الجزيرة:
2024-09-29@07:21:10 GMT

هل اقتربت نهاية الجمهورية الخامسة في فرنسا؟

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

هل اقتربت نهاية الجمهورية الخامسة في فرنسا؟

خلال موجة المظاهرات التي عمّت فرنسا العام الماضي ضد قانون زيادة سن التقاعد إلى 64 عاما، رفع بعض المتظاهرين لافتة كتب عليها "الجمهورية الخامسة تجاوز عمرها 64 عاما، ألا يجب عليها هي أيضا أن تتقاعد؟".

تعكس تلك اللافتة الساخرة أزمة فرنسا السياسية المستفحلة منذ سنوات، والتي طفت بقوة على السطح بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي دعا لها الرئيس إيمانويل ماكرون قبل أوانها بهدف توضيح المشهد بعد الانتخابات الأوروبية.

غير أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يوليو/تموز الماضي زادت من تعقيد المشهد وعمقت الأزمة السياسية أكثر، فكانت نتيجتها كما لخصها ماكرون أنه "لم يفز أحد".

وهكذا عاشت فرنسا أكثر من شهر من دون رئيس وزراء وعاشت شهرا ونصف الشهر من دون حكومة، ولا يبدو أن الحكومة التي أعلن عنها السبت برئاسة ميشال بارنييه سيكتب لها البقاء طويلا، فرئيسها ينتمي للكتلة السياسية التي حلت رابعة في الانتخابات، والكتلة الأولى (الجبهة الشعبية) التي رفض ماكرون تسمية رئيس للحكومة منها أعلنت رفضها للحكومة وتسعى ليس فقط لإطاحتها وإنما أكثر من ذلك إذ بدأت تعمل على عزل الرئيس نفسه عبر البرلمان.

وبدوره، أعلن اليمين المتطرف بقيادة التجمع الوطني -الذي كان يفترض أنه أقرب لرئيس الوزراء المعين المحسوب على يمين الوسط- أنه سيسعى لإسقاط الحكومة لأنها تمثل عودة "للماكرونية" التي رفضها الفرنسيون في اقتراعين متتاليين.

أزمة بنيوية

يؤكد العارفون بالشأن الفرنسي أن الوضع الحالي يعكس أزمة بنيوية ناجمة عن تآكل نظام الحكام الفرنسي المؤسس على ما يسمى بالجمهورية الخامسة المنبثقة عن دستور 1958، الذي وضع نظاما هجينا لا هو بالبرلماني ولا بالرئاسي.

ويعطي هذا النظام صلاحيات تنفيذية واسعة لرئيس الجمهورية، لكنه ينص أيضا على وجود رئيس للوزراء أو ما يسمى "وزيرا أولَ" يقود الحكومة ويحتاج هو وحكومته إلى نيل ثقة البرلمان.

وفي ظل هذا الوضع تشكلت بذور خصبة لأزمات طبعت الحياة السياسية الفرنسية خلال السنوات الأخيرة، منها:

عدم تنصيص الدستور على الهوية السياسية للوزير الأول. عدم ربطه بالحزب الفائز في الانتخابات ومنح الرئيس حق تعيينه. حاجة الوزير الأول وحكومته لتزكية البرلمان. تحصين الرئيس من المساءلة البرلمانية واقتصارها على الوزير الأول الذي يعينه.

وتأتي كل هذه الأزمات وسط تكلس الطبقة السياسية، سواء من حيث الشخوص أو من حيث البرامج، وباتت أقرب إلى عرائض نقابية أو مطالب أو أفكار لمجموعات محدودة وأحيانا عائلية، مما جعل الأصوات ترتفع في فرنسا بالدعوة إلى إصلاح عميق وشامل وسريع للمؤسسات الديمقراطية في البلاد.

تحصين الرئيس من المساءلة البرلمانية واقتصارها على الوزير الأول أزمة من أزمات السياسة الفرنسية (الأوروبية) نظام حكم مختل

ونقل موقع ليديفوار عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون باستيان فرانسوا أن الجمهورية الخامسة بحاجة لأن ينفض عنها الغبار، حتى يصبح لدى فرنسا نظام أكثر توازنًا يعطي مساحة أكبر للبرلمان.

ويؤكد فرانسوا أن دستور الجمهورية الخامسة الحالي مختل فهو يجعل رئيس الجمهورية رئيسا حقيقيا للحكومة، لكنه ليس مسؤولا أمام البرلمان، وهو ما يمثل مفهوما قديما جدا للسلطة عبر نزعة رئاسية مفرطة ورؤية مركزية شخصية عمودية لم تعد مجدية.

وفي مقال بعنوان "هل فرنسا مستعدة للجمهورية السادسة؟" نشره موقع "ليدفوار" في 14 يوليو/تموز الماضي يرى الكاتب الفرنسي ماثيو كارباس أن نظام الحكم الفرنسي المنتمي للجمهورية الخامسة لا يناسب العصر الحالي، حيث تم تصميمه خصيصًا على مقاس الجنرال شارل ديغول عام 1958 والأحزاب السياسية القائمة حينذاك ولم يعد صالحا للعمل.

