بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- كيف يكون داعية الحرب وشريك المعتدي وسيلة أو هاديًا أو رسولًا إلى السلام؟ إذا، للسلام أكثر من مفهوم لدى البعض. وهذا البعض يخالف المجموع إلى ما يحب ويهوى من المفاهيم التي صاغها هو ومساعدوه خصيصًا ووفقًا لمقاسات ومعايير تلك المفاهيم الخاصة من حيث الشكل والقوام. وإذا، فمن المؤكد أن السلام المطلوب يحقق ويلبى أهداف اليد العليا التي تساعد بالسلاح والدعم السياسي والاقتصادي طرفًا تجاوز الحدود كلها قولًا وقتلًا -علانيةً وسرًّا- ولم يعبأ حتى بالأطفال والنساء ولا بالمرضى والعجزة وقتلهم جميعًا بالرصاص والجوع والحصار باسم الدفاع عن النفس.
ورغم فقد الرجل كثيرًا من صحته ومن قدرته على تمييز من وما حوله جهارًا نهارًا، إلا أنه يظل في مقعده كصنم عتيق، ويظل على تمسكه بدعم الاعتداء والقتل الآخذ في الاتساع بسرعة كبيرة ومتصلة.
أو بالأصح يظل الرجل وجه حرب لأولئك القابعين خلفه الطامعين في حصد المزيد من الثروات والأموال والمصالح والنفوذ ولو مات من مات ومسحت مدن كاملة بمن فيها. فلا التدين، أو نصرة دين ما، أو حتى مزاعم القومية الممجوجة تبرر التأييد العمى للمذابح التي يستهجنها العالم اليوم، تمامًا مثلما يرفضها العلم وبنكرها كل يوم في مواجهة دول أخرها ارتكبتها منذ عشرات السنين ضد دول معادية في ذلك الحين.
ولكن المصالح الجسام والمكاسب الهائلة تخلق كل الأسباب للإنسان الطماع الذي لا يمانع في أن يصبح وجها قبيحًا ملطخًا بالدماء وبكل عبارات الإدانة البالغة للأنانية الإنسانية والحزبية. كيف يمكن لوجه الحرب أن يظهر على الناس كل يوم داعيًا إلى السلام وإلى الحوار وإلى الدبلوماسية، بينما هو يغذى المعتدي بكل الأسلحة الفتاكة والمعلومات والخبراء والدعم -حتى المعنى منه- بينما يرشق الآخرين بتهم الإرهاب جميعًا؟ الموارد تحكم، والقوة تحكم، والاحتياج يكبل الأيدي والأرجل وحتى الألسنة قبل الأيدي والأرجل، ويترك أناسًا كثيرين كأنهم أعجاز نخل خاوية أو خيلات مآتة على رؤوس الغيطان حفظتها الطيور ولم تعد تأبه لوجودها. وقوة السلاح تعلن بطشها وقدرتها على محو القرى والمدن في ساعات قليلة والعودة بالمجتمعات الضعيفة خاصة الى حقب سابقة.
والشعوب التي لم ترب على الانضباط الذاتي وكثرة العمل واتقان العمل والمثابرة والتخطيط الجيد لكل شيء تجد نفسها في أرجوحة الظروف وغير مسلحة إلا ببعض الدعاء لعلها تنجو من الهم والغم إلى شاطئ ما لا يعرف كنهه أحد. تمامًا كما في أفلام المغامرات اللذيذة الإثارة في المقاعد الوثيرة.
إن انتصار سياسة الرجل “وجه الحرب” أو خليفته التي تدعمه في غيبوبته ربما يمثل كارثة كبيرة على العالم، لأن مساندة الظالمين ظلام يستدعى أشياء كثيرة ليس من بينها الحبور ولا السلام .
Tags: الانضباط الذاتيالحروب
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الحروب
إقرأ أيضاً:
المراكبي التائه: لا هدنة ولا تفاوض إلى متى..؟!
كلما تحدث البرهان إلا وأرسل (بشرياته) للسودانيين المكلومين بمزيد من الحرب والموت والتشريد (لا هدنة ولا تفاوض)..! لا هدنة ريثما يدفن الناس أمواتهم..ولا تفاوض لإيقاف محرقة هذه الحرب اللعينة الفاجرة..!
هذا هو حاله وهو يتنقل ببلادنا من كارثة إلى كارثة ومن مصيبة إلى جائحة ومن نكبة إلى نازلة في حرب قذرة (منزوعة الكرامة) طعامها الرئيسي أرواح وأجساد وأعراض المدنيين الأبرياء..!
الذين ينتظرون من هذا الرجل موقفاً رجولياً أو إنسانيا أو حتى موقفا يشبه تصرفات البشر إنما يركبون على بغال الوهم وحالهم حال الذي يخج ماء آسن في (قربة مقدودة) وينتظر أن يتمخض هذا الماء العفن عن زبدة بيضاء أو جُمادة..أو أن يصير لبناً سائغاً للشاربين..!
