«الشعانينى» و«12 إنجيلاً».. طقوس وقراءات الأقباط فى عيد الصليب

 

تختتم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم الأحد، احتفالات عيد الصليب المجيد، الذى استمر على مدار ثلاثة أيام، ويحمل الكثير من المعانى الروحية والرمزية ويحتل مكانة كبيرة باعتباره علامة الغلبة والافتخار لدى الأقباط.

تواصلت «الوفد» مع القس إسطفانوس مجدى كمال، كاهن كنيسة مارجرجس سيدى سالم - كفر الشيخ، ماجستير فى علم اللاهوت، ليسرد بعض المعلومات التاريخية والروحية عن عيد الصليب، ويكشف طقوس الكنيسة القبطية فى هذه المناسبة المجيدة.

بدايةً، يقول القس إسطفانوس مجدى، إن الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الصليب، فى 10 برمهات و17 توت، حسب التقويم القبطى من كل عام، وبدأت الكنيسة العيد الجمعة الماضى واستمر حتى اليوم الأحد الذى يعد «يوماً أساسياً» داخل الكنيسة، لذا لا تقرأ القراءات المرتبطة بعيد الصليب ولكن تُقرأ القراءات الخاصة بـ«يوم الأحد»، ويوضح كاهن كنيسة مارجرجس أن هناك حالة يمكن أن تُلغى خلالها قراءات يوم الأحد إذا صادف بداية العيد. ولكن خلال هذا العيد تصلى بالطقس الفرايحى ولا تختلف سوى فى اليوم الثالث.

ويروى القس إسطفانوس تاريخ عيد الصليب، سنة 51 للشهداء الموافق 335 ميلادية، احتفل بطاركة الكنائس المسيحية وهم البابا أثناسيوس الرسولى، بطريرك الإسكندرية، معه بطريرك القسطنطينية وبطريرك أنطاكية، والقديس مكاريوس بطريرك القدس، حين أخذوا جزءاً من خشبة الصليب وطافوا به داخل كنيسة القيامة بالقدس وكان احتفالا عظيما أقاموا خلاله الصلوات الاحتفالية ومجّدوا الصليب ثم أعادوه إلى موضعه داخل خزينة مصنوعة من الفضة.

القس إسطفانوس مجدى

وعن خصوصية عيد الصليب لدى الأقباط وحول القصة التاريخية التى تسببت فى تخصيص هذه المناسبة، يقول كاهن الكنيسة القبطية بكفر الشيخ، إنه يعود إلى واقعة بطلتها الملكة هيلانة والدة الملك قسطنطين، حين قررت أن تبحث عن الصليب وأرسل إليها ابنها مبالغ طائلة وعددا كبيرا من الجنود ليساعدوها فى عمليات البحث والتنقيب، واستطاعت أن تحدد موقع صلب المسيح أعلى جبل «الجلجثة»، وعثرت على 3 صلبان ووقعت هذه الملكة فى حيرة بينها ولم تتمكن من تحديد الصليب الحقيقى، والصدفة قادتهم نحو الحقيقة عندما عبر موكب يحمل جثمان أحد أهالى المنطقة، فقررت أن تضع فوقه الصليب الأول ولم يحدث شىء ثم وضعت الصليب الثانى وكان مثل ما قبله، ثم جاءت آثار البركة حين وضعت الصليب الثالث فقام صاحب الجثمان من بين الأموات وتأكدت الملكة هيلانة وجنودها أنه هو الصليب المنشود الذى حمل السيد المسيح وشهد آلامه، فأخذته بإكرام.

ويستطرد كاهن الكنيسة القصة التاريخية عن لحظات العثور على صليب المسيح، حيث أقيمت الاحتفالات بأمر من الملك قسطنطين واستمرت 3 أيام وهى المدة التى تستمر فيها الكنيسة بالاحتفال بعيد الصليب، ويقول القس إسطفانوس إن هذا العيد يوافق ظهور علامة الصليب المجيد للإمبراطور قسطنطين الكبير وهو يحارب عام 312م، وفى ظُهر هذا اليوم وجد الإمبراطور وجنوده علامة الصليب المجيد مضيئة أقوى من ضوء الشمس وتحته كلمات «بهذا تغلب»، وفعلاً مكّنته هذه الرسالة الإلهية من أن يتشجع وينتصر فى الحرب، وترتبط هذه الواقعة بذكرى استعادة خشبة الصليب فى عصر الإمبراطور هرقل من الفرس، بعد نحو 14 عاما من أخذه، لذلك تحتفل الكنيسة بكل هذه التذكارات.