وظل اليسار الفرنسي الذي يتصدر حاليا المشهد الانتخابي حامل مشعل الدعوة إلى التجديد الديمقراطي، وكان الإصلاح الدستوري أهم الوعود الانتخابية للمرشح اليساري جان لوك ميلينشون خلال الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022.

غير أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في حجم التأييد الشعبي للقيام بإصلاح سياسي شامل ووضع دستور جديد للبلاد. فحسب نتائج استطلاع أجراه معهد إيفوب للمجلة اليسارية بوليتيس يومي 8 و9 يوليو/تموز الماضي، فإن 63% من الفرنسيين يطالبون بإصلاح سياسي جذري يبدأ بكتابة دستور جديد.

الانقلاب السياسي

إضافة إلى تراكم الإخفاقات السياسية سابقا، كان السبب المباشر للانسداد السياسي الحالي هو أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة أفضت إلى تقاسم 3 كتل سياسية لـ85% من مقاعد البرلمان الفرنسي، وهي:

الجبهة الشعبية الجديدة (182 مقعدا). المعسكر الرئاسي (168مقعدا). التجمع الوطني (143مقعدا).

ووفقا للمتعارف عليه، كان ينبغي أن تقود الجبهة الشعبية المتصدرة للنتائج الحكومة وأن يعود اختيار الوزير الأول لها، لكن هذا ليس منصوصا دستوريا، وهو أحد اختلالات نظام الحكم في فرنسا.

وقد رفض الرئيس ماكرون تعيين وزير أولَ من الجبهة الشعبية، وتذرّع بأن أي كتلة لم تحقق الأغلبية المطلقة ولذلك فهو ليس ملزما باختيار وزير أولَ من جهة سياسية معينة، وهو ما عدّته الجبهة الشعبية وداعموها انقلابا وبدأت إجراءات عزل الرئيس ماكرون متهمة إياه بخيانة الأمانة.

ويبدو نجاح الجبهة الشعبية في عزل الرئيس مستبعدا، فهو يتطلب تصويت البرلمان بغرفتيه السفلى (الجمعية الوطنية) والعليا (مجلس الشيوخ) والحصول على موافقة ثلثي أعضاء الغرفتين.

وبغض النظر عن نجاح الجبهة الشعبية في عزل الرئيس من عدمه، فإن موقع فرانس 24 نقل عن محللين قولهم إن قرار ماكرون اختيار شخصية من خارج الجبهة الشعبية سيعمق حالة عدم الاستقرار نظرا لغياب الانسجام بين البرلمان والحكومة التي ستكون معرضة على الدوام لحجب الثقة عنها وإسقاطها.

النظام الانتخابي

يحتاج تغيير النظام تعديلا للدستور وذلك يتطلب موافقة أغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، لكنّ هناك إصلاحا مستعجلا يطالب به الجميع، وهو إصلاح طريقة انتخاب أعضاء البرلمان.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة السوربون باستيان فرانسوا أن من اختلالات نظام الحكم الحالي في فرنسا التي يجب إصلاحها على الفور أن يحصل حزب لديه أقلية من الأصوات على أغلبية مقاعد البرلمان.

ففي عام 2017، على سبيل المثال، حصل حزب إيمانويل ماكرون على 32% من الأصوات وهو ما منحه نسبة 62% من المقاعد، بينما حصل حزب التجمع الوطني هذا العام على 33% من الأصوات مما مكنه من حصد 25% من المقاعد، وفي النهاية جاء في المركز الثالث خلف كتل حصلت على عدد أقل من الأصوات.

ويضيف فرانسوا أنه من الضروري التنصيص على اختيار رئيس الوزراء من الحزب الذي حل في المرتبة الانتخابية الأولى، حتى لو لم يحصل على أغلبية مطلقة.

الفرنسيون يطالبون بإصلاح طريقة انتخاب أعضاء البرلمان (الأناضول) هل تحتاج فرنسا ثورة جديدة؟

في كتابه "أزمة الديمقراطية أم الإصلاح المستحيل للجمهورية الخامسة" الصادر سنة 2018 يعدّ مدير مركز مونتسكيو الفرنسي للأبحاث السياسية دانيال بورمود أنه أصبح من الشائع مناقشة شرور الجمهورية الخامسة، وباتت معظم الحلول والمقترحات تصب في اتجاه التجاوز نحو الجمهورية السادسة.

لكن التباينات الآن تتركز حول المفاضلة بين من يدافعون عن تبنّي النظام الرئاسي على الطريقة الأميركية، وبين من يدّعون إلى تأسيس نظام برلماني حقيقي.

ويرى بورمود أن أغلب الاختلالات التي يعاني منها النظام الفرنسي الحالي تنبع مما سماه "العلاقة غير القانونية بين رئيسي السلطة التنفيذية (الرئيس ورئيس الوزراء)، وإجبار البرلمان على الدخول في حالة تبعية للرئيس، مما ولد نظاما سياسيا قديما وغارقا بقوة في الروتين".

