مبادرة إيقاد مقابل بعثة جنيف: هل من خيط مشترك

فؤاد عثمان عبدالرحمن

 

في ظل الازمة المتفاقمة التي يواجهها السودان التي بلغت الحلقوم منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل العام الماضي، يعاني بلدنا من وضع انساني كارثي غير مسبوق، يتحمل المدنيون فيه العبء الاكبر من الانتهاكات الجسيمة، وتواجه البلاد ازمة تشكل تحديا كبيرا للامن الاقليمي والدولي.

ذلك يثير تساؤلات فاحصة حول سعي المجتمع الاقليمي والدولي لمساندة السودان في تجاوز هذه المحنة، وحول كبح جماح الانتهاكات التي يمارسها الطرفان المتحاربان وحلفاؤهما المسلحون.

برزت عدة مبادرات هدفت لانهاء النزاع وحماية المدنيين، وفي مقدمة تلك المبادرات مبادرة ايقاد وتوصيات بعثة تقصي الحقائق والتي شكلت بواسطة مجلس حقوق الانسان بجنيف. مما يطرح تساؤلا جوهريا: هل هناك خيط مشترك يربط بين هاتين المبادرتين؟ وما دور السودانيين في تحديد مسار الحل؟.

المبادرة الاقليمية: إيقاد ورؤية الاستقرار

طرحت ايقاد مبادرة اسمتها (مقاربة مختلفة) في يوليو 2023، التي تهدف لانهاء الأعمال العدائية.

تضمن هذا الطرح حينها خيار نشر قوات الاحتياط الشرق افريقية (إيساف) التي اسست عام 2004، من خلال هذه الخيار، كانت ايقاد تأمل في توفير الحماية اللازمة للمدنيين وفتح ممرات انسانية امنة لتسهيل الوصول للمتضررين من الحرب.

إيساف تأسست العام 2004 بقرار من الاتحاد الافريقي عبر مجلس الأمن والسلم التابع له بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة شرق أفريقيا وفقا لما ذكر في تفويضها عند التأسيس، وتتألف من عناصر عسكرية وشرطية ومدنية، وتضم عشرة دول هي:

السودان، كينيا، اوغندا، رواندا، جيبوتي، اثيوبيا، سيشل، الصومال، جزر القمر، وبورندي. وتضم جنوب السودان بصفة مراقب.

وكان التدخل الابرز لها في دولتي الصومال 2011، وجنوب السودان 2014.

ونشر تلك القوات يتطلب الحصول على موافقة الحكومة المستضيفة، ويعتبر ذلك ضروريا لضمان دعم العملية وتحقيق الاهداف، وتستمد تفويضها من الاتحاد الافريقي أو بالتنسيق مع مؤسسات الامم المتحدة.

استندت خطوات الحل حينها عبر المبادرة على 6 محاور شملت:

1/ وقف دائم لاطلاق النار وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.

2/ إخراج قوات طرفي القتال لمراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.

3/ نشر قوات افريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة.

4/ معالجة الاوضاع الانسانية السيئة الناجمة عن الحرب.

5/ إشراك قوات الشرطة والامن في عملية تامين المرافق العامة.

6/ البدء في عملية سياسية لتسوية الازمة بشكل نهائي.

قوبلت المبادرة برفض قاطع من الجيش عبر مساعد قائده العام ياسر العطا الذي اتهم كينيا الرئيسة حينها للجنة الرباعية بعدم الحياد وستقابل كقوات معتدية حال دخولها.

في حين رحبت القوى المدنية المشاركة باجتماع اديس ابابا بالمبادرة بوصفها فرصة لايجاد حل للازمة.

ذلك ابرز الانقسامات العميقة في الساحة السودانية.

في حين فسر البعض الأمر حينها على انه انعكاس لارادة اقليمية تتصدى لتحديات مشتركة.

بعثة جنيف: إستجابة حقوقية شاملة

أتت بعثة جنيف لتقصي الحقائق كما دبج عند تأسيسها كاستجابة للازمة الإنسانية والحقوقية الطاحنة والمتعاظمة وباهظة الكلفة بالسودان.

وجاء قرار تشكلها بواسطة مجلس حقوق الانسان بجنيف في أكتوبر 2023. وتمحورت مهامها حول التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وتوثيق الجرائم المرتكبة خلال النزاع.

حددت ولاية البعثة لفترة أولية مدتها عام، وقدمت تقريرها خلال اجتماع الدورة 57 سبتمبر 2024، وتضمن التقرير توصيات عديدة، وعدت الابرز دعوة البعثة لنشر قوات مستقلة لتوفير الحماية للمدنيين، مما فسره الحقوقيون بانه إنعكاس لالتزام المجتمع الدولي بمبدأ المساءلة.

هذه المبادرة لا تهدف فقط الي توثيق الانتهاكات بل تمثل دعوة للتعاون بين الاطراف الفاعلة ، بما في ذلك إيقاد والاتحاد الافريقي وفقا لماطلب منها _ أي اللجنة _ في بداية اعلان تشكيلها، وذلك بعقد حوارات تفاعلية معززة ، تشمل جملة أمور وجهات من ضمنها المؤسستين الاقليميتين.

وتسعى تلك التوصيات لتعزيز آلية حماية المدنيين، وتقديم الدعم للجهود الإنسانية.

إن الربط بين هذه التوصيات ومبادرة إيقاد يظهر إمكانية تحقيق نقطة تلاق بين الجهود الاقليمية والدولية، مما يتطلب حوارا شاملا ومفتوحا بين جميع الاطراف المعنية وهو ما ذكر سابقا بإجراء الحوارات التفاعلية المعززة.

