موقع النيلين:
2024-09-29@11:31:54 GMT

البرهان و”الملكية الوطنية للحلول” للحرب

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

في حين ينعقد الاجتماع الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة يجد السودان أمره معلقاً بالمنظمة كما لم يحدث من قبل على أنه زبون قديم لها منذ التسعينيات. فجرب من قبل أن يكون بعض أهله في دارفور مثلاً تحت حماية الأمم المتحدة. ولكن لم يسبق للعالم أن اتفق له وجوب تجييش قوة لحفظ السلام لحماية جملة المدنيين فيه كما أوصت لجنة تقصي الحقائق عن حربه التي استمع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتقريرها خلال السادس من سبتمبر (أيلول) الجاري.

كما لم يسبق للسودان أن كان إطعام غالب شعبه وإيواؤهم بيد المنظمة. فاضطرت الحرب الدائرة في جنباته إلى مغادرة الملايين من أهله بلداتهم بما وصف بـ”النزوح الأكبر عالمياً”، ووصفت المجاعة التي جاءت بأثر هذه الزعازع بـ”أنها الأسوأ في العالم لـ40 عاماً خلت”.
وليس من الفأل الحسن أن ينعقد أكثر أمرك على منظمة اتفق كثر على أنها ليست على ما يرام في يومنا.
ويكفي أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو من كاد ينعاها للعالم في مقابلة كئيبة مع فريد زكريا خلال الأسبوع قبل الماضي. فلم يجد ما يقوله لفريد الذي عدد له سلبية المنظمة حيال الحرب في أوكرانيا وغزة سوى بوجوب التمسك لا يزال بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في التعايش السلمي. وخلص إلى أن المنظمة عاجزة وتحتاج بعد 79 عاماً من قيامها إلى الأخذ بالمستجدات في العالم بقوة من مثل التغيير المناخي والذكاء الاصطناعي والإفلات من العقاب. وبهذا تتناغم مع عالم مختلف وصفه بـ”المألوف الفوضوي الجديد”.
ولآخرين آراء موزونة عن المنظمة. فهم متفقون على أنها على مفترق الطرق ولكنها، على خلاف سابقتها عصبة الأمم، صمدت للحادثات وسجلت نجاحات عديدة كأكبر مؤسسة للتعاون الدولي، غير أنها الآن محاصرة مع ذلك بتحديات جمة من ضعف تمويلها، وتفاقم بيروقراطيتها، والشقاق بين الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن. وتضعف جميعاً من فعاليتها. وقال أحدهم من حسن الظن بها أن الناس يتكلمون عن شلل الأمم المتحدة ولكنهم لو رجعوا لأعوام الحرب الباردة لوجدوها غشيتها فترات تعطل عمل مجلس الأمن فيها تقريباً بالكلية للخصومة الأميركية السوفياتية. فلم يُمرر في مجلس الأمن سوى قرار واحد عام 1959، وكان استخدام “الفيتو” هو الهواية المفضلة. وأضاف، أقله أن مجلس الأمن لا يزال يجتمع إلى يومنا مهما قلنا عنه، ولا تزال منظمات الأمم المتحدة للغوث حجة لا يعلى عليها في أن المنظمة قامت لتبقى.
واتصل بحال الأمم المتحدة المشفق ضربة لازب، نقاش حول دور الولايات المتحدة الأميركية فيها بوصفها سادن النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية الذي كانت الأمم المتحدة عنوانه الأكبر. وجاء الرئيس جو بايدن في كلمته بالأمم المتحدة بمجاز صالح لتوصيف منزلة بلده في هذا النظام العالمي. فاسترجع أبيات مشهورة من قصيدة “الرجعى” للشاعر ويليام ييتس:
الأشياء تتداعى
ولم يعد المركز يقوى على لملمتها
والعنان مطلق للفوضى لتجتاح العالم
وجاء بها بايدن بحق الأمم المتحدة. فقال إننا على رغم الفوضى الضاربة أفضل حالاً بالأمم المتحدة مما كنا بعد الحرب العالمية الأولى حين اندلقت الفوضى على مصراعيها على العالم.
