المشي على القمر.. وأنت في الأرض.. حقيقة أم خيال؟
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
(أبوظبي ـ وكالات) بات في الإمكان تجربة شعور المشي على سطح القمر قرب مدينة كولونيا الألمانية، حيث ستتيح منشأة "فريدة من نوعها في العالم" تحمل اسم "لونا"، تدريب رواد الفضاء الأوروبيين واختبار معدات ستُحمل يوماً ما إلى القمر.
من الخارج، يبدو الموقع مجرّد حظيرة بيضاء اللون لا فتحات فيها، في إحدى زوايا مركز الفضاء الألماني.
على المساحة البالغة 700 متر مربع - أي ما يعادل أكثر من ثلاثة ملاعب لكرة المضرب -، يتفاوت المشهد بين نتوءات وحفر في مناطق يسود فيها ظلام دامس، وأخرى معرّضة لنور حاد، على أرض مغطاة بغبار رمادي شاحب غريب، تتناثر فيه الصخور.
رائد الفضاء ماتياس مورير يقف لالتقاط صورة أثناء عرض منشأة التدريب الأرضية
اقرأ أيضاً..«أرتميس 2» إلى القمر في 2025
وقال ماتياس ماورير، رائد الفضاء في وكالة الفضاء الأوروبية التي يقع مركزها للتدريب قبالة "لونا": "لقد مشيت هناك أمس ببزتنا الفضائية الجديدة، يتوه المرء عندما يدخل المناطق المظلمة، ويحار في ما إذا في بقعة جوفاء أم أنها هاوية"، وهذا المهندس في مجال علوم المواد هو مؤسس المشروع المشترك بين مركز الفضاء الألماني ووكالة الفضاء الأوروبية، والذي أُطلق قبل أكثر من عشر سنوات. وسيكون الأربعاء المقبل الشخصية الرئيسية في تدشين "هذه المنشأة الفريدة التي تدمج عناصر مختلفة، وليس لها مثيل في العالم، حتى في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)".
وابتكرت وكالة الفضاء الأوروبية مادة تسمى "إي إيه سي- 1 إيه" EAC-1A، مساوية للثرى القمري، وهي الطبقة السميكة من الغبار التي تغطي النجم لأمتار عدة.
وهذا الغبار خشن الملمس كحجر الخفاف، ويجعله صِغر حبيباته، بالإضافة إلى طبيعته الكاشطة جدا، خطيرا على الجهاز التنفسي وعلى المعدّات.
العيش والعمل على القمر
عندما يمشي عليه المرء، "يرتفع ويطفو" في الهواء، بحسب ماتياس ماورير. أما على سطح القمر، فيسبب الثرى مشاكل أكبر، نظراً إلى كونه مشحوناً بالكهرباء الساكنة، مما يجعله يلتصق بأي سطح. لدرجة أن رواد الفضاء في بعثات "أبولو" كانوا يخشون أن يتأثر العزل الماشي لبزاتهم الفضائية بعد ثلاث رحلات فقط.
ويتأتى الثرى على القمر من عدد لا يحصى من اصطدامات الكويكبات بالقشرة القمرية. وشرح مدير مشروع "لونا" في وكالة الفضاء الأوروبية يورغن شلوتز أن الثرى في المركز الأرضي عبارة عن "مادة بازلتية بركانية تُطحَن وتُنخل ثم تُخلط". ويُنتَج هذا المزيج الذكي من موقع بركاني ألماني قديم.
ولا يزال المهندسون ينتظرون تسلّم شحنة زنتها 20 طنا من الثرى المستخرج من غرينلاند، سيُستخدَم في "مختبر الغبار"، وهو مساحة مغلقة بإحكام داخل "لونا" مخصصة لاختبار معدات.
إقرأ أيضاً.. «أوديسيوس» يرسل صوراً للقمر
وسيضمّ المكان قريبا شمساً اصطناعية نقّالة، تتيح إحداث أثر ضوء يغيّر طبيعة السطح من ساعة إلى ساعة.
وسيحاكي نظام أحزمة مبتكر يتم التحكم فيه من أعلى المنشأة الجاذبية القمرية المنخفضة جدا، بحيث لا يضطر رائد الفضاء الذي يبلغ وزنه 60 كيلوغراماً إلى بذل جهد أكبر مما لو كان وزنه عشرة كيلوغرامات.
وثمة ابتكار آخر هو إمكان تجميد أرض "لونا" على عمق ثلاثة أمتار، إذ قد تبرز الحاجة على القمر إلى "حفر أماكن يمكن فيها العثور على الجليد المائي"، بحسب ماتياس ماورير.
كذلك تتوافر مساحة تحت الأرض لاختبار تقنيات استخدام الثرى كعنصر بناء أو استخلاص الأكسجين منه.
