علم الفيزياء يشرح القوة التدميرية الهائلة للقنابل الخارقة للتحصينات
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
عادة ما تعرف القنابل الخارقة للتحصينات بأنها تلك القنابل المصممة لاختراق الهياكل المحصنة والمخابئ تحت الأرض، مثل قنبلة "جي بي يو- 28" التي يمكنها اختراق ما يصل إلى أكثر قليلا من 30 مترا من الأرض أو 6 أمتار من الخرسانة.
طاقة حركية كبيرةتعمل هذه النوعية من القنابل اعتمادا على مبادئ الفيزياء البسيطة، فمن أجل أن يتمكن الجسم من تحقيق اختراق شديد يجب أن يبدأ بالحصول على طاقة حركية كبيرة.
والطاقة الحركية ليست إلا محصلة سرعة الجسم وكتلته، فهناك فارق -لا شك- في التأثير بين ذبابة تمضي باتجاه أحد الجدران بسرعة 60 كيلومترا في الساعة، وشاحنة تمضي بالسرعة نفسها ناحية الجدار نفسه، فلا ريب أن الشاحنة ستكون ذات تأثير أكبر في حال الاصطدام.
ولذلك فإنه لتحقيق أقصى قدر من الاختراق، تم تصميم القنابل الخارقة للتحصينات لتكون ثقيلة نسبيا وتتحرك بسرعات عالية، ولذلك فإن أوزان بعض الأنواع من هذه القنابل تتخطى الطن للقنبلة الواحدة، وتؤدي الكتلة والسرعة العاليتان إلى كمية هائلة من الطاقة الحركية، مما يساعد القنبلة على اختراق الأرض أو الهياكل الخرسانية بعمق قبل أن تنفجر.
إلى جانب ذلك، تستخدم بعض القنابل الخارقة للتحصينات، خاصة تلك المصممة للاختراق العميق، معززات صاروخية يتم تنشيطها أثناء مرحلة الهبوط النهائية إلى الهدف، لزيادة سرعتها إلى اقصى حد، وبالتبعية تحصل على أقصى قدر ممكن من الطاقة الحركية.
القنبلة الأمريكية "بي إل يو- 122" أثناء اختبارات الاختراق (ويكيميديا) آلية الاختراقوإلى جانب ذلك، يتم تصميم القنابل بغلاف خارجي طويل نسبيا ونحيف ومقوى، وغالبا ما يكون مصنوعا من مواد مثل الفولاذ عالي القوة أو التنغستن أو في بعض الحالات يورانيوم منضب (وهو ناتج ثانوي لتخصب اليورانيوم)، تمتلك هذه المواد من الكثافة والشدة ما يركز الطاقة الحركية في مساحة سطح صغيرة، وهو ما يرفع قدرتها على اختراق الخرسانة والأرض.
تفيد قوانين الفيزياء بأن تأثير الضغط يزيد جدا بانخفاض مساحة السطح، ولذا تجد مثلا أن المسمار الرفيع والمدبب يحتاج لقوة أقل لاختراق الخشب مقارنة بجسم غير مدبب أو رفيع له نفس الوزن، لأن المساحة الأصغر تزيد من الضغط.
كلما تم تركيز القوة في مساحة أقل، يزيد الضغط على نقطة التأثير، مما يسمح للقنبلة باختراق طبقات متعددة من الخرسانة المسلحة أو حتى الصخور، لهذا السبب تصنع صواريخ الفضاء بشكل مدبب، حتى تقلل من تأثير ضغط الهواء عليها أثناء الصعود للأعلى.
قنبلة خارقة للتحصينات (الجزيرة + رويترز) الديناميكا الهوائيةولضمان الحفاظ على مسار دقيق وسرعة عالية وزاوية تأثير مثالية عند ضرب هدف، فقد تم تصميم القنابل الخارقة للتحصينات لتكون مستقرة من ناحية الديناميكا الهوائية.
