لبنان ٢٤:
2024-11-17@03:04:37 GMT

وطني يؤلمني

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

وطني يؤلمني

لم يكد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ينتهي من كلامه التهديدي في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التي أخلى كراسيها جميع الذين يعارضون ما ترتكبه إسرائيل من مجازر في غزة وفي لبنان، حتى انهمرت على الضاحية الجنوبية من بيروت عشرات الصواريخ الخارقة للتحصينات مستهدفة المقرّ المركزي لقيادة "حزب الله"، حيث كان يُعقد اجتماع قيادي، يُقال إن الأمين العام السيد حسن نصرالله كان يترأسه، وقد انشغل العالم كله لمعرفة حقيقة ما جرى، وهو على ما يبدو، عاجز عن وقف جنون نتنياهو، الذي يهدّد ويتوعد من دون رادع أو محاسبة.

وقد صدق مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عندما أعرب عن أسفه لعدم وجود أي قوة، بما في ذلك الولايات المتحدة، قادرة على "وقف" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في النزاع بين غزة ولبنان. وقال بوريل لمجموعة صغيرة من الصحافيين أثناء حضوره الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل بدء إشعال لبنان بالحقد الإسرائيلي، "ما نفعله هو ممارسة كل الضغوط الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، لكن لا يبدو أن أحدا يملك القدرة على وقف نتانياهو، لا في غزة ولا في الضفة الغربية". ولعل أكثر ما يؤلم في ما يتعرّض له لبنان، وقبله غزة، من موجة جنون غير مسبوقة في تاريخ الحروب، أن العالم العاجز عن إطفاء "الحريق النيروني"، الذي يزنّر لبنان، من جنوبه إلى ضاحيته وجبله وسهله، يكتفي ببيانات الاستنكار، التي لن تردع هذا العدو ، ولن تعيد إلى الأم الثكلى وحيدها المطمورة جثته تحت حطام المباني المنهارة، ولن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ولن تبلسم الجراح، ولن تشفي مصاب، ولن تعيد بناء ما تهدّم، ولا تطمئن من يريد أن يطمئن إلى مصيره المجهول – المعروف. ولكن ما يعزّي في هذا النفق الطويل والمظلم أن جميع اللبنانيين متضامنون في ما يحّل بوطنهم من كوارث ومصائب، وهم في هذا المصاب جسم واحد، إذ لم يكن مطلوبًا ممن هم على تناقض مع "حزب الله" في سياستيه الداخلية والخارجية أن يتعاطفوا معه في حربه مع إسرائيل، التي أعلنها من دون أن يأخذ في الحسبان رأي شركائه المفترضين في الوطنية. هم لم يفعلوا، ولن يفعلوا، مع ما يتناقض مع مبادئهم ونظرتهم إلى الأمور، وهم الذين اعتبروا، ولا يزالون، أن فتح الجبهة الجنوبية لم تكن فقط لمساندة فلسطينيي غزة وإشغالًا للجيش الإسرائيلي عنهم كما أعلنها "الحزب"، بل من أجل أهداف أخرى، وهي تنفيذ الاجندة الإيرانية في المنطقة، من خلال تمكينها من ممارسة ما أمكنها من ضغوط ميدانية على واشنطن عبر "حزب الله" في الجنوب اللبناني، و"أنصار الله" في اليمن، و"الحشد الشعبي" في العراق. إلاّ أن ما أصاب عددًا كبيرًا ممن كانوا يستعملون "البيجر"، وقد يكون معظمهم غير مقاتلين فعليين و"مكودرين" حزبيًا، وإن كانوا ينتمون إلى بيئة "الثنائي الشيعي"، وما أصاب أهل الجنوب والضاحية الجنوبية من بيروت والبقاع من قصف ممنهج ومجنون وهستيري دفعهم إلى تهجير قسري عن منازلهم وأرزاقهم وهاموا على وجوههم، دفع جميع اللبنانيين بمن فيهم المنتمون إلى أحزاب وقوى "المعارضة" إلى نوع من أنواع التضامن مع المصابين والنازحين، وإن كانت نسبة هذا التضامن متفاوتة بين فريق وآخر، وذلك نظرًا إلى التمايز في مواقف كل منهم بقدر ما ينسجم مع ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، من دون أن يعني هذا التضامن التسليم بسياسات "حزب الله"، الذي يعتبرون أنه يأخذ كل لبنان إلى الهاوية، وإلى المصير المجهول – المعروف، عندما قرّر السير بمعادلة "توحيد الساحات" بمفرده، ومن دون أن يستشير حتى "التيار الوطني الحر"، الذي يُفترض أن يكون على