تركز شركات التقنية الأمريكية والصينية على تصدر مشهد الذكاء الاصطناعي للحفاظ على مكانتها العالمية في هذا القطاع الحيوي، فيما تبرز دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الريادة عربياً في استقطاب هذه الشركات بهدف توطين التقنيات أو الاستثمارات حيث تمتلك الدولتان استراتيجيات ورؤى واضحة لتعظيم الاستفادة من القطاع.


وتتجه الشركات العالمية إلى تطوير شرائح وأجهزة كمبيوتر ودمج روبوتات الدردشة في خدماتها، في ظل المنافسة المحتدمة بين شركتي “جوجل” و”مايكروسوفت” و “أبل” و “ميتا” و”أمازون” و “ألفابيت” وغيرها لتطوير مسارات أعمال جديدة لأنشطتها في الذكاء الاصطناعي وتعزيز نفوذها بهذا القطاع وفقاً لورقة بحثية جديدة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي.
ويرتبط اهتمام شركات التكنولوجيا بتطبيقات الذكاء الاصطناعي بعدد من المحفزات الرئيسية أبرزها: وجود عدد لا يحصى من المنتجات التي يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي فيها، وهو ما يُفسِّر حجم الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات التكنولوجية الكبرى في هذا المجال.
استثمارات كبيرة
وترتبط استثمارات الشركات العالمية الكبرى في الذكاء الاصطناعي بترسيخ سمعتها التكنولوجية، والحصول على الأسبقية في المجال، فضلاً عن تخوفها من التعرض لخسائر مالية نظير تراجع آلة الابتكار لديها وبالتالي خسارتها المالية الكبيرة فيما أظهر تقرير لمجلة ”
ذي إيكونوميست” أن شركات “ألفابت، وأمازون، وآبل، وميتا، ومايكروسوفت ” قدر رصت نحو 400 مليار دولار للاستثمارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والبحث والتطوير خلال 2024.
وتوقّعت “غولدمان ساكس” وصول حجم الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي عالمياً إلى 200 مليار دولارٍ العام 2025، فيما توقعت “بلومبيرغ” بلوغ سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي 1.3 تريليون دولار العام 2032.
وضحت “جوجل” و”مايكروسوفت” بالإضافة إلى شركات صينية وعالمية أخرى استثمارات كبيرة بهدف الحصول على جزء من كعكة الذكاء الاصطناعي العالمية فيما اندمجت شركات تكنولوجية عملاقة مع أخرى ناشئة، بهدف الاستحواذ عليها أو بتمويلها للاستعانة بمنتجاتها؛ بمواجهة كبرى الشركات الصينية في هذا المجال.
وسعت شركة “جوجل” إلى تعزيز حضورها في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوت المستجيب للمحادثات الفورية “لامادا” (LaMDA) وروبوت الدردشة (Bard) وأداة جديدة لتحسين أداء متصفح الإنترنت “كروم”.
وضخت “مايكروسوفت” ما يتراوح بين 10 مليارات و20 مليار دولار في شركة “أوبن إيه آي” بهدف تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي من ناحية، ودمجه في منتجاتها.
وإلى بجانب طرح عدد من روبوتات الدردشة، تعكف “مايكروسوفت” على تحديث محركها البحثي “بينج” (Bing) ومتصفح الإنترنت “إيدج” (Edge) مع دعم كليهما بالذكاء الاصطناعي الذي يمكن من خلاله إدخال ميزات جديدة إلى بعض التطبيقات التي تُستخدم مع أنظمة “ويندوز” للحواسب، بجانب دمج تطبيق “تشات جي بي تي” ببعض تطبيقات “الأوفيس”.
وأعلنت شركة “ميتا” عن تطوير حاسوب عملاق يعمل بالذكاء الاصطناعي تحت اسم AI Research SuperCluster الذي قد يكون الأسرع عالمياً؛ كما أعلنت الشركة عن مؤسسة (PyTorch Foundation) لدفع الأبحاث في القطاع.
وأضحت “أبل” واحدة من أكثر الشركات الأمريكية التي استحوذت على شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي بهدف تطوير مساعدها (Siri) في منافسة شرسة مع “جوجل” و”مايكروسوفت”.
ومن بين صفقات شركة “أبل”، تبرز صفقة استحواذها على شركة (Inductiv) الناشئة للتعلم الآلي، وكذا شركة (Voysis) الناشئة لتكنولوجيا الصوت الأيرلندية، بالإضافة إلى متجر الكتب الرقمية “أبل بوكس”.
وأصدرت “أوراكل” تحديثاً جديداً لبعض خدماتها السحابية الخاصة بالأجهزة النقالة كي تتضمن قدرات معززة بالذكاء الاصطناعي.
تهديد الشركات الناشئة
وذكر مركز “إنترريجونال” أن كبريات الشركات التكنولوجية تتخوف من “معضلة الابتكار” التي تتجلى بوضوح في حالة شركة “جوجل” التي قد يهدد تطبيق “تشات جي بي تي” عرشها؛ فمن دون التطوير المستمر لتقنياتها وتوجيه مزيد من الاهتمام إلى الذكاء الاصطناعي، قد تتمكن بعض الشركات الناشئة أو الصاعدة (بمفردها أو بتمويل من شركات تكنولوجية رائدة) من تقديم ابتكارات جديدة تهدد عمالقة التكنولوجيا.
الصين منافس قوي
وقال مركز “إنترريجونال”: إن الصين على وجه الخصوص تكثف استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي والذي بات في قلب خططها التكنولوجية والاقتصادية الاستراتيجية ما يعني أن الشركات التكنولوجية الأمريكية لا تتنافس بعضها مع بعض فحسب، بل تُنافِس كبرى الشركات الصينية أيضاً.
ويأتي في مقدمة تلك الشركات، شركة “بايدو” (Baidu) عملاق البحث الصيني الذي كثَّف استثماراته في مجال السيارات الذاتية القيادة، كما أطلقت شركة “سينس تايم” (SenseTime) كاميرات مراقبة ذكية تتعقب حوادث المرور والسيارات المتوقفة بشكل غير قانوني.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی الذکاء الاصطناعی بالذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

