مبادرة إيقاد مقابل بعثة جنيف: هل من خيط مشترك
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
مبادرة إيقاد مقابل بعثة جنيف: هل من خيط مشترك
فؤاد عثمان عبدالرحمن
في ظل الازمة المتفاقمة التي يواجهها السودان التي بلغت الحلقوم منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل العام الماضي، يعاني بلدنا من وضع انساني كارثي غير مسبوق، يتحمل المدنيون فيه العبء الاكبر من الانتهاكات الجسيمة، وتواجه البلاد ازمة تشكل تحديا كبيرا للامن الاقليمي والدولي.
ذلك يثير تساؤلات فاحصة حول سعي المجتمع الاقليمي والدولي لمساندة السودان في تجاوز هذه المحنة، وحول كبح جماح الانتهاكات التي يمارسها الطرفان المتحاربان وحلفاؤهما المسلحون.
برزت عدة مبادرات هدفت لانهاء النزاع وحماية المدنيين، وفي مقدمة تلك المبادرات مبادرة ايقاد وتوصيات بعثة تقصي الحقائق والتي شكلت بواسطة مجلس حقوق الانسان بجنيف. مما يطرح تساؤلا جوهريا: هل هناك خيط مشترك يربط بين هاتين المبادرتين؟ وما دور السودانيين في تحديد مسار الحل؟.
المبادرة الاقليمية: إيقاد ورؤية الاستقرار
طرحت ايقاد مبادرة اسمتها (مقاربة مختلفة) في يوليو 2023، التي تهدف لانهاء الأعمال العدائية.
تضمن هذا الطرح حينها خيار نشر قوات الاحتياط الشرق افريقية (إيساف) التي اسست عام 2004، من خلال هذه الخيار، كانت ايقاد تأمل في توفير الحماية اللازمة للمدنيين وفتح ممرات انسانية امنة لتسهيل الوصول للمتضررين من الحرب.
إيساف تأسست العام 2004 بقرار من الاتحاد الافريقي عبر مجلس الأمن والسلم التابع له بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة شرق أفريقيا وفقا لما ذكر في تفويضها عند التأسيس، وتتألف من عناصر عسكرية وشرطية ومدنية، وتضم عشرة دول هي:
السودان، كينيا، اوغندا، رواندا، جيبوتي، اثيوبيا، سيشل، الصومال، جزر القمر، وبورندي. وتضم جنوب السودان بصفة مراقب.
وكان التدخل الابرز لها في دولتي الصومال 2011، وجنوب السودان 2014.
ونشر تلك القوات يتطلب الحصول على موافقة الحكومة المستضيفة، ويعتبر ذلك ضروريا لضمان دعم العملية وتحقيق الاهداف، وتستمد تفويضها من الاتحاد الافريقي أو بالتنسيق مع مؤسسات الامم المتحدة.
استندت خطوات الحل حينها عبر المبادرة على 6 محاور شملت:
1/ وقف دائم لاطلاق النار وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
2/ إخراج قوات طرفي القتال لمراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.
3/ نشر قوات افريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة.
4/ معالجة الاوضاع الانسانية السيئة الناجمة عن الحرب.
5/ إشراك قوات الشرطة والامن في عملية تامين المرافق العامة.
6/ البدء في عملية سياسية لتسوية الازمة بشكل نهائي.
قوبلت المبادرة برفض قاطع من الجيش عبر مساعد قائده العام ياسر العطا الذي اتهم كينيا الرئيسة حينها للجنة الرباعية بعدم الحياد وستقابل كقوات معتدية حال دخولها.
في حين رحبت القوى المدنية المشاركة باجتماع اديس ابابا بالمبادرة بوصفها فرصة لايجاد حل للازمة.
ذلك ابرز الانقسامات العميقة في الساحة السودانية.
في حين فسر البعض الأمر حينها على انه انعكاس لارادة اقليمية تتصدى لتحديات مشتركة.
بعثة جنيف: إستجابة حقوقية شاملة
أتت بعثة جنيف لتقصي الحقائق كما دبج عند تأسيسها كاستجابة للازمة الإنسانية والحقوقية الطاحنة والمتعاظمة وباهظة الكلفة بالسودان.
وجاء قرار تشكلها بواسطة مجلس حقوق الانسان بجنيف في أكتوبر 2023. وتمحورت مهامها حول التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وتوثيق الجرائم المرتكبة خلال النزاع.
حددت ولاية البعثة لفترة أولية مدتها عام، وقدمت تقريرها خلال اجتماع الدورة 57 سبتمبر 2024، وتضمن التقرير توصيات عديدة، وعدت الابرز دعوة البعثة لنشر قوات مستقلة لتوفير الحماية للمدنيين، مما فسره الحقوقيون بانه إنعكاس لالتزام المجتمع الدولي بمبدأ المساءلة.
