تقرير: حسن إسحق

مع استمرار تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان، ترسم محنة آلاف اللاجئين السودانيين في تشاد، صورة قاتمة وسط تدهور الأوضاع. يواجه اللاجئون نقصا غير مسبوق في الغذاء وانهيارا في القطاع الصحي. وقد أصدر قادة المخيمات المحلية نداءات عاجلة للحصول على المساعدة من المنظمات الدولية، ولكن صرخاتهم لم تلق آذانا صاغية.



في تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في أواخر شهر يونيو 2024، بعنوان ’’ في مواجهة الحزن والجوع، يأمل السودانيون في تشاد الا ينساهم العالم ‘‘، أكدت المفوضية أكثر من 600,000 لاجئ سوداني جديد في تشاد، مع استمرار تدفق اللاجئين كل يوم، مشيرة إلى أن الوكالات الإنسانية التي تعاني من نقص التمويل تكافح من أجل تقديم المساعدة الكافية.

وتعتبر مخيمات اللاجئين تذكير مأساوي بتأثير الصراع المستمر في السودان، وقد أدى غياب المساعدة من المنظمات الدولية إلى تفاقم حالة سكان المخيم مع تزايد سوء التغذية والمرض، وقد أدت طبيعة الأزمة الإنسانية إلى تساؤلات حول التزام المجتمع الدولي بمعالجة هذه الحالة الطارئة والآثار الأوسع نطاقا على العدالة الجنائية الدولية وإمكانية محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والصراع الذي أدى إلى تشريد هؤلاء الناس.
في مخيم تولوم بشرق تشاد، يواجه أكثر من 8,000 لاجئ سوداني ظروفًا إنسانية قاسية، مع زيادة قدرها 3,000 لاجئ عن العام الماضي.
يعاني اللاجئون من نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية، ورغم المناشدات المستمرة من قادة المخيم، لم تصل أي مساعدات دولية منذ فبراير الماضي. هذا الوضع يعكس التحديات المتزايدة التي يواجهها اللاجئون، حيث لم تقدم المنظمات الإنسانية أي دعم ملموس رغم الحاجة الملحة، بحسب تصريحات ممثلي اللاجئين.
كما يأوي المخيم 18 ألف لاجئ جديد فروا بسبب الحرب الأخيرة في أبريل، بالإضافة إلى لاجئين قدامى منذ عام 2003 نتيجة النزاع في دارفور. يعاني اللاجئون أيضًا من نقص المياه الصالحة للشرب وسوء المعاملة من مشرفي المخيم، مطالبين بتوزيع الغذاء وتوفير المأوى.

تصريحات قادة اللاجئين وطلب الدعم النفسي
أكد أدم أحمد محمد، ممثل اللاجئين الجدد، في مخيم تولوم، أن غياب المساعدات الدولية أدى إلى تفاقم الأزمة اليومية، حيث ازدادت حالات سوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال، وتدهورت الحالة الصحية بسبب نقص الأدوية.
من جانبها، ناشدت خديجة يعقوب (إسم مستعار) لاجئة من معسكر تولوم، الجهات الإنسانية ومنظمات الأمم المتحدة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للاجئين، خاصة للنساء اللواتي عانين من تجارب قاسية نتيجة الحرب. أكدت خديجة على ضرورة تقديم العلاج النفسي في هذه المرحلة الحرجة، مشيرة إلى أن الفظائع التي ارتكبتها المليشيات في دارفور خلّفت جروحًا نفسية عميقة تحتاج إلى معالجة.

الأوضاع الصحية والخدمات المحدودة
الأوضاع الصحية في المخيم آخذة في التدهور، حيث يعاني اللاجئون من نقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية، مع انتشار الأمراض الناتجة عن تلوث المياه وسوء التغذية. ووفق تقارير، يتم استخدام عربة بدائية تُعرف بـ"الكارو" لنقل النساء الحوامل والمرضى إلى مستشفى يبعد كيلومترين، ولكن هذا الحل المؤقت يفتقر لمعايير السلامة ويعرض حياة النساء الحوامل للخطر. بالإضافة إلى ذلك، تزداد الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي مع استمرار تدهور الوضع.

المقارنة بين مخيم تولوم والمخيمات الأخرى
مخيم تولوم يعاني من ظروف إنسانية متدهورة مقارنة بالمخيمات الأخرى في تشاد، حيث لم تتلقَ أي مساعدات دولية منذ فبراير، في حين أن بعض المخيمات الأخرى قد تلقت مساعدات محدودة. ومع ذلك، يشترك الجميع في مواجهة تحديات نقص التمويل والتدهور الصحي.

زيارة منظمة الصحة العالمية
في سبتمبر 2024، زار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تشاد، حيث التقى بالرئيس محمد إدريس ديبي لمناقشة التعاون الصحي ودعم اللاجئين. خلال الزيارة، تم الإعلان عن تبرع بقيمة 1.87 مليون دولار من الأدوية لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
وعلى الرغم من ذلك، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن استمرار الحرب في السودان يهدد بإحداث أزمة جوع عالمية كبرى، حيث نزح أكثر من نصف مليون لاجئ إلى تشاد.
ومن جانبه، شدد الرئيس ديبي على أهمية هذه الزيارة، مؤكدًا أنها تأتي في وقت حرج للاطلاع على الأوضاع الصعبة التي يمر بها اللاجئون السودانيون، خصوصًا من الناحية الطبية والإنسانية، في ظل التحديات التي تواجههم في شرق تشاد.
وفي وقت سابق من هذا العام، أوضحت الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية في السودان تحتاج إلى تمويل يصل إلى 4.1 مليار دولار، بما في ذلك 1.4 مليار دولار لدعم اللاجئين في تشاد ودول الجوار. إلا أن نقص التمويل يعوق الجهود الإنسانية، مما يزيد من تفاقم الوضع في مخيمات مثل تولوم. كما انخفضت أيضًا المساعدات المقدمة لآلاف الأسر في معسكرات أخرى مثل حجر جديد، مما أدى إلى زيادة الاحتياجات الأساسية.