تنسيق تام معه في كل الأمور، الكبير منها والصغير. وهذا كان هدف ورقة "تفاهم مار مخايل". وفي رأي بعض المراقبين أن أبلغ موقف تضامني مع الجرحى والمصابين صدر عمن يعارضون سياسة "حزب الله" الداخلية والخارجية، ومن بينهم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، الذي اعتبر أن الوقت ليس وقت محاسبة، لأن دماء أهلنا يُهدر مجانًا، ودعا إلى أن يكون التضامن مع النازحين من أهل الجنوب والبقاع تضامنًا فعليًا وليس بالقول والشعارات الرنانة فقط؛ وكذلك فعل رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، وإن لم يصدر عنه أو عن الدائرة الإعلامية بيان شجب وإدانة كما فعل الآخرون، ومن بينهم رئيس "التيار الوطني" النائب جبران باسيل، بل رفض بعد لقائه سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في معراب يوم 17 الجاري الردّ عن أسئلة الصحافيين عمّا دار بينهما من أحاديث، واكتفى بالقول إن الظرف الإنساني الذي عاشه كل لبنان يفوق أي حديث آخر، وأنه حزين إلى أقصى حدود الحزن. أمّا مواقع التواصل الاجتماعي فغابت عنها التعليقات السلبية، إذ طغت جسامة ما تعرّض له حاملو "البيجر" لما تعرّضوا له من اعتداء غادر في أقل من ثوانٍ، وفي كل المناطق التي يقطنها هؤلاء في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وما تتعرض له القرى الجنوبية والبقاعية والضاحية من اعتداء آثم ومجرم ومدان ومستنكر ومستهجن، وقد أبدى كثيرون من اللبنانيين، الذين على تناقض سياسي مع توجهات "حزب الله" استعدادهم للتبرع بالدم في مراكز الصليب الأحمر في المناطق القريبة من سكنهم، وفتحوا منازلهم لاستقبال أخوتهم في الوطن.  وهكذا فعل "الآخرون" عندما تعرّض لبنانيو الأشرفية والكرنتينا والجميزة والمدور والرميل لأذى انفجار المرفأ.
قد يكون ما يباعد بين من ينتمون إلى بيئة "الثنائي الشيعي" وبين الذين يؤيدون توجهات أحزاب "المعارضة" من اختلاف في وجهات النظر بالنسبة إلى عدم تطابق نظرتهم إلى لبنان الحاضر ولبنان الماضي كبيرًا جدًّا، ولكن هذا التباعد وذاك الاختلاف لا يمكن أن يفسد في الوطنية قضية. فهم في نهاية المطاف شعب واحد، يحملون الهوية اللبنانية ذاتها، ويتنشقون الهواء ذاته، وإن كان ملوثًا، ويمرّون بأزمة معيشية واحدة لأنهم يتعاملون بعملة واحدة فقدت قيمتها في كل لبنان، ولم تقتصر مفاعيلها السلبية على منطقة دون أخرى. فالتضامن الإنساني هو الباقي الوحيد، الذي لا يزال يجمع الياس وطنوس بحسن وعلي وحسين ومصطفى ومعروف، وهو الأمل شبه الوحيد لـ "لبننة" الأفكار والتوجهات، وذلك قبل أن تطغى التوجهات الغريبة على التوجهات الوطنية الصافية، خصوصًا بعدما تيقّن الجميع من استحالة دمج هذه الأفكار وتلك المشاريع في بوتقة المشاريع الوطنية الواحدة والجامعة والموحِدّة والموحَدّة.  
يكفي أن نرى على صفحات التواصل الاجتماعي دعوات إلى الصلاة لكي يرأف العلي بشعبه ويردّ عنه الأذى والشرور. وهذا ما يبلسم الجراح ويخفّف بعضًا من وجع الوطن الذي يؤلمني كثيرًا. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله الذی ی من دون

إقرأ أيضاً:

ما هو الدور الذي سيلعبه صهر ترامب في الشرق الأوسط؟

سرايا - ذكرت شبكة "سي ان ان" نقلا عن مصادر، أن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، سيلعب دورا رئيسيا في جهود الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط.

وجاء في تقرير الشبكة أن "جاريد كوشنر، وفقا لدبلوماسيي ترامب وحلفائه، سيصبح حلقة وصل مهمة في استراتيجية الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط"، ومن المرجح ألا يكون كوشنر جزءا من الهيكل الرسمي للإدارة، لكن المصادر تقول إنه سيعمل كمستشار خارجي.

وبحسب "سي ان ان"، يتمتع كوشنر بعلاقات فريدة مع زعماء المنطقة، كان قد بناها خلال ولاية ترامب الأولى واستمر في الحفاظ عليها بعد خروجه من البيت الأبيض.