ولكن هناك من رأى في كتابات حفلت بها “فورين بوليسي” أن أميركا قطب النظام العالمي الجديد عاجزة عن لملمة الأشياء من حولها. وبلغ بكاتب أن سألها أن تعيد صياغة خطاب التزامها الدولي. فقال إنه طالما كانت أميركا تخرق القوانين الدولية للدفاع عن العالم الحر، وإسرائيل داخلة في التعريف، صح أن تروج لمهمتها لا بحماية النظام العالمي ذي الشرائع بل لحماية عالمها الحر. وزاد بقوله إن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يقول إن بلاده تقف مع عالم مبني على قوانين لا الشكوى الخام، وهي فكرة جاذبة. ولكن الأصل في الامتثال للقانون ألا يفرق، فبلينكن نفسه من قال للكونغرس إن إدارته ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية إذا ما صدرت تهم منها بحق بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل. وكان المنتظر حسب قول الكاتب أن تقف أميركا إلى جانب المحكمة وهي تنهض بواجبها في تطبيق القانون الدولي، ولكن يسوء أميركا بالطبع أن توجه تهم الإبادة الجماعية لزعيم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، في زعمها.
ويضيف الكاتب أن أميركا كانت صريحة خلال الحرب الباردة في أنها خرجت للدفاع عن العالم الحر ولم تحتج للاعتذار عن ذلك.
على ما يبدو من ارتهان أمان السودان وإيواء أهله بالأمم المتحدة، إلا أن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق عبدالفتاح البرهان جاء في كلمته أمام الأمم المتحدة (الـ26 من سبتمبر الجاري) بنهج سيكيف ذلك الارتهان بوجه كريم ومنتج. فدعا إلى ما سماه “الملكية الوطنية للحلول السودان ” للحرب في وكررها مرات أربع. وأراد بالمفهوم أن خلاص السودان مما هو فيه رهين بالإرادة السياسة السودانية. وهي الإرادة التي تؤمن بها الأمم المتحدة نفسها فعالية حلولها للمسألة السودانية ونجاحها. وصدر البرهان في دعوته هذه عن حسن ظن السودانيين بعزيمتهم في النهوض بأمرهم كما لا يحسنه غيرهم، فلم يستسلموا للديكتاتورية في تاريخهم منذ الاستقلال وأسقطوا نظماً لها ثلاث بنضال مدني فادح، وكان آخرها نظام الإنقاذ للإسلاميين الذي استعصى على المجتمع الدولي والذي حاول إسقاطه بالجزرة تارة وبالعصا تارة أخرى، وسقط في توقيته الوطني وبإرادة وطنية.
ولاستصحاب الملكية السودانية للحلول صح أن يكيف المجتمع الدولي مساعيه بما يمكن لها من التنزل على الأزمة برداً وسلاماً.
وأول تكييف لمساعي المجتمع الدولي هو في التصالح مع حقيقة الحفاظ على الدولة السودانية ومؤسساتها، فلسنا ليومنا في حال مزايدة عليها أو استبدالها بليل، وسبقت البلدان العربية الأعرف بالسودان إلى هذه المصالحة. وكان هذا موقف مصر من الحرب منذ يومها الأول، وما فتئت تعيده لمن ألقى السمع. وصدعت به سفيرة قطر لدى الأمم المتحدة في كلمتها بالجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الـ26 من سبتمبر الجاري. وجاء التعبير الأميز له في قرارات مجلس التعاون الخليجي الأخير في قولهم بـ”أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية ومنع انهيارها”.
ويعني هذا بغير لبس توطين القوات المسلحة في الحرب كطرف شرعي من جهة أنها مؤسسة للدولة الوطنية لا يجوز انهيارها. ويترتب على هذا أن يتخلص العالم من نظرية “الجنرالين” عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو اللذين يوصفا بأنهما يخوضان حرباً للحكم سكرى بالشوكة. ولن يعفي هذا بالطبع القوات المسلحة من أن تتقيد بقانون الحرب الإنساني غير أنه يجعل انتهاكاتها “مؤسفة” كما تجري العبارة في حين تقع انتهاكات ’الدعم السريع‘ في نطاق الإرهاب.
