الدين والانتخابات الرئاسية الأميركية
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
هل يلعب العامل الديني دوراً محفزاً في الحياة السياسية الأميركية عامة، وبنوع خاص خلال أزمنة الانتخابات الرئاسية؟
مؤكد أنَّ الولايات المتحدة تظلّ دولة ثنائية المعايير، دينية وعلمانية في الوقت ذاته، ففيما يبدأ الدستور بكلمات من نوعية «نحن الشعب»، تلك التي تحمل عمق معاني المواطنة، المنزهة عن انحياز عقدي مذهبي، نجدها تكتب على عملتها الخضراء «نحن نثق بالله»، ما يعود بنا إلى عوالم الفيوض الروحية والدينية.
في الداخل الأميركي، يظل الرئيس الذي يحضر قداس الأحد في الكنيسة، مهما تكن طائفته، ويبدأ كل غداء أسبوعي مع نائبه بالصلاة، ومن لا يفعل يظل عرضة لاعتباره غير متدين بما يكفي.
لعل الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الشعب الأميركي متدين منذ هجرة الآباء الأوائل، وجيل ما قبل المؤسسين؛ أولئك الذين عُرفوا بـ«البيوريتانيين»، أو الأطهار، ويسمون أيضاً الحجاج إلى أميركا... أرض الميعاد الجديدة، وقد عدّوا أنفسهم شعب الله المختار... ولو مرة أخرى في تقليد عبراني، وقد كان ذلك عام 1620 على متن السفينة الشهيرة «ماي فلاور»، ومن هنا نشأت جذور أصولية دينية تعدُّ أميركا حضن المسيحية في العالم، وأنهم يحملون رسالة إلهية يجب إبلاغها لبقية شعوب العالم.
على عتبات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) موعد اختيار الرئيس الأميركي المقبل، تقطع استطلاعات الرأي بأن العنصر الديني فاعل ومؤثر بشكل كبير، وهو ما اتضح جلياً في قراءة مركز «أسوشييتد برس - نورك» للشؤون العامة في الفترة ما بين 12 إلى 16 سبتمبر (أيلول) الحالي.
في المقدمة، ومن دون أدنى شك، يبدو التأييد للمرشح الجمهوري ترمب، من جانب القاعدة البروتستانتية الإنجيلية البيضاء، حيث أكد 7 من أصل 10 أنهم ينظرون إليه بشكل إيجابي، ونصفهم يرون أنه يمثل معتقداتهم بشكل أفضل.
الاستطلاع عينه لا يترك مجالاً للشك في وجود ثقافة إنجيلية بيضاء تعتني بأبنائها، وترى أن «الغرباء الليبراليين أشرار»، ما يعني أنهم لن يصوتوا لهم البتة.
هل هي انتخابات برسم ديني - عقدي دوغمائي هذه المرة؟
من الواضح أن الأمر لا يتوقف عند حدود المرشح الجمهوري، بل ينسحب كذلك على المرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس. ربما تكون هذه هي الانتخابات الرئاسية الأميركية الأولى، التي تجري بين مرشحين لكل منهما مسحة من إيمان وروحانية مسيحية، أو هكذا يدعي كلاهما في زمن الدعايات الانتخابية.
تفاجئنا الأرقام بأن نحو 75 في المائة من البروتستانت من أصول أفريقية يرون هاريس مرشحة إيجابية، حيث 6 من كل 10 يقولون إنها تمثل معتقداتهم الدينية بشكل أفضل، ويعتقدون أنها كعضو في الكنيسة المعمدانية، متأثرة بالتقاليد الروحية التي حملتها والدتها معها من الهند، ومعروف أن الأميركيين الأفارقة لديهم فهم أفضل للعائلات متعددة الانتماءات الدينية.