هذه المبادرة لا تهدف فقط الي توثيق الانتهاكات بل تمثل دعوة للتعاون بين الاطراف الفاعلة ، بما في ذلك إيقاد والاتحاد الافريقي وفقا لماطلب منها _ أي اللجنة _ في بداية اعلان تشكيلها، وذلك بعقد حوارات تفاعلية معززة ، تشمل جملة أمور وجهات من ضمنها المؤسستين الاقليميتين.
وتسعى تلك التوصيات لتعزيز آلية حماية المدنيين، وتقديم الدعم للجهود الإنسانية.
إن الربط بين هذه التوصيات ومبادرة إيقاد يظهر إمكانية تحقيق نقطة تلاق بين الجهود الاقليمية والدولية، مما يتطلب حوارا شاملا ومفتوحا بين جميع الاطراف المعنية وهو ما ذكر سابقا بإجراء الحوارات التفاعلية المعززة.
إذا استطاعت الاطراف المعنية بما في ذلك القوى المدنية واطراف القتال الوصول لتوافق سياسي، فإن هذا قد يفتح الباب لتكامل بين خيارات إيقاد العسكرية وتوصيات بعثة جنيف. تلك الديناميات تشير إلى امكانية تشكيل قوة هجينة تجمع بين العناصر الاقليمية والدولية وهو ماقد يعزز فرص حماية المدنيين ويشكل خطوة نحو تحقيق الأمن المستدام، ولكن يبقى السؤال الجوهري، هل ستقبل حكومة الأمر الواقع ببورتسودان بذلك؟
قرائن الاحوال ومواقف الجيش المتعنتة تجاه أي بادرة تفاوض لاتقول ذلك مالم يتقدم عسكريا وفقا لمناصريه ومستشاريه ومحلليه، ولكن يظل الأمل معقودا، وهنا تكمن الارادة الحقيقية في إيدي السودانيين الذين يجب أن يكونوا هم القوة المحركة لايقاف الحرب واستدامة السلام، ومحاصرة داعمي استمرار الحرب واقناعهم بان الحلول المستدامة تتطلب إلتزاما حقيقيا من جميع الاطراف وينبغي أن تكون هناك ارادة حقيقية لتجاوز المصالح الضيقة والعمل من أجل المصلحة العامة.
ختاما تتطلب الازمة السودانية تنسيقا فعالا بين المبادرات الاقليمية والدولية ، ولكن يبقي الحل الاهم بايدي السودانيين لاغيرهم.
الوسومبعثة تقصي الحقائق حرب السودان مبادرة ايقاد
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: بعثة تقصي الحقائق حرب السودان
إقرأ أيضاً:
السودان.. مشاهد مروعة من زمزم بعد مداهمة قوات الدعم السريع
(CNN)-- أشعل مقاتلون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية النار في مساحات شاسعة من مخيم زمزم، أكبر مخيم للاجئين في البلاد، وأطلقوا النار بشكل عشوائي على المدنيين، وفقًا لبيانات مفتوحة المصدر ورواية شاهد عيان.
وقُتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص وأصيب 40 آخرون في الهجمات التي بدأت، الثلاثاء، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود، التي تدير أحد مرافق الرعاية الصحية الأخيرة المتبقية في مخيم زمزم، الذي يستضيف ما يقرب من نصف مليون نازح يعانون من المجاعة، وقد تم إحراق ما يقرب من 50٪ من سوق زمزم المركزي في الهجمات، وفقًا لتقرير جديد صادر عن جامعة ييل .
وكانت منطقة زمزم، التي كانت في السابق ملجأ للمدنيين الفارين من العنف في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والبلدات المجاورة، تتعرض لإطلاق النار منذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول، وفقاً لمختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل الذي يراقب الصراع، ومنظمة أطباء بلا حدود، وتقول مجموعة الإغاثة الطبية إن القصف المدفعي العشوائي أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من السكان منذ ذلك الحين.
وتخوض قوات الدعم السريع ومنافستها، القوات المسلحة السودانية، حربًا أهلية وحشية منذ أبريل 2023، ومنذ ذلك الحين، تقوم قوات الدعم السريع بحملة للاستيلاء على الفاشر – آخر معقل متبقي للقوات المسلحة السودانية في المنطقة – على بعد 15 كيلومترًا شمال زمزم، ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي يبدو أن مقاتلي قوات الدعم السريع يدخلون المخيم.
وقامت CNN بمراجعة شهادات شهود العيان، والبيانات مفتوحة المصدر، وتحدثت مع المجموعات الإنسانية العاملة محليًا لتسليط الضوء على هجمات قوات الدعم السريع المتتالية على زمزم.