وفي إحدى الزوايا، سيخصص قسم مائل لاختبار قدرة رواد الفضاء والمعدات على التغلب على المنحدرات التي تصل إلى 50 درجة، وهو أمر صعب على هذه المادة إذ يغوص المرء عليها في البداية حتى الكاحل، كما الحال عند تسلق الكثبان الرملية.
وأضاف ماتياس ماورير "بعد يوم عمل شاق لثماني ساعات من التنقل على القمر، يتم الانتقال إلى ..فليكسهاب" FLEXHab".
وستُربط هذه الوحدة السكنية المصممة لأربعة رواد فضاء مباشرة بـ"لونا" في غضون أسبوع. ويمر هؤلاء عبر غرفة لمعادلة الضغط مقاومة للماء لخلع بزاتهم ومنع أي تسرّب للثرى إلى مكان إقامتهم.
وبعد ذلك، تأتي وحدة مغلقة لإنتاج الخضر تحمل اسم "إيدن" اختُبر لمدة خمس سنوات في محطة مركز الفضاء الألماني في القطب الجنوبي.
وفي الخلاصة، توفر "لونا" منظومة متكاملة تتيح "فهم كيفية العيش والعمل على القمر"، وفق يورغن شلوتز، وتساهم تاليا في ضمان أماكن لرواد الفضاء الأوروبيين في برنامج "أرتيميس" الأميركي للعودة إلى القمر.
ورأى ماتياس ماورير، وهو مرشح طبيعي لهذه المغامرة، أن دخول "لونا" بُعَد إلى حدّ ما بمثابة "وضع قدم على القمر".
وشكل هبوط الإنسان للمرة الأولى على سطح القمر عبر مهمة "أبولو 11" التي ضمت نيل أرمسترونغ وباز ألدرين ومايكل كولينز، إنجازاً تاريخياً للبشرية.
ووطأ نيل أرمسترونغ بقدمه اليسرى القمر ونطق بجملته الشهيرة "إنها خطوة صغيرة لإنسان لكنها وثبة عملاقة للبشرية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: القمر سطح القمر الفضاء ألمانيا نيل آرمسترونج وکالة الفضاء الأوروبیة رواد الفضاء سطح القمر على القمر
إقرأ أيضاً:
سامانثا هارفي الفائزة بجائزة بوكر تروي رحلتها الأدبية إلى الفضاء
رأت رواية "مداري" الحائزة أخيرا على جائزة بوكر العريقة النور بسبب افتتان مؤلفتها سامانثا هارفي بالفيديوهات الحية من محطة الفضاء الدولية، على ما قالت الروائية البريطانية أول أمس الخميس.
ويروي هذا الكتاب المفعم بالشاعرية والتأملات ما يدور خلال يوم كامل على متن محطة الفضاء الدولية على إيقاع ظواهر الشفق الـ16 التي يرصدها رواد الفضاء أثناء دورانهم حول الأرض.
وبينما تقول إنها لا تزال في حال من "البهجة" و"عدم التصديق" توضح سامانثا هارفي أن "هذا الاختيار قد يبدو غريبا بعض الشيء لأنني لم أكن أعرف شيئا عن الفضاء رغم أنه كان يثير اهتمامي دائما" كما روت لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن الروائية البالغة 49 عاما لم تشعر بالحاجة إلى التفاعل مع رواد فضاء، وبدلا من ذلك انغمست في كتاباتهم "الجذابة جدا" في أحيان كثيرة عن الفضاء، كما أجرت أبحاثا مكثفة.
وقد استلهمت بصورة رئيسية من البث الحي بالفيديو من محطة الفضاء الدولية، والذي يمزج بين مناظر الأرض وتفاصيل يوميات شاغلي المحطة خلال قيامهم بمهامهم.
وتقول هارفي إن هذا البث المباشر "يسمح بالسفر مع رواد الفضاء حول مدار الأرض، وهذا ما فعلته لسنوات: السفر كل يوم".
وتضيف الروائية -التي صدرت أولى رواياتها عام 2009- "أعتقد أن هذه الرواية تدور حول الأرض أكثر من الفضاء"، وقد "سمحت لي بالكتابة عن الزمن والاضطراب وتجربة الزمن الغريبة التي شغلتني في كل رواياتي".
وقد توجت لجنة تحكيم جائزة بوكر هذه الرواية الحزينة التي تعكس جمال الأرض وهشاشتها تزامنا مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 29" وبعد أيام قليلة من إعادة انتخاب دونالد ترامب المعروف بمواقفه المشككة بتغير المناخ لرئاسة الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تقول هارفي إنها كتبت "مداري" بهدف وحيد يتمثل في إنجاز عمل "يمكن تصوره بصريا"، مع إدراكها أن التساؤلات بشأن تغير المناخ ستُطرح بشكل طبيعي، مثل مسألة الحفاظ على الفضاء.
وتضيف "نحن نستغله وندمره بالطريقة عينها التي استغللنا بها هذا الكوكب ودمرناه"، داعية إلى "التحرك" في هذا الصدد.