ويرى الباحث بورمود أن أزمة الديمقراطية الفرنسية تغذيها 3 عناصر رئيسة:

انعدام الثقة بين بين الناخب والمنتخَب. غموض طبيعة المؤسسات وصلاحياتها وتداخل مسؤولياتها. الانغلاق الأيديولوجي للنظام لمصلحة رؤية فنية للعمل السياسي.

ويشكك الباحث بورمود في كون تعديل بسيط للدستور كافيا لإعادة الديمقراطية الفرنسية المنهكة إلى المسار الصحيح، بل يرى أنه لا مناص من إصلاح جوهري شامل أشبه ما يكون بالثورة.

بورمود: أغلب اختلالات النظام الفرنسي تنبع من العلاقة غير القانونية بين رئيسي السلطة التنفيذية (الأوروبية) أزمة أيديولوجية وتنظيمية

وكان أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس ساكلاي لوران بوفيه قد رأى في دراسة بعنوان "معاناة النظام السياسي الفرنسي" نشرها موقع SLAT.FR أن الأحزاب السياسية الفرنسية تعاني أزمة أيديولوجية وتنظيمية تشكل خطرا جديا عليها بل تهددها بالتلاشي.

ورأى أن الأحزاب في فرنسا تعاني من أزمة متعددة العوامل من أهمها علاقتها المتناقضة برئيس الجمهورية الذي لا يمكن انتخابه دون دعم حزب أو أكثر، في حين يجب عليه أيضًا بمجرد انتخابه أن يُظهر انفصاله عن النفوذ الحزبي، وهو ما قلص دور الأحزاب إلى حد كبير في تزكية المرشحين للسباق الرئاسي.

كما تعاني الأحزاب السياسية من هيمنة طبقة حاكمة متجانسة للغاية من حيث عمرها وأصلها الاجتماعي ومسيرتها المهنية، مما نتج عنه غياب عملية تجديد الأطر السياسية أو على الأقل بطء عملية التجديد تلك.

وتتركز الحياة السياسية في فرنسا منذ عام 1958 على محوري اليسار واليمين، وفي كلا المحورين أقصى ووسط، فتكوّن مشهد رباعي القطب اتحدت حوله العائلات السياسية الفرنسية الرئيسية من اليمين البونابرتي الاستبدادي إلى اليسار الشيوعي ضمن تحالفات مكّنت من خلق تشكيلات حكومية مستقرة إلى حد كبير.

لكن متغيرات طرأت أدت إلى تفتيت تلك الأقطاب السياسية، منها انهيار الحزب الشيوعي وصعود الجبهة الوطنية وظهور مكون حزبي غير متجانس هجين بين اليسار واليمين.

الأحزاب في فرنسا تعاني من أزمة علاقتها المتناقضة برئيس الجمهورية (شترستوك) ناخب منهك

وأُرهق كاهل المواطن الفرنسي والأوروبي عموما خلال العقود الأخيرة بالاستفتاءات والانتخابات المحلية والأوروبية وبات يقترع خلال السنة الواحدة أكثر من مرة، مما أفقد العملية الانتخابية قيمتها وأصاب الناخب الفرنسي بنوع من الملل والإزعاج والإنهاك وانعدام الثقة في مؤسساته الديمقراطية.

ويعتبر محللون أن اللجوء الدائم إلى الاقتراع يعدّ في حد ذاته إنكارا لمعنى الانتخاب والتفويض في مسؤولية اتخاذ القرار الذي منحه الناخب لممثليه.

وحسب الباحث بورمود، فمن مصلحة الديمقراطية أن يشعر الناخب دائما بأنه يفوض ممثليه أمرا مهما جدا وهو السلطة، ولفترة طويلة بالقدر الكافي لمنح صاحب السلطة ضمانا لاتخاذ القرار المناسب دون أن يتأثر بتذبذبات وتقلبات رأي الناخبين.

اجتثاث الأيديولوجية

ويبرز هنا سبب آخر أضرّ بالديمقراطيات الغربية عموما وليس فرنسا وحدها، هو اجتثاث الأيديولوجية؛ فبعد أن كانت الأحزاب تتغذى على الاستقطاب الأيديولوجي أصبحت تتشكل للدفاع عن مصالح معينة لمجموعات سياسية محددة.

وقد اعتمدت الديمقراطيات منذ القرن التاسع عشر على صراع سلمي بين المفاهيم المجتمعية المختلفة مثل المفهوم الاشتراكي والمفهوم الرأسمالي والمفهوم الليبرالي والمفهوم المحافظ.

فالديمقراطية -حسب الباحث بورمود- ليست مجرد اقتراع، وإنما أيضا خيارات واضحة توضع أمام الناخب يقدم كل منها تفسيرا شموليا للقضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والداخلية والخارجية، ومن خلال التنافس بين هذه الرؤى تنتعش العملية الديمقراطية وتزدهر، ومن دونه تذبل وتتلاشى.

