قالت صحيفة غارديان إن الغارة الجوية الإسرائيلية على قيادة حزب الله في لبنان ستكون لها آثار بعيدة المدى على طهران وواشنطن، وقد خطت بموجبها منطقة الشرق إلى حافة الهاوية، خاصة بعد تأكيد مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم باتريك وينتاور- أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كان صاحب بصيرة عندما قال إن الأيام القادمة ستحدد المسار المستقبلي للشرق الأوسط، رغم أنه كان يرجو في ذلك الوقت إقناع حزب الله وإسرائيل بالتراجع عن حافة الهاوية.

أما طهران فتواجه الاختيار المصيري الذي سعت دائما إلى تجنبه، والذي لم ترغب قيادتها الإصلاحية الجديدة في الخضوع له، فمصداقيتها معرضة للخطر إن هي اكتفت بإدانة غاضبة لتدمير إسرائيل قطعة محورية من المقاومة التي بنتها بشق الأنفس، أو بدعوة الآخرين إلى اتخاذ إجراءات غير محددة.

ومع ذلك، يرى الكاتب أن البراغماتية قد تدفع إيران إلى نصح حزب الله بتحمل الخسائر وقبول وقف إطلاق النار، وإن لم يؤد إلى تحقيق هدفه المعلن بوقف إطلاق النار في غزة، أما إذا شنت هجوما عسكريا مباشرا، فلا بد أنها تعلم أنها ستخوض معركة مع جيش لديه قدرات قتالية وتكنولوجية واستخباراتية متفوقة، خاصة أن الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت عمق حزب الله وربما فعلت الشيء نفسه في طهران، وفقا لوينتاور.

أسوأ وقت

أما بالنسبة للرئيس الجديد مسعود بزشكيان، الذي انتُخِب على أساس رفع العقوبات الاقتصادية من خلال بناء علاقات أفضل مع الغرب، فإن مقتل نصر الله لا يمكن أن يأتي في وقت أسوأ من هذا، بعد أسبوع من اللقاءات في نيويورك بين وزير خارجيته عباس عراقجي وسياسيين أوروبيين مثل وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في محاولة لإقناعهم بإعادة فتح المحادثات لاستعادة الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في عام 2015 ومزقه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

وبالتالي فإن مقتل نصر الله يجعل من الصعب على الإصلاحيين إقناع الجيش الإيراني بأن غصن الزيتون لا يزال له معنى، خاصة أن بزشكيان لا يميل إلى تصديق ادعاء الولايات المتحدة بأنه لم يكن لديها علم مسبق بخطة قتل نصر الله، لأن القنابل التي انفجرت في بيروت قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل.

وفي بيان من المرجح أن يكون بمثابة تجميد للمفاوضات، دعا المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المسلمين يوم السبت إلى "الوقوف إلى جانب شعب لبنان وحزب الله بكل الوسائل المتاحة ومساعدتهم في مواجهة نظام إسرائيل الشرير"، مما يعني بالنسبة للولايات المتحدة إذلالا دبلوماسيا واستعراضا لعجزها أو امتناعها عن السيطرة على حليفها المزعج.

غير أن هذا من بعض النواحي -كما يقول الكاتب- كان تتويجا لنحو 12 شهرا من الإستراتيجية الأميركية التي أصبحت الآن في حالة خراب، لأنها كلما طلبت، منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من إسرائيل أمرا ما، يتجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرد الواضح، ثم يتجاهل واشنطن في نهاية المطاف، وهي توفر له كل مرة ما يحتاجه من الذخيرة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وتمتع نتنياهو بزيادة في شعبيته المحلية، فضلا عن قلة الدول العربية التي تذرف الدموع على نصر الله، يبدو أن الولايات المتحدة لديها قليل من الخيارات، وما لم تثبت إيران أنها أكثر حزما مما كانت عليه حتى الآن، فإن نتنياهو سيكون الناجي العظيم الذي يتولى القيادة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات حزب الله نصر الله

إقرأ أيضاً:

تصريح الرئيس الإيراني: قراءة وابعاد


فيما كانت قاعدة "حزب الله" مشدودة تماما إلى مجريات المواجهة الضارية مع الإسرائيليين، استشعرت مرارة جديدة وأمرا مثيرا للريبة مع الموقف المفاجئ الذي أطلقه الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان، واعتبر فيه صراحة أن ليس لـ"حزب الله" قدرة على أن يواجه بمفرده الإسرائيليين لأنهم يحظون بدعم ضخم متنوع من حلفائهم. وسارع البعض إلى الاستنتاج أن هذا الكلام في أوج المواجهات على الحدود الجنوبية ينطوي على دعوة الحزب إلى وقف المواجهات والتفاعل بإيجابية مع عروض الحل والتسويات المطروحة أو الموعودة.
وكتب ابراهيم بيرم في" النهار": وفي معرض تحليله لهذا المشهد المستجد، يقول الباحث السياسي والأكاديمي الدكتور #سامي نادرلـ"النهار": "القول إن إيران قد تخلت عن حزب الله أو أنها على وشك أن تبيعه، بلا قيمة. الجليّ أن طهران التي وصل إلى سدة الرئاسة فيها إصلاحي، بدأت تعتمد أولويات مختلفة ورؤية أوسع وأعمق. بمعنى آخر، نجد أن إيران التي انتخبت بفارق كبير مرشح التيار الإصلاحي، تريد أن تثبت لمن يهمه الأمر في هذا العالم أنها باتت منفتحة على ما من شأنه إحياء مفاوضاتها مع واشنطن والمعسكر الغربي عموما، وفي هذا السبيل تسعى إلى كل ما يعرقل وصول ترامب إلى سدة الرئاسة في واشنطن، اقتناعا منها بأن ذلك يفضي إلى وقائع ترى طهران أنها ليست من مصلحتها، وخصوصا أن لها تجربة مريرة مع ترامب الذي كان رئيسا لمرة واحدة في واشنطن".
ويضيف: "لقد اتخذ بزشكين هذا الموقف الانفتاحي في لحظة كانت فيها كل الاستطلاعات تشير إلى أن حظوظ ترامب في تصاعد، وأنه واصل إلى حيث يسابق. لذا ثمة من يدرج موقفه في خانة تقديم دعم معنوي لمرشحة الحزب الديموقراطي المنافسة لترامب" .