ينظر الأقباط إلى الصليب كرمز يحمل الكثير من المعانى الروحية وعلامة الغلبة والافتخار الشاهد على انتصار السيد المسيح على الموت وتخليصه للبشرية من عصور الظلام المريرة عبر التاريخ.

وتحتفل الكنيسة بهذا العيد لمدة 3 أيام متواصلة، وكغيرها من المناسبات الروحية التى لها طقوس قبطية خاصة ومن الأعياد السيدية.

طقوس الكنيسة الأرثوذكسية فى عيد الصليب

ويكشف كاهن كنيسة مارجرجس طقوس صلوات الأقباط خلال العيد، قائلاً: «الكنيسة القبطية الأرثوكسية تصلى في عيد الصليب بطقس يسمى «الشعانينى» وهذا يُصلَّى به فى أعياد الصليب وأحد الشعانين فقط وهو طقس مرتبط بهذه المناسبات فقط، وخلالها تقال ألحان خاصة مثل «أرباع الناقوس والذكصولوجيات» وغيرها خاصة أعياد الصليب وكلمات تعبر عن قوة الصليب فى حياة المسيحيين وبعد ذلك تُقام فى باكر طقوس تعرف بـ«دورة الصليب» ويُقرأ خلالها 12 إنجيلاً على التوالى ويكون الإنجيل الأول أمام الهيكل الكبير والثانى يقال أمام أيقونة العذراء مريم، والثالث أمام الملاك غبريال المبشر، والرابع أمام أيقونة الملاك ميخائيل رئيس الملائكة، والخامس أمام أيقونة مارمرقس الإنجيلى المبشر فى مصر، والسادس أمام أيقونة الرسل تلاميذ السيد المسيح، والسابع أمام أيقونة الشهيد مارجرجس أو أى شهيد، والثامن أمام أيقونة القديس الأنبا أنطونيوس أب الرهبان، والتاسع أمام باب الكنيسة البحرى، والعاشر أمام اللقان فى وسط الجزء الأخير من الكنيسة، والحادى عشر أمام باب الكنيسة القبلى، أما الأخير وهو الثانى عشر يكون أمام أيقونة القديس يوحنا المعمدان، وفى كل إنجيل تكون هناك كلمات ومعانٍ خاصة بصاحب الأيقونة التى تقرأ أمامها».

ويستكمل الكاهن حديثه عن كيف كانت احتفالات هذا العيد قديماً، وهو مثل ما كان يحدث فى السابق، أن يجتمع بطاركة الكنائس ومعم الآباء الأساقفة والكهنة والشمامسة فى وجود الشعب ويقوموا بعمل زفة للصليب داخل الهيكل والكنيسة ويقولوا ألحانا تخص الصليب مثل لحن «فاى إيطاف انف»، حسب ما ورد فى المصادر الكنسية.

وتحتفل الكنيسة فى هذا اليوم لأنه تاريخ احتفال البطاركة قديماً بهذه المناسبة وقد يكون تاريخ العثور على الصليب عن طريق الملكة هيلانة وتاريخ ظهور علامة الصليب للملك قسطنطين فى أحد حروبه.

ويقول القس إنه لا يوجد مصدر مؤكد لسبب تخصيص مدة الاحتفال «3 أيام»، ولكن قد يكون الاحتفال فى هذه المناسبة 3 أيام كما كان قديماً فى عهد الملكة هيلانة والملك قسطنطين، أو كما صنعه بطاركة الكنائس أو يمكن أن يكون كإشارة للثالوث «الآب والابن والروح القدس».

ويُجيب عن سؤال إذا كان هناك اختلاف بين الأعياد الكنيسية وعيد الصليب، بأن كل مناسبة فى الكنيسة القبطية يكون لها طابع خاص على سبيل المثال هناك أعياد تصلى فيها بالطقس الفرايحى، وخلال أسبوع الآلام يصلى فيها بالطقس الحزاينى، وباقى أيام السنة بالطقس السنوى، وخلال شهر كيهك الخاص بالعذراء مريم يصلى بالطقس الكيهكى، وفي أعياد الصليب وأحد الشعانين يصلى بالطقس الشعانينى، وهكذا فكل عيد داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية له طابع خاص يظهر فى ألحانه وقراءاته الخاصة بالموضوع وينطبق ذلك على عيد الصليب من خلال قراءاته الخاصة بالصليب وألحانه بالطقس الشعانينى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كفر الشيخ عيد الصليب العذراء مريم الکنیسة القبطیة هذه المناسبة أمام أیقونة عید الصلیب هذا العید

إقرأ أيضاً:

الأغاني الرمضانية.. أيقونة الفرح وذكريات الأجيال وإرث موسيقي خالد

لطالما كانت الأغاني الرمضانية جزءًا أساسيًا من استقبال شهر رمضان في مصر والعالم العربي، حيث عبرت عن فرحة الناس بقدوم الشهر الفضيل، وأصبحت علامات مميزة تستعيدها الأجيال مع كل موسم رمضاني. 