الانتخابات المتكررة أصابت الناخب الفرنسي بنوع من الملل والإزعاج والإنهاك وانعدام الثقة بمؤسساته الديمقراطية (غيتي)

ومع أن بعض المفكرين تنبأ بأن نهاية الأيديولوجيات ستؤدي إلى تخليص الديمقراطية من أعبائها، إلا أنه اتضح العكس، فمن أسباب أزمة الديمقراطية في فرنسا ضعف الأيديولوجية الذي يعكس عجز النخبة عن تنظيم نقاش عالمي حول الأهداف الكبرى للمجتمع البشري والاقتصار على قضايا قطاعية تهم مجموعات محددة.

وأدى ذلك إلى تشابه البرامج الحزبية وخطابات المترشحين إلى حد التماهي، فصارت تشبه "كتالوجا" يتصفحه الناخب دون أن يتمكن من تمييز غثه من سمينه.

فالناخب الفرنسي مثلا يُشغَل بقضايا معينة مثل الأجانب ومشكلة أحياء الضواحي، وقضية ساعات العمل والمعاشات، والتأمين الصحي وانعدام الأمن أو التدهور البيئي، لكنه في كل من هذه المواضيع لا يرى اختلافا كثيرا في التصورات والحلول المقترحة من طرف الفاعلين السياسيين فيصبح حيران لا يدري كيف يختار.

كما أن الأحزاب بتخلّيها عن البعد الأيديولوجي فقدت جوهر وجودها السياسي والأخلاقي، وتحوّل الفاعلون السياسيون إلى مجرد تقنيين "تكنوقراط" منشغلين ببعض التفاصيل.

وتخلص الدراسات السابقة إلى أن الأزمة الفرنسية القائمة عميقة وبنيوية وقد لا تكفي لتجاوزها تغييرات دستورية حول شكل الحكم رئاسي أو برلماني، بل تتطلب إصلاحا جذريا وربما يكون ثوريا لإعادة الشرعية إلى السلطة واستعادة المعنى الحقيقي للمسؤولية السياسية المتحررة من هيمنة التقنية وإحياء تنافس على أساس مشاريع مجتمعية كبرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجمهوریة الخامسة رئیس الجمهوریة الجبهة الشعبیة الوزیر الأول عزل الرئیس من الأصوات فی فرنسا وهو ما

إقرأ أيضاً:

لماذا قرر نتنياهو حرق جنوب لبنان؟ وهل اقتربت الحرب البرية؟

 

"لو كانوا سريعين بما فيه الكفاية، لما تمكنا من إيقافهم إلا عند حيفا أي على بعد نحو 26 ميلا إلى الجنوب من الحدود اللبنانية".

تجسد تلك العبارة التي أوردها آموس هرئيل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس نقلا عن قائد فرقة بالجيش الإسرائيلي في سياق الحديث عن الخشية من شن قوة الرضوان التابعة لحزب الله هجوما مباغتا إثر بدء عملية طوفان الأقصى صبيحة 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المخاوف الكامنة في العقل العسكري الإسرائيلي تجاه جبهة جنوب لبنان.

إن تلك المخاوف فاقت سقف تحركات حزب الله وفق ما كشفته مجريات الصراع خلال قرابة سنة من القتال، وقد دفعت آنذاك جيش الاحتلال للمسارعة بنشر 3 فرق عسكرية في الشمال، فيما أصدرت حكومة نتنياهو أمرا بإجلاء جميع السكان الذين يعيشون على بعد 3 أميال من الحدود اللبنانية، ونقلهم للإقامة في فنادق وأماكن أخرى على نفقة الدولة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل سيشعلها حزب الله؟list 2 of 2هذه خطة إسرائيل لاجتياح جنوب لبنان فهل تنجح؟end of list

هذا القرار حوَّل نحو 60 ألف إسرائيلي إلى عبء على الاقتصاد، وجعل المنطقة الحدودية بمثابة منطقة أمنية عازلة داخل إسرائيل للمرة الأولى، وهو ما استثمره حزب الله في تنفيذ هجمات يومية بصواريخ موجهة وقذائف صاروخية على مستوطنات خط الجبهة مما أدى لدمار واسع شمل في مستوطنة المطلة نحو 70% من إجمالي منازلها.

ولكن تل أبيب قررت في سبتمبر/أيلول 2024 تغيير المعادلة ونقل ثقل الحرب إلى الجبهة اللبنانية التي ظلت تستعد للحرب عليها منذ عام 2006، ووجهت ضربات نوعية للحزب بلغت أوجها بقصف مقر قيادة حزب الله أسفل الضاحية الجنوبية مستهدفة أمين عام حزب الله حسن نصر الله وعددا كبيرا من قادة وكوادر الحزب في هجوم يرجح أن ينقل الحرب لمربع آخر أشد ضراوة.