ولما لم يتفق للمجتمع الدولي الشرعية في الحرب الدائرة ساوى بين عنف الطرفين مساواة اعتقل بها نفسه دون تنفيذ قرارات اتخذها لوقف تصعيد الحرب والانتهاكات ضد المدنيين، ولنأخذ مواقف المجتمع الدولي من المعارك الدائرة حول الفاشر بين القوات المسلحة وحلفائها في القوات المشتركة من حركات دارفور المسلحة و’الدعم السريع‘. فلم يتحرك مجلس الأمن قيد أنملة لتنفيذ قراره 2736 خلال الـ13 من يونيو الماضي الذي دعا فيه “الدعم السريع” إلى وقف حصار المدينة وخفض التصعيد، وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين. ومما قاله مندوب بريطانيا في المجلس أن “الهجوم على الفاشر سيكون كارثياً لمليون ونصف المليون ممن نزحوا إليها فارين بجلدهم”. وقال مندوب سويسرا إن القرار يبعث برسالة لا لبس فيها لـ”الدعم السريع” لإنهاء حصارها للفاشر.
وكانت أميركا أول من حذر من الهجوم على الفاشر على لسان المندوبة الدائمة لأميركا لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، فناشدت “حميدتي” والقوى المتحالفة مع الجيش والجيش ألا يصعدوا الحرب. وقالت خلال الـ24 من أبريل الماضي إنها منزعجة لأخبار الهجوم الوشيك على الفاشر من قوات “الدعم السريع”. وخيرت واشنطن “الدعم السريع” بين أمرين هما أن يواصل ما هو فيه فيكبد الناس الزعازع في مجازفة بتفكك دولتهم، أو وقف الهجوم. ودعت في الـ11 من سبتمبر الجاري إلى وقف إطلاق النار على الفاشر التي أخذ “الدعم السريع” في مهاجمتها منذ أبريل الماضي، رأفة بملايين من الخلق الأبرياء. ووصفت المندوبة الدائمة لأميركا لدى الأمم المتحدة توماس غرينفيلد الفاشر بأنها على شفا حفرة من مجزرة. وطلبت من “الدعم السريع” رفع الحصار عنها أو أن العواقب ستكون وخيمة على المسؤولين عن الهجوم على الفاشر. واكتفت أميركا بتوقيع عقوبة على قياديين على رأس قوات “الدعم السريع” التي تهاجم المدينة بوضعهما في القائمة السوداء.
ولم يمتثل “الدعم السريع” لهذا الإلحاف الدولي إلى يومنا وظل بمنجاة من العقوبة: ثغاء كثير ولا صوف كما يقولون. وبدا أن صيغة “حرب الجنرالين” هي طريق الهرب من التزام المجتمع الدولي أخذ أي منهما بالشدة. فكان آخر ما جاء عن الرئيس بايدن عن السودان مراوغة بين الجنرالين. فأكد أن “هجمات ’الدعم السريع‘ تلحق أضراراً بصورة غير متناسبة بالمدنيين”، ودعا الجيش في وقت واحد إلى “وقف القصف العشوائي الذي يدمر حياة المدنيين والبنية التحتية”. وكأن هذه العبارات القوية للجنرالين في طلب السلامة لأهل الفاشر لـ”العلم” فحسب ولا عواقب لها. وهذا باب في تداعي الأشياء وعجز المركز في لملمتها. وبدا أن المخرج لبلد مثل السودان أن يظل يتمسك بـ”الملكية الوطنية للحلول”.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المجتمع الدولی النظام العالمی للأمم المتحدة الأمم المتحدة الدعم السریع مجلس الأمن على الفاشر من سبتمبر

إقرأ أيضاً:

نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

الأمين العام للأمم المتحدة السادة أصحاب الفخامة الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات السيدات والسادة الحضور جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخاطبكم اليوم بإسم شعب وحكومة السودان وبدءاً يسعدني أن أهنئي السيد رئيس الدورة الحالية وفريقه متمنياً لهم التوفيق في ظل تزايد مهددات الأمن والسلم الدوليين هذه المهددات التي وضعت منظمتنا على المحك وتضررت مبادئ الحرية والسلام والعدالة وأُنتهك القانون الدولي . إذ أن السودان يُؤمن ويدعم دور الأمم المتحدة ويدعم المبادرات الراعية لإصلاح وتطوير عمل أجهزتها وخاصة مجلس الأمن لترسيخ التُعددية والأمن الجماعي وصيانة حقوق الإنسان ومواجهة تحديات التغير المناخي والإرهاب المحفز عرقياً وأيدولوجياً .