الوضع الأمني المتدهور
إلى جانب التحديات الصحية، يعاني اللاجئون في مخيم تولوم من انعدام الأمن. حيث تعرض قادة المجتمع المحلي للتهديدات والاعتداءات المسلحة، مما زاد من حدة الضغوط على اللاجئين وجعل الوضع أكثر خطورة.
أثارت هذه الأزمة تساؤلات حول مدى التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق اللاجئين وتقديم الدعم اللازم لهم. يطالب اللاجئون في مخيم تولوم بمحاسبة الأطراف المسؤولة عن الحرب في السودان، والعمل على إيجاد حلول عاجلة لتخفيف معاناتهم الإنسانية.

ishaghassan13@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان فی تشاد من نقص

إقرأ أيضاً:

"الرعاية الصحية" تحضر لمؤتمر "الاستثمار في القطاع الصحي" فبراير المقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور علاء عبد المجيد، رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية، أن الغرفة بدأت في التحضير لمؤتمر يجمع أعضاء الغرفة والمسئولين تحت عنوان "الاستثمار في القطاع الصحي"  لمناقشة فرص الاستثمار، وأوجه التعاون بين القطاع الخاص والمنظمات الحكومية المختلفة من أجل تشجيع الاستثمار.

وكشف عبد المجيد، أن غرفة مقدمي الرعاية الصحية بدأت تتواصل مع بعض المسئولين عن الاستثمار والصحة في مصر لحضور المؤتمر الذي سيتم عقده في فبراير المقبل.
جاءت تصريحات رئيس الغرفة خلال اجتماع مجلس إدارة الغرفة والذي ضم كلا من الدكتور  خالد سمير عضو مجلس الإدارة ووكيل الغرفة للشؤون المالية والإدارية، والدكتورة غادة الجنزوري عضو مجلس الإدارة، ووكيل غرفة، كما حضر عدد من أعضاء مجلس الإدارة الإجتماع وعلى رأسهم الدكتور أحمد عز الدين، والدكتور هاني حافظ، والدكتور شريف، مصطفى الأسمر، والدكتور أحمد جمال الماضي أبو العزايم، والدكتور هشام ماجد، والدكتور أيمن هاني، والدكتور محمد لطفي.

وأشار  عبد المجيد، إلى دخول مجموعة جديدة  من المحافظات  في منظومة  التأمين الصحي الشامل في المرحلة المقبلة.

وأوضح علاء عبد المجيد في تصريحات صحفية له اليوم ،أن منظومة التأمين الصحي الشامل التي أطلقها رئيس الجمهورية تُعد أضخم مشروع شهدته المنظومة الصحية في مصر مشيرا إلى أن المنظومة ستتيح التغطية الصحية الشاملة لجميع المصريين، وستضمن التوزيع العادل والمساواة بينهم،مشيرا إلى أن  الدولة تدعم نظام التأمين الصحي الشامل، لتحقيق مؤشرات هادفة، وهو تحسين الصحة العامة 2030 وفقًا لخطة التنمية المستدامة.

وأكد الدكتور علاء عبد المجيد، أهمية رفع كفاءة الخدمات للقطاع الخاص الصناعي بمصر  من خلال ميكنة اتحاد الصناعات وربط الغرف الصناعية بعضها ببعض، لتسهيل الفرص الاستثمارية وتبادل المعرفة بين كافة القطاعات.

وأوضح أنه سيتم من خلال التحول الرقمي تسهيل الاشتراك في الغرفة، وكذلك دفع الاشتراكات والخدمات التي تقدمها الغرفة لأعضاء الجمعية العمومية لها بطرق مميكنة، وخاصة الأعضاء من خارج مدينة القاهرة، الذين يتحملون أعباء السفر بكافة أشكاله .

كما شدد الدكتور علاء عبد المجيد، علي أن الدورات التدريبية التي تقدمها الغرفة مستمرة علي مدار العام، مشيرًا إلى أنها  تستهدف كافة العاملين بالقطاع الصحي لتنمية المهارات سواء كان بالنسبة للجودة أو مكافحة العدوى، وكذلك النواحي  المالية والحوكمة، وذلك لرفع كفاءة الخدمات الصحية بصفة عامة، وتحسين جودة الخدمات الطبية، وتعزيز كفاءة العاملين في القطاع الصحي.

مقالات مشابهة

  • انجلينا جولي مع اللاجئين السودانيين في تشاد
  • رئيس هيئة الرعاية الصحية: استثمارات سوق الدواء العالمي تتجاوز 1.5 تريليون دولار
  • "الرعاية الصحية" تحضر لمؤتمر "الاستثمار في القطاع الصحي" فبراير المقبل
  • أمين التعاون الخليجي: جهود مكثفة لحل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
  • تقرير أممي: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي على النساء والفتيات
  • المجلس النرويجي للاجئين: التصعيد في لبنان يدفع الأزمة الإنسانية إلى مستويات مقلقة
  • أستاذ أمراض دم: مصر تتبنى نهجًا جديدًا في الرعاية الصحية للأطفال
  • اللاجئون السودانيون في مصر.. صعوبات تعرقل تسجيل أطفالهم بالمدارس
  • رئيس مجلس القيادة اليمني: ندعو العالم للتدخل لحل الأزمة الإنسانية بصنعاء