الجبهة الأخطر قبل الحرب

" لقد شهدت السنوات الأخيرة تحول الساحة الشمالية إلى التحدي العسكري الرئيسي الذي تواجهه إسرائيل"

لم تكن تلك الجملة مجرد رأي شخصي لقائد عسكري، إنما جاءت ضمن مخرجات مشروع نفذه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، ونُشر غالبية محتوى المشروع في عام 2021 بعنوان "الحرب القادمة في الشمال: السيناريوهات والبدائل الإستراتيجية والتوصيات"، بينما لم تُنشر بعض مضامينه الأخرى لحساسيتها الأمنية مع تسليمها كملحق سري للجهات المعنية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

سعى المشروع المذكور لتقييم الشكل الذي يمكن أن تأخذه الحرب الإسرائيلية القادمة في لبنان بهدف تقديم توصيات لصُناع القرار، واستعان بآراء مجموعة من الخبراء من أبرزهم رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، ومستشار الأمن القومي السابق الذي عمل أيضا مديرًا للتخطيط في الجيش غيورا آيلاند، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق آموس يادلين.

بحسب المشروع المشار إليه، فجنوب لبنان يمثل أحد أخطر دوائر التهديد تجاه إسرائيل نظرا لقربه المباشر من الحدود مما يتيح لقوة الرضوان بحزب الله التسلل وشن هجوم بري يستهدف تجمعات سكانية وأصولا عسكرية في الجليل فضلا عن امتلاك حزب الله -وفق ما يشير عدد من التقارير- لما يزيد عن 150 ألف صاروخ متنوع المدى مما يهدد كافة المدن الإسرائيلية.

أُدرج لبنان رفقة سوريا ضمن "الدائرة الأولى" من التهديد داخل جيش الاحتلال، بينما أُدرج العراق ضمن "الدائرة الثانية"، فيما أُدرجت إيران واليمن ضمن "الدائرة الثالثة". وظل الكابوس الذي يخشى منه الخبراء العسكريون الإسرائيليون هو حدوث حرب متزامنة متعددة الجبهات في الدوائر الثلاثة بالتزامن مع اشتعال غزة والضفة الغربية، ضمن ما أطلقوا عليه "حلقة النار" الإيرانية.

إخفاق مقاربة "المعركة بين الحروب"

في مواجهة التهديد الذي مثّله حزب الله، وبالأخص إثر تدخله في سوريا، وتدشين جسر بري يربط بين طهران ولبنان عبر العراق وسوريا، اعتمدت إسرائيل رسميا في وثيقة الجيش الإستراتيجية الصادرة عام 2015 مقاربة "المعركة بين الحروب" والتي تُصنف كمعركة تحت عتبة الحرب، وذلك بعد عامين من الشروع فعليا في تنفيذها على أرض الميدان بهدف إضعاف قدرات الحزب من خلال جهود عرقلة نقل أسلحة متطورة من طهران إلى لبنان، ومنعه من تأسيس بنية تحتية عسكرية راسخة في جنوب سوريا.

ونُفذت تلك المقاربة بواسطة غارات جوية وقصف مدفعي بالاعتماد على معلومات استخبارية ونيران دقيقة.

لم تنجح مقاربة "المعركة بين الحروب" رغم ضراوتها خلال عقد تقريبا في منع حزب الله من تعزيز ترسانته العسكرية، فزاد من عدد صواريخه التي قُدرت بنحو 40 ألف صاروخ في عام 2006 لتصل إلى 4 أضعاف، كما طور دقة العديد منها عبر مشروع الصواريخ الدقيقة.

وكذلك شرع الحزب في تصنيع طائرات مسيرة محليا داخل لبنان فضلا عما جلبه من إيران، وعزز قواته بأنظمة دفاع جوي، ورغم أنها لم تمثل تهديدا كبيرا للطائرات الحربية الإسرائيلية المتطورة إلا أنها حدّت من قدرة الطيران المسير على التحليق في الأجواء اللبنانية بحسب تقارير الأمم المتحدة، وقد نجح دفاعه الجوي أثناء الحرب الحالية في إسقاط 5 طائرات مسيرة كبيرة الحجم.

وتزامن ما سبق مع تعزيز حزب الله لتواجد مقاتليه في جنوب نهر الليطاني على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته تل أبيب انتهاكا لقرار مجلس الأمن 1701 الذي أنهى حرب عام 2006 ونص على انسحاب عناصر الحزب إلى شمال الليطاني، وقصر الوجود العسكري جنوب النهر على الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.

وإزاء ذلك درس المخططون العسكريون الإسرائيليون عدة سيناريوهات للتعامل مع حزب الله والجبهة اللبنانية.

صور من تشييع القيادي في حزب الله إبراهيم قبيسي بالضاحية الجنوبية لبيروت (الجزيرة)

أولا: مناورة برية حتى جنوب نهر الليطاني

اكتشف جيش الاحتلال في مطلع عام 2019 شبكة من الأنفاق تمتد من جنوب لبنان إلى تخوم الحدود الشمالية تتيح لعناصر قوة الرضوان التسلل إلى داخل فلسطين المحتلة، وعمل على تدميرها من الجانب الإسرائيلي في عملية أطلق عليها اسم "درع الشمال".