فعادة ما يكون لقنابل اختراق المخابئ أنف مدبب، مع شكل انسيابي، ونسبة طول إلى قطر عالية لتقليل الاضطرابات في أثناء التوجه إلى الهدف، مما يسمح للقنبلة بالوصول إلى هدفها بأقل انحراف عن مسار رحلتها المقصود.
كما أن القنابل الخارقة للتحصينات تكون عادة مجهزة بزعانف ذيل كبيرة نسبيا في الطرف الخلفي، تعمل هذه الزعانف بشكل مشابه للريش الموجود على السهم، حيث تحافظ على توجيه القنبلة بشكل صحيح وتمنع الدوران غير المرغوب فيه.
تولد الزعانف قوى ديناميكية هوائية تعاكس أي قوى جانبية تعمل على القنبلة، مما يساعد في الحفاظ على مسار طيران مستقيم ومستقر. وهذا يحافظ على محاذاة القنبلة مع مسار هدفها المقصود.
تصحيح المساروفي بعض الحالات، يتم استخدام زعانف تحكم إضافية على جسم الصاروخ لتزويد استقراره كما أنها تكون متحركة لضمان توجيه الصاروخ للهدف بدقة، وغالبا ما تتضمن القنابل الخارقة للتحصينات الحديثة أنظمة توجيه بالقصور الذاتي ونظام ملاحة عالمي لتحديد المواقع (جي بي إس) وتوجيه بالليزر، لا تصحح هذه الأنظمة أي انحرافات في المسار فحسب، بل تساعد في الحفاظ على الاتجاه الصحيح، يعد هذا التوجيه أمرا بالغ الأهمية، ليس فقط لأغراض الدقة، بل كذلك للحفاظ على استقرار القنبلة في الهواء وضبط زاوية السقوط لتكون قريبة من العمودية لتحقيق أقصى تأثير.
وعلى سبيل المثال، يختلف تأثير إلقاء سكين مدبب على قطعة خشب (كما يحدث في حالات عروض السيرك مثلا) باختلاف زاوية سقوط السكين على قطعة الخشب.
وإلى جانب ذلك، صمم مركز الثقل وتوزيع الوزن في القنبلة الخارقة للتحصينات بعناية لضمان الاستقرار في أثناء السقوط، حيث يميل مركز الثقل إلى أن يكون نحو مقدمة القنبلة، بينما يتم وضع الزعانف الثابتة في الخلف.
يضمن هذا التكوين عدم اهتزاز القنبلة أو انزلاقها في أثناء الهبوط، ويضمن كذلك الحفاظ على اتجاه الرأس لأسفل، وهو أمر بالغ الأهمية لاختراق دقيق وعميق عند الاصطدام.
قنبلة خارقة للتحصينات (رويترز) عمل متأخروتتمثل إحدى السمات الرئيسية لقنابل اختراق التحصينات في الفتيل الذي يعمل متأخرا، فبدلا من الانفجار عند التلامس مثل القنابل التقليدية، يتم برمجة القنبلة للانفجار فقط بعد أن تخترق القنبلة الهدف بعمق، وهذا يضمن إطلاق الطاقة المتفجرة داخل الهيكل، مما يزيد من الضرر.
يمنع التفجير المتأخر القنبلة من الانفجار قبل الأوان على السطح، مما قد يؤدي إلى تبديد الطاقة إلى الخارج بدلا من تركيزها على الجزء الداخلي من المخبأ.
وبمجرد اختراق القنبلة الهدف، فإنها تستخدم رأسا حربيا شديد الانفجار، مصنوعا عادة من مركبات قوية مثل "إتش إم إكس" أو "آر دي إكس"، يولد الانفجار موجة صدمة شديدة، مما يخلق ضغطا زائدا قويا وحرارة داخل المساحة الضيقة المستهدفة.