 ساهمت تلك الأغاني في شهرة العديد من نجوم الغناء، وظلت راسخة في وجدان الجمهور حتى اليوم.

"رمضان جانا"

لا يكتمل استقبال رمضان دون الاستماع إلى رائعة الفنان محمد عبد المطلب "رمضان جانا". ورغم ارتباطها باسمه، إلا أن الأغنية كانت في الأصل مخصصة للفنان أحمد عبد القادر، الذي كان يستعد أيضًا لغناء "وحوي يا وحوي".

وبسبب قواعد الإذاعة المصرية، التي منعت تقديم أغنيتين لرمضان بصوت مطرب واحد في العام نفسه، قرر عبد القادر التنازل عن "رمضان جانا" لعبد المطلب مقابل ستة جنيهات فقط.

وهكذا، تحولت الأغنية إلى واحدة من أهم الأغاني الرمضانية التي لا تزال تتردد في كل بيت عربي مع قدوم الشهر الكريم.

يا بركة رمضان خليكي في الدار

"يا بركة رمضان خليكي في الدار" لم تكن مجرد كلمات أغنية، بل دعاء اعتادت سيدات الريف ترديده احتفالًا بقدوم رمضان. لاحظ الفنان محمد رشدي هذا المشهد اليومي وتأثر به، لينقل الفكرة إلى صديقه المؤلف حسن الشهاوي، الذي صاغها في كلمات أغنية، وقام حسين فوزي بتلحينها. وبالفعل، خرجت الأغنية للنور، وأصبحت واحدة من أبرز الأعمال التي عبرت عن أجواء الشهر الفضيل.

"وحوي يا وحوي"

يعد الفنان أحمد عبد القادر من الأسماء التي تركت بصمة واضحة في الغناء الرمضاني، خاصة من خلال أغنيته الشهيرة "وحوي يا وحوي". كانت هذه الأغنية، التي كتبها حسن المانسترلي ولحنها أحمد الشريف، بمثابة بوابة الشهرة لعبد القادر، حيث ارتبطت بشكل وثيق بأجواء رمضان.


ورغم النجاح الكبير الذي حققته، إلا أن تكلفتها لم تتجاوز 125 جنيهًا، شاملة أجر الفنان وجميع المشاركين في إنتاجها، لكنها أصبحت واحدة من أهم أيقونات الشهر الفضيل.

هاتو الفوانيس يا ولاد

كان للموسيقى الرمضانية بعد آخر مع الفنانين محمد فوزي وعبد العزيز محمود، حيث قدم كل منهما أعمالًا مميزة للأطفال والكبار على حد سواء.

اشتهر فوزي بغنائه للأطفال، واستغل ذلك في أغنيته "هاتو الفوانيس يا ولاد"، التي قدمها برفقة مجموعة من الصغار، وعندما لاقت نجاحًا واسعًا، قرر إهداءها إلى الإذاعة المصرية بلا مقابل، دعمًا لمكتبتها الموسيقية.

أما عبد العزيز محمود، فقد قدم أغنية "مرحب شهر الصوم", التي غناها في أحد أفلامه، وعندما لاقت صدى واسعًا بين الجمهور، قرر التبرع بها للإذاعة المصرية أيضًا، ليبقى صوته حاضرًا كل عام مع قدوم الشهر الكريم.

مقالات مشابهة

  • الأغاني الرمضانية.. أيقونة الفرح وذكريات الأجيال وإرث موسيقي خالد
  • 10 أرقام تاريخية لمحمد صلاح بعد تألقه أمام مانشستر سيتي
  • أيقونةُ كلّ بني الإنسان.. تشييعٌ للبقاء
  • مقسم لثلاث مراحل.. تعرف على نظام الصوم الكبير في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
  • بن شرقي يدخل ضمن قائمة تاريخية تضم 9 لاعبين فقط على مدار التاريخ
  • جاب العيد
  • عون أمام الوفد الأميركي برئاسة جاكسون: الاستقرار في الجنوب يتطلب انسحاب الاسرائيليين وإعادة الأسرى
  • تاريخ الصوم الكبير في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. يبدأ بعد غد
  • الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة أمام الكنيسة في لبنان منها النزوح السوري
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد الاحتفال برسامة شيوخ وشمامسة جدد بالكنيسة الإنجيلية بإدفو