ورأى المخططون الإسرائيليون صعوبة في تقويض قدرات حزب الله من خلال القوة الجوية فقط دون القيام بعملية برية، وشدد العديد منهم على ضرورة تنفيذ مناورة برية في الحرب القادمة جنوب نهر الليطاني، قوية وعنيفة لكنها قصيرة المدة بهدف تدمير القدرات العسكرية للحزب في المنطقة الحدودية، وبالأخص منصات الصواريخ ومواقع قوة الرضوان، وذلك بعد قصف جوي يستند إلى استخبارات دقيقة، مع التوصية بمراكمة إنجازات هامة في الأيام الأولى من الحرب لكسر الإرادة القتالية لحزب الله.

وذلك بالتزامن مع تنفيذ مناورة برية في الجولان لإزالة تهديد صواريخ المليشيات الحليفة لحزب الله بسوريا. كما جادلت بعض الأصوات بأهمية بناء منطقة أمنية عازلة مجددا في الجنوب اللبناني.

وفي حين دعا رئيس مجلس الأمن القومي السابق غيورا أيلاند إلى تعريف الدولة اللبنانية كعدو مثلها مثل حزب الله، وشدد على استهداف بنيتها التحتية بهدف الضغط على الحزب لتقصير زمن الحرب، اعتبر خبراء آخرون أن استهداف البنية التحتية اللبنانية لن تكون له قيمة كبيرة لأن الحكومة اللبنانية ليس لها تأثير كبير على حزب الله الذي يستفيد من ضعف قدرات الحكومة في تقديم الخدمات، ليسد هو الفراغ ويلبي احتياجات أنصاره.

 

أ- الأهداف وإستراتيجيات الخروج

الهدف من القتال وفق هذا السيناريو هو تحقيق النصر بمعنى ترجمة الإنجاز العسكري إلى منجزات أمنية سياسية بواسطة فرض شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وهزيمة حزب الله عسكريا في لبنان وسوريا من خلال تدمير قدراته العسكرية وبنيته التحتية، وتهيئة الظروف التي تحول دون إعادة تأهيله عسكريا لفترة طويلة.

لقد رُسمت إستراتيجية خروج لهذا السيناريو تقوم على وضع حد للحرب بعد تحصيل ثمن باهظ من حزب الله، ومن الدولة اللبنانية عبر مهاجمة بنيتها التحتية، ثم التفاوض لإنهاء الحرب وفق شروط تتضمن إرساء قواعد جديدة للعبة تشمل تفكيك تواجد حزب الله جنوب نهر الليطاني ومنعه من التواجد قرب الجولان، وتهيئة الظروف التي تعرقل إعادة بنائه عبر إغلاق ممرات نقل الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر الأراضي السورية لمنع إعادة تسليح الحزب، ونشر الجيش اللبناني بالجنوب رفقة قوات اليونيفيل فقط تحت لافتة "مسؤولية الدولة اللبنانية في كامل الأراضي اللبنانية"، مع اعتماد آليات مشددة لمراقبة تنفيذ الاتفاق.

ولكن دعا المخططون العسكريون الإسرائيليون قبل البدء في تنفيذ هذا السيناريو إلى استنفاد كافة الخيارات لتحقيق الأهداف المرجوة أولا قبل تنفيذ العملية البرية. وذلك خشية من الانخراط في قتال مطول يستنزف الجيش الإسرائيلي، أو الفشل في إلحاق الهزيمة المرجوة بحزب الله، أو اندلاع حرب إقليمية أوسع تنخرط فيها أطراف أخرى بمحور المقاومة وبالأخص انطلاقا من الجبهة السورية فضلا عن إيران، مما سيؤدي إلى القتال على أكثر من جبهة، ويُولد صعوبات في السيطرة على حدود الحملة العسكرية ومدتها.

الجيش الإسرائيلي يشدد الرقابة العسكرية على سير الحرب وخسائر قصف حزب الله للجبهة الداخلية الإسرائيلية في الشمال.
(مكتب الصحافة الحكومي)

ب- على أعتاب المناورة البرية جنوب الليطاني

عند تقييم الوضع الحالي في الجبهة اللبنانية، سنجد أن جيش الاحتلال بدأ في تنفيذ الجزء الممهد للعملية البرية منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2024، حيث عمل على تفكيك سلسلة القيادة العسكرية العليا لحزب الله بعمليات اغتيال مكثفة طالت إبراهيم عقيل قائد عمليات الحزب رفقة قادة قوة الرضوان، ثم إبراهيم قبيسي ومحمد سرور قائدي القوة الجوية والقوة الصاروخية بالحزب، وذلك بعد سابقة استهداف فؤاد شكر القائد العسكري للحزب.