كيف تمكنت ديب سيك من بناء الذكاء الاصطناعي الخاص بها بأموال أقل؟

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على كيفية نجاح شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة في بناء أحد أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي في العالم باستخدام عدد أقل بكثير من الرقائق الحاسوبية مقارنة بالشركات الكبرى.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن شركات الذكاء الاصطناعي عادة ما تقوم بتدريب روبوتات الدردشة الآلية الخاصة بها باستخدام أجهزة كمبيوتر عملاقة مزودة بـ16,000 شريحة متخصصة أو أكثر، لكن شركة "ديب سيك" قالت إنها تحتاج إلى حوالي 2,000 شريحة فقط.

وأوضح مهندسو الشركة بالتفصيل في ورقة بحثية؛ فقد استخدمت الشركة الناشئة العديد من الحيل التكنولوجية لتقليل تكلفة بناء نظامها؛ حيث احتاج مهندسوها إلى حوالي 6 ملايين دولار فقط من قوة الحوسبة الخام، أي ما يعادل عُشر ما أنفقته شركة ميتا في بناء أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.


كيف يتم بناء تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
وأوضحت الصحيفة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي الرائدة تعتمد على ما يسمى بالشبكات العصبية، وهي أنظمة رياضية تتعلم مهاراتها من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات.

وتقضي أقوى الأنظمة شهورًا في تحليل جميع النصوص الإنجليزية على الإنترنت، بالإضافة إلى العديد من الصور والأصوات والوسائط المتعددة الأخرى، مما يتطلب كميات هائلة من القدرة الحاسوبية.

 وقد أدرك باحثو الذكاء الاصطناعي منذ حوالي 15 سنة أن رقائق الكمبيوتر المتخصصة التي تسمى وحدات معالجة الرسومات تعد وسيلة فعالة للقيام بهذا النوع من تحليل البيانات، وقد صممت شركات مثل شركة إنفيديا هذه الرقائق لعرض رسومات ألعاب الفيديو على الكمبيوتر في الأصل، ولكن وحدات معالجة الرسومات كانت لديها القدرة أيضًا على تشغيل العمليات الحسابية التي تدعم الشبكات العصبية.

ومع قيام الشركات بتعبئة المزيد من وحدات معالجة الرسومات في مراكز بيانات الحواسيب الخاصة بها، أصبح بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل المزيد من البيانات.

ولكن أفضل وحدات معالجة الرسومات تكلف حوالي 40,000 دولار، وتحتاج إلى كميات هائلة من الكهرباء.

كيف تمكنت "ديب سيك" من خفض التكاليف؟
أشارت الصحيفة إلى أن أبرز ما فعلته الشركة هو اعتمادها على طريقة تسمى "خليط الخبراء".

وقد كانت الشركات سابقًا تنشئ شبكة عصبية واحدة تتعلم جميع الأنماط في جميع البيانات الموجودة على الإنترنت، وكان ذلك مكلفا لأنه يتطلب كميات هائلة من البيانات للتنقل بين رقاقات وحدة معالجة الرسومات.

ومن خلال طريقة "خليط الخبراء"، حاول الباحثون حل هذه المشكلة عن طريق تقسيم النظام إلى العديد من الشبكات العصبية، وهكذا يكون هناك 100 من هذه الأنظمة "الخبيرة" الأصغر حجمًا، ويمكن لكل منها التركيز على مجاله الخاص.

لقد عانت العديد من الشركات لتنفيذ هذه الطريقة، لكن شركة "ديب سيك" تمكنت من القيام بذلك بشكل جيد؛ حيث قامت بإقران تلك الأنظمة "الخبيرة" الأصغر حجمًا مع نظام "عام".

فقد كانت الأنظمة الخبيرة لا تزال بحاجة إلى تبادل بعض المعلومات مع بعضها البعض، وكان بإمكان النظام "العام" المساعدة في تنسيق هذه التفاعلات بينها.

