الجماعات المسلّحة كابوس الشعوب
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
على الرغم من التباينات الأيديولوجية والتنظيمية بين الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية، إلا أن هناك رابطًا يجمع بينها يتمثّل في سلوكها النمطي الذي يقضي بتهميش مصالح الشعوب والتضحية بأمنهم وسلامتهم في سبيل حماية مصالح النخب القيادية. هذه الجماعات، بمختلف مسمياتها وشعاراتها، لا تتورّع عن تغليب أهدافها الذاتية على حساب حياة المدنيين، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتعقيد المشهد السياسي بشكل يصعب إصلاحه.
وغالبًا ما تدّعي هذه الجماعات الدفاع عن قضايا نبيلة، سواء كانت حماية فئة اجتماعية معينة أو تحقيق العدالة والمساواة، إلا أن الواقع يبتعد كثيرًا عن تلك الأهداف المعلنة. إنّ معظم الأدلة تُشير إلى أن هذه الجماعات، في نهاية المطاف، تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة، سواء أكانت تلك المصالح سياسية أم مادية، دون اعتبار للآثار الوخيمة التي تتركها على المجتمعات التي تدّعي حمايتها وتحقيق مطالبها. وكما أشار الفيلسوف ميشيل فوكو، "السلطة ليست مجرد هيمنة ظاهرة، بل هي لعبة معقّدة من التلاعب الخفي بالمجتمعات والأفراد". هذا التلاعب يتجلّى بوضوح في سلوك الجماعات المسلحة التي تُوظّف شعارات طنّانة لتحقيق أهداف ضيقة، فتجعل حماية سلطتها السياسية هدفًا أسمى على حساب أمن واستقرار الشعوب.
وفي هذا السياق، يُذكّرنا الباحث تشارلز تيلي في مؤلفه "الحرب وبناء الدولة" بأن الحروب ليست مجرد نزاعات مسلحة، بل هي كذلك عملية لإعادة تشكيل البنى السياسية والاجتماعية. وإننا لنرى هذا المبدأ متجسّدًا في النزاعات التي تخوضها هذه الجماعات، حيث يتم استغلال الحروب كأدوات لإعادة توزيع السلطة، بغض النظر عن الثمن الذي يُدفع من بنية المجتمع التحتية أو الأواصر الاجتماعية أو حتى أرواح الأبرياء.
إن أحد الملامح البارزة في سلوك هذه الجماعات المسلحة هو التجاهل الصارخ لحقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والأمن والكرامة. العنف، الذي يصبح أداةً لتحقيق أهداف سياسية، يُعيد تشكيل العلاقات الاجتماعية بطريقة تُؤجّج الانقسام وتزرع بذور الكراهية. إننا نرى هذا الواقع جليًا في المجتمعات التي تُعاني من سيطرة الجماعات المسلحة، حيث يصبح العنف اليومي جزءًا لا يتجزأ من حياة المدنيين.
غالبًا ما تتكوّن النخب السياسية والعسكرية للجماعات المسلحة من القادة أو من المتحكّمين في مواردها، فتفرض سياساتها التي تتّسم بالتضحية بمصالح الشعوب لأجل تعزيز قوتها. ووفقًا لعالم الاجتماع ماكس فيبر، فإن "السلطة في المجتمعات التقليدية تعتمد على تكريس الهياكل الهرمية التي تخدم الطبقات الحاكمة". وهذا التصور يوضح كيف تتبنى هذه الجماعات سياسات تستغل الشعوب لتحقيق مصالح النخبة، من خلال أساليب قمعية لا تتورّع عن استخدام المدنيين كدروع بشرية أو تهجيرهم قسرًا.
إن الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية تظل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام والاستقرار في مناطق النزاع، كما أن تجاهلها لمصالح الشعوب واستغلالها للنزاعات كأدوات لتحقيق مصالحها الضيقة يُعمّق الأزمات الإنسانية والسياسية على حد سواء. ورغم الشعارات البرّاقة التي ترفعها، فإن واقعها العملي يكشف عن أولوياتها الحقيقية: حماية مصالح النخب على حساب أرواح الأبرياء. ومن هنا، فإن أي محاولة جادة لتحقيق سلام مستدام في تلك المناطق تتطلب محاسبة هذه الجماعات على أفعالها وضمان حقوق الشعوب في الأمن والكرامة الإنسانية. والأهم من ذلك، ضرورة إبعادها بشكل كامل عن المشهد السياسي في المستقبل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله الجماعات المسلحة هذه الجماعات التی ت
إقرأ أيضاً:
استسلام إرهابي وتوقيف 8 من داعمي الجماعات الإرهابية بالجزائر
أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية اليوم, أن إرهابيًا سلم نفسه للسلطات العسكرية بولاية برج باجي مختار جنوبي الجزائر، فيما تمكنت قوات الجيش والأمن من توقيف ثمانية عناصر دعم للجماعات الإرهابية في عمليات متفرقة.
وأوضحت الوزارة في بيان بأن هذه العمليات النوعية تؤكد عزم قوات الجيش الجزائري على مواصلة جهود محاربة الإرهاب بلا هوادة حتى اجتثاثه جذوره من كامل ربوع الجزائر.
أخبار متعلقة استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف للاحتلال على سوق شمال غزةوزير الخارجية: قمة عربية إسلامية قريبًا لبحث الوضع في غزة ولبنان .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } استسلام إرهابي وتوقيف 8 من داعمي الجماعات الإرهابية بالجزائر - فيسبوك الدفاع الجزائرية
وأشار المصدر ذاته إلى القبض على 75 مهربًا و136 شخصًا كانوا ينقبون عن الذهب بطريقة غير قانونية جنوبي البلاد.
من جهة أخرى، أحبط حراس السواحل محاولات هجرة غير نظامية بسواحل الجزائر وأنقذوا 79 شخصًا أبحروا محاولين الوصول إلى الفضاء الأوروبي، فيما تم توقيف 536 مهاجرًا غير شرعي من جنسيات مختلفة عبر أنحاء متفرقة من البلاد.