كما استهدف شبكة الاتصالات ونحو 4 آلاف من كوادر الحزب في تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي، واستهدف مخازن الأسلحة ومنصات الصواريخ في سلسلة غارات واسعة، وصولا إلى تدمير مقر قيادة حزب الله المركزي أسفل الضاحية الجنوبية مستهدفا حسن نصر الله أمين عام حزب الله وبقية الهيكل القيادي للحزب.

إن تلك الوتيرة الكثيفة والمباغتة من الهجمات تسعى لتحطيم الفعالية العملياتية لحزب الله، ووضعه بين خيارين أحلاهما مر، مواصلة القتال في ظل نزيف واسع من الخسائر وضربات عنيفة تقوض هيكله القيادي وأصوله البشرية والمادية، أو التراجع والقبول بالشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، والتي تتضمن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، وسحب عناصره إلى شمال نهر الليطاني، وإضعافه بشكل قد يقود لنزع سلاحه.

 

ثانيا: مناورة برية حتى بيروت

يجادل عدد من صقور العسكريين الإسرائيليين بأن حزب الله لو انسحب من جنوب الليطاني، فلن يلبث أن يتعافى من خسائره ليعيد بناء قدراته العسكرية بدعم من إيران، وسيبني شبكة اتصالات جديدة يستفيد فيها من دروس الحرب الحالية، وسيعيد نشر مقاتليه لاحقا جنوب الليطاني مما يعني عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب الحالية، وضياع كافة المنجزات العسكرية التي تحققت.

وفي ضوء تلك المعطيات يدعون إلى تنفيذ عملة برية تصل إلى بيروت لإحداث تغيير إستراتيجي في الوضع داخل لبنان.

إن هذا السيناريو يحمل في طياته مخاطر اندلاع حرب إقليمية واسعة ومطولة، تتطلب عمليات عسكرية إسرائيلية ضد الجماعات العراقية الداعمة للحزب، والمليشيات الشيعية المنتشرة في سوريا، والحوثيين في اليمن، إذ لن يقف هؤلاء جميعا موقف المتفرج بينما الجيش الإسرائيلي يعمل على كسر عظام الحزب خلال محاولته إعادة احتلال بيروت.

وبالتالي فإن الهدف الرئيسي لهذا السيناريو هو تفكيك ما يُعرف بـ "محور المقاومة" الذي شكلته إيران، وإعادة تغيير معادلات القوة في الشرق الأوسط، وهو ما سيقود في النهاية لصدام مباشر مع طهران بهدف تدمير مشروعها النووي، ومنعها من إعادة بناء القدرات العسكرية للجماعات الحليفة لها.

إن هذا السيناريو يعني غالبا اندلاع حرب طويلة الأمد، ومتعددة الجبهات، تتطلب الاعتماد بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي والغطاء السياسي الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل. فتل أبيب غير قادرة بمفردها على خوض حرب ضخمة مثل هذه بمفردها، فلا عدد جنودها ولا مستودعات ذخائرها وقطع الغيار ولا اقتصادها ولا بنيتها الاجتماعية تتيح لها الانخراط في حرب ممتدة قاسية.

ومما يعضد صعوبة قتال إسرائيل في جبهتين بالتزامن، أنها بدأت نقل مركز ثقل الحرب إلى جبهة لبنان بعد تخفيف وتيرة القتال في قطاع غزة. وبحسب عساف أورويون رئيس قسم الإستراتيجية السابق في الجيش الإسرائيلي، بمقال نشره في "فورين أفيرز" لم تقاتل إسرائيل على جبهتين في الوقت ذاته منذ حرب أكتوبر 1973، والتي استغرقت أقل من شهر واحد اتساقا مع نظرية الأمن الإسرائيلية التقليدية التي تنص على شن حرب قصيرة في أراضي العدو لتلافي سلبيات محدودية عدد السكان وعدم وجود عمق إستراتيجي، والافتقار لموارد محلية لازمة لاستمرار الحملات العسكرية الطويلة.

استهداف إيران كجائزة كبرى

إن السيناريو الثاني، أي الوصول إلى بيروت لا يسعى فقط لتحقيق الأهداف التي تسعى لها المناورة في جنوب الليطاني، إنما يتضمن أهدافا أخرى أكبر ضمن رؤية لتغيير وجه المنطقة.

هذه الأهداف تعمل على تدمير حزب الله باعتباره التهديد العسكري الأكثر خطورة على إسرائيل لقربه من حدودها ولما يحوزه من قدرات عسكرية، ثم العمل على استهداف "رأس الأخطبوط" في طهران حسب التوصيف الإسرائيلي، وهو ما طرحه نائب رئيس أركان جيش الاحتلال سابقا، والمدير العام الحالي لوزارة الدفاع الإسرائيلية "إيال زامير" في دراسة مطولة نشرها في عام 2022 بعنوان "مواجهة الإستراتيجية الإقليمية لإيران: نهج طويل الأجل وشامل"، ودعا فيها لمقاربة تؤدي لانكفاء إيران نحو الداخل، وذلك عبر استهداف قادة وكوادر الحرس الثوري داخل إيران وخارجها، وتدمير مصانع الأسلحة الإيرانية، وتشكيل محور أميركي إسرائيلي عربي يستهدف تقويض النفوذ الإيراني بالمنطقة.