الحضــور الســـادة والسيــــدات يرحب السودان بموضوع الدورة (الوحدة في التنوع لتعزيز السلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية ) كما يرحب بالأولويات التي حملتها رؤية رئيس الدورة الحالية . أيضاً يُؤمن على ضرورة تنفيذ مخرجات قمة المستقبل خاصة ما يلي إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليتمكن من وضع حد للأزمات وإستمرارها مما يهدد السلام الدولي والتوافق بين الأمم والشعوب. الحضــــور الكريــــــم إن تنامي التصرفات الإنفرادية خارج نطاق الأمم المتحدة بما يتنافى مع الميثاق والقانون الدولي وإستخدام وسائل وآليات الإكراه السياسي والإقتصادي لتحقيق أهداف سياسية تساهم بشكل رئيسي في زعزعة الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي وإشعال الحروب كما أن الإنتقائية وإزدواجية المعايير باتت السمة الغالبة في العلاقات الدولية .السيــــــد الرئيــــــــس لعلكم تدركون حجم التحديات والتآمر الذي يتعرض له بلدي السودان جراء حرب شنتها مجموعة تمردت على الدولة بدعم سياسي ولوجستي محلي وإقليمي وتابعتم حجم الجرائم والفظائع والإنتهاكات التي إرتكبتها تلك المجموعة المتمردة ضد الشعب السوداني وكيان الدولة السودانية حيث بدأت هذه الحرب بمحاولة للإستيلاء على السلطة بقوة السلاح وسرعان ما تغيرت إلى حرب شاملة ضد الشعب السوداني ودولته وأستحقت من خلال ما رصد لها من جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري وإبادة جماعيه إرتكبتها مليشيا الدعم السريع أن تُصنف كجماعة إرهابية فهي تمارس جميع هذه الجرائم بإستمرار وبكل أسف تجد الدعم والمساندة من دول في الإقليم تمدهم بالمال والمرتزقه لتحقيق مكاسب سياسية وإقتصادية في تحدي صارخ للقانون والإرادة الدولية . إن جرائم هذه المجموعة الإرهابية طالت حتى مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات ومنقولاتها حتى الأمم المتحدة لم تسلم مقارها ومنقولاتها وظلت هذه المجموعة الإرهابية المملوكة لآل دقلو تتحدى القوانين والإلتزمات الدولية دون الإكتراث من العواقب و ما رفضهم لمقررات إعلان جدة ورفضهم لقرارات مجلس الأمن بحظر توريد السلاح إلى دارفور وإستمرارهم في التطهير العرقي في دارفور وآخر تحدي لهذه القرارات واضح في عدم الإمتثال للقرار الخاص بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور . السيــد الرئيـــس أنا أتساءل هنا لماذا لم تتخذ المنظومة الدولية إجراءً حاسماً ورادعاً حيال هذه المجموعة ومن يقف خلفها رغم كل ما ذكرت وشاهد العالم من إرتكاب لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ورفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية هذا الأمر يعزز ما ذكرته من ضرورة إصلاح مجلس الأمن حتى لا تصبح إزدواجية المعايير والإفلات من العقاب والمساءلة سمة من سمات هذه المنظمة .الســـادة والسيـــــدات هذا العدوان المدمر الذي تقوده مليشيا الدعم السريع مسنودة بدول في إقليمنا وفرت لهم الدعم المالي وسهلت لهم تجنيد وترحيل المرتزقة والسلاح مماتسبب في قتل عشرات الألاف وتهجير ملايين السودانيين من مواطنهم حيث أنهم يهربون من كل مكان تذهب إليه هذه المجموعات الإجرامية ويلجأون إلى مناطق الحكومة وأماكن سيطرة القوات المسلحة حيث يعيش ملايين السودانيين الأن في أمان ، إن إستمرار الهجمات الممنهجة التي تقوم بها هذه المليشيا يزيد يومياً من معاناه مواطنينا في كل مكان لذلك سعينا مبكراً لإيجاد الحلول حيث كان إعلان جدة في مايو 2023م