إذا استطاعت الاطراف المعنية بما في ذلك القوى المدنية واطراف القتال الوصول لتوافق سياسي، فإن هذا قد يفتح الباب لتكامل بين خيارات إيقاد العسكرية وتوصيات بعثة جنيف. تلك الديناميات تشير إلى امكانية تشكيل قوة هجينة تجمع بين العناصر الاقليمية والدولية وهو ماقد يعزز فرص حماية المدنيين ويشكل خطوة نحو تحقيق الأمن المستدام، ولكن يبقى السؤال الجوهري، هل ستقبل حكومة الأمر الواقع ببورتسودان بذلك؟

قرائن الاحوال ومواقف الجيش المتعنتة تجاه أي بادرة تفاوض لاتقول ذلك مالم يتقدم عسكريا وفقا لمناصريه ومستشاريه ومحلليه، ولكن يظل الأمل معقودا، وهنا تكمن الارادة الحقيقية في إيدي السودانيين الذين يجب أن يكونوا هم القوة المحركة لايقاف الحرب واستدامة السلام، ومحاصرة داعمي استمرار الحرب واقناعهم بان الحلول المستدامة تتطلب إلتزاما حقيقيا من جميع الاطراف وينبغي أن تكون هناك ارادة حقيقية لتجاوز المصالح الضيقة والعمل من أجل المصلحة العامة.

ختاما تتطلب الازمة السودانية تنسيقا فعالا بين المبادرات الاقليمية والدولية ، ولكن يبقي الحل الاهم بايدي السودانيين لاغيرهم.

 

الوسومبعثة تقصي الحقائق حرب السودان مبادرة ايقاد

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بعثة تقصي الحقائق حرب السودان

إقرأ أيضاً:

التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم

قام بروفيسور محمد حسن دهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي يرافقه عدد من قيادات الوزارة بزيارة إلى ولايتي كسلا والقضارف للوقوف ميدانياً على وضع الجامعات في الولايتين والتأكد من استمرارية الدراسة وتنفيذ المشروعات المستقبلية،

وبدأت الزيارة بولاية القضارف، حيث اجتمع الوزير بالإدارة العليا لجامعة القضارف بحضور والي الولاية الفريق ركن محمد أحمد حسن أحمد وعدد من اعضاء لجنة أمن الولاية ومدير الجامعة بروفيسور ابتسام الطيب الجاك وعدد من المسؤولين المحليين.

وخلال اللقاء، اطمأن الوزير على سير الدراسة وخطط الجامعة المستقبلية، مشيداً بدور حكومة الولاية في دعم الجامعة ومساندتها لمواصلة الدراسة وتنفيذ مشروعاتها التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية للجامعة، وأكد الوزير أن زيارته تأتي للتأكد من أن الجامعة تعمل بكفاءة عالية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، مؤكدًا على أهمية التعاون بين الجامعة والحكومة لتحقيق الاستقرار الأكاديمي والتطوير المستمر.

وأكمل الوزير زيارته إلى ولاية كسلا، حيث وصل إلى مطار كسلا برفقة عدد من مديري الإدارات العليا بالوزارة وكان في استقباله نائب والي الولاية، عمر عثمان آدم، ومدير جامعة كسلا بروفيسور أماني عبد المعروف بشير، ووزير التربية والتعليم بالولاية، ماهر الحسين، إضافة إلى عدد من أعضاء هيئة التدريس والعمداء بالجامعة.

واستهل الوزير زيارته بعقد اجتماع مع لجنة عمداء الجامعة وخلال الاجتماع، تم التأكيد على استقرار الجامعة وإسهاماتها في تعزيز التعليم العالي في المنطقة، كما تم تسليط الضوء على أهمية إرسال رسائل إيجابية إلى المجتمع المحلي والدولي، تؤكد أن السودان قادر على مواصلة نشاطه الأكاديمي والبحثي رغم الحرب.

هذا وتأتي هذه الزيارات في إطار الجهود المستمرة لدعم التعليم العالي والبحث العلمي والتأكيد على أن السودان لا يزال يسعى للارتقاء والتقدم رغم التحديات.

وفي اجتماعه بمديري ومنسقي الجامعات والكليات الأهلية والخاصة المستضافة بجامعة كسلا، أكد بروفيسور دهب حرص وزارته على مستقبل الطلاب، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأشاد بالجهود المبذولة من قِبَلْ إدارات هذه الجامعات والكليات في تهيئة البيئة الدراسية وتحقيق الاستقرار الأكاديمي مؤكداً أن الجامعات والكليات المستضافة والتي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان لن يفتح لها باب القبول العام القادم.

سونا  

مقالات مشابهة

  • التأكيد على استثناء الجامعات والكليات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان من القبول القادم
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة
  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • بعد 20 شهراً من الحرب.. هل يتعرض السودان للتقسيم؟
  • الحارث: عملية سياسية شاملة تبدأ بعد وقف الحرب
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • مقترح لتشكيل فريق تنسيق فني مشترك يمثل الجهات العسكرية والأمنية المعنية بأمن الحدود الليبية
  • واشنطن تعيد تقييم مزاعم الإمارات حول عدم تسليح الدعم السريع
  • رغم تأكيد الإمارات.. واشنطن تعيد تقييم مزاعم أبو ظبي حول عدم تسليح الدعم السريع