ويتابع نادر: "ثمة توجه إستراتيجي عند طهران حاليا لمساعدة المرشحة المنافسة على بلوغها البيت البيضاوي، لأن ذلك إن تحقق فهو فرصة لإحياء المفاوضات النووية مع واشنطن".
وردا على ما يثيره ذلك كله على وضع "حزب الله"، يجيب: "في تقديري أن الحزب واع لهذا الأمر، فهو يعرف أنه في وضع عسكري صعب ومتورط في مواجهة غير متكافئة أكلت إلى حد بعيد من الرصيد الذي حققه في مواجهة 2006، لذا هو ملزم الاستمرار في ما بدأه، لكنه يحرص على ألا تكون هناك حرب شاملة، وخصوصا أن إسرائيل تجد نفسها وقد تحررت من عبء حربها في غزة وعليها توجيه كل جهودها نحو الشمال" .

ويشير إلى أن "إيران لن تتخلى عن حليفها الحزب، لكنها مع أولوياتها الجديدة مجبرة على اتخاذ هذا الموقف الذي ينم عن أمرين: الاستعداد لخفض منسوب التوتر والاحتقان في المنطقة، والتجاوب مع كل ما يسهل وصول مرشحة الحزب الديموقراطي للتقليل من فرص فوز منافسها".
ولكنْ للباحث والأكاديمي طلال عتريسي القريب من "الجو الإيراني" وجهة نظر مختلفة، إذ يقول لـ"النهار": "لا بد من الإشارة استهلالا إلى أن ثمة ماكينة إعلامية معادية استغلت تصريح بزكشيان وضخمت الموضوع رغبة منها في زيادة التأثير السلبي على معنويات بيئة المقاومة. ومع وصول بزكشيان وفريقه الإصلاحي إلى الرئاسة في طهران كنا نرتقب أن يجنح إلى بعض الحياد عن خط السياسة الخارجية المعروف في إيران، وأن يبدو غير منخرط كليا في المواجهات التي يخوض غمارها حلفاء إيران في الإقليم. وهو بذلك يحاول أن يحذو حذو الإصلاحيين الذين سبقوه إلى تولّي الحكم في طهران، ويسعى إلى تكرار تجاربهم بما فيها التفاوض مع واشنطن والغرب للتوصل إلى اتفاقات وتفاهمات. لذا بادر إلى هذا الموقف المثير، ولم يتراجع عنه رغم الضجة المثارة حوله، وهو ما يعني أنه يترجم اقتناعا يبدو راسخا عنده".
ويقدم الباحث في الشأن الإيراني الدكتور حسن فحص تفسيرا مباشرا للأمر إذ يقول: "إن الموقف الإيراني بلسان بزكشيان هو تعبير صريح عن رغبة طهران حاليا في عدم الانجرار إلى الحرب، مع مضيها في تقديم الدعم المعهود للحزب والحلفاء. وفي تقديري أن الإيرانيين سيبقون مصرين على هذا الموقف ما دام الحزب قادرا بإمكاناته الحالية على المواجهة وإدارة المعركة. أما إذا استشعروا بأي تغيير أو خطر على الحزب فسيبادرون إلى رفع سقف تدخلهم لأنه عندها تسقط الحسابات الإقليمية ويبرز دور الحسابات الوجودية".
 

مقالات مشابهة

  • الجارديان: مقتل حسن نصر الله يترك إيران أمام خيار مصيري ويمثل إهانة للولايات المتحدة
  • "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله
  • الخارجية الإيرانية: الولايات المتحدة شريكة في اغتيال نصر الله
  • "أكسيوس": إسرائيل طلبت من واشنطن ردع إيران بعد اغتيال نصر الله
  • الاحتلال يطلب من واشنطن ردع إيران بعد اغتيال نصر الله
  • نتانياهو يقطع رحلته إلى الولايات المتحدة بعد الغارة التي استهدفت نصرالله
  • أنطونوف: زيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة عرض هوليوودي
  • تصريح الرئيس الإيراني: قراءة وابعاد
  • أوساط إيرانية تدعو بزشكيان للتصالح مع واشنطن باعتباره الوقت المناسب