة الأميركيّة برئاسة دونالد ترامب حول برنامج إيران النوويّ.
وعندما تمّ الإتّفاق بين إيران وأميركا ودولٍ أخرى على البرنامج النوويّ في عام 2015، أشار نصرالله في حينها، إلى أنّ هذا الأمر شكّل انتصاراً كبيراً لطهران و"لمحور المقاومة" في المنطقة، ما يعني أنّ "حزب الله" يُفضّل التوصّل لتوافقٍ جديدٍ بين البلدان المعنيّة، وعدم إنجرار الوضع إلى تصعيد خطيرٍ قد يُقحمه في نزاعٍ آخر لا يُريد الدخول فيه.
فبينما ينصبّ تركيز "الحزب" حاليّاً على إعادة بناء قدراته وإعمار المناطق المُدمّرة ودفع التعويضات لمناصريه لترميم منازلهم، فإنّ أيّ تطوّر للنزاع الإسرائيليّ – الإيرانيّ قد يُشعل المنطقة من جديد، لأنّ "حزب الله" مُرتبط بشكل مباشر بالنظام في طهران.
ويقول مرجع عسكريّ في هذا الإطار، إنّ "حزب الله" لديه إلتزام تجاه إيران بعد نجاح الثورة في طهران عام 1979، فالحرس الثوريّ هو الراعي الرسميّ لـ"الحزب" وينقل الأسحلة والصواريخ والأموال له. ويُشير إلى أنّ استهداف إسرائيل لإيران أخطر بالنسبة لـ"المقاومة الإسلاميّة" في لبنان من حرب غزة، فإذا تمّ توجيه ضربات مُؤلمة بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة ضدّ المنشآت النوويّة والبرنامج الصاروخيّ الإيرانيّ، فإنّ "حزب الله" أقوى ذراع لنظام الخامنئي في الشرق الأوسط سيكون أبرز المتضرّرين، وخصوصاً بعد سقوط بشار الأسد في سوريا.
ورغم خسائر "الحزب" في الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، فإنّه لن يجد سبيلاً أمامه سوى الإنخراط في أيّ مُواجهة إيرانيّة – إسرائيليّة، إنّ أقدمت حكومة نتنياهو على التصعيد كثيراً ضدّ طهران. أمّا إذا وجّه الجيش الإسرائيليّ ضربات كتلك التي حصلت في العام الماضي، فإنّ هذا الأمر لن يستلزم تدخّلاً من الفصائل المواليّة لنظام الخامنئي، مثل "حزب الله" و"الحوثيين" والمجموعات المسلّحة في العراق.
ويُشير المرجع العسكريّ إلى أنّ المنطقة هي فعلاً أمام مُفترق طرقٍ خطيرٍ، لأنّ إسرائيل تعمل في عدّة محاور على إنهاء الفصائل التي تُهدّد أمنها، وهناك مخاوف جديّة من إستئناف الحرب في غزة بعد الإنتهاء من تبادل الرهائن وجثث الإسرائيليين لدى "حماس" بالأسرى الفلسطينيين. كذلك، هناك أيضاً خشية من أنّ تُقدم تل أبيب كما تلفت عدّة تقارير غربيّة وإسرائيليّة على استهداف البرنامج النوويّ الإيرانيّ. ويقول المرجع العسكريّ إنّ نتنياهو وفريق عمله الأمنيّ يعتقدان أنّه إذا تمّ وضع حدٍّ للخطر الآتي من طهران، فإنّ كافة الفصائل المُقرّبة من إيران ستكون في موقعٍ ضعيفٍ جدّاً، وسينتهي تدفق السلاح والمال لها.
وإذا وجدت إيران نفسها أمام سيناريو إستهداف برنامجها النوويّ، فإنّ آخر ورقة ستلعبها هي تحريك "حزب الله" وأذرعها في المنطقة بحسب المرجع عينه، لأنّها إذا تلقّت ضربة كبيرة، فإنّها لا تستطيع الردّ على إسرائيل سوى بالإيعاز من حلفائها القريبين من الحدود الإسرائيليّة، بتوجيه ضربات إنتقاميّة، وحتماً سيكون "الحزب" الذي لا يزال يمتلك صواريخ قويّة وبعيدة المدى وطائرات مسيّرة رغم قطع طريق الإمداد بالسلاح عنه، على رأس الفصائل التي ستقود الهجوم المضاد ضدّ تل أبيب. المصدر: خاص "لبنان 24"