وأضافت الصحيفة أن هذا ليس الشيء الوحيد الذي قامت به "ديب سيك"؛ حيث أتقنت أيضًا خدعة بسيطة تتضمن الكسور العشرية التي يمكن لأي شخص يتذكر درس الرياضيات في المدرسة الابتدائية أن يفهمها.


واستخدمت الشركة طريقة تبسيط الأرقام التي يستخدمها دارسو الرياضيات عند التعامل مع الأرقام التي لا تنتهي مثل رمز باي، والذي يُشار إليه أيضًا بـ π، وهو عدد لا ينتهي أبدًا: 3.14159265358979…
يمكن استخدام باي لإجراء عمليات حسابية مفيدة، ولكن عند إجراء هذه الحسابات، يمكنك اختصار باي إلى بضعة أعداد عشرية فقط: 3.14.

وقد قامت "ديب سيك" بشيء مماثل - ولكن على نطاق أوسع بكثير - في تدريب تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

وبيّنت الصحيفة أن العمليات الحسابية التي تسمح للشبكة العصبية بتحديد الأنماط في النص هي في الحقيقة مجرد عمليات ضرب، الكثير والكثير من عمليات الضرب.

وعادة ما تقوم الرقائق بضرب الأرقام التي تتناسب مع 16 بت من الذاكرة، لكن "ديب سيك" ضغطت كل رقم في 8 بتات فقط من الذاكرة، أي أنها اقتطعت عدة كسور عشرية من كل رقم.

وهذا يعني أن كل عملية حسابية كانت أقل دقة، لكن ذلك لم يكن مهمًا لأن العمليات الحسابية كانت دقيقة بما فيه الكفاية لإنتاج شبكة عصبية قوية جدًا.

وتابعت الصحيفة بأن الشركة أضافت خدعة أخرى؛ حيث اتخذ مهندسوها مسارًا مختلفًا عند ضرب الأرقام معًا بعد ضغطها، فعند تحديد إجابة كل مسألة ضرب، كانوا يقومون بتمديد الإجابة عبر 32 بت من الذاكرة، أي أنهم احتفظوا بالعديد من الكسور العشرية، مما جعل الإجابة أكثر دقة.

لقد أظهر مهندسو "ديب سيك" في ورقتهم البحثية أنهم كانوا بارعين جدًا في كتابة التعليمات البرمجية الحاسوبية المعقدة للغاية التي تخبر وحدات معالجة الرسومات بما يجب القيام به، وكانوا على مقدرة من جعل هذه الرقائق المزيدة أكثر كفاءة.

ورغم أن قليلًا من الناس يملكون هذا النوع من المهارة، لكن مختبرات الذكاء الاصطناعي الجادة لديها المهندسين الموهوبين اللازمين لمضاهاة ما قامت به "ديب سيك"، وربما يستخدم بعضهم الحيل نفسها بالفعل.


لكن من الواضح أن الكثيرين فوجئوا بعمل "ديب سيك"، وهذا لأن ما قامت به الشركة الناشئة ليس بالأمر السهل؛ فالتجارب اللازمة للتوصل إلى إنجاز كهذا تكلف ملايين الدولارات - إن لم يكن المليارات - من الطاقة الكهربائية.

وقد أشار العديد من النقاد إلى أن مبلغ الـ 6 ملايين دولار الذي أنفقته الشركة لم يغط سوى تدريب النسخة النهائية من النظام، وقال مهندسو "ديب سيك" في ورقتهم البحثية إنهم أنفقوا أموالاً إضافية على الأبحاث والتجارب قبل إجراء التدريب النهائي، ولكن الأمر نفسه ينطبق على أي مشروع متطور للذكاء الاصطناعي.

وختمت الصحيفة بأن شركة "ديب سيك" خاطرت مخاطرة أتت بثمارها، ومع مشاركة الشركة الصينية الناشئة لأساليبها مع باحثين آخرين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن حيلها التكنولوجية ستقلل تكلفة بناء الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • ول هاتف في العالم يدعم الذكاء الاصطناعي DeepSeek
  • الذكاء الاصطناعي
  • شركة شهيرة تكشف عن «حاسب لوحي» متطور مدعوم بـ«الذكاء الاصطناعي»
  • ثورة في الذكاء الاصطناعي.. Gemini يتذكر كل شيء
  • شركة BVS.. مكان أفضل شركات صيانة وتصليح وبرمجة مكن عد النقود في مصر
  • أخبار التكنولوجيا | إتاحة GPT-5 لمستخدمي الذكاء الاصطناعي مجانا .. برامج مدمرة تتنكر في صورة تطبيقات شائعة على أندرويد
  • ميزة حديثة من جوجل تمكن Gemini من المنافسة بقوة أمام روبوتات الدردشة
  • آبل تطور روبوتات شبيهة بالبشر.. بداية عصر جديد في الذكاء الاصطناعي
  • جامعة الملك سعود و”سدايا” تطلقان أكبر فعالية جامعية في الذكاء الاصطناعي بالمملكة
  • كيف تمكنت ديب سيك من بناء الذكاء الاصطناعي الخاص بها بأموال أقل؟