كافي لوقف الحرب وعودة الحياة لكن القوى السياسية والإقليمية الداعمة لهذه الحرب كانت ترى غير ذلك وأدى ذلك إلى الوضع الذي نعيشه اليوم وفي سبيل تخفيف ورفع المعاناة عن المواطنين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية فتحنا حدودنا ومطاراتنا وأزلنا كل القيود والإجراءات التي يمكن أن تُعطل دخول المساعدات إلى المحتاجين . السيــد الرئيــس الحضــور الكـــرام إن حكومة السودان ماضية بعزم في سياستها لتسهيل العمل الإنساني وحماية القوافل والطواقم الإنسانية والطبية وتؤكد إلتزامها التام بالقانون الدولي الإنساني وإجراءات حماية المدنيين الذي تقع على عاتقنا مسئولية حمايتهم حيث يتعرض النساء والأطفال في مناطق سيطرة المليشيا لكل أنواع الإنتهاكات ووصل الأمر أحياناً إلى بيعهم في الأسواق .إن الأزمة الإنسانية التي يعيشها جزء كبير من شعبنا الأن بسبب عدوان مليشيا دقلو تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات والإيفاء بالإلتزامات الدولية المعلنة في تقديم العون المطلوب واللازم لملايين الفارين والنازحين واللاجئين ومن جانبنا فعلنا وسنفعل كل ما من شأنه إيصال المساعدات إلى المحتاجين وفي هذا المقام لا بد أن نشكر كل دول الجوار التي إستقبلت الفارين واللاجئين والدول والمنظمات التي قدمت المساعدة للشعب السوداني وأذكر منها الأشقاء في مصر وقطر وتركيا وأرتريا والكويت وجنوب السودان وأخص بالشكر من المنظمات مركز الملك سلمان واليونسيف وبرنامج الغذاء العالمي .السيــد الرئيــس الحضـــور الكريـــم إننا أمام تحدي كبير وهذه المنظمة الأممية يجب أن تضطلع بمسئولياتها في حماية الدول النامية من أطماع الدول التي ما زالت تعتقد أنها ستتحكم في مقدرات الشعوب بما تملكه من قوة أو مال نقول لهم إن الشعوب إرادتها أقوى من كل ذلك وستنتصر إرادتها . إن كثير من الأزمات ومن ضمنها ما نعيشه اليوم في بلدي أسبابها ما ذكرت في مقدمة خطابي من إزدواجية المعايير والإكراه السياسي والإبتزاز الإقتصادي وعجزنا كمنظومة منوط بها حفظ الأمن والسلم الدوليين من ردع من يتحدى الإرادة الأممية .السيـــد الرئيـــس إن سوق المبادرات وتجيير وتوجيه مقترحات الحلول لخدمة جهات معينة أو لتلبية مصالح دول أصبحت هذه الأساليب غير مقبولة وليست ذات جدوى في دولنا النامية التي تكثر فيها النزاعات المفتعلة فالمكلية الوطنية للحلول هي الطريق الأمثل للمعجالة . إننا في السودان سعينا منذ بداية العدوان على الدولة في سبل وقف الحرب وإنهائها لتجنيب البلاد الدمار الذي تتعرض بسبب إعتداءات مليشيا دقلو أخوان على الشعب والبلاد لذلك إنخرطنا في كثير من المبادرات البناءة وما زال يحدونا أمل في مساعدتنا على إيقاف هذه الحرب بما يضمن كرامة الشعب وسيادة الدولة وعدم العودة مرة أخرى للحرب مع وجوب المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لذلك فإن خارطة إنهاء الحرب في السودان واضحة المعالم. فأولاً يجب أن تنتهي العمليات القتالية ولن يتم ذلك إلا بإنسحاب المليشيا المتمردة من المناطق التي إحتلتها وشّردت أهلها وتجميعهم في مناطق محددة وتجريدهم من السلاح ليتمكن المواطنين من العودة إلى مناطقهم حيث يسهل وصول المساعدات إليهم وتفتح الطرق والمطارات وتعمل وسائل الإنتاج . ثانياً يعقب ذلك عملية سياسية شاملة تعيد مسار الإنتقال السياسي الديمقراطي ووضع الحلول المستدامة بملكية وطنية تمنع تكرار الحروب والإنقلابات العسكرية .