هذا الرجل هو المسئول الأول عن تدمير الوطن وموت وتشريد ملايين البشر لأنه نصّب نفسه مسؤولاً عن إدارة البلاد وحماية ساكنيها..! أليس هو من ترأس انقلاب الشؤم في يوم الشؤم وشهر الشؤم وعام الشؤم وعصر التفاهة والمشأمة.. وقال إنه يريد (إصلاح مسار الفترة الانتقالية)..؟!
إن ما فعله هذا الرجل ببلادنا العزيزة أسوأ مما فعله أسوأ الطغاة والمهابيل الذين وضعهم (سوء البخت) في قمة السلطة..ولن يكون مصيره أفضل من مصائرهم..وسيذهب اليوم أو غداً بالوزر الأعظم والجُرم الأفدح وعلى ناصيته الكاذبة الخاطئة عار الأبد وخزي الدنيا والآخرة..!
هو لا يدرى قيمة البلد الذي يجلس على رأسه..! فهو يا مولاي رجل جاء (من المجهول إلى المجهول)..ولا علاقة له بتاريخ السودان ولا مواريثه وحضارته..إنما هو رجل حملته الإنقاذ كما حملت آخرين من شاكلته إلى مناصب ودرجات مهنية ليسوا أهلا لها ولا مؤهلات لديهم لشغلها...فأخذ يقفز (في ظلام الإنقاذ) من رتبة إلى أخرى حتى وجد نفسه فجأة على قمة جيش لا يعرف له رأساً من رجل..! إنما هو من عوام أهل الغفلة يأكل ويشرب بالغريزة..ولا يعرف معنى للمسؤولية والأمانة وشرف العهد..!
إنه لا يعلم إن الإنسان هو سيد مصيره وكلمته..وانه مقيّد بتعاهده مع الآخرين، كما لا يعلم أن قائد الجيش أو صاحب الرئاسة تترتب على أفعاله وأقواله حياة الناس أو مهلكتهم وصيانة الوطن أو تدميره وتمزيقه وتهديم مرافقه ومحو اسمه من خارطة الوجود..!
هل يعلم البرهان شيئاً عن التنمية والرفاه وحقوق المواطنة مقابل الموت والفناء والتدمير؟! هل كان يشغل باله منذ أن استولى على مقعد الرئاسة بتحسين حياة السودانيين..؟!
هل كان يشغل نفسه بالمؤتمرات والملتقيات التي يشهدها قادة إفريقيا والعالم العربي وزعماء العالم لبحث شؤون التنمية والطاقة والتعليم والصحة واقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي وجدولة الديون وحصاد المياه وتغيرات المناخ واستزراع الصحراء والمشروعات الصغيرة والتنمية البشرية والحضرية..؟!
ما هو رأيك ورأي حكومتك في هذه القضايا..؟! أم أن الحكاية (شاي ولقيمات) ورفع الأيدي في بلاهة لمحاكاة (عود النِبلة)..؟! الله لا كسّبكم..!..؟!
هذا الرجل لا يجلس مع نفسه لحظة بين الوجبات التي يطفحها ليفكر في مآلات الوطن مع استمرار الحرب التي يقول انه لا تراجع عنها ولا هدنة ولا تفاوض..بالرغم من صيحات الأطفال والثكالى وطاحونة الموت التي لا تتوقف اغتيالاً وجوعا ومرضاً ويأساً..!
انه الجهل بمصائر الطغاة ونهاياتهم المأساوية المخزية المهينة؛ مثل صمويل دو ونهايته المهينة المُذلة وسحله عارياً بين الطرقات..ونهاية صدام حسين في حفرة..والقذافي في أنبوب صرف صحي..ومصرع علي عبدالله صالح خلال هروبه على ظهر بوكسي تايوتا (أربعة شناكل )..!
لا احد يريد للبرهان أو غيره ذلك..فالمصائر بيد خالقها جل وعلا..ولكن فقط ليغرب هذا الرجل عن وجه السودانيين..فهو يحمل مسؤولية ما حاق بهم وما جرى لوطنهم ومسؤولية إعدام مستقبل أبنائهم وبناتهم..!
أنت الذي أتيت بقوات الدعم السريع وقتلت من نادى بحلها وحصر القوة العسكرية والسلاح في يد الجيش وحده..!! فدعك من الضحالات واتهام القوى المدنية والمواطنين المساكين بأنهم حواضن للدعم السريع..هذا كلام فارغ وبهتان سخيف مردود و(مضروب على وجه وقفا) كل من يردده من المتاعيس الملاحيس..!
لا يعتذر البرهان بأنه أسير لدى الكيزان..! فهذا اعتذار أقبح من الذنب..أنت حر في جثمانك بعد أن قمت بالانقلاب ونصبت نفسك قائداً للجيش ورئيساً للبلاد..فمن ماذا تخاف..؟ الحقيقة السافرة أنك وضعت جيش السودان تحت إمرة الكيزان خانعاً ذليلاً وطائعاً مختاراً...!!
(إذا ذهب الحمار بأم عمروٍ / فلا رجعت ولا رجع الحمار)..! اغرب الآن من وجه السودان..ولكنك لن تفلت غداً أو بعده (أنت وكيزانك وجنرالاتك وميليشياتك) من المساءلة الجنائية..,ومن عدالة الأرض والسماء..ومن حُكم التاريخ... الله لا كسّبكم..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com