موقع 24:
2025-01-31@08:53:13 GMT

الجماعات المسلّحة كابوس الشعوب

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

الجماعات المسلّحة كابوس الشعوب

على الرغم من التباينات الأيديولوجية والتنظيمية بين الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية، إلا أن هناك رابطًا يجمع بينها يتمثّل في سلوكها النمطي الذي يقضي بتهميش مصالح الشعوب والتضحية بأمنهم وسلامتهم في سبيل حماية مصالح النخب القيادية. هذه الجماعات، بمختلف مسمياتها وشعاراتها، لا تتورّع عن تغليب أهدافها الذاتية على حساب حياة المدنيين، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتعقيد المشهد السياسي بشكل يصعب إصلاحه.


وغالبًا ما تدّعي هذه الجماعات الدفاع عن قضايا نبيلة، سواء كانت حماية فئة اجتماعية معينة أو تحقيق العدالة والمساواة، إلا أن الواقع يبتعد كثيرًا عن تلك الأهداف المعلنة. إنّ معظم الأدلة تُشير إلى أن هذه الجماعات، في نهاية المطاف، تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة، سواء أكانت تلك المصالح سياسية أم مادية، دون اعتبار للآثار الوخيمة التي تتركها على المجتمعات التي تدّعي حمايتها وتحقيق مطالبها. وكما أشار الفيلسوف ميشيل فوكو، "السلطة ليست مجرد هيمنة ظاهرة، بل هي لعبة معقّدة من التلاعب الخفي بالمجتمعات والأفراد". هذا التلاعب يتجلّى بوضوح في سلوك الجماعات المسلحة التي تُوظّف شعارات طنّانة لتحقيق أهداف ضيقة، فتجعل حماية سلطتها السياسية هدفًا أسمى على حساب أمن واستقرار الشعوب.
وفي هذا السياق، يُذكّرنا الباحث تشارلز تيلي في مؤلفه "الحرب وبناء الدولة" بأن الحروب ليست مجرد نزاعات مسلحة، بل هي كذلك عملية لإعادة تشكيل البنى السياسية والاجتماعية. وإننا لنرى هذا المبدأ متجسّدًا في النزاعات التي تخوضها هذه الجماعات، حيث يتم استغلال الحروب كأدوات لإعادة توزيع السلطة، بغض النظر عن الثمن الذي يُدفع من بنية المجتمع التحتية أو الأواصر الاجتماعية أو حتى أرواح الأبرياء.
إن أحد الملامح البارزة في سلوك هذه الجماعات المسلحة هو التجاهل الصارخ لحقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والأمن والكرامة. العنف، الذي يصبح أداةً لتحقيق أهداف سياسية، يُعيد تشكيل العلاقات الاجتماعية بطريقة تُؤجّج الانقسام وتزرع بذور الكراهية. إننا نرى هذا الواقع جليًا في المجتمعات التي تُعاني من سيطرة الجماعات المسلحة، حيث يصبح العنف اليومي جزءًا لا يتجزأ من حياة المدنيين.
غالبًا ما تتكوّن النخب السياسية والعسكرية للجماعات المسلحة من القادة أو من المتحكّمين في مواردها، فتفرض سياساتها التي تتّسم بالتضحية بمصالح الشعوب لأجل تعزيز قوتها. ووفقًا لعالم الاجتماع ماكس فيبر، فإن "السلطة في المجتمعات التقليدية تعتمد على تكريس الهياكل الهرمية التي تخدم الطبقات الحاكمة". وهذا التصور يوضح كيف تتبنى هذه الجماعات سياسات تستغل الشعوب لتحقيق مصالح النخبة، من خلال أساليب قمعية لا تتورّع عن استخدام المدنيين كدروع بشرية أو تهجيرهم قسرًا.
إن الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية تظل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام والاستقرار في مناطق النزاع، كما أن تجاهلها لمصالح الشعوب واستغلالها للنزاعات كأدوات لتحقيق مصالحها الضيقة يُعمّق الأزمات الإنسانية والسياسية على حد سواء. ورغم الشعارات البرّاقة التي ترفعها، فإن واقعها العملي يكشف عن أولوياتها الحقيقية: حماية مصالح النخب على حساب أرواح الأبرياء. ومن هنا، فإن أي محاولة جادة لتحقيق سلام مستدام في تلك المناطق تتطلب محاسبة هذه الجماعات على أفعالها وضمان حقوق الشعوب في الأمن والكرامة الإنسانية. والأهم من ذلك، ضرورة إبعادها بشكل كامل عن المشهد السياسي في المستقبل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله حزب الله الجماعات المسلحة هذه الجماعات التی ت

إقرأ أيضاً:

توقيف أحد أخطر مروجي المخدرات والمشتبه به في جريمة قتل بالدار البيضاء

تمكنت مصالح الشرطة القضائية بمدينة الدار البيضاء، بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف شخص في الثلاثين من عمره، كان يشكل موضوع مذكرات بحث متعددة على الصعيد الوطني، بتهم تتعلق بالقتل العمد والاتجار في المخدرات، بما في ذلك “البوفا” والكوكايين، بالإضافة إلى حيازة الأقراص الطبية المخدرة.

وقد جرى توقيف المشتبه به، الذي كان يختبئ بمدينة الجديدة، إثر عملية أمنية نوعية بناءً على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني حول مكان وجوده. وتشير المعطيات الأولية إلى أن المشتبه فيه كان ناشطًا في مجال ترويج المخدرات بمنطقة “الخيايطة” بضواحي برشيد، وقد صدرت في حقه 49 مذكرة بحث، منها 46 مذكرة صادرة عن مصالح الدرك الملكي وثلاث مذكرات من الشرطة القضائية في منطقتي الرحمة والدار البيضاء، إضافة إلى ولاية أمن سطات.

كما أظهرت التحقيقات الأولية ارتباط المشتبه فيه بجريمة قتل عمد وقعت في الفترة بين 11 و12 يناير الجاري، إثر خلاف يتعلق بالاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية. وفي إطار البحث، تم العثور على مبالغ مالية كبيرة يشتبه في كونها من العائدات الإجرامية المتحصلة من الأنشطة غير القانونية.

وتم وضع المشتبه فيه تحت تدبير الحراسة النظرية بناءً على تعليمات النيابة العامة المختصة، حيث تواصل الأجهزة الأمنية التحقيق للكشف عن تفاصيل الجريمة، وتوقيف باقي المتورطين في الأنشطة الإجرامية المرتبطة بتجارة المخدرات.

مقالات مشابهة

  • مقاتلون أجانب تحوّلوا إلى الأعمال التجارية في سوريا
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا
  • جماعة التبليغ والدعوة
  • جثة متحللة تستنفر مصالح الأمن بسلا 
  • لفتيت: الجماعات الترابية تقوم بدور جبار ... وسنزيد من حصتها من TVA
  • استراتيجية اليهود في تدمير الطبقة المتوسطة
  • رئيس أركان قوات السُّلطان المسلّحة يستقبل مسؤولًا قطريًّا
  • فرنسا والدنمارك: الدفاع عن مصالح أوروبا ضد ترامب
  • 10 وفيات في الحوادث خلال 24 ساعة!
  • توقيف أحد أخطر مروجي المخدرات والمشتبه به في جريمة قتل بالدار البيضاء