وبمجرد دخولها إلى المخبأ، يخلق الانفجار تأثير تفتت، حيث يتحطم الغلاف إلى شظايا معدنية عالية السرعة تلحق مزيدا من الضرر بالهياكل الداخلية والأفراد. ويضمن انتقال الطاقة من الانفجار إلى هذه الشظايا أنه حتى لو لم يدمر الانفجار الأساسي المخبأ بالكامل، فإن الشظايا عالية السرعة الناتجة وموجة الضغط الزائد ستسبب أضرارا كارثية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحفاظ على
إقرأ أيضاً:
دمار مرعب في بعلبك.. سكان الوادي اللبناني القديم يشكون من القنابل الإسرائيلية
كان الانفجار الناجم عن القنبلة الإسرائيلية التي سقطت بالقرب من مدخل أطلال بعلبك الرومانية يصم الآذان لدرجة أن أم حسين، التي كانت مختبئة في كنيسة قريبة، لا تزال تسمع رنينها في أذنيها بعد أيام من الانفجار.كانت الضربة قوية بما يكفي لتحطيم نوافذ جميع المباني في المنطقة، بينما تناثر زجاج حتى وصل أجساد أقاربها وجيرانها. قالت الأم الشابة لأربعة أطفال: "اعتقدت أننا سنموت جميعاً"، وترددت كلماتها في جميع أنحاء قاعة الكنيسة المظلمة حيث تعيش هي وعشرات آخرين منذ أن بدأت إسرائيل قصفها المكثف للبنان في أواخر أيلول.
وقالت أم حسين متحدثة لصحيفة "فايننشال تايمز"، وهي تنظر إلى كومة المراتب الرقيقة وممتلكات عائلتها القليلة المتناثرة في الزاوية هنا وهناك: "ربما كان الموت أفضل من العيش على هذا النحو".
أم حسين واحدة من بضعة آلاف من سكان بعلبك الذين بقوا على الرغم من الدعوات الإسرائيلية لإخلاء المدينة قبل أكثر من أسبوعين، عندما بدأ سلاح الجو في إرسال وابل من الضربات على المدينة القديمة.
وفي زيارة قامت بها مؤخراً إلى بعلبك والعديد من القرى المجاورة في البقاع، شهدت "فايننشال تايمز" الفوضى والدمار في كل زاوية، والطرق والقرى المليئة بالمباني المهدمة وأكوام من الأنقاض التي يصل ارتفاعها إلى الركبة، وقد فر السكان منذ فترة طويلة.
زارت الصحيفة مواقع عدة غارات جوية إسرائيلية في البقاع في رحلة يسرها حزب الله. وبينما كان موظفوها حاضرين في أجزاء من الزيارة، لم يرتبوا أو يشرفوا أو يشاركون في أي مقابلات، ولم يستعرضوا أي تقارير.
في بعلبك، وهي مدينة مأهولة بشكل مستمر منذ 11000 عام، السوق التاريخي فارغ، في حين أن معظم المتاجر والمقاهي والمطاعم مغلقة. لم يبق سوى حوالي 30% من سكان بعلبك الأصليين البالغ عددهم 100000 نسمة.
وقال علي العسيدي، صاحب محل حلويات يبلغ من العمر 52 عاماً: "الشوارع التي يعرف الناس فيها أن لحزب الله وجود أو مكتب.. تلك الشوارع فارغة".
وقال إن الذين بقوا ليس لديهم الوسائل ولا الشبكات الاجتماعية للذهاب إلى مكان آخر. "نحن نحتمي ونصلي من أجل البقاء عندما تكون هناك قنابل ونخرج من مخابئنا عندما يكون الجو هادئاً. ماذا عسانا أن نفعل؟".
وقد طغت وتيرة الهجمات التي لا هوادة فيها على العاملين في المجال الطبي، الذين قالوا إن غالبية الضحايا الذين عولجوا كانوا من الأطفال والنساء.
وقال مسؤولون محليون إنه في الأسابيع القليلة الأولى من الهجوم، كانت الغالبية العظمى من الأهداف هي البنية التحتية العسكرية لحزب الله والأسلحة. لكن منذ ذلك الحين، تحركت إسرائيل لاستهداف المناطق المدنية معظمها منازل ومجمعات سكنية. (24.ae)