وفيما المرشح الجمهوري ترمب يعتمد على رؤيته التبشيرية تقريباً، لجعل أميركا تصلي من جديد، وجعلها أولاً وقبل كل أحد، فإن العديد من تجمعات الكنائس الأميركية التي يرتادها الأميركيون الأفارقة، لا تنفك تدعو مؤمنيها لتوحيد صفوفهم من خلف هاريس ودعمها.
على أن محاولتي اغتيال الرئيس السابق، المرشح الجمهوري الحالي ترمب، أحيت نزعة قومية مسيحية غير اعتيادية، إلى درجة أنها ولدّت تياراً بات يُعرف في عالم الصحافة الأميركية بـ«أنبياء ترمب»، ورغم صعوبة التعبير، فإنه يعبر عن واقع حالهم بالفعل، ذلك أنهم يثقون بأن الله تعالى قد حفظه من شر الاغتيال، ونجاه من براثن الأشرار، وأن العناية الإلهية تعده لدور «رسائلي» في الفترة المقبلة، حيث الولايات المتحدة تحتاج إلى منقذ حقيقي، بخاصة بعد ما فعله تيار اليسار الديمقراطي المتطرف.
خلال فعاليات المؤتمر الوطني الجمهوري، الذي انعقد في ولاية ويسكونسن الأميركية في يوليو (تموز) الماضي، استشهدت حاكمة ولاية أركنساس، سارة هاكابي، وهي مسيحية محافظة، بالسماء، معتبرة أنها هي التي تدخلت لإنقاذ ترمب، و«أن أميركا هي أمة تحت ظل القدير، وهو يحفظها من كل الشرور».
قبل بضعة أيام، وقع نحو 200 زعيم وكاتب من الطوائف المسيحية الرئيسية الكاثوليكية والأرثوذكسية اليونانية، بالإضافة إلى البروتستانت، والإنجيلية السوداء، رسالة تصف الديمقراطية بأنها «تأكيد أخلاقي»، وتحث المسيحيين على نبذ «المشاعر المناهضة للديمقراطية»، أي الآيديولوجيات مثل القومية المسيحية والعنصرية.
هل جاء هذا البيان خوفاً من أن يستيقظ الأميركيون قريباً على طرح جديد «للمسيحية الإيجابية» على نسق ما عرفته النازية؟
أميركا لا تزال حائرةً بين تدينها وعلمانيتها.
(الشرق الأوسط اللندنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الديني الانتخابات امريكا انتخابات دين سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
في منتدى دافوس.. الرئيس الصومالي ينال جائزة القيادة الرئاسية الإفريقية
حصل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على جائزة القيادة الرئاسية الأفريقية التي تقدمها دار أفريقيا خلال حفل أقيم في دافوس بسويسرا.
يحتفي هذا التكريم بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود والتزامه الراسخ بتعزيز بناء الدولة في الصومال، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية "صونا".
وحققت الصومال إنجازات تاريخية، بما في ذلك رفع حظر الأسلحة الذي دام عقودًا من الزمان، واستكمال عملية تخفيف الديون، وانضمام الصومال إلى مجموعة شرق إفريقيا.
في كلمته عند قبول الجائزة، أعرب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن امتنانه العميق للتكريم وتأمل في الإنجازات الجماعية للشعب الصومالي.
وقال إن "هذه الجائزة هي تكريم لصمود وشجاعة وتصميم الشعب الصومالي. إن روحهم الثابتة هي التي تغذي مهمتنا لإعادة بناء أمتنا والمساهمة في تقدم قارتنا العظيمة، إفريقيا. "أشعر بتواضع عميق وشرف عظيم لتلقي هذا التكريم، والذي أهديه للشعب الصومالي. معًا، نثبت أن الأمل والعمل الجاد يمكن أن يحول التحديات إلى فرص".
أكد الرئيس حسن شيخ التزامه بتعزيز دور الصومال في المنطقة وشدد على أهمية التضامن الأفريقي في معالجة التحديات المشتركة التي تواجه القارة. ودعا جميع القادة الأفارقة إلى مواصلة السعي لتحقيق الوحدة والسلام والتنمية المستدامة.