وتوضح "مسؤوليتي جمالية (..) لو كان لهذا الكتاب تأثير إيجابي من شأنه أن يساهم في التغيير فسأكون سعيدة للغاية، لكنني أعتقد أن هذا الأمر ليس بيدي".
الكاتبة البريطانية سامانثا هارفي أهدت الفوز إلى من يدافع عن الأرض والسلام (أسوشيتد برس) مشروع سلام فضائيعندما أكملت المؤلفة رواية "مداري" -التي كُتبت جزئيا أثناء فترات الإغلاق خلال الجائحة- لم يكن الغزو الروسي لأوكرانيا قد حدث بعد.
لكن "كان من الواضح بالفعل أن مشروع السلام هذا المتمثل في محطة الفضاء الدولية -والذي يجمع رواد فضاء من روسيا والولايات المتحدة وأوروبا- "أصبح مقيدا أكثر فأكثر" كما تقول.
وتضيف "نعلم أن محطة الفضاء الدولية ستخرج من الخدمة في غضون سنوات قليلة، ولدي شعور بأن هناك شيئا مؤثرا للغاية في حقيقة أن هذا الرمز الجميل للسلام والتعاون بعد الحرب الباردة آخذ في الانهيار".
وتجهل الكاتبة الإنجليزية المنهمكة في كتابة روايتها التالية التأثير الذي ستُحدثه جائزة بوكر التي تضمن للفائزين بها شهرة عالمية مرادفة للنجاح في المبيعات.
وتشدد على أن "هذه الجائزة تشكل التكريس الأكبر لأي مسيرة أو عمل لشخص ما، أريد أن أستمد منها كل ما أمكن من ثقة وشجاعة"، دون السماح لأي شكل من أشكال "الضغط الخارجي".
هذا العام كان من بين المرشحين الستة النهائيين لجائزة بوكر 5 نساء، وهن رايتشل كوشنر وآن مايكلز وشارلوت وود ويائيل فان دير وودن، وسامانثا هارفي أول مؤلفة فائزة منذ عام 2019.
ويتوج ذلك -برأي هارفي- "التغيير الذي حدث في القطاع خلال العقدين أو العقود الثلاثة الماضية".
الأرض من الخارجوتتناول الرواية التكلفة والثمن الذي يدفعه البشر للقيام برحلات إلى الفضاء في مقابل إلحاح واحتدام أزمة المناخ، فبينما يتجمع إعصار مهدد للحياة جنوب شرق آسيا يتحرك 6 رواد فضاء حول الأرض في المحطة الفضائية الدولية في حياة المختبر الرتيبة التي يكسرها منظر رائع للكوكب الأزرق بين الليل والنهار والظلام والضوء، بحسب عرض للرواية نشرته الجزيرة نت عقب الإعلان عن فوزها بالجائزة.
وتلتقط الرواية ببراعة يوما واحدا في حياة 6 نساء ورجال ينطلقون عبر الفضاء، ليس نحو القمر أو المجهول الشاسع، ولكن حول كوكبنا، إذ تم اختيارهم من أميركا وروسيا وإيطاليا وبريطانيا واليابان لواحدة من آخر مهام محطة الفضاء قبل تفكيك البرنامج، وتركوا حياتهم وراءهم للسفر بسرعة فيما تتأرجح الأرض تحتهم.
ويلقي قارئ الرواية نظرة خاطفة على لحظات من حياتهم الأرضية قبل المغادرة من خلال اتصالات قصيرة مع عائلاتهم وصورهم ودعواتهم، ويعايش حياتهم في المحطة الفضائية وهم يعدّون وجبات مجففة ويطفون في نوم خالٍ من الجاذبية ويمارسون التمارين الرياضية وفقا لروتين منظم لمنع ضمور العضلات، ثم يراهم يشكلون روابط ستقف بينهم وبين العزلة التامة.
وهذه هي الرواية الخامسة لهارفي، ووصف رئيس لجنة التحكيم إدموند دي وال "أوربيتال" بأنه "كتاب عن عالم جريح" موضوعه "الجميع ولا أحد".
وأضاف "بلغتها الغنائية وأسلوبها تجعل هارفي عالمنا غريبا وجديدا لنا".
وقالت هارفي عندما قبلت جائزة بوكر "النظر إلى الأرض من الفضاء يشبه نظر الطفل في المرآة واكتشافه أن الشخص الذي يراه فيها هو نفسه، ما نفعله للأرض نفعله لأنفسنا".
وأضافت في مقابلة مع منظمي الجائزة بعد إدراج روايتها في قائمة بوكر الطويلة "أردت أن أكتب عن احتلالنا البشري للمدار الأرضي المنخفض خلال ربع القرن الأخير، ليس بأسلوب خيال علمي بل بواقعية".
وتابعت "هل يمكنني استحضار جمال نقطة المراقبة هذه بعناية؟ هل يمكنني الكتابة عن الدهشة؟ (..) هذه كانت التحديات التي وضعتها لنفسي".