السيــد الرئيــس الحضــور الكـــرام هنا أؤكد أن القوات المسلحة السودانية وهي من أقدم مؤسسات الدولة وتعمل بمهنية تامة دون الإرتهان لأي كيان سياسي ملتزمة تماماً بعملية التحول الديمقراطي وحق الشعب السوداني في إختيار من يحكمه لذلك هي حريصة على الوفاء بإلتزامها الأول الذي ضربته بعد ثورة ديسمبر المجيدة في 2019م في تسليمها للسلطة لأي حكومة توافقية أو منتخبة ولن تسمح بعودة النظام السابق الذي رفضه الشعب إلى سدة الحكم وتؤكد إلتزامها بالمساهمة الإيجابية في تسهيل عملية الإنتقال إلى الحكم المدني ، كما نُجدد إلتزام الحكومة بالبحث عن السلام مع كل المجموعات التي لا زالت تحمل السلاح مع إلتزامنا بإكمال إتفاق سلام جوبا الموقع في 2020م. وفي ظل هذه الحرب ظلت القوات المسلحة ملتزمة بالقانون الدولي والإنساني وإتفاقيات وبروتوكلات جنيف وبذل أقصى الجهود لحماية المدنيين وتسهيل المساعدة في إيصال العون الإنساني لمختلف مناطق السودان وأقول لكم السيد الرئيس إننا في حكومة السودان مستعدون للإنخراط في أي مبادرة تنهي هذه الحرب متى ما كانت هذه المبادرة تدعم الملكية الوطنية للحل وتنهي إحتلال المليشيا المتمردة للمناطق المختلفة و بما يضمن كرامة الشعب وسيادة الدولة على أراضيها كخطوة أولى و ضرورية لإستعادة المسار الديمقراطي ولن يكون مقبولاً لحكومة وشعب السودان مشاركة أي دولة أو منظمة دعمت الحرب أو شاركت في قتل السودانيين وتشريدهم سواءً بالإمداد بالسلاح أو تسهيل عبوره أو قدمت الدعم السياسي أو أي من أنواع الدعم في ما يلي العدوان على الدولة السودانية وشعبها وهنا أؤكد أننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدون مهما وجدوا من دعم ومساندة . السيد الرئيس لزاماً أن نشكر الدول والمنظمات والمجموعات الحقوقية أو الطوعية التي وصفت ما يجري في السودان وصفاً صحيحاً وأُحي وأشُيد بمخرجات قمة المنامة وقمة البحيرات برواندا وإجتماع منظمة التعاون الإسلامي بياوندي حيث جميعها وصفت ما يجري بأنه تمرد من مليشيا على الدولة السودانية وأننا يا سيادة الرئيس نريد من هذه المنظمة الأممية حتى نكبح جماح الجماعات المسلحة ونردع أي محاولة في المستقبل يمكن أن تحدث في دول أخرى يجب علينا أن نُوصف تمرد مليشيا الدعم السريع وصفاً حقيقياً بأنها قوة مسلحة تمردت على الدولة وأرتكبت جرائم ترقى لتصنيفها كجماعة إرهابية وهذا من واجب هذه المنظمة. السيـــد الرئيـــــس قبل أن أختم حديثي نؤكد في حكومة السودان موقفنا الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ضمن حدود ال (67) والإنهاء الفوري للعدوان على غزة ونوصي بقبول عضوية فلسطين الكاملة في هذه المنظمة . ختاماً أجدد شكر شعب وحكومة السودان لكل من وقف إلى جانبه في هذه المحنة التي يتعرض لها فما زال الإحتياج لإستمرار المساعدات وتقديم الدعم لملايين المحتاجين مطلوب ولك الشكر والتقدير السيد الرئيس والحضور الكرام . وأقــول بأن إرادة الشعـب السودانــي ستنتصـروالسلام عليكم ورحمة الله.سوناإنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مقتل 18 في قصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة» .. السعودية قدمت 3 مليارات دولار والولايات المتحدة تطالب بـ«هدن إنسانية» في الفاشر
  • 18 قتيلا في هجوم للدعم السريع في الفاشر غرب السودان
  • خبير لـ “الحرة”: السودان على حافة الكارثة بعد الفشل الدولي
  • نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • «البرهان»: تورط الإمارات في تسليح قوات الدعم السريع «استعمار بوجه جديد»
  • رسالة مسجلة لحميدتي يرد على كلمة البرهان أمام الأمم المتحدة (نص الرسالة)
  • حميدتي مستعد لوقف إطلاق النار.. والبرهان يشترط إنهاء احتلال الدعم السريع
  • البرهان من على منبر الامم المتحدة يعلن خارطة إنهاء الحرب واحتلال الدعم السريع لأراضي السودان