إن ما لم يذكره زامير في دراسته، صرح به نتنياهو في مذكراته التي نشرها عام 2022 بعنوان "بيبي: قصة حياتي" حيث قال فيها "إن الخطر الأكبر على وجود إسرائيل لا يكمن في الدول العربية، إنما في إيران….أنا على استعداد لخوض حرب تقليدية مع إيران من أجل تجنب الحرب مع إيران المسلحة نوويًا"، وهو ما يتضمن استهداف المشروع النووي الإيراني وتحطيمه.

ففي هذا السيناريو يمثل الوصول إلى بيروت خطوة على طريق الحرب مع إيران، وذلك بهدف إحداث تغيير طويل الأمد في ميزان القوى بين إسرائيل وإيران بما يؤمن الدائرة الثالثة، والقضاء على القدرات العسكرية لحزب الله والمليشيات الحليفة له في سوريا للتخلص من التهديدات القادمة من ساحتي لبنان وسوريا مما يؤمن الدائرة الأولى.

ويتمثل انتهاء الحرب في هذا السيناريو بعد إنجاز الأهداف العسكرية عبر التفاوض على الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ومن جنوب سوريا مقابل تنفيذ شروط تتضمن تسليم كافة أسلحة حزب الله للجيش اللبناني، والاتفاق على ترتيبات أمنية وحدودية تمنع أي انتشار عسكري في الجنوب اللبناني سوى لعناصر الجيش واليونيفيل.

إن العقبات الماثلة في هذا السيناريو متنوعة، ومن أبرزها القتال في الدوائر الثلاثة في وقت متزامن، واحتمال التورط في حرب استنزاف مطولة تنهك الجيش الإسرائيلي، وتعرض الجبهة الداخلية بأكملها لقصف متواصل، وتضرر الاقتصاد الإسرائيلي بشكل جوهري، وتآكل شرعية إسرائيل الدولية، خاصة مع عدم حسم جيش الاحتلال لحربه الطويلة في غزة.

كذلك يخشى المخططون الإسرائيليون كما ورد في مشروع معهد دراسات الأمن القومي المشار له سابقا من أن " تؤدي أحداث الحرب والتعقيدات المرتبطة بها إلى وضع تضطر فيه إسرائيل إلى وقف القتال بسبب عدم وجود خيار، أو بسبب الصعوبات في ساحة المعركة والخسائر الفادحة، أو نتيجة لتسوية سياسية إثر ضغوط من واشنطن والمجتمع الدولي".

قد يبدو السيناريو الأخير جنونيا، لأنه يعني إشعال المنطقة، ولكنه محتمل في ظل وجود حكومة هي الأشد تطرفا في تاريخ إسرائيل، وغياب موقف عربي وإسلامي رسمي يتواءم مع حجم العدوان على غزة ولبنان، ووجود مظلة أميركية حامية تتيح لنتنياهو المضي في مغامراته بهدف إعادة رسم خريطة المنطقة، وسعيا لبناء وضع جديد تصبح فيه إسرائيل رمانة الميزان.

ولكن هذه المغامرات في الغالب لن تكفل الأمن لإسرائيل، بينما ستنهك إسرائيل في سلسلة حروب لا تنتهي ربما تتضاءل بجوارها الإخفاقات الأميركية في العراق وأفغانستان، مع فارق أن أميركا بإمكانها تحمل الخسائر ومواصلة هيمنتها عالميا، بينما إسرائيل لا تتحمل الكلفة البشرية والاقتصادية لتلك الحروب العنيفة والمتعددة التي تعمل على إشعالها.

مقالات مشابهة

  • توقف مشروع "القطب الاقتصادي الغذائي" في تطوان بعد نهاية أشغاله يثير أسئلة في البرلمان
  • لماذا قرر نتنياهو حرق جنوب لبنان؟ وهل اقتربت الحرب البرية؟
  • أزمة اقتصادية كبرى في فرنسا.. الديون تتصاعد وتقفز بعجز الميزانية (فيديو)
  • ماكرون يزور المغرب نهاية الشهر المقبل.. هكذا ردت البوليساريو
  • الرئيس الفرنسي سيقوم بزيارة دولة إلى المغرب في نهاية أكتوبر
  • دبابات ومركبات عسكريّة.. هل اقتربت إسرائيل من شنّ حربٍ بريّة في لبنان؟
  • الرئيس الفرنسي: نتنياهو سيرتكب خطأ إن رفض وقف إطلاق النار في لبنان
  • رئيس إندونيسيا: حنكة الرئيس تبون هي شهادة على الثقة التي وضعت فيه لقيادة الجزائر
  • الشاوش: نناشد أعضاء مجلسي النواب والدولة وكافة الأطراف السياسية بعدم عرقلة اتفاق حل أزمة المركزي