ونقلت الشبكة عن أحد الدبلوماسيين الذين عملوا مع صهر ترامب قوله: "لا أحد في الفريق الجديد يتمتع بنفس مستوى الثقة التي اكتسبها جاريد، ولم تأت إليه على الفور، لقد استغرق الأمر وقتا حتى كسبها".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1260  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 15-11-2024 07:13 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
أمريكيون يحتالون على السلطات للحصول على مبلغ مادي .. ماعلاقة الدببة؟ اقتران للكواكب مع اكتمال القمر .. راصد الزلازل الهولندي يحذر بيع حجر أخضر كريم بمبلغ فلكي امرأة تضبط وقتها على ساعة رجل ميت لمدة 8 أيام! "البريد الأردني" يحذر من رسائل احتيالية... شاب يعيد 8 الاف دينار ونصف لـ مسنة فقدتهم داخل... المنتخب الأردني عن منتخب العراق: "سنرد لهم... بالفيديو .. الأمن يفض مشاجرة جماعية في دير أبي... حسان لـ النشامى: نتمنى لكم حظاً طيباً لتحقيق حلم... لبنان .. تحذير إسرائيلي جديد إلى سكان الغبيري - صورة"حزب الله" يستهدف قاعدتين ومستوطنة و17...مئات الوفيات في مدينة سودانية محاصرة .. ما المرض...هل سينسحب الاحتلال من قطاع غزة؟ صحيفة تكشفالحريري يدعو لوقف عدوان إسرائيل الهمجي على لبنان"سانا": عدوان إسرائيلي يستهدف منطقة المزة...على طول خط "ألفا" .. هذا ما يفعله...الاحتلال يتحدث عن اغتيال مسؤول بـ"الجهاد...43 ألفا و764 شهيداً في غزة منذ بداية الحرب مايا دياب تتلقّى هدية ثمينة في عيد ميلادها شاهدوا... ياسمين صبري تكثّف من تصوير مسلسلها الجديد .. لهذا... شاهدوا أحدث إطلالة لملكة جمال لبنان من المكسيك لمن قالت نجلاء بدر "علّمتني درساً لن أنساه"؟ من "هافانا" إلى "السعودية" ..... منتخبا البرازيل والأرجنتين يتعثران في تصفيات مونديال 2026 صلاح يثير قلق ليفربول مجدداً: الكل سيغادر يوماً ما مبابي يصدم لاعبي فرنسا: ريال مدريد أهم من المنتخب مدرب العراق يحمّل لاعبيه مسؤولية نتيجة التعادل طريق منتخب الأردن إلى نهائيات كأس العالم 2026 بعد التعادل مع العراق لإصابتها برهاب الموز .. وزيرة سويدية تدفع مسؤولين لإخلاء الغرف من الفاكهة عاصفة غبار شديدة تضرب وسط كاليفورنيا وتخلق مشهدًا دراميًا شاب يلاحق المشردين من فرنسا إلى هولندا .. وما يفعله بهم مروع سرقة منظمة بقيمة 1.48 مليون يورو .. هذا ما فعلته موظفة في "لوبوتان" نوع جديد من الأدوية المناعية لعلاج السرطان ليحصلوا على تعويض .. تنكروا بهيئة دب وحطموا سيارتهم الفاخرة امرأة تضبط وقتها على ساعة رجل ميت لمدة 8 أيام المريخ يحتفل بالسنة الجديدة الذكاء الاصطناعي يساعد في ترميم كنيسة الفاتيكان رأس بشري مقطوع يرعب رواد شاطئ شهير بأمريكا

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • رئيس الأركان الإسرائيلي يجري جولة ميدانية في منطقة كفركلا جنوب لبنان
  • رئيس الأركان الإسرائيلي من الحدود مع لبنان: حزب الله بدفع الثمن
  • ما هو الدور الذي سيلعبه صهر ترامب في الشرق الأوسط؟
  • استقالة رئيس أساقفة كانتربري الذي توج الملك تشارلز بسبب فضائح جنسية
  • بشأن جورج عبدالله.. ما الذي قرّرته محكمة فرنسيّة؟
  • الولايات المتحدة تسلّم رئيس مجلس النواب اللبناني مقترح هدنة
  • بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير
  • الراعي أمام وفد نقابة المحررين: لعقد مؤتمر وطني دولي عنوانه تطبيق الطائف
  • تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟
  • الكشف عن تفاصيل الكمين الذي قُتل فيه ضابط وخمسة جنود (إسرائيليين) جنوبي لبنان .. صورة